الخاتمة.

 

الخاتمة

ثلاث محطات في هذا الكتاب الذي عنوانه »بشرى البشارات«. هو يحمل إلينا الخبر الطيّب بما يقدّم لنا من مواضيع. ويقدّم مقالات ظهرت بشكل خاص في مجلة »البشرى«، لسان حال المركز الكاثوليكيّ للتعليم المسيحيّ في لبنان. مواضيع تقدّم لنا جوهر الايمان انطلاقًا من الله، وصولاً إلى المؤمنين العائشين في قلب الكنيسة التي هي جسد المسيح وموزّعة النعمة باسمه إلى انقضاء الدهر.

جاءت المحطة الأولى تحدّثنا عن الثالوث الأقدس. لاشك في أن الاله الذي نحبّه ونعبده ونمجده، هو واحد. فالكون الذي خلقه واحد، لا أكوان عديدة. والانسان المخلوق على صورته كمثاله واحد، يعود إلى أصل واحد: في المعنى الفلسفيّ اسمه آدم، لأنه ارتبط بالأديم، بالأرض التي يعمل فيها، ليأكل خبزه بعرق جبينه. إله واحد في الجوهر. ولكنه في ثلاثة أقانيم. الله الآب. الله الابن الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا تألّم ومات وقبر وقام. الله الروح الذي يحمل المحبّة للآب والابن فتفيض في الكون حياة، بانتظار الولادة الجديدة.

والمحطة الثانية قادتنا إلى الكنيسة. هي أولاً جسد المسيح. وهي جماعة المؤمنين. بما أنها جسد المسيح فهي القداسة. وهي واحدة مهما تنوّعت الجماعات التي نالت العماد باسم الثالوث. ومهما تعدّدت الممارسات من فكر وصلاة. عظمة هذه الكنيسة، هذه الجماعة، هي أنها تضمّ على صدرها الفئات والطوائف والرعايا، وتجعل لكل واحد موضعه. فيعيش حريّة أبناء الله. بالمعموديّة نصبح أبناء. بالافخارستيا نجد الغذاء الروحي الذي يرافقنا في مسيرتنا على طرق الحياة. وكما رافق يسوع تلاميذه وقرأ معهم الكتب المقدس، كذلك الكنيسة تعلّمنا كيف نقرأ كلام الله بحيث نصل إلى من هو الكلمة، عريسها يسوع المسيح. وما أحلانا نكون في هذه العيلة الكبيرة، عيالاً صغيرة، بحيث تكون العائلة كنيسة مصغّرة ينمو فيها الولد بالقامة والحكمة والنعمة.

والمحطّة الثالثة تجعل أمامنا أشخاصًا من الكتاب المقدس. دعاهم الرب فلبّوا الدعاء. ناداهم. فأجابوا: نعم، ها أنا. استعد وقام. جهوزيّة تامّة. قال الرب لموسى: ها أنا أرسلك لكي تحمل الخلاص إلى شعبك. هم عبيد، امضِ فحررّهم. تردّد موسى، كما يتردّد الكثيرون اليوم. وكاد الربّ »يغضب« عليه. لا يريد له حياة عاديّة، باهتة. راعيًا بين رعيان بريّة سيناء. يريده راعيًا من نوع آخر. كما أراد سمعان بطرس صيادًا من نوع آخر. وإرميا كان من قبيلة كهنوتيّة. يكفي أن يكون »ذكرًا« في هذه القبيلة لكي يؤمّن الخدمة في الهيكل. أما قبيلته فصارت من الدرجة الثانية على ما يبدو، وانحصرت في قرية عناتوت. ناداه الرب: انطلق إلى من أرسلك إليهم. قال: أنا صبي. أي، أنا لا خبرة لي. والمعادون كثيرون. جاء الجواب: جعلتك سورًا من حديد، بابًا من نحاس. وانطلق إرميا بعد أن اشتعل قلبه بحبّ الله، واحترقت أحشاؤه من ثقل الكلمة التي يحمل. وشاول، ذاك الفريسي المتزمّت. المتعلّق بالشريعة، صار بولس الذي حياته هي المسيح، والموت ربح له.

ومع هؤلاء توقّفنا عند الصلاة مع ابراهيم ويعقوب وصموئيل وأيوب. أشكال من الصلاة تتنوّع بتنوّع الظروف والأشخاص. ولكنها في أي حال، تربط الانسان بالله والله بالانسان، بحيث لا ينقطع حبل الوصال. في الصلاة نؤمن، نرفض، نصارع. وفي النهاية، نسمع، نستسلم، ونغرق في قلب الله. فيكون لكل واحد العرس الحقيقيّ مع الذي أحببناه ولا نتركه. فهو لنا ونحن له.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM