العودة من مصر إلى الناصرة.

العودة من مصر إلى الناصرة

19. فلمّا ماتَ هيرودسُ الملكُ ظهرَ ملاكُ الربِّ في الحلمِ ليوسفَ وهو في مصر. إنَّ هيرودس مات بعد أيّام قلائل من قتل أنتيبطرس كما قال يوسيفوس*، وبالتالي بعد قتل الأطفال كما يظهر من مكروبيوس*. ومن ثمَّ يُبان أنَّ المسيح لم يمكث في مصر أكثر من سنتين لأنَّه مضى إليها قبل سنة من موت هيرودس. ومن بعد موته ذهب ابنه أرشلاوس إلى رومه ليأخذ الحكم فأصرف الصيف هناك ثمَّ عاد حاكمًا على جزء من ولاية أبيه وحينئذٍ رجع المسيح من مصر، هذا مع اختلاف الآراء المارّ ذكره في آ15 هنا على مدَّة إقامة المسيح في مصر.

آ20. قائلاً الملاك ليوسف: قمْ فخذِ الصبيَّ وأمَّه وامضِ إلى أرض إسرائيل فقد ماتَ الذين يطلبون نفسَ الصبيّ. يعني هيرودس وأولاده الثلاثة إسكندر وأرستوبولس وأنتيبطرس الذين لرغبتهم في الولاية قد تآمروا مع الكتبة والفرّيسيّين المحازبين لهم، فقتلهم هيرودس كما روى يوسيفوس* في ك 17 في القدميّات رأس 8ي.

آ21. فقامَ يوسفُ وأخذَ الصبيَّ وأمَّه وجاؤوا إلى أرضِ إسرائيل.

آ22. ولمّا سمعَ أنَّ أرشلاوسَ صار ملكًا على اليهوديَّة عِوضَ هيرودسَ أبيه خافَ أن يذهب إلى هناك فأُخبرَ في الحلم أن يمضيَ إلى بلدِ الجليل. إنَّ الملاك قال ليوسف أن يمضي إلى أرض إسرائيل، فافتكر أنَّ اليهوديَّة التي هي من هذه الأرض أولى من غيرها، خاصَّة لوجود الهيكل فيها. ولكي يُفهم ذلك حسنًا، فاعلم نقلاً عن يوسيفوس* في ك10 في القدميّات رأس 10ي أنَّ هيرودس مات سنة 27 لمُلكه، وولديه أرشلاوس وهيرودس أنتيباس الذي سخر بالمسيح تنازعا المُلك، فأوغسطوس قيصر فوَّض غايوس قيصر ابن بنته يوليا بحلِّ النزاع، فحكم غايوس أن يقسم المُلك مرابعة، فسلَّم اليهوديَّة لأرشلاوس والجليل لهيرودس أنتيباس وكورة أنطرخون أي بلاد الشقيف لفيلبُّوس أخيهما والآبلية لليسانيا. فإذًا قول متّى إنَّ أرشلاوس صار ملكًا لا يُفهم به أنَّه ملك حقيقيّ بل إنَّ له لقب ملك. ثمَّ إنَّ أرشلاوس بعد تسع سنين من ولايته نُفي لسوء سياسته قبل موت أغوسطوس بسبع سنين. ومن بعد نفيه أقام أغوسطوس على اليهوديَّة ولاة يلونها باسمه ومنهم كان بيلاطوس البنطيّ الذي صُلب المسيح في مدَّة ولايته.

آ23. فأتى وسكنَ مدينةً تسمّى ناصرة ليتمَّ ما قيل في النبيّ إنَّه يُدعى ناصريًّا. يوجد اختلاف كبير بين المفسِّرين على الآية المستشهدة هنا، من أيَّة نبوءة هي، ثمَّ على أنَّ المسيح يسمّي نازريًّا بالزاي الذي تأويله منذور ومتنسِّك أو منفصل عن العالم، أو ناصريًّا بالصاد وتأويله مزهر، والمصحَّح عليه في ذلك أنَّ المستشهد هنا نبوءة أش 11: 2 وتصعد زهرة من أصله. ففي العبرانيَّة يقال ناصريًّا لصاد وإنَّ المسيح يسمّى ناصريًّا بالصاد نسبة إلى الناصرة التي هي مدينة صغيرة مبنيَّة على جبل وليست بعيدة عن جبل طابور، ومنها دُعي المسيح ناصريًّا، متأوِّلاً بمزهر لا نازريًّا بالزاي. كأنّ المسيح كان نذيرًا كما كان شمشون وغيره، إذ من الواضح أنَّ المسيح كان يشرب خمرًا وهذا كان محرَّمًا على المنذورين، ويظهر ذلك أيضًا من كتابة الصليب المحفوظة في رومه التي يدعى فيها المسيح ناصريًّا بالصاد. وكذا قرأت النسخة السريانيَّة والعربيَّة القديمة، ووجه الغلط في ذلك كون اليونان واللاتينيّين ليس عندهم حرف الصاد فيكتبون هذا الاسم بالزاتا القريبة من الصاد والزاي.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM