عيلة يسوع.

 

عيلة يسوع

آ46. وفيما هو يُكلِّمُ الجموعَ جاءَتْ أمُّه وإخوتُه قيامًا خارجًا يَطلبونَ مكالمتَه. زعم اإلبيديوس الأراتيكيّ* أنَّ إخوته هم أولاد والدتهم مريم العذراء بعد المسيح، لأنَّه أنكر كونها لبثت عذراء، وهذا عن الصواب بمراحل، وقد فنَّده بكلِّ صرامة وحكمة مار إيرونيموس* في كتابه ضدّ إلبيديوس. وزعم أكثر الآباء الروم وإيلاريوس* وأمبروسيوس* من اللاتينيّين أنَّ هؤلاء وُلدوا من زيجة أخرى ليوسف قبل أن يتَّخذ مريم. إلاّ أنَّ هذا كاذب لكون يوسف لم يتزوَّج إلاّ بمريم، ولبث معها بتولاً، كما علَّم مار إيرونيموس* ضدَّ إلبيديوس ومار أغوسطينوس* في خطبة 12 في الميلاد وتاوادوريطوس* في غلا 1 وبيدا* وأنسلموس* وروبرتوس* وتوما* وأكثر اللاتينيّين، حتّى قال بطرس دميانوس* في رسالة 11 رأس 4 إلى البابا نيقولاوس إنَّ هذا هو إيمان الكنيسة. والكلِّيُّ التحقيق أنَّ المُراد بإخوته أقاربه أو أولاد عمِّه، فإن كانوا أقارب أو إخوة القدّيس يواكيم أو القدّيسة حنّة، أو الأحرى أولاد هؤلاء إخوة وأخوات يواكيم أو حنّة والدَي مريم العذراء، مثلاً أولاد إكلاوبا أخي يوسف خطِّيب مريم، كما شهد هاجيسبوس* الذي كان قريبًا من عصر الرسل، ذكره أوسابيوس* في ك3 من تاريخه رأس 11، فإنَّ يوسف وإكلاوبا كانا ابني يعقوب الذي كان أخا القدّيسة حنّة، وسيجيء كلام في ذلك في مت 13: 55 وفي لو 3. وكذا ارتأى إيسيدوروسُ في كتابه في سير الآباء القدّيسين وموتهم، وبيدا* في أع 1 وأنسلموس* في 1 كو 9 وفي غلا 1. وقوله "يطلبون مكالمته"، فذلك لا عن عجب أو افتخار بأنَّهم من أقارب المسيح، كما زعم فم الذهب* وتاوافيلكتوس*، بل ليقبضوا عليه ويأخذوه إلى الناصرة، كما روى مر 3: 21، إذ كانوا يقولون إنَّه شرَدَ عن عقله. ونظرًا إلى تفسير قولهم هذا، طالعِ المحلَّ المذكور من بشارة مرقس.

آ47. فقال له واحدٌ: ها هوذا أمُّك وإخوتُك قيامًا خارجًا يَطلبون أن يُكلِّموك. وروى مرقس ولوقا أنَّ كثيرين قالوا له ذلك، وتوفيقه مع رواية متّى هنا سهل، لأنَّهم أرسلوا إليه أوَّلاً واحدًا ذكره متّى هنا، وإذ لم يخرج، أرسلوا كثيرين كما روى مرقس ولوقا.

آ48. فأجابَ قائلاً لمن قال له: من هي أمّي ومن أهم إخوتي؟ إنَّ المخلِّص بقوله هذا لم يُنكر أنَّ له أمًّا حقيقيَّة، كأنَّه لم يكن إنسانًا حقيقيًّا بل خياليًّا، كما زعم مرشيون* والمانيّون*، ولا كأنَّه خجل من فقر أمِّه وإخوته، بل أنَّ الرسول كان يريد أن يقاطعه عن الوعظ المتبدئ به، أو الأحرى كأنَّه يقول: إنّي لا أعرف أمًّا وإخوة جسديّين إذ أكون مشتغلاً بخدمة أبي الإلهيَّة، خاصَّة إن أرادوا أن يضادُّوني أو يعذلوني في ذلك. ففي هذا اعتراف أنَّ الذين يريدون إكرامي وإكرام أبي، هم أنسبائي وأَعزُّهم بمنزلة أمّي وإخوتي. والحاصل أنَّه يفضِّل القرابة الروحيَّة على الجسديَّة.

آ49. وأشارَ بيدِه إلى تلاميذِه وقال: هؤلاء أمّي وإخوتي.

آ50. وكلُّ مَن يصنعُ مشيئةَ أبي الذي في السماء هو أخي وأختي وأمّي، بالروح لا بالجسد، وقال "أخي وأختي" لأنَّ الرجال المؤمنين إخوة للمسيح والنساء المؤمنات أخوات له، كما علَّم مار غريغوريوس*.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM