يسوع في الجليل.

 

يسوع في الجليل

آ12. فلمّا سمعَ يسوعُ بأنَّ يوحنّا قُبضَ عليه، من هيرودس أنتيباس رئيس الربع في الجليل، انتقلَ إلى الجليل. ولكن أيُّ حقٍّ لرئيس الربع في الجليل على اليهوديَّة.؟ فيوحنّا كان يعمِّد في برِّيَّة اليهوديَّة التي كان بيلاطوس البنطيّ واليًا عليها باسم طيباريوس قيصر. فالجواب أنَّ الكتبة والفرّيسيّين اختطفوا يوحنّا من اليهوديَّة وسلَّموه إلى هيرودس، بدعوى أنَّه قد أهانه بتوبيخه له على زواجه بهيروديّا، وهذا يتلخَّص من قول المخلِّص في 17: 12 عن الكتبة أنَّهم صنعوا بيوحنّا كلَّ ما أرادوا. ويظهر من كلام الإنجيليّ أنَّ يسوع انتقل إلى الجليل خوفًا من أن يسلَّم إلى هيرودس كما سُلِّم يوحنّا. والحال أنَّ هيرودس والي الجليل، فبذاك تعجيل للوقوع في يديه. فالجواب أنَّ يسوع هرب من اليهوديَّة واليهود إلى الجليل لئلاّ يسلِّمه اليهود إلى هيرودس كما فعلوا بيوحنا ولم يخف من هيرودس والي الجليل، لأنّه لم يكن أهانه بتوبيخه إيّاه على فسقه، كما كان يوحنّا أهانه. وأمّا ملدوناتوس* فيقول إنَّ الجليل التي فيها الناصرة، والتي أتى منها المسيح ليعتمد من يوحنّا هي غير الجليل التي انتقل إليها لمّا سمع بالقبض على يوحنّا. فإذًا يسوع انتقل من جليل اليهود التي كان هيرودس واليًا عليها والتي تسمّى الجليل السفلى، إلى الجليل العليا التي لم تكن تحت ولاية هيرودس وكانت تسمّى جليل الأمم لأنَّ أكثرها كانت الأمم تسكنه، وهذا يظهر أيضًا من الآية التالية.

آ12. ثمَّ تركَ الناصرةَ وجاء فسكَنَ في كفرناحوم، التي كانت في تخوم جليل الأمم (كما يدعى في آ15 الآتي هنا)، وهي على سيف البحر في تخوم زابلون ونفتاليم، وموقعها على شاطئ بحر جانّاشار، بحيرة طيبارية، التي تسمّى كذلك إضافة إلى المدينة القريبة منها التي وسَّع بناءها هيرودس المذكور آنفًا إكرامًا لطيباريوس قيصر وأراد أن تسمّى طيباريَّة. وقد أهمل متّى هنا ذكر إرسال اليهود إلى يوحنّا المعمدان ليسألوه: هل هو المسيح؟ وإرسال يوحنّا إلى المسيح يسأله: أأنت هو الآتي؟ وإحالة الماء خمرًا في قانا الجليل، وإخراج الباعة من الهيكل، وتقدُّم نيقوديموس إليه وغير ذلك ما جرى قبل القبض على يوحنّا، وقد روى ذلك يوحنّا الإنجيليّ ف 2. فإذًا متّى ابتدأ بذكر إنذار المسيح بعد القبص على المعمدان. وانتقال المسيح هذا من اليهوديَّة إلى الجليل كان المرَّة الثانية (والمرَّة الأولى ذكرها يو 1: 43)، وهو نفس انتقاله الذي ذكره مر 1: 14 ولو 4: 14 ويو 4: 3 و43 على ما نتج ينسانيوس* ذلك من اتِّفاق الظروف. وقد اختار المسيح الإنذار أوَّلاً في الجليل للسبب الذي أورده الإنجيليّ بقوله:

آ14. ليكملَ ما قيل في أشعيا، أي نبوءة أشعيا، النبيّ القائل في (9: 1):

آ15. أرضُ زابلون وأرضُ نفتاليم طريقُ البحر عبرِ الأردنِّ جليلِ الأمم. فكأنَّه يقول أرض زابلون وأرض نفتاليم التي هي في طريق البحر، أي تبلغ إلى بحيرة طيباريَّة، والتي هي في عبر الأردنِّ وتسمّى أيضًا جليل الأمم فهذه الأرض.

آ16. الشعبُ الجالس فيها، في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا، أي أبصر نور بشارة المسيح بإنذاره فيها. والجالسون في الكورة وفي ظلِّ الموتِ أشرقَ نورٌ عليهم. ثمَّ إنَّ الجليل كانت كثيرة المدن والقرى والمكان في تلك الأيّام كما شهد يوسيفوس*، ولذا كانت موافقة جدًّا لانتشار الإنجيل.

آ17. ومنذ ذلك الزمان، ابتدأ يسوعُ يَكرزُ. قد أكمل قاصدُه السابق وظيفتَه وأفل النجم، فطلعت الشمس، وكان يسوع يُنذر بما أنذر به يوحنّا، قائلاً: توبوا فقد اقتربَ ملكوتُ السماوات. وهذا ما مرَّ تفسيره سابقًا في 3: 2.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM