الفصل 2: بنية سفر الحكمة

بنية سفر الحكمة

حين نتحدّث عن البنية الأدبيّة، نتطلّع إلى تنظيم قِطَع الكتاب المختلفة. ونحن نكتشف هذه البنية بتحليل الألفاظ والعبارات، وبموقعها في النص كما نقرأها في الأصل، لا في الترجمات. فنتحدّث عن موضوع يُعلنه الكاتب، عن أسلوب التضمين أو الاحتواء (لفظة واحدة تبدأ المقطع وتُنهيه)، عن كلمات عاكفة (تربط بين مقطعين). هذه الاشارات تُتيح لنا أن نُبرز بُنى أنماط مختلفة بينها التصميم المتداور (مثلاً الله ب ج ب ب أأ). واللجوء إلى هذا الأسلوب يبدو مفيدًا حين نعرف الظروف العمليّة التي فيها عمِل الكاتبُ في العصور القديمة. ما كانت له وسائلنا الحديثة ليدلَّ على العبور من فكرة إلى أخرى. لا عناوين كبرى ولا عناوين ثانويّة. ولا هو عرف علامات الوقف. وهكذا لم يبقَ له سوى الألفاظ. هذا ما يساعدنا على اكتشاف التصميم الذي أراده الكاتب، لا ذاك الذي نفرضه عليه.

وهكذا نحاول في هذا الفصل اكتشاف بنية سفر الحكمة، منطلقين من عناوين من عندنا لكي نكتشف غنى المقاطع، الواحد بعد الآخر: الحكمة ومصير الإنسان، مديح الحكمة، حكمة الله في التاريخ.

1 - الحكمة ومصير الإنسان

هو مصير الإنسان أمام ا: تجاه مصير البار، هناك مصير الأشرار الذين يضطهدونه. هكذا يتقوّى الإيمان الذين يناله الاضطهاد.

أ - حك 1:1 - 15

في نظرة أولى، يشكّل 1:1 - 15 مجموعة اتّسمت بالتضمين مع لفظ برّ (آ 1، 15، ديكايوسيني، أو التقوى). ثم إن الله 16 تبدأ مقطعًا جديدًا: »لكن الأشرار جلبوا على أنفسهم الموت«. إنما نلاحظ تكرار فعل الأمر في الله 1 (أحبّوا، تأملوا)، وفي الله 11 - 12 (لا تسعوا، ولا تجلبوا). كما نلاحظ علاقات مميَّزة بين الله 13 - 15 و2:23 - 24: »فإن ا« (في 1:13 و2:23). عبارة تبدأ توسعًا عن الخلق (لم يصنع الموت، صنع الله الإنسان). ولفظ »ثايوس« (ا) كفاعل فعلٍ يدلّ على الله الخالق، لن يظهر بعد ذلك في حك. نقرأ فعل »صنع« (بويايو) في 1:13 و2:23، قبل 6:7. وفعل »خلق« (كثيزو) في 1:14 و2:23 قبل 10:1. وتقرأ »كوسموس« (العالم، الكون) في 1:14 و2:24 قبل 5:20. و »ثاناتوس« (الموت) في 1:12، 13 و2:20، 24، قبل 12:20.

هذا يعني أن المقطع الأول لا ينتهي في 1:15. فهناك وقفةٌ أولى في 1:5 مع تضمين ثانويّ (البرّ في 1:1، اللابرّ »أديكيا« في 1:5، أو الظلم. لا يعود اللفظ قبل 11:15). في هذه القطعة القصيرة، نقرأ عن انفصال بين النفس (بنفما) والحكمة (سوفيا) (1:4، 5). ويرد »لوغسموس« في صيغة الجمع (أفكار، ظنون) مرتين في 1:3، 5 قبل 9:14. ثم نقرأ في الله 6 عن انضمام النفس إلى الحكمة. إن العبور من النيّة (1:3 - 5) إلى الكلام، واضح في 1:6، حيث الألفاظ تتكدّس: الشفتان، اللسان، الصوت، تكلّم، كلام، إشاعة، همس. وأخيرًا، يتضمّن 1:6 - 10 موضوع المحاكمة.

وينتهي المقطع مرة أولى في 1:11 - 13 حيث أفعال الأمر في معنى نافٍ تقابل أفعال الأمر في معنى إيجابيّ في 1:1. ثم إن العبور من 1:10 إلى 1:11 - 12 يتمّ بواسطة لفظ عاكف لا يرد إلاّ هنا في حك: غونغسموس (الهمس). فبعد عرض تعليمي، نعود إلى الإرشاد. في 1:12 نجد الموت (ثاناتوس) والهلاك (أولاتروس) كلفظين عاكفين مع 1:13، 14. ونضيف الله 15 مع »أثاناتوس« (عدم الموت). لا يعود »الهلاك« إلاّ في 18:13.

وهكذا نقدّم استنتاجًا أول: يشكّل 1:1 - 12 وحدة. و1:13 يفتح الباب على 1:13 - 15 الذي يرتبط ارتباطات مع 2:23 - 24. كما يجد ارتباطًا واحدًا مع 1:1. إذن، 1:13 - 15 هو خاتمة 1:1 - 15، وهو يوازي خاتمة المقطع التالي، أو هو يشكّل مقدّمة المقطع التالي.

ب - حك 1:13 - 2:24

تظهر البنيةُ الأدبيّة لهذه المجموعة في سمات ألفاظيّة. تحدّثنا عن رباط بين 1:13 - 15 و2:23 - 24 حول الخلق. ونضيف أن 1:16 - 2:1أ يدلّ على حكم الكاتب على الأشرار (هم) وتفكيرهم وبراهينهم. تبدأ خطبة الأشرار مع »مفكّرين« (لوغيسامانوي) في 3:1أ، وتنتهي مع »يفكّرون« (إلوغيسانتو) في 2:21أ. ونلاحظ استعمال »ماريس« (نصيب) في 1:16د؛ 2:9ج، 24ب. ولن يعود اللفظ فيما بعد. في 1:16د، هي المقدمة (فكان هو النصيب). وفي 2:24 ب هي خاتمة خطبة الأشرار (نصيب، حزب). أمّا 2:9ج (نصيبُنا) فقسَمَ الخطبة قسمين: 2:1ب - 9 ثم و2:10 - 20. يتضمّن القسم الأول من الخطبة نفيَ آخرةٍ بعد الموت (2:1ب - 5) مع ألفاظ عاكفة: حياتنا (بيوس) في 2:1 ب، 4ج؛ رج 5أ. »النهاية« (تالوتي، 2:1ج، 5ب. يعود اللفظ في 4:17؛ 5:4). ويُختَم هذا النفيُ (إذن، »أون« في 2:6أ) بكلام عن التمتّع بالحياة (3:6 - 9). ويمكن أن نقسم القسم الثاني من الخطبة إلى جزئين: عزمَ الأشرارُ على مهاجمة البار لأنه يضايقهم (2:10 - 16). ثم اضطهدوه حتّى الموت لكي يبرهن عن صحّة أقواله (2:17 - 20. لوغوي في الله 17 وآ 20 بشكل تضمين). إن تواتر التضمينات التي وجدناها حتّى الآن، تدعونا إلى أن نعتبر 1:13 - 15 كبداية المقطع الثاني الكبير.

ج - حك 3 - 4

يقدّم ف 3 - 4 سلسلة من الديبتيكات فيها يقابل الكاتبُ بين البارّ والشرير: الأبرار (3:1)؛ الأشرار (3:10). نساؤهم، أولادهم، نسلهم (إن 3:12 هو البداية). الزوجة العقيمة والخصي يستحقّان التهنئة (3:13 - 14). أولاد الزنى (3:16). »أتاكنيا«، بدون أولاد مع الفضيلة (4:1). نسل كبير للأشرار (4:3). البار (4:7). الشعوب الشرّيرة (4:14ج). بين الديبتيكا الأولى والديبتيكا الأخيرة، هناك علاقات على مستوى الألفاظ. في 3:1: نفوس الأبرار. وفي 4:7، 14أ: أما البار... رضي الرب عن نفسه. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، الأشرار (اسابايس) في 3:10 و4:16أ. بين الديبتيكا الثانية والديبتيكا الثالثة، هناك أيضًا ارتباط على مستوى الألفاظ: »أميانتوس« (بدون دنس) في  3:13 (في البداية) وفي 4:2د (في النهاية. لفظ نادر في السبعينيّة ولا نقرأه بعد إلاّ في 8:20). »تكنا« (أولاد) في 3:12 (الاعلان عن الموضوع)، في 3:16 (في البداية)، في 4:6أ (في  النهاية).

ونجد تضمينات أخرى. في 3:1 - 12 مع »أخرون«  (الجهلاء) في صيغة الجمع (آ 2،12). »رجاؤهم (إلبيس) أكيد« (3:4). وفي 3:11: رجاؤهم باطل. في 3:13 - 4:6: ثمر (كربوس) في 3:13د؛ 4:5. الاثم (3:14د 4:6). في 4:7 - 20، التكريم وعدمه في الله 8، 19.

إن التضمينات التي اكتشفناها في 3:13 - 4:6، تدعونا إلى أن نرى في هذه المجموعة وحدة جزئيّة مقسومة إلى ديبتيكين. حينئذ يكون لنا في ف 3 - 4 ثلاث قسمات كبيرة: 3:1 - 12؛ 3:13 - 4:6؛ 4:17 - 20. في الأولى، 29 شطرًا، في الثانية، 24، وفي الثالثة، 32.

د - حك 5:1 - 23

تدلّ المقدّمة (5:1 - 3) على المواجهة الأخيرة بين البار ومضايقيه. هو يقف ثابتًا، بجرأة، وهم ينذهلون، يندهشون. وخطبة الأشرار (آ 4 - 13) تأتي في تضمين. »هوتوس« (هو) في الله 4 (رج 6:23). »هوتوس« في الله 13 (رج 9:18؛ 17:16). والفعل »اسخومان« في الله 4أ (احتقر) و13ب (امتلك) مع معنيين مختلفين. يبدأ القسم الأول من الخطبة الثانية فيصوّر النجاح النهائيّ للبار (5:4 - 5). جاءت حدود هذا القسم واضحة بتضمين عنصرين يكوّنان القسم الثاني من الخطبة. حدود الله 6 - 7: طريق الحقّ (آ 6أ). طريق الرب (آ 7ج). وحدود الله 8 - 13، استعارة ضمائر المتكلم الجمع. في الله 8: أنهكنا أنفسنا (نحن). في الله 13: وكذلك نحن. تتضمّن هذه الوحدة الأخيرة الاداة »هوس« (كما) خمس مرات. ونهاية الخطبة (آ 13 - 23) يحيط بها تضمينٌ مع »لايلابس« (العاصفة). هذا اللفظ النادر في السبعينيّة، لا يُستعمَل إلاّ هنا في حك. بدأ الكاتب فقابل بين الأشرار (آ 14، استعمل »هوس«، كما، 4 مرات) والأبرار (آ 15 - 16). ثم صوّر قتال الله من أجل الأبرار مستعينًا بالكون. في الله 17 - 20، الاستعداد للقتال والسلاح (في الله 17ب و20ب تقابل بين »كتيسيس«، الخليقة، و »كوسموس«، الكون). في الله 21 - 22أ: الاستعداد للهجوم مع السهام والقلاع. في الله 22ب، 23أ: الهجوم الأخير مع الماء والريح. وفي الله 23ج د، نقرأ نتيجة الشرّ: »وهكذا تدمِّر الرذيلةُ الأرضَ كلّها، والسيّئاتُ تقلب عروشَ الجبابرة«.

بين 5:1 - 23 وبين 1:13 - 2:24 مقابلات عديدة: (1) في الحالين، خطبة الأشرار، ولكن في ترتيب معاكس: البار (5:4 - 5؛ 2:10 - 20). الأشرار وطريقة حياتهم (5:6 - 7؛ 2:6 - 9)، ومعنى الحياة بالنسبة إليهم (5:8 - 13؛ 2:1ب 5). (2) نجد في المواضع عينها الألفاظ العاكفة. بالنسبة إلى البار: حياته (5:4؛ 2:15). ابن الله (5:5؛ 2:18). بالنسبة إلى معنى الحياة للاشرار: الظلّ (سكيا، 5:9؛ 2:5. لا نجد اللفظ بعدُ في حك). كما (هوس، 5 مرات في 5:9 - 12 وثلاث مرات في 2:3 - 4). (3) وهناك ألفاظ نجدها في مواضع مختلفة: فساد الأشرار (2:21 في بداية الخاتمة و5:13 في نهاية الخطبة الثانية). ضلال الأشرار (2:21 في بداية الخاتمة. و5:6 في بداية القسم الثاني من الخطبة). (4) هناك ألفاظ يتبدّل حاملها: ميراث (كليروس) الأبرار (5:5) أو الأشرار (2:9؛ رج 3:14 بالنسبة إلى الخصي). نهاية الأبرار (5:4) أو الإنسان أو الأشرار (2:1، 5. رج 4:17  بالنسبة إلى البار). (5) استعمل موضوع الكون والخليقة ليحيط بالخطبة الأولى، وليكون فقط في نهاية الخطبة الثانية. في 1:13 - 15 و2:23 - 24، نحن أمام عمل الخالق. أما في 5:17 - 23، فا يقاتل القتالَ الكونيّ الأخير. (6) جعلت مقدّمةُ ف 2 وخاتمتُه الأشرارَ في معارضة لمخطط الله. أما مقدّمة ف 5 فجعلت البار في مواجهة مع الأشرار (كما في ف 3 - 4). وخاتمة ف 5 تجعل مرة أخرى الأشرار تجاه الأبرار. ولكن الله يتدخّل بشكل مباشر من أجل الأبرار ويحارب الأشرار.

هـ - حك 6:1 - 21

حدَّد هذه المجموعةَ السماتُ الألفاظيّة التالية: »غي« (الأرض) هي لفظ عاكف بين 5:23 و6:1. »أون« (إذن) التي ظهرت في 2:6 وتعود بعد 12:22، تبدأ خاتمةً كما سبق. إن 6:22 هو إعلان لمواضيع القسم التالي. بُني 6:1 - 21 بتوازي العبارات في 6:1 - 2، 9 - 11، 21: في  هذه الآيات نجد صيغة الأمر في الجمع (فاسمعوا، تعقَّلوا). ثم »أون« مع المنادى (إذن، أيها الملوك، 6:1؛ الحكّام، 6:9، 21). ويعود فعل »تعلّموا« (6:1ب، 9ب) و »الحكمة« (آ 9ب، 21ب). ولا تعود تظهر صيغة الأمر سوى في 6:25. ويبدأ هنا استعمالُ »تيرانوس« (الحاكم، رج 8:..15.). كما نرى تضمينًا مع »ملوك« (6:1) و »ملككم« (آ 21).

إذن، نلاحظ في ف 6 قسمين. 6:1 - 11 ثم 6:12 - 21. »سوفيا« (آ 9ب، 12أ) هي اللفظة العاكفة. ونجد في كل قسمةٍ، سماتٍ تدلّ على بُنيتها. في 6:1 - 8، تضمين بين الله 2 (المتسلّطون) وآ 3أ (سلطانكم) وآ 8 (حكمه). في الله 9 - 11، تضمين مع »كلامي«. في الله 12 - 16، نجد السمات عينها بين الآية الأولى والآية الأخيرة.

ونلاحظ تقاربًا بين ف 6 وف 1، حيث ينقلب ترتيب المواضيع: موضوع الدينونة (6:1 - 11 و1:6 - 10) مع كلمات مفاتيح نادرة (يفحص، 6:3ج؛ 1:9). موضوع الحكمة (6:12 - 21 و1:1 - 5) مع كلمات مفاتيح: طلب (6:12، 16 و1:1). الحكمة (6:9، 12، 20، 21؛ 1:5، 6).

و - بنية متداورة في 1:1 - 6:21

إذا أخذنا بعين الاعتبار الملاحظات التي جُمعت إلى الآن، نستطيع أن نرى في الفصول الأولى من حك مجموعة ذات بنية متداورة.

أ - ارشاد: - الله يكشف عن ذاته. الحكمة تتخفى. نطلبها.

- دينونة كما في المحكمة.

ب - مشروع الأشرار: - المقدمة: الخلق، الخلود، حكم الكاتب

- الخطبة: - معنى الحياة، طريقة الحياة

- هجمة على البار.

- الخاتمة: حكم الكاتب. الخلق وعدم الفساد.

ج - الديبتيكات: موت الأبرار - الأشرار

أصحاب الفضيلة بدون أولاد، أولاد الزنى (تكرار)

موت مبكرٌ للبار، الأشرار.

ب ب - النتيجة بالنسبة إلى الأبرار: - المقدّمة: البار - الأشرار

- الخطبة: - انتصار البار

- طريقة الحياة، معنى الحياة

- الخاتمة: الأشرار، الأبرار

ا والقتال الكونيّ الأخير.

أ الله - إرشاد - دينونة كما في المحكمة

- الحكمة تكشف عن نفسها. نطلبها. اللافساد.

نجد في الله وأ الله إرشادًا يتوجّه إلى الذين يمتلكون السلطة على الأرض: هم يُدعَون لكي يطلبوا الله الذي يسمح للمؤمن بأن يجده إن هو بحثَ عنه بأمانة. ويُدعَون لأن يطلبوا الحكمة التي يجدها من بَحثَ بغيرةٍ عنها. ليتذكّروا أن سلطانهم ليس بمطلق، وأنهم خاضعون هم أيضًا لدينونة الله. يجب أن لا يطلبوا الموت: فالحكمة تليق بالملك وتقود إلى اللافساد. هذا الإرشاد ضروريّ، لأن هناك طريقة أخرى في تصوّر الوجود والحياة، وهي تقود إلى اضطهاد المسكين الذي يعيش الأمانة : من حسب أنه نجح حين يقتل البار، ينسى أن الله لا يريد الموت، وأنه خلق الإنسان للافساد والخلود. هي حقيقة لا نستطيع أن نتحققّ منها على الأرض، ولكن المؤمن يستطيع أن يؤكّد أن الأشرار يعرفون شرّهم في الآخرة: يرون المسكين البار قرب الله  ويفهمون كم كانت حياتهم باطلة. فما قاله البار كان صحيحًا: الله معه. بل إن الله يحمل السلاح ليحارب الأشرار. والخليقة التي صنعها للحياة، تقدّم له السلاح في قتاله الأخير الذي فيه يغلب الأشرار. في قلب هذا القسم الأول من الكتاب، عرض الكاتبُ في ثلاث ديبتيكات وجهته كمؤمن في الآخرة، حول ثلاثة أوضاع من الوجود مميّزة: موت البار المتألّم الذي تخلّى عنه الأشرار. العقم لدى امرأة فاضلة تجاه نسل خرج من الزنى. موتُ البار قبل أوانه سر$ لجماهيرَ تعيش في الشرّ.

2 - مديح الحكمة

أ - حك 6:22 - 8:21

تتألّف هذه المجموعة من مقدّمة وسبع قطعات جاءت في ترتيب متداور. تتضمّن المقدّمة (6:22 - 25) لائحة المواضيع: التزام الكاتب بأن يتكلّم عن طبيعة الحكمة (ما الحكمة، الله 22أ، ما أسرارها، الله 22ج) عن أصلها وتاريخها (آ 22أ ج). إن لفظ »سوفيا« يربط هذا المقطع بما سبقه (آ 22ب، 22أ). والآية الأخيرة (آ 25) تقدِّم إرشادًا يتوجّه إلى القارئ الذي يُفترض فيه بأنه ملك. وهكذا يربِط طرْحَه الجديد بالطرح السابق.

(أ) 7:1 - 6: أصل سليمان يشبه أصل كل انسان (كالآخرين، الله 1، وبشر جميعًا، الله 6، تضمين).

(ب) 7:7 - 12: لهذا صلّيتُ لكي أنال الحكمة: روح الحكمة (7:7ب). الحكمة (7:12أ). أتت إليّ (آ7ب، 11أ). فضّلتُ (برو في 7:8أ). الغنى (بلوتوس، الله 8ب، 11ب). يقع قلبُ المقطع بين الله 8أ و10ب في سبعة أشطار تجمع الخيرات الملكيّة التي فضّل عليها سليمان الحكمة، وتنتهي القطعة بقولٍ يعلن أن الحكمة تلد جميع الخيرات.

(ج) 7:13 - 22أ: انتقال معرفة الله إلى سليمان. وهناك تضمين بين 7:13ب (ما أخفيت) وبين الله 21 (والخفي، كريبتا). تتوازى الله 15أ و17أ. وتعدّد الله 17ب - 20ج من جديد، في سبعة أشطار، معرفة سليمان الواسعة. والآية الأخيرة تدعو الحكمة: »تخنيتيس« (صانعة كل شيء).

(د) 7:22ب - 8:1: مديح الحكمة، طبيعتها، أصلها، عملها. أولاً، طبيعتها (7:22ب - 23): نقرأ هنا 21  صفة من صفات الحكمة مع التضمينات التالية: روح - أرواح. فهيم - يفهم. دقيقة - دقيقة. ثانيًا: أصلها وعملها (7:24 - 8:1). هو نضمين مع الله 24ب (تنفذ في كل شيء) و8:1ب (تحكم الكل).

(ج ج) 8:2 - 9. عزم سليمان أن يتزوّج الحكمة التي تعيش مع الله. والتضمين واضح »وتميت« في 8:2ب، 9أ (عاش مع). في 14 شطرًا بيّن الكاتب أن الحكمة تتفوّق على الغنى والفهم والعدل والمعرفة. والسبب: لأن الحكمة صانعة كل شيء (آ 6ب: تخنيتيس).

(ب ب) 8:10 - 16: خطبة قالها سليمان في داخله (8:17أ). ارتبطت هذه الوحدةُ بما سبقها باستعارة »سينبيوسيس« (8:16ج، الحياة معها). رج 8:3أ، 9أ. لا يعود هذا اللفظ في كل السبعينيّة إلاّ في سي 31 (34): 22. بفضل الحكمة التي يتّخذها سليمان خطيبة، سينجح في القضاء وفي الملك، في القول وفي العمل. في 8:10، 13 شطران متوازيان. في 8:10 - 12 نجد خمسة أشطار، وفي 18:13 - 15، خمسة أشطار. أما الله 16 فتشير إلى الفرح الذي يرجوه العريس: »وجدتُ الراحة معها«.

(أ أ) 8:17 - 21: عزم سليمان الفتى (بايس) أن يطلب الحكمة. ويرد التضمين مع »كارديا« (القلب، في الله 17ب. 21د). ويعلن الكاتب اعلانًا صريحًا عن الصلاة التي ستَرِدُ في ف 9: »لذلك صلّيت إلى الربّ من كل قلبي«.

إذن نلاحظ أن 6:22 - 25 هو مقدّمة لعرض طويل بُني بحسب تصميم متداور، في ا - ا الله، سليمان شخصٌ ضعيف وقد وُلد شأنه شأن كل انسان. في ب - ب ب، الحكمة تفوق العطايا الملكيّة. في ج - ج ج: الحكمة تفوق كل العلوم والمعارف. في د، مديح الحكمة بالمعنى الحصريّ للكلمة. في هذا التصميم، الكلام عن الصلاة يأتي في موضعين متشابهين تقريبًا (7:7، في البداية، 8:21 في النهاية). ثم إن الإشارة إلى دور الحكمة الفاعل في فعل الخلق نقرأه في ب - ب ب وفي ج - ج ج في تعارض مع عطايا الملك أو العلم. وتُذكر مراحلُ فتوّة سليمان بشكل متواصل: ولادته، تربيته، زواجه.

ب - مقابلة بين 1:1 - 6: 21 و6:22 - 8:21

إذا وضعنا جانبًا المقدّمة التي تُعلن الموضوع (6:22 - 25)، نرى أن قسمَي الكتاب الأوَلين يقدّمان تصميمًا متداورًا. غير أن مركز القسم الثاني يبدو أكثر أهميّة (هو الذي أعلِن عنه في 6:22) من مركز القسم الأول. وإن غاب الارشاد للملوك غيابًا تامًا (ما عدا 6:25 الذي يختتم مقدّمة القسم الثاني)، إلاّ أن القسم الثاني امتلأ من الاشارات الضمنيّة إلى الملك سليمان الذي يتكلّم. ومع ذلك، فالموضوع هو موضوع الحكمة (طبيعتها، أصلها، عملها، 7:22ب - 8:1، في قلب القسم). هي في سليمان، وقد جاءت إليه عطيّةً مجانيّة، لأنها تفوق كلَّ الخيرات التي يمكن أن يتمنَّاها سليمان لنفسه: هي تخنيتيس (صانعة كل شيء)، »غاناتيس« (والدة كل شيء). وعلى طرفَي هذا القسم تقريبًا، تُذكر الصلاة التي ترد في ف 9: هذا يعني أن كل القسم الثاني في حك يتوجّه نحو ف 9. قد يبدو أن الديبتيكات غابت من القسم الثاني (وقد وُجدت في القسم الأول). ولكنّنا نجد دومًا في هذا القسم الثاني تعارضًا بين خيرات البشر والحكمة. وأخيرًا، تجاه خطبتين للأشرار في القسم الأول، لا نجد في القسم الثاني سوى خطبة داخلية لسليمان (8:10 - 16) نضيف إليها الصلاة في ف 9، التي تبدو بشكل خطبة تتوجّه إلى الله.

ج - حك 9

بُنيت هذه الصلاة بحسب تصميم متداور مع تصميم دائريّ (9:1 - 6: الإنسان؛ 9:7 - 12: سليمان؛ 9:13 - 18: الإنسان). جاءت القسمةُ في ثلاثة مقاطع مع لفظ »انثروبوس« (إنسان) الذي لا يظهر في الله 7 - 12، بل في الله 1 - 6 وآ 13 - 18. هذا يعني أننا أمام تضمين. وفي قلب كل مقطع من هذه المقاطع الثلاثة، نقرأ الطلبة: في 9:10، في شطرين متوازيين (تشديد في قلب النصّ). في 9:4، شطران متعارضان. في 9:17ج بشكلٍ خفِر. في هذه الآيات الثلاث، نقرأ فعل »وهب« و »أرسل«. والمقطع الوسطيّ (آ 7 - 12) متداور كلّه: سليمان الملك والقاضي والباني (9:7 - 8، وترتيب معاكس في 9:12). الحكمة لدى الله (9:9) ولدى سليمان (9:10ج - 11). في القطعة الثالثة، تبدو 9:13 - 17أ بشكل متداور مع الاستفهام في الطرفين (9:13: أي انسان: 9:16ج - 17أ: كيف نقدر أن نعرف). إن هذه القطعة الثالثة تستعيد مواضيع القطعة الأولى ولكن في ترتيب معاكس. وفي 9:2أ - 18 ج نجد لفظ »سوفيا«. وفي  9:3أ، هو فعل الخلق. وفي 19:18ج هو الخلاص. وشدّد على الضعف البشري 9:5 - 6 و13 - 17أ. وفي 9:18، لا يعتبر سليمان أنه كان أول من نَعِم بالحكمة. فقبله نال بها أناسٌ الخلاص. وبها عادوا إلى الطريق المستقيم (10:1). إن الصلاة في ف 9 التي أَعلِن عنها في ما سبق، والتي قدّمت في خاتمتها الفصول التالية، نجدها في قلب الكتاب. من هذا القبيل، نستطيع القول إن بداية الصلاة تتحدّث عن الخلق ومشروع الخالق، على ما كان في القسم الأول من الكتاب، ونهايةُ الصلاة تتحدّث عن الخلاص الذي تمّ (فعل »سوزو« خلّص، يرد هنا للمرة الأولى في حك) والذي سيكون كلام عنه في الكتاب.

3 - حكمة الله في التاريخ

أ - حك 10

يبدو ف 10 بشكل مجموعة اسماء كما في سي 44 - 49؛ 1 مك 2:51 - 64؛ عب 11:1ي (بالايمان). وكما هو الأمر في الكتاب كلّه، لا يُذكر اسمٌ ذكرًا صريحًا: ومع ذلك، في ثماني لوحات متعاقبة، يُشير الكاتب إلى الأحداث الرئيسيّة في حياة أبطاله الكبار كما قرأها في سفر التكوين: كل واحد يجد نفسه أمام ما يعارضه. وواحدٌ عرف تاريخًا سلبيًا: هو قايين الذي يواجه بشكل ضمنيّ أخاه هابيل. إذن، نكتشف: آدم وخطيئته الخاصة، قايين وهابيل، نوح وتبعات خطيئة قايين، ابراهيم وفساد الأمم، يعقوب تجاه غضب أخيه أو جشع لابان، يوسف الذي جرَّبته امرأة فوطيفار، الشعب المقدس تجاه الذين اضطهدوه. إذا جعلنا قايين جانبًا، كلّهم نعموا بالحكمة. فهي التي فعلت، فحفظت، وحامت، ونجّت من الخطر، وخلَّصت جميع هؤلاء الجبابرة (ما عدا قايين) الذين دُعوا أبرارًا بعد نوح. نلاحظ تكرار الضمير »هوتي«، هي، في بداية كل لوحة. في الله 1: هي التي حمت. في الله 5: هي التي عرفت البار. رج الله 6، 10، 13 - 15: حقًا هي الحكمة (كما في 9:18) التي قادت هذا التاريخ (في هذا الدور دُعيت في الله 4، وبشكل ثانوي في الله 9). ويدلّ 10:20 على عودة إلى الصلاة. هذه الآية هي أول فرع في تضمين كبير مع 19:9: هنا وهناك نقرأ »كيريي« (أيها الربّ) مع »سبّح«.

ب - بنية ف 11 - 19

إذا كانت الحكمة فاعل (مستتر) 11:1، ففي الآيات التالية لن يكون كلام عنها، إلاّ بشكل عابر (14:5). فالضمير في 11:4أ يدلّ على الله. هذه القطعة الانتقاليّة، تحدّد موقع العبرانيين بعد عبور البحر الاحمر. إن 11:1 - 4 تبدو في جُمَل حُذفت فيها أداة الوصل لهدف بلاغيّ. نظنّ أننا أمام سلسلة من الأقوال تتبع الترتيب الكرونولوجيّ. غير أن 11:5 يقدّم مبدأ الشرح: ما يعاقب البعض يُغني الآخرين. فالماء عنصر مشترك له نتيجتان متعارضتان. رج 11:6 - 14 (وفي حين، الله 6). رج 11:15 مع مبدأ آخر يقول إن الانسان يُعاقَب بما به خطئ. كل هذا يبدأ عرضًا حول ضربات مصر التي احدثتها الحيوانات. ويتوسّع هذا العرض في 16:1 - 14، الذي يذكر، في البداية، المبدأ الأول: ما هو سعادة للبعض هو شقاء للبعض الآخر. وبين 11:15 و16:1، نجد عرضين كبيرين: واحد (11:15 - 12:27) يدلّ على اعتدال الله حين يعاقب. وآخر (ف 13 - 15) يتحدّث عن العبادات الوثنيّة. وبين 11:15 - 16؛ 12:23؛ 27 و15:18 - 16:4، نجد كلمات مفاتيح: وحوش (11:15؛ 16:1)، ضلّ (11:15؛ 12:24). أرسل (11:15؛ 17:3). كثير (بليتوس). رج 11:15؛ 16:1. حيوانات (11:15؛ 12:24؛ 15:18، 19). هذه المجموعات الثلاث من الآيات تحيط بالعرضين اللذين ذكرنا، واللذين يسبقان التوسّع في 16:1 - 12 حول الضربات التي سبّبها الحيوانات، تجاه الخيرات التي نالها العبرانيّون أيضًا بواسطة الحيوانات. وفي ف 11 - 19، وازى الكاتب سبع ضربات لمصر وسبع حسنات لاسرائيل. وقد تحدّث الكاتب، مرّتين، في نصّ واحد، عن ضربتين سوف يفصلهما فيما بعد: ان 11:5 يقدّم بشكل إجماليّ جميع الضربات بالحشرات، وهو سيفصلها في 16:1 - 4، 5 - 14. وأدخل 18:5 خبر موت أبكار المصريّين والغرق في البحر الأحمر. وسيفصل الكاتب هذين الخبرين في 18:6ي و19:1 - 9. إذن، نكتشف في ف 9 - 19 نظامًا يتألّف من سبعة ديبتيكات أو خمسة.

I  1. 11:6 - 14: مياه النهر - مياه الصخر.

II      11:15 - 16:14؛ 11: 15: عرض.

12:15 - 12: 27؛ ف 13 - 15: استطرادان.

2. 16:1 - 4: الضفادع -  السلوى.

3. 16:5 - 14: الذباب والجراد - حيّة النحاس.

III 4. 16:15 - 29: السيول والبرد - المن.

IV 5. 17:1 - 18:4: الظلمة - النور.

V     18:5 - 19:9: عرض.

6. 18:6 - 25: موت الابكار - نجاة اسرائيل.

7. 19:1 - 9: غرق في البحر الأحمر - عبور البحر.

كل هذا يحيط به نشيدُ صلاة: أنشَدوا يا رب اسمَك القدوس (10:20). أنشَدوا الربّ الذي خلّصهم (19:9). كان 11:1 عنوان العرْض، وقد ربطه ربطًا مباشرًا بما سبق، متحدّثًا أيضًا عن الحكمة. إن 11:2 - 5 يحدّد موقع اسرائيل ويقدّم مبدأ العرض حتى 19:9. أما 19:10 - 22 فهو خاتمة الكتاب كلّه.

ج - حك 11:15 - 12:27

ينقسم العرض قسمين مع خاتمتين اثنتين. يتضمّن القسم الأول 8:15 - 12:2. تتألّف هذه المجموعة من 33 شطرًا مع المركز في 11:20د (رتّبتَ كل شيء)، الذي يكوِّن البرهان الرئيسيّ. إذن، 11:15 - 16 (مقدمة. واقع خاص. مبدأ عام)؛ 11:17 - 20ج (برهان بالنفي)؛ 11:21 - 12:1 (برهان بالايجاب)؛ 12:2 (خاتمة: مبدأ عام). بين 11:16 و12:2 هناك تضمين مع فعل »خطئ« (هامرتانو). ويقدّم 12:3 - 18 اعتبارًا ثانيًا موازيًا للأول. يُرينا الكاتبُ الله الذي يعامل الكنعانيّين أيضًا باعتدال: مع أنهم استحقّوا الموت بسبب عبادتهم بما فيها قتل الأطفال (تك 9:5 - 6؛ تث 18:10 - 12)، فقد أرسل الله عليهم أولاً الزنابير. لا عن ضعف، ولا عن جهل، ولا عن خوف، بل لأنه يريد أن يتأنّى معهم. فإن كان 12:17 - 18 يختتم البرهان حول كنعان، فهو بطابعه المطلق، يوسّع النظرة (12:17) فيضمّ اسرائيل الخاطئ الذي نال ذات التربية الالهيّة (12:18). ان 12:19 - 22 يشكّل استنتاجًا بالنسبة إلى اسرائيل. في هذه الآيات، يشكّل 12:19، 22 تضمينًا أخيرًا. ويتوسّع 12:23 - 27 في المرحلتين، اللتين أشار إليهما الكاتبُ في 12:17، فشكّلتا خاتمة ثانية واستعادة لموضوع قرأناه في 11:15. في 12:23 - 25: الذنب. في الله 26 - 27: قساوة القلب والعناد. والآيةُ الأخيرة تبدأ التوسّعَ حول الديانات، وتُعلن منذ الآن نهاية الأحداث، أي الغرق في البحر الأحمر (ف 19).

د - حك 13 - 15

راح الكاتب هنا ينتقد الديانات الوثنيّة، فميّز فيها ثلاثة أنماط: ديانة الفلاسفة (13:1 - 9). عبادة الأصنام (13:10 - 5). عبادة الحيوانات الحيّة (15:14 - 19). تتميّز هذه المجموعات الثلاث بعبارة بدئيّة: »هم حمقى. لم يقدروا أن يعرفوا« (13:1 - 2). »أشقى الناس دعوا آلهة« (13:10). »أجهل الناس... حسبوا أصنام الأمم آلهة« (15:14 - 15).

I إن انتقاد عبادة الطبيعة وديانة الفلاسفة، بارز مع تضمين: لم يقدروا أن يعرفوا (13:1ب، 9أ).

II إن انتقاد عبادة الأصنام تمّ حسب تصميم متداور:

أ. 13:10 - 19: أصنام المعادن والحجر والخشب. ويُقدَّم حطّاب عابد أصنام. إن الألفاظ »وصنع إناء لخدمة الإنسان« (13:11) »والنجاح في الكسب« (13:19) سيكون لها صدى في الله الله.

ب. 14:1 - 10: دعاء إلى الله مع تلميح إلى أحداث من تاريخ الخلاص. نوح وعبور البحر الأحمر. إعلان أو انتقال. سوف نجد ألفاظ »البرّ، الرغبة، عبد« في ب ب.

ج . 14:11 - 31: مقدّمة حول عبادة الأصنام (14:11 - 14). ثم عرضان مرتبطان بما في 14:15. عالج العرضُ الأول استنباط الأصنام في مرحلتين: أولاً، عبادة عائليّة تتمّ في ثلاث مراحل: تمثال. هو إنسان. أسرار العبادة (14:15). ثانيًا، عبادة الامبراطور (تمثال، إنسان). وينتهي هذا العرض الأول، حول استنباط الأصنام، بخاتمة هي في قلب توسّع ف 13 - 15 كلّه. أما العرض الثاني فيعالج نتائج الأصناميّة على المستوى الخلقيّ (14:22، 23: مارسوا شعائر خفيّة، فجَروا). ونلاحظ بشكل خاص لائحة مؤلفة من 22 رذيلة (14:23 - 26). أما الخاتمة (14:27 - 31) فتُتمّ المقدّمةَ، متحدّثةً عن عقاب الذين يعبدون الأصنام.

ب ب. 15:1 - 6: دعاء إلى الله مع تلميح إلى تاريخ الخلاص. العجلُ الذهبيّ والعهد. اعلان أو انتقال. نجد الألفاظ التي وجدناها في ب.

أ الله. 15:7 - 13: أصنام من خزف أو طين، ودور الخزّاف. نجد هنا الألفاظ التي قرأناها في أ: إناء لخدمة الإنسان (15:7). استفاد (15:12ج).

III تضمّن انتقادُ العبادات اليهوديّة كلَّ اشكال عبادات الأصنام، وأضاف عبادةَ الحيوانات (15:14 - 19). في هذه الفصول الثلاثة (ف 13 - 15) نلاحظ انحدارًا: الديانة التي تستحقّ الانتقاد الأقلّ هي في البداية. والتي تستحقّ أكبر انتقاد هي في النهاية. ثم إن كل العرض على عبادة الأصنام يتضمن هو أيضًا انحدارًا: تتكلّم عن أصنام من معادن، من حجر، من خشب، وصولاً إلى الطين الذي هو أدنى ما في المادة. ثم إن القسم المركزي المخصَّص لعبادة الأصنام، يتألّف من قطعات طويلة، قصيرة، طويلة، قصيرة، طويلة: القطع القصيرة تعني اسرائيل. والطويلة تهاجم العمل الاصنامي (13:10 - 19 و15:7 - 13) أو توسّع عبادة الأصنام في التاريخ (14:11 - 13). وإذ انهى الكاتبُ مقالَه مع عبادة الحيوانات المصريّة، ارتبط بضربة الحشرات التي أعلنها مرة أولى في 11:15 ومرّة ثانية في 12:23 - 27 قبل أن يتوسّع فيها في 16:1 - 14. لقد أتاح التوسّعان في 11:15 - 12:27 و13 - 15 للكاتب، أن يبيّن أن الضربات بالحشرات قد استحقّها عبّاد الأصنام: اعتدل الله في عقابه، ولكن الأعداء قسّوا رقابهم. أما ديانة عبادة الحيوانات فهي قمّة الجهالة والجنون.

د - حك 16:1 - 14

يقدّم 16:1 - 4 الديبتيكا الثانية التي نجد فيها الضفادع للمصريّين والسلوى للعبرانيّين. وتنتهي القطعة مع تضمين فعل »باسانيزو« (1ب، 4ب، تعذّب). قابل الكاتب ثلاث مرات بين المصريّين والعبرانيّين دون أن يذكر الاسماء.

16:1 - 2: هم. أي شعبك.

16:3: أولئك، هؤلاء.

16:4: الظالمون والآخرون.

ونجد في هذه القطعة الصغيرة ألفاظًا متوازية: »صنم غريب« في الله 2، 3ج. »شهوة« (ابيتيمي) في الله 2ب، 3أ. »الطعام« (تروفي) في الله 2ج، 3هـ.

ويقدّم 16:5 - 14 الديبتيكا الثالثة التي فيها يقابل الذباب والجراد للمصريين، مع الحيّات والحيّة النحاسيّة لاسرائيل في البرية. ويكرّر الكاتب الديبتيكا: قابل أولاً وضْعَ اسرائيل (آ 5 - 27 طويل) مع وضع أعدائه (آ 8، قصير) حول موضوع الخلاص (»سوتيريا«، يقابله »روومانوس«، نجا، في الله 8). وشرحَ فقابلَ الأعداء (آ 9، قصير) مع اسرائيل (آ 10 - 12، طويل) حول موضوع الشفاء (هياما). نكتشف عرضًا صغيرًا بشكل تضمين: اسرائيل (طويل)، مصر (قصير)، مصر (قصير)، اسرائيل (طويل). وبعد ذلك يرد توسّعٌ قصير حول سلطان الله والإنسان على الموت وعلى الحياة: »فأنت سيّد الحياة... أما الإنسان« (آ 13 - 14).

هـ - حك 6:15 - 29 و17:1 - 18:4

تميّزت الديبتيكا الرابعة عن الخامسة. في 16:15 - 29، تقابلٌ بين طقس سيّئ تُرسله السماء على مصر فيدمّر المحاصيل (16:15 - 19)، وبين المن الذي أرسلته السماء لاسرائيل (16:20 - 23). تتحدّد هاتان المجموعتان بتضمينات: هياتوس (مطر غزير، الله 16، 22. لا ترد الكلمة بعد ذلك في حك). خالازا (البرَد، الله 16، 22؛ رج 5:22). تروفي (الطعام، الله 20، 23). ثم يأتي توسّعٌ كما في الديبتيكا السابقة (16:24 - 29) سوف نتحدّث عنه فيما بعد.

وفي 17:1 - 18:4، يقابل الكاتب بين الظلمة للمصريين والنور لاسرائيل. وهناك تضمينان يحدّدان القطعة كلّها: سكوتوس، الظلمة (17:2؛ 18:4؛ وأيضًا 17:18، 21) كاتاكلايستوس: اسرى (17:2؛ 18:4. رج 17:16). ونجد الظلمة والليل معًا، تجاه النور الذي يَنعم به شعبُ اسرائيل.

و - حك 18:5 - 19:9

تبدأ الديبتيكتان السادسة والسابعة في 18:5 الذي يعلن المواضيع. قابل 18:6 - 25 بين موت أبكار المصريّين (18:6 - 19) وتوسّل هرون الذي أوقف الوباء في البرية (18:20 - 25). وتتمّ صورةُ ليل الموت لمصر في ثلاث لوحات. (1) الفصح عند العبرانيين (18:6 - 9)، مع تضمين بواسطة »الآباء« (آ 6 - 9). هناك كلام عن الليل، عن معرفة مسبقة للموت، عن إيمان الشعب، عن نشيد التهليل العظيم. (2) يبدو 18:10 - 13 صدى لصراخ المصريّين أمام موت ابكارهم. كانوا حتّى الآن رافضين للإيمان، فإذا هم »يعترفون أن هذا الشعب هو ابن ا« (آ 13ب). (3) 18:14 - 19. في ذلك الوقت، وسط الليل، انطلقت الكلمةُ من السماء، لكي تزرع الموت لدى المصريّين مع أحلام تعرّف المحكومَ عليهم مسبقًا سببَ موتهم. بعد ذلك، تأتي الدرفة الثانية من الديبتيكا: الخير لاسرائيل في البرية: توسّلُ هرون الذي أوقف المهلك (18:20 - 25). هذه القطعة ذات البنية المتداورة يحدّدها تضمينان: بايرا (محنة، تجربة)، »أورغي«، غضب.

ز - بنية ف 11 - 19

كما في الاجزاء السابقة (ف 1 - 6؛ 7 - 8؛ 9، بل في 13 - 15)، نستطيع بعدُ أن نعزل الاستطرادين (11:15 - 12:27 وف 13 - 15)، فنكتشف عناصر بنية متداورة. نلاحظ أولاً أن النشيد الذي يستعيد سفر الخروج لا يتوجّه بشكل مباشر إلى الله إلاّ في 10:20 - 19:9، ويعود في 19:22 كخاتمة الكتاب. إن 10:20 و19:9 يشكلان تضمينًا أول كبيرًا تضاف إليه الاشارة إلى البحر الأحمر في 10:18 و19:7. وفي نظام الديبتيكات السبع، أدخلت الأولى والسابعةُ الماءَ كعنصر عقاب أو خلاص. وقرار فرعون بقتل الاطفال يُعطي السببَ لما في الأولى والخامسة في نظام الديبتيكات الخمس (11:7؛ 18:5، قتل الأطفال). وبين الديبتيكا الثانية والرابعة في نظام الديبتيكات الخمس، تُحدثُ الحيواناتُ المعبودة الذعر (11:15 و17:9). وفي قلب البناء أي الديبتيكا الثالثة أو الرابعة (16:15 - 29) نقرأ توسعًا حول الخليقة التي تبدّلت صفاتُها لكي تحارب الأشرار وتنتصر للأبرار (16:17،24ي). سيعود هذا التعليم في الديبتيكا الأخيرة (19:6)، وفي خاتمة الكتاب (19:18 - 21) الذي ينتهي بعودة إلى أحداث رُوِيَتْ في 16:15 - 29.

و - حك 19:10 - 22

تستجمع هذه الآياتُ الأحداث الرئيسيّة التي ذُكرت في الديبتيكات مع نقد أخير للأشرار الذين شابهوا أهل سدوم (19:13 - 17). وجاء 19:22 مثل 19:9، فتوجّه إلى الربّ موسّعًا نظرته: مجَّدَ الله شعبَه في كل شيء، في كل زمان وفي كل مكان.

خاتمة

وفي النهاية، نستطيع أن نقدّم العلاقة السببيّة كما في 11:16 (الإنسان يعاقَب بما خطئ): بين الذنب والضربة. ثم العلاقة التعارضيّة بين الضربة والخير كما في 11:5، 13 (ما عُوقب به أعداؤهم هو الذي نفعهم).

l الذنب الأول: قتل المصريّون الأطفال في ماء النهر (11:7أ). فكانت الضربة الأولى: مياه النهر غير صالحة للشرب. أما بنو اسرائيل فصار الماء صالحًا للشرب في البرية.

l الذنب الثاني: عبد المصريّون الحيوانات (11:5). فكانت ضربتان. الأولى: مُنعت الشهيّة عنهم. الثانية، صارت الحيوانات قاتلة. وكان خيران لبني اسرائيل: حيوانات لذيذة الطعم، السلوى. حيوان يخلّص هو الحيّة النحاسيّة.

l الذنب الثالث: رفض المصريّون أن يعرفوا الله (16:16أ). الضربة: دمرّتهم الخليقة حين أحرقت الطعام بالنار. أما بالنسبة إلى العبرانيين، فالخليقة تحمل الخلاص، والمن يقاوم النار.

l الذنب الرابع: أسر المصريّون العبرانيين (18:4ب). الضربة: أُسروا في الظلمة (17:2ج). أما بنو اسرائيل فكان لهم عمود النار في الظلمة.

l الذنب الخامس: قتل المصريّون الأطفال في مياه النهر (18:5). كانت لهم ضربتان: موت الابكار. غرق في البحر الأحمر. أما العبرانيّون فعبروا البحر كما على اليابسة، ونجوا من الموت

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM