الفصل السادس عشر: علامات الأزمنة.

 

الفصل السادس عشر

فحواه طلب الفرّيسيّين والزنادقة آية من السماء. وإعطاؤه آية يونان من الأرض. وتنبيهه تلاميذه ليحذروا خميرهم أي تعليمهم. وإقامته بطرس رأسًا لكنيسته ووعده له بتسليمه مفاتيح ملكوت السماء وإنذاره بموته في أورشليم. وانتهاره بطرس إذ قاومه بذلك. وتكراره على الجميع حمل الصليب والكفر بالذات.

علامات الأزمنة

آ1. فتقدَّم إليه الفرّيسيّون والزنادقة ليجرِّبوه وطلبوا إليه أن يُظهرَ لهم آيةً من السماء. وقد طلبوا ذلك قبلاً كما تقدَّم (12: 38)، وكرَّروا طلبهم هنا بداعي تكثير الخبز، فإنَّهم رأَوا الشعب يعظِّم هذه الأعجوبة. فقالوا إنَّها أرضيَّة، ويمكن الشيطان أن يصنعها. يشيرون بذلك إلى أنَّ المسيح ساحر وقد كثَّر الخبز بواسطة الشيطان، فيطلبون آية من السماء يشهد الله بها للمسيح أنَّه أرسله، وأنَّ تعليمه سماويّ (رج 12: 38).

آ2. فأجابهم قائلاً: إذا كان المساء تقولون صحوًا، أي يكون نهار غد صحوًا، لاحمرارِ السماء. ويكون كذلك وهذا دليل طبيعيّ، فإنَّ احمرار السماء أي الجوّ، يدلُّ على أنّ السحب شفّافة وغير متكاثفة، ولذا يمكن بسهولة تبديدها وتفريقها مدى الليل، فيكون الصحو في الصباح.

آ3. وعند الصباح تقولون اليوم شتاء لكدورة حمرة السماء.، ويكون الشتاء أو الأرياح، والسبب الطبيعيّ لذلك هو أنَّ السحب إذا احمرَّت في الجوّ مساء استُدلّ على أنَّها رقيقة غير متكاثقة، ولذا تتبدَّد مدَّة الليل كما تقدَّم، وأمّا إذا احمرَّت صباحًا مع كدرة استُدلّ على أنّ الغيوم أكثر تكاثفًا، حتّى لا يمكن الشمس أن تبدِّدها، بل حالما تسخِّنها بحرارتها تنحلّ إلى شتاء أو ريح. وأورد الأبولنسيّ* سببًا آخر فقال: إنَّ احمرار السحب مساء يدلُّ على أنَّها جافَّة وغير أهل للمطر. وأمّا كدرة حمرتها صباحًا فتدلُّ على أنَّها غير جافَّة بالتمام، ولذا تحلُّها حرارة الشمس إلى مطر أو ريح. يا مراؤون تعرفون تميِّزون وجهَ السماء، أي وجه الجوّ واستعداده وشكله الخارج، وتحكمون على ذلك بدلائل محتمَلة، فتقنعون بها ولا تطلبون غيرها، وآيات هذا الزمان لا تعرفون أن تميِّزوها. كذلك، مع أنَّ هذه الآيات أكيدة جدًّا، وأزمنتها معيَّنة منذ الأزل، وموعود بها مكرَّرًا، وقد تمَّت جليًّا، ويريد بذلك مجيء المسيح إلى العالم، إذ كانت له آيات وأدلَّة لا يشوبها ريب. وهي زوال القضيب الملوكيّ من سبط يهوذا، كما في تك 49: 10. وكما أسابيع دا 9: 25 وإبراء العميان والصمّ والعرج والبكم بعدد وفير، كما تنبَّأ أش 35: 5 و61: 1. ثمَّ ظهور الملائكة في بيت لحم والكوكب للمجوس، وشهادة الآب بصوته من السماء، وحلول الروح القدس بشكل حمامة، وشهادة يوحنّا المعمدان، وإقرار الشياطين بواسطة المعتَرين، وأخيرًا وفرة العجائب التي صنعها المسيح. فهذه جميعها كانت تثبت بكلِّ توكيد وجلاء أنَّ المسيح أتى، وأنَّ يسوع هو الماسيّا الموعود به. وأمّا قوله: إنَّ هذا الجيل الشرّير الفاسق يطلب آية ولا يُعطى آية إلاّ آية يونان النبيّ، فقد مرَّ تفسيره في 12: 39. ثمَّ تركَهم ومضى من مجدل إلى عبر الجليل، ولذا روى مر 8: 13 أنَّه تركهم وصعد إلى السفينة وانطلقوا إلى العبر.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM