الفصل السابع والعشرون: يسوع عند بيلاطوس .

 

الفصل السابع والعشرون

فحواه إيثاق يسوع وتسليمه إلى بيلاطوس ليحكم عليه بالصلب. وشنق يهوذا نفسه. وقول امرأة بيلاطوس إنَّ يسوع بريء. وطلب اليهود صلبه. وتقديم برأبّان عليه. ورغبة بيلاطوس بإطلاق يسوع. وجلده وتكليله بالشوك. والحكم عليه بالصلب وحمله الصليب. وإسقاؤه خلاًّ ومرًّا. وتعليقه على الصليب بين لصَّين. وإيساعه إهانات وتجاديف. وانسدال الظلام في وسط النهار. وتسليم المسيح الروح. وانشقاق حجاب الهيكل. وزلزلة الأرض وتصديع الصخور وانفتاح القبور. وإنزال جثَّته مساء. ودفن يوسف الرامي لها. وختم اليهود القبر. وإقامة الحرّاس عليه.

يسوع عند بيلاطس

آ1. ولمّا أسفرَ الصباحُ، أي صباح يوم الجمعة، تشاورَ جميعُ عظماء الكهنة ومشايخُ الشعب على يسوعَ ليُميتوه. لم يكتفوا بالمجمع الذي عقدوه ليلاً، فعقدوا صباحًا مجمعًا كان من المجامع التامَّة المعروفة عندهم بالسنادريم، وكان مؤلَّفًا من سبعين رجلاً. وأعيدت فيه بإيجاز الشكوى على يسوع وإقراره والحكم عليه، كما روى لوقا أعمال هذا المجمع في 22: 66ي. وحينئذٍ قامت عليه الجماعة فغلَّلوه بحبال وسلاسل. إذ كانت العادة أنّ مَن يقف في المجمع يُحَلُّ من أغلاله.

آ2. فأوثقوه وذهبوا به من بيت قيافا، وسلَّموه في يد بيلاطوس الوالي، الرومانيّ حاكم اليهوديَّة كلِّها بأمر طيباريوس قيصر. فإلى هذا أسلموا يسوع لا ليَفحصَ عنه (لأنَّهم كانوا يدَّعون أنَّهم عاملوه بالإنصاف)، بل ليعاقبه بعذاب الصليب، كما قال القدّيس لاون الكبير*. وكذا أسلمهم الله جزاء أعمالهم بعد قليل في يد الرومانيّين ليعذِّبوهم ويستأصلوهم، كما قال القدّيس كيرلُّس*. تسأل: لِمَ لم يقتل اليهود المسيح بذاتهم؟ أجيب مع فم الذهب* أنَّ الرومانيّين كانوا رفعوا عن اليهود الحقّ على القتل، وأبقَوا لهم الحقّ على الاطِّلاع والمحاكمة في الذنوب التي تلاحظ سنَّتهم لا غير. إلاّ أنَّه لم يكن يجوز لهم أن يقتلوا أحدًا من المحكوم عليهم دون رضى الرومانيّين. وهذا يُبان من أنَّ بيلاطوس كان يُطلِق لهم أسيرًا في كلِّ سنة في الفصح، ومن أنَّهم قالوا (كما روى يو 18: 31): إنَّه لا يحلُّ لنا أن نقتل أحدًا. وأمّا رجمهم إسطفانوس* وإرادتهم رجم يسوع مرّات، فلم يكن ذلك بموجب حقٍّ لهم، بل بإهانة ووثبة غضب. والوالي كان يغضُّ الطرف عن ذلك خاصَّة متى اتَّضح أنَّ العمل جرى لوثبة الغيظ والغضب. كذا ارتأى توليتوس* وملدوناتوس* وغيرهما. وزد على ذلك أنَّ الذي حمل اليهود على تسليم يسوع لبيلاطوس هو أنَّهم كانوا يريدون أن يميتوه، ولكن لا بأيِّ نوع كان، بل بموت الصليب. ويسوع كانوا يدَّعون عليه التجديف، وموت المجدِّف يكون بالرجم. ثمَّ إنَّهم لم يريدوا أن ينجِّسوا فصحهم بدم بشريّ. وكانوا يرومون أن يتجنَّبوا وصمة قتلهم يسوع، وينزعوا عنه المجد والإكرام مُظهرين أنَّه ليس المسيح، بل رجل أثيم وعاصٍ على قيصر، فصلبه. وأخيرًا كانوا يخافون الشعب الذي كانوا يعلمون أنَّه يحبُّ المسيح، فأرادوا أن يقتله بيلاطوس الوالي، إذ تحت يده جنود يمكنه بهم ردع الشعب إن ثار عليه.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM