تقديم

الرابطة الكتابيّة، 2005،

قراءة الربّيّة، 25

الخوري بولس الفغالي

تقديم

الكتاب المقدّس كلام الله. في القديم كلّم اله آباءنا بالأنبياء، وفي هذه الأيام الأخيرة بابنه يسوع المسيح. هذا الكلام وصل إلينا بفم البشر. أعلن أولاً ثمّ دُوّن، فوصل إلينا في اللغة العبريّة أو اللغة اليونانيّة وبعض الأراميّة. من هذا الكلام المكتوب اليوم، ننطلق لندخل في الخبرة التي عاشها أولئك الذين قالوها أو كتبوها. لا شكّ في أنها قديمة. لا شكّ في أنها الماضي، عمرها ألفان سنة ونيّف. ولكن الله لا يتكلّم في الماضي، ولا هو يعطينا كلمة نعيشها بعد عدد عن السنوات أو قرون من الزمن. الله هو إله الحاضر، وهو يكلّمنا اليوم. ونحن مدعوّون لأن نسمع هذا الكلام اليوم. بحيث يصبح حيّاً في حياتنا، لا حرفاً ميتاً نكرّره ولا ندخل في عمقه اللاهوتي والحياتي.

تحدّثت التقاليد القديمة عن الذين كتبوا هذا الكلام. قالوا: موسى، صموئيل، ارميا، أشعيا. وحملت هذه الكتب النور إلى الذين عاشوا في ذلك الوقت. فالكلمة تتوجّه إلى الانسان في الوقت الذي يعيشه. وهي تُلقي بضوئها على أحداث الحياة. لا، لسنا نحن من يقود التاريخ، بل الربّ صانع السماوات والأرض. لسنا نحن من يوجّه العالم، وإن كان لنا بعض الدور بنعمة من عند الله، ففي النهاية يجب أن يؤول كلّ شيء لمجد الذين يحبّونه. ومن يستطيع أن يوجّه هذا الكلّ إلاّ ذاك للذي يحيي ويميت. يعطي الحياة على الأرض ويستعيدها في الموت. ذاك الذي يحطّ المقتدرين عن الكراسي ويرفع المتواضعين. ذاك الذي يختار ضعفاء هذا العالم لكي يُخزي الأقوياء. وذلك في شكل لا يفهمه العقل البشريّ، بل يحاول أن يدخل في هذا السر العميق برفقة الله كما الولد برفقة أبيه.

ذاك هو معنى النصوص التي تقرأ في هذا الكتاب. نقرأ النصوص التاريخيّة على ضوء كلام الله. من سفر يشوع وصولاً إلى صموئيل والملوك والأخيار وعزرا ونحميا. هناك أمور ترتبط بتاريخ الشرق الأدنى، وملوك تذكرهم الوثائق التاريخيّة في مصر وفي بلاد الرافدين. عُرف أخاب مثلاً بمركباته الكثيرة (2000) وبجنوده (10000) في معركة قرقر ضدّ الأشوريّين. وكذا نقول عن عمري وغيره من الملوك. ووردت أحداث تناقلتها هذه القبيلة أو تلك، هذه المملكة أو تلك، مملكة يهوذا في الجنوب بعاصمتها أورشليم، ومملكة اسرائيل في الشمال بعاصمتها الأخيرة السامرة. غير أن الكتاب المقدّس لم يأخذ من التاريخ إلاّ ما يحتاج إليه من أجل التعليم الذي يريد أن يوصله. أما سائر التفاصيل التي تهمّ الملوك، فتركها جانباً، لأنها تنتهي كالهباء والهشيم. وحدها كلمة الله باقية إلى الأبد.

من أجل هذا ننطلق في هذه »القراءة الربية«، القراءة مع الرب يسوع، لكي نجد في نصوص من العهد القديم، عبرة لنا وتعليماً، نحن الذين وصلت إلينا أواخر الأزمنة التي بدأت في موت يسوع وقيامته وتنتهي في مجيئه الثاني.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM