التلميذ الحقيقيّ.

 

التلميذ الحقيقيّ

آ21. لا كلُّ مَنْ يقول لي يا ربّ يا ربّ. يعني ليس كلُّ من يؤمن بي ويدعوني ويقرُّ بأنّي ربُّه أو يكرِّر اسمي بفيه كما يصنع الأراطقة، يدخلُ ملكوتَ السماء، أي سعادة الطوباويّين، بل مَنْ، فضلاً عن الإيمان بي، يعملُ إرادةَ أبي الذي في السماء. أي يكمِّل وصايا الله وأوامره المشروح كما أكثرها في هذه الإصحاحات الثلاثة. كذا فسَّر أغوسطينوس* وإيرونيموس* وغيرهما. وذلك يضادّ المحدثين الذين يزعمون أنَّ الإيمان وحده يكفي للخلاص.

آ22. كثيرون يقولون لي في ذلك اليوم، أي في يوم الدينونة الأخيرة، الذي يدعى يوم الربّ: يا ربّ، يا ربّ، إليس باسمك، أي بسلطانك وأمرك، تنبَّأنا؟ أي أنذرنا بالمستقبلات كما صنع بلعام، وباسمك أخرجنا الشياطين وباسمك صنعنا قوّات كثيرة؟ أي عجائب وآيات. إنَّ بين العلماء جدالاً: هل الأشرار يمكنهم صنع المعجزات والنبوءات؟ فإن كان الكلام في الأشرار قبل أن يصيروا أشرارًا أو بعد أن يرعووا عن شرِّهم، فلا ريب بإمكان صنعهم العجائب والنبوءات بقوَّة الله. وأمّا إذا كان الكلام عليهم في حال كونهم أشرارًا ففي ذلك إشكال. فبلعام كان شرّيرًا وتنبَّأ كما ورد في عد 24: 3، وقيافا تنبّأ أيضًا كما روى يو 11: 50. ولكن من المؤكَّد أنَّه لا يمكنهم اجتراح العجائب وإبراز النبوءات لإثبات تعاليمهم الكاذبة، لأنَّ العجائب والنبوءات دليل صدق التعليم ولا يمكن عملها إلاّ بقوَّة الله، فيكون ذلك شهادة من الله لصدق تعليمهم، وهو تعالى من المستحيل أن يشهد للكذب. ومن شأن الآيات التي يفعلها الأشرار أن تكون لخير الحقِّ والدين القويم، كما يظهر من نبوءتي بلعام وقيافا.

آ23. فأعترفُ حينئذٍ لهم بأنّي ما عرفتُكم قطّ بأنَّكم خاصَّتي وأبنائي وأصدقائي. فقد عرفتكم إذ صنعتم هذه الآيات باسمي، لكنّي لم أعرفكم ورثة لملكي ومجدي. وهذه المعرفة يسمِّيها اللاهوتيّون علم الإثبات، وهي المعرفة العلميَّة لا النظريَّة، وبها نقول: إنَّنا نعرف فلانًا أي نحبُّه، وبموجبها عدم المعرفة والرذل عند الله واحد، كما قال أغوسطينوس* وغيره. فهؤلاء الذين قال إنَّه ما عرفهم هم مرذولون، كما يظهر من قوله لهم: اذهبوا عنّي يا فعلة الإثم إلى النار المؤبَّدة.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM