الفصل الثامن والثلاثون: أنبياء وملوك.

 

الفصل الثامن والثلاثون

أنبياء وملوك (48: 1 - 49: 16)

1- المقدّمة

تتواصل نظرة ابن سيراخ إلى التاريخ. يتكلّم عن الأنبياء وما رافقهم من ملوك. إيليّا وأليشع (48: 1 - 16)، حزقيّا وأشعيا (48: 17 - 25). يوشيّا وإرميا (49: 1 - 7). حزقيال وأسماء أخرى (49: 8 - 16).

2 - نظرة إلى النصّ

48: 3. جلب الجوع. في العبريّ: حطّم لهم قضيب الخبز: أي حرمهم من الخبز (ل ح م) وكلّ طعام. أتلف المؤونة.

آ 4. في العبريّ: ما أرهبك، يا إيليّا! إنتقل الكاتب من صيغة الغائب إلى صيغة المخاطب، فوجّه كلامه مباشرة إلى إيليّا.

آ 5. بأمر العليّ. العبريّ: بمشيئة الربّ.

آ 6. سرير المرضى. أخطأ اليونانيّ في الترجمة. رج »م ط هـ«، الصولجان.

آ 7. توبيخ الربّ. إعتبر إيليّا أنّه وحده باقٍ في الدفاع عن كرامة الله. فقيل له: بقيَ عدد كبير (7000) لم يحنوا ركبهم للبعل (1 مل 19: 9 - 18).

آ 8. ملكًا. كذا في السريانيّة واليونانيّة (م ل ك ا). في العبريّة: م ل ا: منفّذ. الملك هو حزائيل. ثمّ ياهو. والنبيّ هو أليشع. رج 1 مل 19: 15 - 16.

آ 9. ألغى اليونانيّ »فوق« (9أ) »إلى السماء« (9ب)، فجاء الكلام مخفَّفًا كما في النبذة عن أخنوخ، لئلاّ يخدش آذان العالم الهلّينيّ.

آ 10. العبريّ: قيل إنّك أقمت للأزمنة. أمّا الأزمنة المذكورة هنا، فالأزمنة المسيحانيّة تردّ. رج ملا 3: 24. تعود العبارة في لو 1: 17 حيث يحقّق يوحنّا المعمدان رسالة إيليّا. أسباط بني يعقوب. رج أش 49: 6. إنّ التقليد اليهوديّ ينتظر في الأزمنة المسيحانيّة، عودة إيليّا الذي خُطف إلى الله.

آ 11. عبّر النصّ اليونانيّ عن حياة في الآخرة. رج 7: 17 والتلميح إلى عقاب بعد الموت. تشوّه العبريّ. وقال السريانيّ: »طوبى لمن رآك ومات: حقٌّا، هو ما مات، يحيا (أو: نحيا) حقٌّا«. هو يشير إلى أليشع الذي رأى إيليّا يرتفع (2 مل 2: 10ي؛ مت 17:10؛ مر 9:11). في اليونانيّ، الفعل هو في صيغة اسم الفاعل. فلا يشير إلى الزمن لهذا نقول: الذين رأوا إيليّا. أو الذين يرون عودته.

آ 13. أقام أليشع ميتًا حين تمدّد عليه (2 مل 4: 33 - 37). كما قام ميتٌ حين لمس عظامهُ (2 مل 13: 20 - 21).

آ 15. وبقي القليل. حدّد العبريّ: في قبيلة يهوذا. أو مملكة يهوذا.

آ 18. ربشاقا. هو اسم وظيفة: قائد الجيش. إعتبر اليونانيّ أنّنا أمام اسم علم (2 مل 18: 17).

آ 19. قلوب الشعب. أو: حزقيّا وأورشليم.

آ 22. عمل. بل ثبت (ح ز ق). تلاعب على الألفاظ مع »حزقيّا«، الربّ يثبّت.

آ 24. رج أش 40 - 66.

49:1. كالطيب. رج خر 30: 34ي. هذه المقابلة الليتورجيّة تدلّ على تقدير ابن سيراخ للملك يوشيّا.

آ 2أ. نجح في هداية الشعب. العبريّ: حزن من جحودنا. رجس الإثم. أيّ عبادة الآلهة الكاذبة.

آ 4. جميع ملوك يهوذا خانوا الأمانة، بمن فيهم آسا ويوشافاط، كما في كتاب الأخبار. عقدوا العهود مع الأمم الغريبة، فدلُّوا على عدم ثقتهم بالله. لهذا كان العقاب.

آ 7. رج إر 1: 10 حسب السبعينيّة. هذا يعني أنّ نصّ إرميا اليونانيّ وُجد في نهاية القرن الثاني. أمّا العبريّ فيتبع النصّ اليونانيّ.

آ 8. أضاف اليونانيّ »المجد«. رج حز 1: 4 - 28.

آ 9. نقرأ عبريّ وسريانيّ: »ذكر أيضًا أيّوب الذي سار في كلّ طرق البرّ«. رج حز 14:14، 20. ولكنّ اليونانيّ قرأ: العدوّ (أُي ب): حرفيٌّا: المعادي.

آ 10. في أيّام ابن سيراخ، كان نصّ الأنبياء الاثني عشر موجودًا في العبريّة.

آ 11. رج حج 2: 23، خاتم، أو ختم. رمز السلطة (تك 41: 42).

آ 12. بيت الربّ أي الهيكل.

آ 14 - 16. عاد الكاتب إلى البدايات (44: 16)، وتحدّث أيضًا عن أخنوخ. هذا يدلّ على مقام هذا الشخص السرّي في الفكر اليهوديّ.

آ 15. يُذكر يوسف هنا. عظامه افُتقدت. أي لفتت الانتباه. حُنِّط يوسف (تك 50: 26) نُقل من مصر (تك 50: 25) بيد موسى (خر 13: 19) ودُفن في شكيم (يش 24: 32).

آ 16. العبريّ: سام، شيت، أنوش. أُفتقدوا. أو: مُجِّدوا. ولكنّ مجد آدم فوق كلّ حيّ. السريانيّ: شيت، سام، أنوش خُلقوا بواسطة إنسان (أو بين البشر)، وقوَّتُهم كلَّهم أمجادُ آدم. يستند مجد آدم إلى قول يُعلن أنّه أوّل الخلق. هو عمل الله وحده، وما شارك الإنسان في هذا الخلق، من خلال الزواج (لو 3: 38: ابن الله). ولكنّه يُذكر هنا على أنّه جدّ شعب إسرائيل.

3 - شرح الآيات (48: 1 - 49: 16)

أ - إيليّا وأليشع (48: 1 - 16

في آ 1 - 8 نقرأ الانقسام التعيس بين مملكة الشمال ومملكة الجنوب، الذي هو ينبوع شرور عديدة للشعب المختار. وهذا ما قاد ابن سيراخ ليمتدح نبيَّين عارضا هذا الانقسام وقاوما الفساد الشامل بعزم لا يكلّ. إيليّا وأليشع صورتان دينيّتان تُشرفان على القرن التاسع ق.م. وبيّن العبريّ والسريانيّ العلاقة بين نشاطهما والوضع التاريخيّ »إلى أن قام« (آ 1) إيليّا التشبيّ (1 مل 17: 1) الذي يعني اسمه: إلهيّ هو يهوه (الربّ). أشار ابن سيراخ إلى غيرة هذا النبيّ: حرارة حبّ، تطوّعٌ من أجل الله وكرامته.

هذا الورع الدينيّ كان قويًا لدى إيليّا، فشُبِّه بالنار. وكلامه »بلهيب مشتعل«. لوجود هذا العنصر في رسالة النبيّ (آ 3)، حطّم لهم قضيب الخبز (أش 3: 1؛ حز 4: 16؛ 5: 16؛ 14: 13؛ مز 105: 16). هذا العقاب أثارته غيرته تجاه الله (1 مل 19: 10، 14، 18)، فأهلك عددًا من الناس. أمر الربّ فكان الجفاف وانغلاق السماء (1 مل 17: 1؛ لو 4: 23؛ يع 5: 17). ومن السماء أمطر النار ثلاث مرّات: مرّة على جبل الكرمل تجاه كهنة بعل (1 مل 18: 38). ومرّتين على مرتعى أخاب (2 مل 1: 10ي). والقدرة التي نالها من الله، جعلته يقيم ابن الأرملة في صرفت صيدا (آ 5؛ 1 مل 17:17ي). أنزل الملوك نحو الهاوية (آ 6، العبريّ) ورماهم من على أسرَّتهم (العبريّ). تنبّأ عن موت أخاب ودماره، وعن أحزيا ويورام.

على جبل سيناء أو حوريب، لام الله النبيّ على خوفه وتراجعه، وأمره بأن يُعلن عقابه. مسح إيليّا ياهو وحزائيل، وأليشع النبيّ خلفًا له، ولكنْ جاء الوقت ليأخذه الله، لأنّ غيرته كادت تُفني الكون، كما قال يوحنّا الذهبيّ الفمّ ويعقوب السروجيّ.

أشارت آ 9 - 10 إلى اختطاف إيليّا العجائبيّ وعودته. رج 49:14؛ 2 مل 2:9، 11؛ 1 مك 2:58. إختفى إيليّا (آ 12). توارى في عاصفة (آ 9 - 12) رمليّة. ودلّت المركبة والجياد على حضور الله. هذا ما نجده في الميتولوجيّا الساميّة (2 مل 23: 11) واليونانيّة (فيتون يقود مركبة الشمس). هم جنود الله، من ملائكة وكواكب وبروق، تشكّل حاشيةَ نورٍ للربّ (تث 33: 2؛ مز 68: 18؛ 104: 2 - 4؛ زك 6: 1 - 8). كما بالنسبة إلى أخنوخ، يُطرح هنا السؤال: هل أخِذ إيليّا؟ نقرأ في العبريّ: من أُخذ في عاصفة إلى العلاء وبين أجواق النار (إلى السماء). اللفظ الأخير شوّه. أمّا اليونانيّ فألغى كلّ إشارة إلى هدف هذا الخطف. رج 2 مل 2: 1، 11. ثمّ النسخة السريانيّة؛ 1 مك 2: 58. والمترجم اليونانيّ جعل آ 11أ ب غامضة. ونحن نستطيع أن نستعيد العبريّ انطلاقًا من السريانيّ: أنت يا من كُتب عنك أنّك حُفظت لزمن (مجيء المسيح)، تُوقفُ الغضب قبل مجيء يوم الربّ (السريانيّ). وقال ملا 3: 23 - 24: »ها أن أرسل إليكم إيليّا النبيّ، قبل أن يجيء يومُ الربّ العظيم الرهيب، فيُعيد قلبَ الآباء إلى أبنائهم«.

هذا النصّ الذي يستنير بما في ملا 3: 1 يجعل من إيليّا سابقًا يُعدّ طريق الربّ ويلعب دوره حين يصالح الآباء مع البنين، أي حين يُوقف النزاعات الداخليّة التي صوّرت هنا، والتي هي رمز لكلّ الرذائل والانحرافات التي تشكّل عوائق للخلاص، والتي تجلب على إسرائيل العقاب الأخير في يوم تجلّي الربّ. إذن، مهمّة إيليّا تسهيل الطريق. نسب لو 1: 17 هذا الدور إلى يوحنّا المعمدان كسابق للمسيح (مت 11: 10). وفي مت 17: 10 - 13، أعلن المسيح أنّ إيليّا يأتي في شخص يوحنّا المعمدان، وهذا ما يدلّ على مجيء الملِك المسيحانيّ. من الواضح، حسب هذه المعطيات، أنّنا لا ننتظر عودة شخصيّة لإيليّا تسبق مجيء المسيح الثاني. فنبيّ السامرة هو رمز السابق الذي جسّد روح إيليّا وقوّته. وهكذا يواصل إيليّا رسالته في شخص المعمدان الذي كان »سراجًا مشعٌّا، منيرًا« (يو 5: 35؛ سي 48: 1) هيَّأ طرقَ الربّ. هو يُصلِح قبائل إسرائيل. يعيد النظام إليها (عبارة مسيحانيّة، اش 49: 6) فيعلن عهد سلام كما في مر 9: 12.

هذا الرجاء المسيحانيّ تعبّر عنه آ 11: طوبى للذين يرونك، أو يرونك في عودتك، ورقدوا في الحبّ (العبريّ) لأنّهم سيرونك في الحقيقة. رج أي 19: 25، 26. هناك أمل، لا بحياة في الآخرة، بل بمشاهدة عودة إيليّا أو بالإفادة من ثمر رسالته.

غاب إيليّا فجاء أليشع (آ 12 - 16). الله خلاص. ورث أليشع روح إيليّا (2 مل 2: 9، 15). أضاف العبريّ: ضاعف الآيات والمعجزات بكلّ ما خرج من فمه. كان لعجائبه طابع الرحمة. ما خاف من أحد ولا ترك أحدًا يسيطر عليه، حتّى الملوك (2 مل 3: 13ي؛ 6: 16ي). لا شيء صَعُب على هذا النبيّ. بل إنّ قدرته عملت بعد موته (2 مل 13: 20 - 21). عمل فيه روح الربّ. أجرى معجزات ومع ذلك ما تاب الشعب (آ 15؛ رج 17: 24ي)، فنال العقاب. وُجد أناس أتقياء، يمارسون الاستقامة (العبريّ، 1 مل 15:11ي) ولكنّ آخرين نشروا الفساد (العبريّ). وذُكر بيتُ داود استعدادًا للكلام عن حزقيّا.

ب - حزقيّا وأشعيا (48: 17 - 25)

عاد إلى حزقيّا (آ 17) الفخرُ بأن يكون هو من يبني أسوار أورشليم (2 أخ 31: 5ي) أمّن الملك وصول الماء، فصارت المدينة قادرة على مواجهة الحصار. حفر حزقيّا قناة جاءت بمياه جيحون أو عين العذراء من تلّة عوفل إلى حوض شيلوحا، داخل المدينة (2 مل 20: 20؛ 2 أخ 32: 30). وُجدت مدوّنة عبريّة في حرف فينيقيّ، وهي اليوم في متحف إسطنبول، وُجدت سنة 1880 في هذه القناة: »ذاك خبر الحفر. حين رفع العمّال الشاقوف الواحد تجاه الآخر، وبقيت ثلاث أذرع للحفر، صرخ الواحد إلى الآخر أنّه يوجد »ز د هـ ا« (انحراف) في الصخر من جهة اليمين. وفي يوم الحفر، ضرب العمّال الواحد تجاه الآخر أو الشاقوف على الشاقوف فسالت مياه العين حتّى الخزّان على طول 1200 ذراع. وكان علوّ الصخر فوق رأس العمّال مئة ذراع«. نلاحظ أنّ »ح ص ب ي ت« (الحفر) و »ص و ر« (الصخر) اللذين نجدهما في المدوّنة، نقرأهما في سي العبريّ. والخزّان (كريني) الذي يتحدّث عنه سي يُوجَد في وادي تيرونيون حيث يُشفى الأعمى منذ مولده (يو 9: 1ي).

في زمن حزقيّا (آ 18 - 25)، سنة 701، حاصر جيش سنحاريب أورشليم. وأرسل ملك أشورية من لخيش حيث أقام مقرّه العامّ، ثلاثة موظّفين كبار ومنهم »رب. ش ق هـ« (رئيس الضباط، رئيس الأركان العام) يطلبون استسلام المدينة المقدّسة (2 مل 18: 17ي، 2 أخ 32: 1ي). هي عجرفة ووقاحة وتجديف على الله المدافع عن إسرائيل. سمع المحاصَرون هذه التهديدات فتضايقوا مثل امرأة في وجع الولادة (آ 19؛ 19: 11؛ 2 مل 19: 3؛ أش 13: 8) ونالوا العون من الله العليّ (عبريّ، رج 46: 5). فأرسل الله أشعيا يقول لحزقيّا إنّ صلاته سُمعت (2 مل 19: 20). إنّ الفعل اليونانيّ »ليتروو« (نجَّى، حرّر، آ 49: 10) يدلّ على إعادة البناء المسيحانيّ (لو 1: 68؛ 2: 38؛ 24: 21).

ثمّ أرسل ملاكه (العبريّ: ضربة) فاجتاح مخيَّم الأشوريّين (آ 21؛ 2 مل 19: 35). هو الوباء مع مجيء الجرذان كما قال هيرودوتس (2: 141). تقوّى حزقيّا، وأمانتُه أمَّنت تحرير المدينة (آ 22؛ 2 أخ 29: 2؛ 32: 20ي). فحزقيال وارث داود وفضائله (2 مل 18: 3)، والسامعُ لأقوال أشعيا الذي ردّ عقارب الساعة إلى الوراء كعلامة لشفاء الملك المريض، وامتداد حياته 15 سنة (2 مل 20: 5؛ أش 38: 5)، نعمَ بإلهام قويّ فرأى الأزمنة الأخيرة ونهاية الأشياء، وعزّى الحزانى، واستشفّ المستقبل.

ج - يوشيّا وإرميا (49: 1 - 7)

بعد حزقيّا، يوشيّا الملك الذي أنبأوا بولادته (1 مل 13: 2). نال عرفان جميل من الأمّة التيوقراطيّة (حكم الله بيد الكهنة). رج 2 مل 22:1ي. ما من ملك بُكيَ بعد موته كما بُكي هذا الملك (2 مل 23: 25؛ 2 أخ 35: 24، 25). لهذا جاء المديح بشكل عبارات مصوّرة: اسمه (العبريّ) لذيذ كالطيب (العبريّ): بخور العطّار. ذكره حلوٌ المذاق كالعسل (آ 1) وهو للأذن نشيد (العبريّ: مزمور) في وليمة تفيض فيها الخمر (31: 31؛ 32: 5).

أمّا عمل يوشيّا العظيم فمحاربة الأصنام والإصلاح الخلقيّ لدى الشعب (آ 2). بدل: »أصلح الشعب«، قال العبريّ: »ورث ضلالاتنا«. في هذا تلميح إلى الفساد الذي تركه سلفه الملك منسّى. وقد نقول: جُرح وتألّم حين رأى الكفر عند شعبه. إهتم بحياته الدينيّة فجعل قلبه كاملاً (العبريّ) أمام الربّ، نقيٌّا. وصنع اللطف (ح س د)، صنع الخير ساعة عمّ الفسادُ العاصمة (آ 3).

ما ذكر سي آسا (1 مل 15: 11ي؛ 2 أخ 15: 8) ولا ابنه يوشافاط (1 مل 22: 33؛ 2 أخ 17: 3) اللذين قال عنهما كتاب الملوك: كانا تقيَّين، فاضلين. عاد سي إلى خلاصة كتاب الأخبار (2 أخ 16: 7ي؛ 19: 2؛ 20: 37)، فأعلن أنّ جميع الملوك كانوا فاسدين حتّى آخر ملك (آ 4)، ما عدا داود وحزقيّا ويوشيّا (آ 4).

في آ 5 نفهم أنّهم خسروا الكرامة الملوكيّة، فمضوا إلى منفى بابل. بخطاياهم (آ 6) سبّبوا الحرق لأورشليم والدمار بيد أعدائها (2 مل 25: 9 - 10). »بيد إرميا« (آ 7). إمّا كما تنبّأ إرميا، وإمَّا عقابًا لها، لأنّها عاملت هذا النبيّ معاملة سيّئة.

د - حزقيال، أيّوب والاثنا عشر (49: 8 - 10)

نقرأ هنا حواشي قصيرة. حزقيال (آ 8 - 90) هو النبيّ العظيم الذي بدأ حياته برؤية مهيبة (حز 1:1ي). صوّر مختلف وجهاتها: المركبة التي تمثّل عرش الله، يحمله كروبون أربعة. إنّ آ 9أ تلمّح إلى نبوءة حزقيال على الأنبياء الكذبة (حز 13:ذ3)، فتعلن عقاب الله بشكل مطر عاصف. أو إلى وعد بتدمير الأعداء، جوج وماجوج (حز 38: 22). بعد الدمار يُعاد بناء المدينة (حز 39: 25ي؛ 40: 1ي). هنا يقول العبريّ: وذكر أيّوب الذي حفظ كلّ طرق البرّ. هذا ما يعود بنا إلى حز 14: 14،20 الذي يشير إلى أيّوب، نموذج البارّ. مزج المترجم »أي وب« (أيّوب) مع »ا و ي ب« (المعادي، العدوّ). ورأى الشرّاح أن يقولوا: أذكُرُ أيضًا أيّوب... وأيضًا الاثني عشر. ولفظ »ن ب ي« (نبيّ)، صار »ن ب ع« (نبع في العربيّة).

أمّا الاثنا عشر (آ 10) فنقرأ ما تركوه لنا في مجموعة تشكّل كتابًا واحدًا. تجاه أشعيا وإرميا وحزقيال، هناك الاثنا عشر. والبركة المعطاة لهم (رج 46: 12) ارتبطت بالعافية (ح ل م، أش 38: 16) التي أعطوها لشعب يعقوب، والرجاء الذي حرّكوه في القلوب. هي إشارة مسيحانيّة شبيهة بما في 48: 20، 24، 25.

هـ - أشخاص مجيدون (49: 11 - 16)

بين المنفيّين الذين عادوا إلى فلسطين، يعود مجدٌ خاصّ إلى الذين أعادوا بناء الهيكل والمدينة المقدّسة. زربّابل (آ 11) الذي هو الختم والخاتم (لا ينفصل عنه الإنسان. يجعله في يده أو في عنقه. إر 22: 24؛ حج 2: 23؛ نش 8: 6). يشوع بن يوصاداق (آ 12) عظيم الكهنة (حج 1: 12، 14؛ 2: 2؛ عز 3: 2). أعاد زربّابل بناء الهيكل من أجل مجد مسيحانيّ أبديّ (حج 2: 7، 9).

ما تحدّث سي عن عزرا، بل امتدح نحميا (آ 13). ليزدهر (العبريّ، ي ا ز ر) ذكره. ليته يدوم. رمّم الأسوار (نح 2: 17؛ 3: 1ي؛ 2 مك 1: 18). وضع الأبواب والمغاليق، سدّ الثلم (العبريّ: ما كان مقلوبًا).

وإذ أنهى سي سلسلة الرجال العظام، أنهى مديحه بشكل لا يتوقّعه أحد. إستعدّ لمديح سمعان، الكاهن العظيم، فصعد أبعد من شعب إسرائيل فوصل إلى بداية البشريّة. أخنوخ (آ 14). ما من رجل مثله. أو قليلون (العبريّ) خُلقوا مثل أخنوخ الذي خُطف. وجسم يوسف حُنِّط وحُفظ (آ 15). وحُمل من مصر ودُفن في شكيم. وهذا تجاه أخنوخ الذي لم يُوجَد أثر لجسمه.

في آ16، أغفل اليونانيّ »أنوش«. قرأ »ب ا ن و ش«، في البشر. وكان يجب أن يقرأ »د ا ن و ش«: أنوش الذي كان أوّل من دعا باسم الربّ (تك 4: 26). هو أب مجيد مثل سام. ولكن يبقى مجدُ آدم فوق مجد كلّ هؤلاء: خرج مباشرة من يد الخالق. هو أبو البشريّة كلّها (حك 10: 1). هو سيّد الخليقة (17: 4). هي المرّة الأولى ينال فيها آدم مثل هذا المديح في الأدب اليهوديّ. رج فيلون، الفضائل (203ي).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM