الطاهر والنجس.

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}

الطاهر والنجس

آ10. ودعا إليه الجموعَ وقال لهم: اسمعوا وافهموا. فإنِّي أعلِّمكم ما ينجِّس النفس وما يطهِّرها حقيقة، لتعلموا بطلان ما يعلِّمكموه الكتبة بأنَّ الأيدي والأطعمة النجسة تنجِّس النفس.

آ11. أنْ ليس الذي يَدخلُ الفمَ ينجِّسُ الإنسان، لكنَّ الذي يخرجُ من الفم هو ينجِّسُ الإنسان. فيقول الأراطقة: إذًا ولا اللحوم التي تؤكل في الأصوام تنجِّس الإنسان. فأسلِّم بهذا طوعًا. فليس اللحوم هي التي تنجِّس النفس، بل المعصية والشراهة والشكّ التي تُرتكَب بأكل اللحم. حينئذٍ هي التي تنجِّس النفس وتجعلها دنسة مبغوضة من الله، كما عرض في التفاحة التي أكلها آدم، وبالأطعمة التي كانت محظورة في الناموس الموسويّ. وهذا لم ينكرْه المسيح نفسه هنا، وإلاّ لوجبوا عليه الحرم لنقضه الشريعة، بل كلُّ ما ينكره هو أنَّ الأطعمة النجسة تدنِّس آكلها من ذاتها، كما كان يزعم الفرّيسيّون. وكان بيتاغوروس* علَّم بذلك، وقد أنَّب عليه الرسول أشدَّ التأنيب في 1تم 4: 4. فالكنيسة حرَّمت بعض الأطعمة الملذّذة في الأصوام، لا لأنَّها نجسة بذاتها، بل لأجل إماتة الجسد وقمعه. ولماذا أمكن الرسل أن يحرّموا الدم والمخنوق، كما في أع 15: 20، ولا تستطيع الكنيسة أن تحرِّم أكل اللحم في بعض أيّام؟ وكيف حرَّم الرسول على نفسه أكل اللحم لئلاّ يشكِّك أخاه، كما قال في 1 كو 8: 13، ولا تقدر الكنيسة أن تحرِّم أكله إلى زمن وجيز؟ ولماذا تستطيع الكنيسة، وهي طبيب روحيّ لأولادها، أن تنهى عن مثل ذلك لأجل خلاص النفوس؟ فالمسيح إذًا كأنَّه يقول: إنَّ الكتبة يعلِّمونكم أن لا تأكلوا بأيدٍ منجَّسة لئلاّ يصير الطعام نجسًا، والطعام النجس ينجِّس النفس بذاته. لكنَّهم على ضلال مبين، إذ ليس الذي يدخل الفم هو الذي ينجِّس الإنسان، بل الذي يخرج منه، وبالتالي من القلب هو الذي ينجِّس الإنسان إن كان نجسًا. وسيجيء تفسير المسيح لذلك في آ19 هنا.

آ12. حينئذٍ، أي حين إذ أطلق الجمع وجاء إلى البيت، كما روى مر 7: 17، جاء إليه تلاميذُه وقالوا له: أما عرفت أنَّ الفرّيسيّين لمّا سمعوا هذه الكلمة شكُّوا؟ أي عثروا، لأنَّ الفرّيسيّين كانوا يقيمون كلَّ قداستهم بغسل الأيدي وما أشبه، ولذا إذ سمعوا المسيح يحتقر ذلك، غضبوا لإبطاله اسم القداسة الذي كانوا يبتغونه من ذلك.

آ13. فأجابهم قائلاً: كلُّ غرسةٍ لا يغرسُها أبي السماويّ تُقلَع. قد فهم إيلاريوس* وفم الذهب* وغيرهما بالغرسة هنا تعليم الكتبة والفرّيسيّين بشأن الأطعمة التي تنجِّس النفس. كأنَّه يقول: إنّي سأستأصل وأقتلع تعليم الكتبة والفرّيسيّين بذلك. والأحسن أن يُفهَم بالغرسة، كما فسَّر إيرونيموس* وأوريجانوس* وغيرهما، الناس الذين وضعهم الله بآدم في الفردوس، ثمَّ فسدوا بمكر الحيَّة. ويغرسهم الله ثانية بالمسيح في فردوس الإيمان والنعمة، ومن لا يُغرَس فيهما يُقلَع ويُلقى في جهنَّم، كما تهدَّد يوحنّا المعمدانُ الفرّيسيّين بقوله: كلُّ شجرة لا تثمر ثمرة صالحة تُقطع وتُلقى في النار.

آ14. دعوهم فإنَّهم عميانٌ، قادةُ عميان، وأعمى يقودُ أعمى، كلاهما يقعان في حفرة. كأنَّه يقول: دعوا الكتبة والفرّيسيّين يشكُّون ولا تحفلوا بهم، لأنَّهم عميان لا يرون نور الحقّ والشريعة والإيمان التي أعلِّمها، بل يريدون أن يستمرُّوا على عماهم مقتادين الشعوب الذين يعلِّمونهم الضلال ليقعوا معهم في جهنَّم. وقد سمح المخلِّص بشكِّهم، لأنَّه كان مذمومًا وناشئًا عن خبث وتمكُن إزالتُه.

آ15. فأجاب سمعان الصفا وقال له: يا سيِّد فسِّرْ لنا هذا المثل. إنَّ المثل واضح، ومع ذلك كان يظهر للرسل ملتبسًا وغامضًا، إذ تعلَّموا ضدَّه من نعومة أظفارهم، أي أنَّه توجد أشياء كثيرة نجسة تنجِّس آكلها. وروى مرقس أنَّ التلاميذ سألوه ذلك، لا بطرس. ووفقَه أوتيميوس* بأنَّ بطرس ابتدأ بالسؤال واتَّبعه غيره. والأولى أن يكون من باب وضع الجزء موضع الكلّ، أي أنَّ ما سأله عنه واحد يقال إنَّ الجميع سألوا عنه. فمتّى يقول في 27: 44: إنَّ اللصين اللذين صُلبا معه كانا يجدِّفان عليه، مع أنَّه واضح من لو 23: 39 أنَّ لصَّ الشمال وحده جدّف عليه. أو أنَّ بطرس سأل هنا باسم جميع التلاميذ، فذكر متّى بطرس ومرقس التلاميذ، كذا فسَّر ملدوناتوس*.

آ16. فقال لهم يسوع: حتّى الآن أنتم أيضًا لا تفهمون. كأنَّه يقول: قد علَّمتكم قبلاً، أي في 5: 6، بما تقوم طهارة النفس ونجاستها، وخاصَّة أنَّ الإنسان يتنجَّس بكلام الغضب والشتم والحنث البارزة من الفم، فهل لم تفهموا ذلك؟

آ17. أو ما تعلمون أنَّ كلَّ ما يدخلُ الفم، ولو كان نجسًا، ينتهي إلى البطن، أي المعدة، ولا يدخل القلب، كما زاد مار مرقس. يعني لا يمسّ النفس ولا ينجِّسها، كما يتوهَّم الفرّيسيّون. ومن هناك يُلقى بالمخرج خارجًا. على أنَّ هذا يجب فهمه باحتراس. فإنَّ الطعام لا يُلقى كلُّه خارجًا، بل أجزاؤه التفليَّة فقط التي تبقى بعد الهضم. والهضم الأوَّل للطعام يكون في المعدة، وبه يستحيل الغذاء إلى كيموس، وتُفرَز الأجزاء الغليظة والغير الموافقة لقوت الجسد. والهضم الثاني يكون في الرئة، وبه يستحيل الكيموس إلى دم، وتُفرَز الموادّ الغير المفيدة بالبول. والهضم الثالث يكون في كلٍّ من الأعضاء التي يتَّصل إليها الدم بالأوردة من الرئة، ويستحيل إلى لحم، وتُفرَز الموادّ العاطلة بالعرق والأبخرة. فإذًا يكون معنى قول المخلِّص أنَّ الطعام النجس لا ينجِّس النفس، لأنَّ كلَّ ما هو نجس فيه يُلقى خارجًا، وما يبقى فهو نقيّ، ويستحيل إلى كيموس فدم فلحم ولا يبقى طعامًا. فإذًا لا يدنِّس النفس. فضلاً عن أنَّ المسيح لم يتكلَّم بنوع فلسفيّ ومدقِّق، بل بحسب ما يَفهم الشعب، كما قال ملدوناتوس*. وقد نتج الأراطقة النجسون لاسيَّما أكولامباديوس* من هذه الآية برهانًا وخيمًا ضدَّ سرِّ القربان الأقدس، الذي يوجد فيه جسد المسيح حقيقة وجوهرًا قائلين: فإذًا، القربان المقدَّس أيضًا ينتهي إلى البطن، ومن هناك يُلقى خارجًا. فيجيب روفنوس* ف ك 5 ضدَّه، أنَّ جسد المسيح يوجد في الإفخارستيّا بنوع غير محسوس، والكسر والهضم يقعان على الأعراض لا على جسد المسيح، ومتى تمَّ الهضم واستحالت، وتغيَّرت أعراض الخبز والخمر، فلا يعود يوجد جسد المسيح هناك.

آ18. وأمّا الذي يخرجُ من الفم فهو يخرجُ من القلب، أي من جزء الإنسان الأشرف كاختياره المعتوق وإرادته. وهذا هو الذي يُدنِّس الإنسان.

آ19. لأنَّه من القلبِ تخرجُ الأفكارُ الشرّيرة: الفجور، القتل، الزنا، السرقة، شهادة الزور، التجديف. وهكذا أكل الطعام المحرَّم يخرج من القلب أيضًا وينجِّس النفس، كما فسَّرتُ آنفًا (آ11).

آ20. هذه تنجِّسُ الإنسانَ، وأمّا الأكلُ بغيرِ غسلِ الأيدي فلا ينجِّسُ الإنسان. كأنَّه يقول: إنَّ ما يأتي من الخارج ويدخل في الإنسان، كالطعام الغير المحرَّم واتِّساخ الأيدي المهتمّ به الفرّيسيّون جدًّا، فمن حيث إنَّه ليس برديء من ذاته فلا ينجِّس الإنسان. ومن هنا يظهر أيضًا أنَّ الكتبة كانوا يزعمون أنَّ الغذاء النجس بذاته يدنِّس نفس آكله، وإلاّ لما كان المخلِّص يؤنِّب على غسل الأيدي قبل الأكل، مع أنَّه كان دارجًا عند كلِّ الأمم ومفيد للنظافة والصحَّة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM