البناء على الصخر، والبناء على الرمل.

 

البناء على الصخر، والبناء على الرمل

آ24. مَن يسمعُ كلماتي، وزادت اللاتينيَّة هذه، ويعملُ بها يشبهُ رجلاً عاقلاً بنى بيتَهُ على الصخرة. هذه خاتمة خطبته هذه في الجبل. فكأنَّه يقول: قد علَّمتكم حتّى الآن كيف يجب أن تسيروا بالبرارة والقداسة بموجب الشريعة وإرادة الله، إن شئتم الفوز بالسعادة السماويَّة. ولذا، إن عملتم بذلك، فتشبهون رجلاً عاقلاً إلخ. وقد ذهب بعضهم وهو الأحقّ على ما ارتأى ملدوناتوس* أنَّ المراد بقوله "كلماتي هذه" (على ما قرأت اللاتينيَّة)، لا كلامه في هذه الخطبة فقط، بل باقي كلامه لهم أيضًا (وتؤيِّد هذا الرأي نسختنا السريانيَّة التي لا وجود فيها لفظة "هذه" في هذا المحلّ). ويريد ببناء البيت، الإيمان بالمسيح، كما قال الرسول أيضًا في 1 كو 3: 10. وعيَّن لهذا البناء أساسين: الأوَّل صخرًا كما في هذه الآية وعنه قال في

آ25. فلمّا هطلتِ الأمطارُ وجرتِ الأنهارُ وعصفَتِ الرياحُ وضربَتْ ذلك البيتَ فلم يسقُطْ لأنَّ أساسَهُ راكزٌ على الصخرة؛ والأساس الثاني رملاً وقد ذكره بقوله في

آ26. ومن يسمعُ كلماتي هذه ولا يعملُ بها يشبهُ رجلاً جاهلاً بنى بيتَه على الرمل. وقال عنه في

آ27. فلمّا هطلتِ الأمطارُ وجرَتِ الأنهارُ وعصفَتِ الرياحُ وضربَتْ ذلك البيت فسقطَ وكان سقوطُه عظيمًا. فيريد بالصخر الإيمان المجوهر بالأعمال الصالحة، كما يظهر من قوله: "من يسمع كلماتي ويعمل بها". ويريد بالرمل الإيمان الخالي من الأعمال، كما يتَّضح من قوله: "من يسمع كلماتي ولا يعمل بها". ولذا ينتج أمران ضدَّ ضلالين للكلفينيّين*: الأوَّل أنَّ الإيمان وحده لا يكفي للخلاص؛ والثاني أنَّ الأعمال الصالحة لا تفيد للتبرير فقط بل للخلاص أيضًا، بل هي أساس ثابت له. ولا يضادُّ ذلك ما قاله الرسول في 1 كو 3: 11. أمّا أساسٌ*** آخر غير هذا الموضوع الذي هو المسيح ومن فوقه أحجار كثيرة تستند على هذا الأساس. فالأنبياء والرسل يسمَّون أساسًا أيضًا، وكذا الإيمان والأعمال هما أساسان مستندان على الأساس الأوَّل الكلِّيِّ الثبات الذي هو المسيح. لكنَّ الإيمان وحده رمل على صخر، والإيمان مع الأعمال صخر على صخر، فلا يزعزعه هطل الأمطار وجري الأنهار وعصف الرياح، التي هي كناية عن التجارب المتأتِّية من العالم والجسد والشيطان، أو عن شجب المسيح للأثمة في يوم الدين الذي يعبِّر عنه الكتاب المقدَّس متواترًا بالريح والزوبعة والعواصف، بخلاف من كان مؤسَّسًا على الرمل، أي عنده الإيمان وحده، فهذا تُسقط العواصفُ والأمطار بيتَ إيمانه الضعيف.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM