الفصل السادس عشر: كولوسي المدينة، والتعاليم الضالّة فيها.

 

الفصل السادس عشر

كولوسي المدينة والتعاليم الضالة فيها

هذه المدينة التي ذُكرت مرّة واحدة (كو 1:2) في الكتاب المقدس، في عنوان رسالة كتبها القديس بولس من سجنه في رومة؛ هذه المدينة التي كادت تضيع من التاريخ لو لم تصلها البشارة على يد إبفراس، التلميذ الذي سمع البشارة في أف فحملها إلى بلده؛ هذه المدينة التي عاش فيها فيلمون ذاك الرجل الغنيّ الذي هرب من عنده أحد عبيده، أونسيمس، فطلب منه بولس أن ينسى أنه هو السيّد المطلق الصلاحيّة، وأن أونسيمس عبد يحقّ له أن يفعل به ما يشاء. في تعليم الانجيل، لم يعد هناك عبد وسيّد؛ فهذا »العبد« الذي هو »أخ حبيب لي« سيكون لك »أخاً حبيباً في المسيح«. هذه المدينة اسمها كولوسي، وقد ربطها بعضهم بلفظ يوناني يعني »الضخم« و»الجبّار«. نتعرّف إلى التاريخ والجغرافيا، إلى التعاليم الضالة التي انتشرت فيها، قبل أن نكتشف القضايا التي طرحها الرسول والنداءات التي نادى بها.

1 - التاريخ والجغرافيا

وقعت كولوسي في منطقة فريجية، في مقاطعة آسية الرومانيّة. ابتعدت قرابة 200 كلم عن أفسس باتجاه الشرق. بُنيت على نهر ليكوس (أحد روافد مناندريس) عند سفح جبل قدموس (هوناز داغ، يعلو 2570 متراً عن سطح البحر). كانت على قمّة وادٍ تصبّ فيه ساقيتان، وعلى الطريق الرئيسيّة التي تعبر المنطقة من أفسس إلى وادي الفرات. ذكرت رسالة كولوسي هيرابوليس التي تبعد 21 كلم عن كولوسي، ولاودكية (أو اللاذقية، في تركيا) التي تبعد 19 كلم. أما تاريخ كولوسي فيرتبط بتاريخ هاتين المدينتين.

اكتُشف موقعُ كولوسي القديم سنة 1835، على يد هاملتون. على الشاطئ الجنوبي للنهر وُجدت قلعة (أكروبولي: المدينة المرتفعة) ومسرح. وعلى الشاطئ الشمالي المدافن (نكروبوليس: مدينة الأموات) مع عدد من الأبنية القديمة.

يبدو أن تاريخ المدينة بدأ في القرن الخامس ق. م.، على أنها أهمّ مدينة في وادي ليكوس، بل في فريجية، كما قال هيرودوت سنة 480 ق. م.، في التاريخ (7:30). وتحدّث اكسينوفون في كتابه أناباسيس (أو الصعود، 1/2:6) الذي دوِّن حوالي سنة 400، عن هذه المدينة الواسعة والمزدهرة. ومثله فعل ديودور الصقليّ (14/80:8). وقدّم بلين في التاريخ الطبيعي (5:145) لوحة تاريخيّة ذكر فيها المدن المشهورة oppida celeberrima، ومنها كولوسي. أما ازدهارها فارتكز على تربية المواشي وعلى صباغ الصوف خاص بها، هو صباغ الأرجوان الذي ارتبط اسمه باسمها (كولوسينوس، بلين، التاريخ 21:51؛ سترابون 12/18:16).

في كولوسي مرّ الغزاة الفرس، من أرتحششتا (465 - 425)، إلى كورش الأصغر (جنوب شرقي أوروبا). في نهاية القرن الخامس ق. م. أقام فيها الفريجيون الذين جاؤوا من تراقية وانتشروا في أجزاء كثيرة من آسية الصغرى حتى هجمة الغاليين (سكان غالية أي فرنسا الحالية Gaule) أو الغلاطيّين الذين أوقفوا انتشارهم. وحسب إلياذة هومير (3:184 - 185)، كان الفريجيّون القدماء رجالاً أشدّاء، جبابرة، وقد وقفوا في وجه الطرواديّين. ولكن مع مجيء الفرس، انتهى استقلالهم السياسيّ واعتبر اللفظ »فريجي« مرادفاً للفظ »عبد« يُشرى ويباع.

وهكذا تأثّر تاريخ كولوسي بالفريجيّين والفرس. وتوسّعت التجارة عبر فريجية، فنتج عنها امتزاج السكّان في المدن أو قرب الطرق التجاريّة. وبعد احتلال كل آسية الصغرى على يد الاسكندر الكبير، سنة 333 ق. م.، أقام اليونان في تلك المنطقة. وحين هزم الرومان السلوقيّين بقيادة انطيوخس الثالث، سنة 190 ق. م.، حلّ الرومان في المنطقة، ولا سيّما حين تنازل أتالوس، ملك برغام، عن مملكته سنة 132 ق. م.

لبثت كولوسي مزدهرة في الحقبة الرومانيّة، وما يدلّ على ذلك مدوّنات باقية، ونقودٌ مستعملة في العهد الامبراطوريّ الرومانيّ. تحدّث سترابون (58 ق. م.، 25 ب. م.) في جغرافيته عن تقدّم العالم القديم في بداية الامبر اطوريّة الرومانيّة، عن مدن صغيرة (polismata) (12/8:13)، ومنها كولوسي. في الواقع، كسف هذه المدينةَ جيرانُها، ولا سيما لاودكية التي أصبحت أول مدينة في ذلك الوادي، خلال حقبة الأباطرة في رومة. عنها تكلّم سفر الرؤيا، حيث قال رئيسها: »أنا غنيّ، وأنا اغتنيت، فما أحتاج إلى شيء« (رؤ 3:17).

نستطيع أن نجد تلميحاً إلى هذا الغنى في كولوسي أو عند جيرانها، في عبارات نقرأها في كو: »رجاء أودع (كما يُودَع المال) في السماء« (1:5). »أعطى حجة أو سنداً«. »أن تقاسموا (قسمة المال) القديسين ميراثهم« (1:12). »ومحا الصك الذي علينا« (2:14). وهناك الكلام عن السيّد والعبد في 3:22 - 4:1.

سنة 60 ب.م.، ضرب المنطقة زلزال كبير، كما قال تاقيت في الحوليّات (14:27)، وربّما سنة 64، كما يقول أوسابيوس القيصري. هذا يعني قبل أن يكتب بولس رسالته، وإلاّ لكان أشار إلى هذه الكارثة التي حلّت بثلاث مدن ذكرها. نهضت لاودكية من ركامها، أما كولوسي فما أعيد بناؤها، بل لجأ أهلها إلى سفح الجبل، فأسّسوا شوناي (اليوم: قرية هوناز). خلال القرن السابع والثامن جاء المسلمون إلى المنطقة. وفي القرن الثاني عشر، هدم الأتراك كنيسة هوناز التي تبعد كلم واحداً عن الطريق الحديث التي تربط نيزلي بأسكيشاهير.

وُجد بعض اليهود في كولوسي وفي المنطقة المجاورة. وقدّر عددُهم بـ7500 رجل حرّ. أما الأساس فضريبة الهيكل التي صادرها القنصل فلاكوس سنة 62 ق. م.، على ما يقول شيشرون، خطيب رومة (فلاكوس 28:68). والوثنيّون عبدوا الآلهة والالاهات المتعدّدة: أرطاميس إلهة أفسس. زوش، إله الآلهة، في لاودكية. سيليني، ديمتير، هليوس، أثينة، تيخي، بولي. وعبدوا آلهة مصر، ولا سيّما إيزيس زوجة أوزيريس ووالدة حورس، وسيرابيس الذي جمع أوزيريس إلى زوش. عن هذا سوف ينتج تلفيق دينيّ نرى آثاره في الفلسفة الضالة التي تعلّق بها الكولوسيون، فنسوا أوليّة المسيح فوق أصحاب العرش والسيادات والرئاسات والسلاطين (1:16).

2 - التعاليم الضالة في كولوسي

جاء الفصل الأول، بما فيه من نداء وتنبيه، جواباً على تعاليم ضالٌّة لفتت الجماعة المسيحيّة التي توجّهت إليها الرسالة.

أ - الأسرار الفريجيّة

عُرفت »الأسرار الفريجيّة«، أي الممارسات السرية في فريجية، معرفة واسعة، واحتفلوا بها في أكثر من مدينة. فمع أنها شُجبت مرات عديدة، فقد انتشرت بعد زمن العهد الجديد في آسية الصغرى واليونان ورومة، وفي عدد من الأجزاء الغربيّة في الامبراطوريّة الرومانيّة.

ماذا تضمّنت هذه الأسرار؟ تطوافات، وذبائح، ورثاء، وبكاء، وتهليل يترافق مع الآلات الموسيقيّة، وفي النهاية رقص يجد ذروته في التخديش وفي بَتْر أعضاء، ولا سيّما العضو التناسلي حين يصل الانخطاف إلى الجنون. في شعائر عبادة مليئة بالألوان، يتجسّد مصيرُ الآلهة ومآثرها في فصول السنة. يتماهى الانسان في خبرة سيكولوجيّة وتمثُّل دراماتيكي، مع نظام العالم الالهيّ، فيبحث عنه عبر التطوافات والرقص والذبائح وسائر الأعمال الليتورجيّة.

هذا التدرّج في أسرار تسير خارج الزمن، يعدُ بالخلاص، ممّا يربطنا بالزمان والمكان. فإن »سابازيوس« إله الزراعة والطبّ، طلب الدم من أجل طقوس التطهير والولادة الجديدة. بعد ذلك، وعد أنفس الراقدين بدليل إلى مائدة العيد في العالم الآخر. أمّا »مان« فهو الاله القمر، يترافق مع النجوم، فيراقب العالم السماوي ومملكة الموتى، وباسمه ارتبط فنّ المنجمين وتحديد الأعياد خلال السنة.

ب - فلسفة الكولوسيّين

ننطلق هنا من نص كو الذي يتحدّث عن الأطعمة، عن عبادة الملائكة، عن عناصر الكون، عن ملء معرفة الله.

أولاً: ممارسات نسكيّة

قال الرسول لأهل كولوسي: »لماذا تخضعون لمثل هذه الفرائض: لا تلمس، لا تذُق هذا، لا تمسك ذاك؟ هي كلها أشياء تزول بالاستعمال. نعم، هي أحكام وتعاليم بشريّة. لها ظواهر الحكمة لما فيها من عبادة خاصة وتواضع وقهر الجسد، ولكن لا قيمة لها في ضبط أهواء الجسد« (2:20 - 23).

ينطلق المبدأ من إنكار الذات، من تحقير الذات وإذلالها. والتواضع المذكور هنا يتوافق مع قهر الجسد. نلاحظ في أساس هذا المنطق، فلسفةً يونانيّة لا تريد للجسد أن يقوى على النفس. فإن تعلّقَ الجسد بهذه الأرض، تعلّقَ بالطعام والشراب، صعُب على النفس أن تضبطه وتتخلّص منه. قيل: الجسد سجن، فإن لم تسيطر النفس على الجسد فتقوم بأعمال سيّئة، ولا تضبط الأهواء، تكون النتيجة أنها تنحدر في تجسيداتها المتعاقبة، بحيث لا تستطيع أن تصل إلى الراحة، إلى السعادة.

نحن هنا في إطار غنوصيّ، أو هي الغنوصيّة قبل الغنوصيّة التي سنتعرّف إلى آثارها في القرن الثاني المسيحيّ، ولا سيّما مع مخطوطات نجع حمادي التي اكتشفت في نهاية سنة 1945. هي ثنائيّة فيها يبتعد الجسد عن النفس، والنفس عن الجسد. أما الخلاص فيقوم في إعادة بناء هذه الوحدة التي خسرها الانسان، في عودة إلى العلاء أو بالأحرى إلى الباطن. فالإنسان يستيقظ، يتذكر بعد أن نسيَ الكثير خلال وجوده. من أجل هذا يكون موقفُه السلبيّ انفصالاً عن العالم، وموقفه الإيجابيّ، جمعُ الروح مع توأمه السماويّ ودخول جديد في الملء.

ثانياً: عبادة الملائكة

في 2:18 تحدّث الرسول عن »عبادة الملائكة« التي يدعو إليها بعض الذين رفضوا أن يجدوا الحقيقة في المسيح (آ 17). هذه العبارة تدلّ على معنيَين. قد نكون أمام المضاف الذاتي: الملائكة هم الذين يَعبدون؛ أو أمام المضاف الموضوعي: الملائكة هم موضوع عبادة؛ إن كان المعنى الموضوعي هو المفروض، كما يقول عدد من الشرّاح، فهذا يجعلنا في شعائر نعبد فيها الملائكة، وبالتالي نقوم بتجرّد ذاتي يطلبه هؤلاء المعلّمون الضالون.

هذا ما يجعلنا في إطار يهوديّ وجد جذورَه في العالم الفارسيّ. حينئذ صار الملائكةُ الوسطاء بَين الله والبشر، وفي النهاية عُبدوا كما تُعبَد الآلهة في العالم الوثنيّ. فالشريعة التي أعطاها الله على جبل سيناء، قد »أعلنتها الملائكة على يد وسيط« هو موسى (غل 3:19). أما توسّع دور الملائكة، فيربطنا بجماعة قمران مع المدائح ونظام الحرب. فهؤلاء الملائكة يقومون بحرب تحريريّة ضدّ بليعال وحلفائه. والليتورجيا التي يقوم بها الأسيانيون، الشفّاؤون (أُسْيُا)، تتمّ في حضرة الملائكة. إذن، لا نستطيع أن نخالف الطقس، الترتيب، الذي به يقومون.

وإذا أخذنا عبارة »عبادة الملائكة« في المعنى الذاتي، نرافق الملائكة في عبادتهم. هم ينطلقون في العالم السماويّ، ويشاركون في العبادة العلويّة التي تصوّرها أسفار الجليان مثل أخنوخ وغيره.

وهكذا بدا لنا منذ الآن أن »الفلسفة« التي تنادي بها كولوسي، هي تلفيق وجمع بين غنوصيّة آتية من العالم اليوناني مع احتقار عميق للجسد، وبين يهوديّة انحصرت في الأسّيانيّة وسائر الأدب الجلياني، فأعطت الدور الكبير للملائكة. فهؤلاء الملائكة الذين لا جسد لهم، صاروا أرفع من يسوع الذي اتّخذ جسداً. من أجل هذا، شدّدت الرسالة إلى العبرانيّين على شخصيّة الابن تجاه الذين هم خدّام يروحون ويجيئون (عب 1:7). وقالوا: هؤلاء الملائكة يقيمون في الملأ الأعلى، فلا يحتاجون إلى خلاص يحمله إليهم ذاك الذي »هو صورة الله الذي لا يُرى« (1:15). من أجل هذا أعلن الرسول في نشيده للمسيح الفادي: »به خُلق كلّ شيء في السماوات وفي الأرض، ما يُرى وما لا يُرى« (آ 16). فالملائكة اللامنظورون مخلوقون شأنهم شأن البشر المنظورين به (= بالمسيح) خُلق الجميع، ما في السماء وما على الأرض. وله خُلق الجميع، لأنه سيجمع في شخصه كل ما في السماوات وعلى الأرض (أف 1:10).

لن نتوقّف عند عناصر الكون أو ما يُسمّى قوى الكون الأوليّة المرتبطة بعالم الكواكب وتأثيرها في الكون (2:8، 20). لا يمكن أن نستند إليها، فهي غرور وباطل، بل نستند فقط إلى المسيح. في أي حال، لم يعد لها أية سلطة تجاه المسيح الذي »خلع أصحاب الرئاسة والسلطة وجعلهم عبرة، وقادهم أسرى في موكبه الظافر« (آ 15)، على مثال القائد الحربي الذي يقود أسراه إلى مدينته.

وطلب الكولوسيون معرفة خاصة، معرفة باطنيّة، لا تنطلق من التقليد الرسوليّ. فالمختار في العالم الغنوصي يعرف نفسه على أنه صادر عن »الملء« وغريب عن العالم. بهذه المعرفة وحدها يخرج من العالم ومن الزمن، ويدخل إلى وحدة الكل بعد أن يكون قد تركها. وهذه المعرفة ليست انخطافيّة، بمعنى أن الغنوصيّ يُنقَل خارج ذاته. فهو بهذه المعرفة يتّحد بالأنا الحقيقيّ. في هذه المعرفة ينفصل الانسان عن الواقع الملموس وعن الأنا الحقيقيّ والنفسيّ من أجل الاتحاد. غير أن هذا الملء بدا وكأنه ضباب يدخل فيه الانسان. وكان جواب بولس: لا نسير في ضباب، لا نسير في المجهول، بل مسيرتُنا توصلنا إلى المسيح الذي هو ملء المعرفة والحياة.

الخاتمــــة

من خلال تعرُّفنا إلى التاريخ والجغرافية الخاصين بمدينة كولوسي، نستطيع أن نقرأ الرسالة إلى الكولوسيين في ردّها على عدد من التعاليم الضالّة بدأت تتسرّب في الكنيسة. ولكن كل هذا هو وجه خارجيّ أو سلبيّ. أما الوجه الداخليّ والإيجابيّ فهو تعليم يطرح ثلاث قضايا هامة: الانجيل هو الكلمة (4:3)، كلمة الحقّ (1:5)، كلمة الله (1:25)، كلمة المسيح (3:16). والمسيح هو صورة الله الذي يسمو على الجميع لأنه خالق الجميع، ولأن ما في السماء وما على الأرض يعود إليه. والقضيّة الثالثة التي يعرضها الرسول: الحياة الجديدة للمؤمن في واقعه الحاضر. هو منذ الآن في ملكوت المسيح. منذ الآن مات وقُبر مع المسيح. ومنذ الآن قام، فيجب عليه أن يخلع الانسان القديم ويلبس الانسان الجديد.

وكانت نداءات ثلاثة إلى المؤمن: يملك في قلبه سلامُ المسيح (3:15). يخدم الآخرين وكأنه يخدم الربّ. يواظب على الصلاة الشاكرة.

تلك هي الرسالة إلى كولوسي، توجّهت إلى كنيسة خاصة، وإلى مدينة صغيرة، دارت في فلك أفسس التي منها وصلت إليها البشارة، ولكن هذه الرسالة سوف تتعمّم فتصل إلى أكثر من كنيسة. لن تقرأها فقط جماعة لاودكية (4:16)، ولن تصل فقط إلى هيرابوليس (آ 13)، فتلاميذ الرسول سوف ينطلقون من كولوسي ليكتبوا باسم بولس الرسالة إلى أفسس حيث يتّسع الأفق في كلام عن السرّ يصل بنا إلى كنيسة جامعة أرادها الرب له مجيدة، لا عيب فيها، مقدّسة.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM