عماد بالماء وعماد بالنار.

 

عماد بالماء وعماد بالنار

آ11. أنا أعمِّدُكم بالماء للتوبة. يعني للدلالة على أنَّكم تريدون أن تتوبوا توبة نصوحة. إلاّ أنَّ هذه التوبة لا تمنحكم بذاتها نعمة ولا غفران الخطايا. ولكن يأتي بعدي من هو أقوى منّي بنوع غير متناهٍ، ذلك الذي لا أستحقُّ أن أحمل حذاءه. وفي لو 3: 16: الذي لا أستحقُّ أن أحلَّ سير حذائه. وفي مر 1: 7: لا أستحقّ أن أنحني فأحلَّ سير حذائه. والكلُّ دالٌّ على وظيفة العبيد الدنيَّة. هو يعمِّدُكم بروحِ القدسِ والنار. يعني بمواهب الروح القدس الذي يطهِّر نفوسكم بها من الخطايا، ويملأها نعمًا روحيَّة وسماويَّة منقِّيًا إيّاكم بها كالنار المنيرة والمضرمة والجاذبة إلى ما فوق كاجتذاب هذه النعم إلى السماويّات. وقد عمل المسيح ذلك بنوع منظور في العنصرة إذ حلَّ الروح القدس على التلاميذ بشبه ألسنة من نار، يصنع ذلك بنوع غير منظور في المعموديَّة وسرِّ التثبيت الذي هو كما المعموديَّة. وليس الكلام هنا في النار المادِّيَّة (كما هم الهرميانيّون* والسلوكيّون* الأراطقة الذين كانوا لهذا السبب يسمَّون المعمَّدين بحديد محمّى كما شهد مار أغوسطينوس*)، بل في النار الاستعاريَّة، أي في النعم ومواهب الروح القدس، كما قال مار إيرونيموس* وأوتيموس* وغيرهما من الآباء. وقد قسَّم العلماء المعموديَّة ثلاثة أقسام: معموديَّة الماء وهي معلومة. ومعموديَّة النار أو الشوق وتكون في ما إذا سُجن أحد المرتدِّين أو وجد في محلٍّ لا ماء فيه ولم يمكن تأخير عماده فندم على خطاياه واشتاق إلى أن يعتمد، فهذا يتبرَّر بندامته ورغبته في الاعتماد. ومعموديَّة الدم وتكون في ما إذا احتمل أحدٌ الاستشهاد لأجل الإيمان وهو غير معمَّد.

آ12. وبيده الرفشُ ينقّي به بيدره ويجمعُ القمحَ في الأهراء، وأمّا التبنُ فإنَّه يُحرقُهُ بنارٍ لا تُطفأ. يريد بالرفش دينونة المسيح، وبالذي ينقّي المسيح الديّان، وبالبيدر الكنيسة، وبالقمح الأبرار والقدّيسين الذين يجمعهم المسيح في خزائن ملكوته، وبالتبن الأشرار الذين يحرقهم بنار جهنَّم. فالمعمدان يتهدَّد هنا الزنادقة والفرّيسيّين بدينونة المسيح الرهيبة.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM