القسم الثاني: مديح الحكمة

القسم الثاني

مديح الحكمة

ف 6 - 9

نظرة شاملة

1 - تشكّل هذه المجموعة من أربعة فصول، فتكوِّن القسمَ الرئيسي في حك. تكلّم الكاتب باسم سليمان، فحضّ ملوك الأرض على البحث عن الحكمة، وعلّمهم كيف يقتنون هذه الفضيلة، وأفهمهم طبيعتها. وأخيرًا فسّرَ لهم كيف أراد ان يأخذها قائدًا له في حياته. وأورد الكاتبُ الصلاة التي رفعها إلى الله، سيّد الحكمة، ليمنحه إياها. هذا القسم يجعل حك قريبًا من سائر أسفار الحكمة.

2 - قدّم لنا هذا القسم الحكمة: أصلها، طبيعتها، عملها، والوسائل لاقتنائها. على الملوك أن يبحثوا عن الحكمة إذا أرادوا أن ينجوا من دينونة الله. فمن طلب الحكمة وجدها. هي تُعطي الملوك سلطانًا أبديٌّا. وصوّر سليمانُ الحكمة، وأخبر كيف أنه، وهو الضعيف، صلّى للحصول عليها. اكرَم سليمانُ الحكمةَ وطلب من الله أن يعينه ليصوّر الحكمة ويبّين غناها. هنا نعرف طبيعة الحكمة وأصلها ونشاطها، وأنها تملك كل خير، وأن الملوك لا يستغنون عنها. وحين رأى سليمان كلَّ حسنات الحكمة، عزم أن يطلب من الله أن يعطيه إياها. وينتهي هذا القسم بصلاة سليمان: »يا إله آبائي ورب الرحمة وخالق كل شيء بكلمة منك... هبني الحكمة الجالسة إلى عرشك«.

3 - الحكمة ضروريّة، وهي تُوصل كلَّ طلاّبها نحو الخلود، وتعطيهم كلَّ الخير اليوم وكل يوم، لأنها إلهية ولأنها تحبّ الانسان. هذا ما نكتشفه عند المعلّم الحكيم الذي يدخل القاعة فيوجّه كلامه إلى الملوك ويمتدح الحكمة الإلهية التي أُوحيَ بها إلى البشر. عاد الكاتب إلى مواضيع من التوراة (أم 1 - 9؛ 1 مل 3:1ي)، ومن العالم الهليني. أما الفن الأدبي الذي استعمله، فهو الفن الحكمي: حدّثنا عن المُلك الأزلي والخلود الأبدي المعطى لتلاميذ الحكمة، قبل أن يصل إلى الحكمة الإلهية التي تبدو شخصًا حيًا.

4 - كيف تتسلسل الأفكار؟ بعد 6:1 وجّه الكاتبُ كلامه إلى الملوك. وأبرز لهم حالهم أمام الله، وحرّج عليهم أن يدخلوا مدرسة الحكمة الحقيقية ويقبلوا بتأديبها. والشخص المتكلم يعطي لنفسه أهمية كبرى. فنتساءل: من يكون؟ أعلن أنه حصل على وحيٍ يجب أن يُعلَن وأن الحكمة وصلت إليه كما وصلت إلى سليمان. ما قاله في 7:15 - 16 يذكرنا بما قاله عن وحي في 6:22 - 25. وما قاله في 7:17 - 21 يوضح 7:7 (لذلك صليت فأوتيت الحكمة). اما 7:22 (فيها روح فطن قديس) فهي امتداد 7:7 (دعوت فأتاني روح الحكمة). ثم إن 7:22 يعيدنا إلى 7:12. والموضوع الرئيسي في ف 8 (آ 1) بدأ في 7:28 (من يساكن الحكمة). وصلاة ف 9 التي أعلن عنها في 7:7 جاء ما يبرّرها في 8:21: الله وحده يقدر أن يُعطي الحكمة. فهي تُقيمُ معه، وتقاسمه عرشَه. خلال هذه الصلاة، يتوسّع الأفق ليضمّ الوضع البشري كله وحاجته إلى الروح القدس.

5 - إلى من توجّه القسم الثاني؟ إلى الملوك الوثنيين والنخبة المثقّفة. ثم إلى كل ذوي الارادة الصالحة. وندهش حين نراه يذكِّر الملوك بواجباتهم ويضعهم أمام مسؤولياتهم. ونتساءل: هل دفعه إلى هذا القول حالةٌ سياسية خاصة؟ ما نستشفّه هو ان الملوك فقدوا ثقة الشعب، وسُلطتُهم انحطت إلى الأعماق. وبرزت سلطةٌ جديدة ولَّدت بعض الامال إذا قَبِلَ صاحبُها أن يحكم بحسب الحكمة الحقيقية. هي سلطةٌ تمتد إلى الشعوب وتصل إلى أقاصي الأرض. هل فكّر الكاتب برومة التي وصلت إلى الشرق وإلى مصر؟ هل وعى الكاتب أنه على مفترق طرق في تاريخ الشرق وحوض البحر الأبيض المتوسط؟ إذن، دعا الحكام ليتتلمذوا للحكمة، وهو عارف أن في كثرة الحكّام خلاص العالم

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM