شفاء حماة بطرس.

 

شفاء حماة بطرس

آ14. وجاء يسوعُ إلى بيتِ سمعان فرأى حماتَه ملقاةً بحمّى. إنَّ هذه الأعجوبة وباقي أعمال المسيح التي يذكرها متّى هنا إلى آخر ف 9، حدثت قبل إبراء الأبرص وعبد قائد المئة، بل قبل صعود المخلِّص إلى الجبل وخطبته فيه أيضًا. كما ينتج من مر 1: 22 و29، ولو 4: 22 و28 بل من بشارة متّى نفسه، لأنَّ خطبته في الجبل تليت على الرسل الاثني عشر، وبالتالي على متّى أيضًا، ومع ذلك قد ذكر دعوته في 9: 9. فأراد متّى أن يذكر أوَّلاً خلاصة تعليم المخلِّص، ثمَّ يردفها بذكر العجائب المثبتة هذا التعليم. فإذًا موقع ذكر هذه الأعجوبة بنظام التاريخ القويم كان يجب أن يكون في مت 4 بعد آ22. والصحيح على ما روى ملدوناتوس*، أنَّ المراد ببيت سمعان أي بطرس، بيته الذي كان له قبل أن يتبع المسيح. إذ بعد اتِّباعه له ترك كلَّ شيء. وهذا البيت كان في بيت صيدا القريبة من كفرناحوم، لكون موطن بطرس بيت صيدا كما روى يو 1: 44. أو أنَّ البيت كان لحماة بطرس التي كانت تسكن كفرناحوم. وكانت لبطرس ابنة تسمَّت بعد ذلك بطرونلاّ من اسمه، وماتت عذراء وأُحصيَت بمصافّ البتولات. وامرأة بطرس كان اسمها برباتوا أي دائمة، كما روى مولانوس* في اليوم الرابع من تشرين الثاني. وقال بعهضم: كان اسمها كونكورديا* أي اتِّفاق أو مريم. وقد توفِّيت شهيدة كما روى إكليمنضوس الإسكندريّ*، ونقلاً عنه أوسابيوس* في ك2 من تاريخه رأس 30. والمعنى الأدبيّ حماة بطرس كناية عن النفس، والحمّى كناية عن حرارة الشهوة، وبين حمّى الجسد وحمّى النفس مناسبة من وجوه. فحمّى الجسد تزيد الحرارة الطبيعيَّة، وتنهك القوى، وتهيِّج إلى العطش فلا يرويه الماء، وتفسد الذوق، وتنشأ عنها أمراض أخرى. وحمّى النفس أي الشهوة تزيد حرارة الميل إلى الخطيئة، وتضعف العقل والإرادة، وتهيِّج إلى الخطايا، ولا يروي الميل بارتكابها بل يزيد تهيُّج الشهوة بها، وتُفسد الذوق الروحيّ، ويتَّصل الخاطئ بها من خطيئة إلى أخرى، ومن أدويتها استدعاء المسيح لإغاثتنا، وأحسن دواء وأفعله ضدّ الشهوة تناول القربان الأقدس، فهو حنطة المختارين والخمر المونع العذارى.

آ15. فمسَّ يدَها فتركتْها الحمّى وقامَت تخدمُهم. وروى مر 1: 21: وأخذ بيدها وأقامها. وروى لو 4: 39: وقف فوقها، لا بمعنى أنَّه داسها برجليه، بل بمعنى أنَّه وقف حذاءها محنيًّا رأسُه فوقها. وزاد لوقا: وزجر الحمّى، يعني أمر الحمّى بسلطانه أن تفارقها، ففارقتها وقامت تخدمهم، أي أنَّها في الدقيقة نفسها التي مسَّ المسيح فيها يدها لم تفارقها الحمّى فقط، بل تشدَّدت قوَّتها أيضًا وقامت تخدمهم على المائدة، فاستعملت صحَّتها لخدمة المسيح. وبالمعنى الأدبيّ، إذا بُليتَ برذيلة فاستغثتَ بيسوع فيشفيك، وإذا شُفيتَ فلا تعشْ بطّالاً كسلان، بل اخدمه بنشاط.

آ16. ولمّا كان المساءُ قدَّموا إليه مجانين كثيرين فأخرجَ الشياطين منهم بالكلمة، أي بالأمر والقول: اخرجوا. وابرأ كلَّ سقيم. وزاد لو 4: 40: بوضع اليد، يعني لم يأنف المخلِّص أن يلمس بيديه الطاهرتين المرضى والبرص ليوضح قوَّة مسِّه الإلهيّ بالشفاء حالاً. وقد سمح الله في زمان المسيح، أن تعتري كثيرين الأمراضُ والشياطين ليكون للمخلِّص سبيل إلى إظهار رحمته وكلِّيَّة قدرته بشفاء الأمراض وإخراج الشياطين.

آ17. لكي يتمَّ ما قيل في أشعيا النبيّ القائل (53: 4). إنَّه أخذَ أوجاعَنا وحملَ أمراضَنا. ولكلام أشعيا هذا معنيان: الأوَّل في أمراض النفس وأوجاعها، أي في الخطايا وعقوباتها التي حملها المسيح ووفى عنها بالصليب وهذا جلَّ*** ما قصده أشعيا بقوله. والثاني، في أمراض الجسد التي هي صورة ومفعول لمرض النفس. وقول متّى هنا أنَّ المسيح حملها وأخذها، هو بمعنى أزالها وشفى المسقومين منها. كذا فسَّر فم الذهب* وأوريجانوس*.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM