لاالأمان بل الحرب.

 

 

لاالأمان بل الحرب.

آ34. لا تظنُّوا أنّي جئتُ لأُلقي في الأرضِ أمانًا. ما جئت لأُلقي أمانًا بل حربًا. غير أنَّ ذلك بالعرض وخارجًا عن نيَّتي، لأنّي بتعليمي أحمل الجميع وأستدعيهم إلى الأمان والسلام مع الله والقريب ومع ضميرهم. إلاَّ أنَّه يوجد كثيرون، يحملهم شرُّهم أو عنادهم إلى العصاوة لي ومعاقبة المطيعين، فتنشأ الخيانات والحروب والأضرار والاضطهاد. والأصحّ أنَّ المعنى: ما أتيتُ لأُلقي أمانًا كأمان الأشرار، الذين يظنُّون الأمان قائمًا بالملذّات والعيش الرغد، بل سيفًا وحربًا على أمان هؤلاء الأشرار، لأنَّ الأمان والسلام الروحيّين والحقيقيّين المبلغين إلى السعادة الأبديَّة، قد أتى هو خاصَّة ليلقيهما في الأرض، كما وعد على لسان أش 9: 6-7. وقد بشَّر الملائكةُ الناس بهما يوم مولده، كما ذكر لو 2: 14. وقد زاد ذلك إيضاحًا في الآيتين التاليتين بقوله:

آ35. أتيتُ لأفرِّقَ الرجلَ من أبيه والابنة من أمِّها والعروس من حماتها.

آ36. وأعداءُ الرجلِ أهلُ بيته. لأنَّه كما قال فم الذهب* في ميمر 2 ضدّ اليهود: يحدث أن يؤمن رجل في بيت ويبقى الآخر في ذلك البيت على كفره. ويريد الأب مثلاً أن يردَّ ابنه عن إيمانه فينشأ الخصام والانقسام، ويفترق الابن عن أبيه والأب عن ابنه إلخ.

آ27. مَن يُحبُّ أبًا أو أمًّا أكثر منّي فما يستحقُّني. ومَنْ يُحبُّ ابنًا أو ابنةً أكثرَ منّي فما يستحقُّني. يعني لا يستحقُّ أن أكون سيِّده ومعلِّمه، ولا يكون أهلاً لاسمي ونعمتي ومجدي وباقي مواعيدي. وقال لو 14: 26: لا يمكن أن يكون لي تلميذًا. ووجه ذلك أنَّ المسيح هو إلهنا وسيِّدنا ومخلِّصنا، فيلزم أن نقدِّمه على الأهل والأقارب طرًّ.ا فمن أخَّره عنهم حتّى ابتعد عن الإيمان بالمسيح أو عن شريعته بسبب الأهل، أَلْحقَ به تعالى إهانة كبرى وجعل نفسه غير أهل للمسيح ونعمته.

آ28. وكلُّ من لا يحملْ صليبَه. يعني يحتمل بصبرٍ الآلام والمصائب الواردة عليه كأنَّها بارزة من يده تعالى، ويتبعْني، أي يقتدي بي باحتماله ذلك لأجل البرِّ ومجد الله ودون تذمُّر واضطراب، فما يستحقُّني. كما تقدَّم وأشار هنا المخلِّص إلى حمله الصليب بعد ذلك.

آ29. مَنْ وجدَ نفسَه، أي من رفض الصليب وأنكر الإيمان وحفظ نفسه من الأخطار المتأتِّية عليه، بسبب الاعتراف بالإيمان، وظنَّ برأي نفسه ورأي غيره من الأغبياء أنَّه وجد خلاصه الزمنيّ والجسديّ، فهذا بالحقيقة يُهلكُها، أي يهلك نفسه ويضيِّع الخلاص الأبديّ. ومَن يهلكُ نفسَه من أجلي يجدُها. يعني: من احتمل الموت لأجل الإيمان أو فضيلة أخرى، وظنَّ الأغبياء أنَّه أهلك نفسه، فهذا يكون وجد نفسه حقيقة وربح الحياة الأبديَّة، وذلك بدقيقة موته الزمنيّ كما قال فم الذهب* وتاوافيلكتوس*. فإنَّ الاستشهاد يمحو كلَّ ذنب وعقاب. فإذًا من يُحيي نفسه بإطلاق العنان لها يمُنْها ومن يمُنْها يُحيِِها. فالحياة قائمة بالموت والموت بالحياة. فإن متَّ لأجل المسيح فتحيى، وإن أنكرت المسيح أو خالفته في أمر باهظ لتحيى، فتموت إلى الأبد.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM