نداء إلى أورشليم.

 

نداء إلى أورشليم

 

آ37. يا أورشليمُ، يا أورشليمُ، يا قاتلةَ الأنبياء وراجمةَ المُرسَلين إليها، كم مرَّةٍ أردتُ، بواسطة الأنبياء والملائكة والإلهامات الباطنة والتمليقات الخارجة، والآن بذاتي وبواسطة رسلي، أنْ أجمعَ بنيك، أي سكّانك، كما تجمعُ الدجاجةُ فِراخَها تحتَ جناحَيها فلم تُريدوا، بل غمطتم النعمة وأصررتم على عنادكم. فإذًا يجب أن تنسبوا علَّة هلاككم ورَذْلكم إلى نفوسكم لا إلى غيركم. قد برهن اللاهوتيّون من هذه الآية أوَّلاً، وجودَ الإرادة الشرطيَّة في الله التي لا تكمل دائمًا إذ قال: أردت فلم تريدوا. ثانيًا، أنَّ النعمة يمكن مقاومتها خلافًا لزعم ينسانيوس*. وقد شبَّه المسيح نفسه وعنايته بتخليص اليهود بالدجاجة المرِّبية فراخها، أوَّلاً، لأنَّ الدجاجة أشدُّ اهتمامًا بفراخها من باقي الطيور، حتّى تهتمَّ بها بصوتها فتعرف أنَّها أمُّ الفراخ ولو لم ترَها. ثانيًا، لأنَّها تثبت من فراخها أكثر من باقي الطيور. ثالثًا لأنَّها متى خافت على فراخها جمعتها تحت جناحيها، وغير ذلك من الأوصاف التي تطابق عناية المسيح بتخليص اليهود.

آ38. ها هوذا يُترَكُ لكم بيتُكم خرابًا. أي يُترَك الهيكل كما قال القدّيس إيرونيموس*، أو المدينة بل المملكة كلَّها كما فسَّر بيدا* وغيره، خربةً خالية منّي ومن الله وعنايته المخصوصة ومساعدته الإلهيَّة، فتُضْحي غنيمة للأعداء الغير المنظورين والمنظورين كالرومانيّين الذين يخربونك كإيثارهم يا أورشليم بل إنّي أعدمكم أيُّها اليهود حضوري الجسديّ إلى زمان، ثمَّ كلامَ الحياة وباقيَ النعم التي من عادتي أن أمنحها بسخاء متى كنتُ حاضرًا.

آ39. فإنّي أقولُ لكم إنَّكم لا ترونني من الآن حتّى تقولوا: مباركٌ الآتي باسمِ الربّ. كأنَّه يقول: قلت لكم إنَّ بيتكم يُترك لكم خرابًا، فذلك لأنّي أترككم وأمضي إلى السماء فلا ترونني إلى يوم الدين، الذي فيه أنتقم منكم لكفركم. وحينئذٍ تقولون: مبارك الآتي باسم الربّ، أي تعرفون أنّي الماسيّا وابن الله وإن جبرًا عليكم. وإن لم تقولوا ذلك بفمكم فتقولوه بقلبكم. كذا فسَّر فم الذهب* وتاوافيلكتوس* وأغوسطينوس* وغيرهم. ويُحتمل أن يُفهَم بمن يقولون ذلك، اليهود الذين يرتدُّون عند نهاية العالم إلى الإيمان بالمسيح بواسطة إيليّا، كما تنبَّأ هو 3: .  فكأنَّه يقول: إنَّكم لا تعرفوني الآن أيُّها اليهود، ولذا تضطهدوني حتّى الموت، ولكن ستعرفني ذرِّيَّتكم عند نهاية العالم ويقولون: مبارك الآتي باسم الربّ، أي يؤمنون بي.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM