يهوذا وتمار

يهوذا وتمار

سفر التكوين فصل 38

الحلقة 59:

»من أخطأ هذا أم أبواه حتّى يولد أعمى«. وفي يوحنّا فصل 5 سيقول يسوع لذلك المخلّع الذي شفاه: إحفظ نفسك لئلاّ تقع في شرّ أكبر. إذا ارتبط الموت المبكر بالخطيئة التي يمكن أن يكون الإنسان ارتبكها. هذه الفكرة سوف يتعدّاها سفر الحكمة سوف يقول: »إنّ موت الإنسان ولو باكرًا لا يعني شيئًا«. فهناك سعادة من نوع آخر. نفوس الصدّيقين هي من يد الربّ سواء ماتوا في عمر مبكر أو عمر متأخّر، شيوخًا شبعوا من الحياة. القضيّة هي هي بحسب المزمور 73 الذي يقول: تمسكني بيدي اليمنى وإلى المجد تأخذني. من لي في السماء إلاّ أنت وعلى الأرض لا أبغي سواك«. أجل مع العهد الجديد سوف تصل بنا الفكرة إلى أبعد بكثير من هذا القول الذي يربط موت الإنسان بخطئه وشرّه حتّى قبل العهد الجديد. حياتنا في يد الربّ كما قال بولس سواء متنا أو حيينا، إن متنا فنحن مع الربّ وإن حيينا فنحن مع الربّ. وسيقول بولس في الرسالة إلى غلاطية: أريد أن أموت حتّى أكون بسرعة مع الربّ. ولكنّ بقائي يضطرّه إليه أمره. إذًا لا يقول الكاتب ماذا كانت خطيئة عبر، كان شريرًا في نظر الربّ أمّا أونان فخطيئته كبيرة جدٌّا«. وهذه الخطيئة سوف يحدّثنا عنها اللاهوت الخلقيّ في المسيحيّة نسمّيها الأونانيّة نسبة إلى أونان. ماذا كان يفعل أونان. رفض أن يتجامع بالطريقة المناسبة مع امرأته، إستعملها كشيء، إستعملها أمل في حيوان. لم يكن عمل الزواج عمل المجامعة، العمل الكامل، العمل الذي يعبّر عن المحبّة واتحاد الرجل بامرأته. لهذا يقول النصّ: إذا دخل على امرأة أفرغ منيّه على الأرض لئلاّ يجعل نسلاً لأخيه. هنا انطلق أونان من الأنانيّة، من حبّ الذات بما أنّ هذا الولد الذي سيكون لتمار لن يكون ابنه، إذًا لن أعطي أخي نسلاً يرث إسمه بعد موته، من جهّه لا شكّ شريعة السلفيّة تداس وتنتهك، ومن جهة ثانية عدم الاحترام لهذه المرأة. ومن جهة ثالثة هذه الطريقة في التعامل تجعل أونان خاطئًا خطيئة كبيرة. فاستاء الربّ بما فعله أونان فأقامه أيضاً. استاء الربّ هي طريقة بشريّة نعبّر بها عن خطيئة الإنسان. استاء الربّ يعني وبّخ أونان في أعماق ضميره على أنّ ما يعمله هو خطأ. هذا هو استياء الربّ، وعلم الناس أنّ الربّ استاء بما فعله أونان فمات شابٌّا وكما قلنا الموت المبكر هو علامة الخطيئة.لكنّ لمّا أرادت تمار أن تأخذ شيلا الابن الثالث لم يرد يهوذا خوفًا على ابنه. وهذه الأرملة أعيدت إلى بيت أبيها، بما أنّها أعيدت إلى بيت أبيها فلا حقّ بعد ليهوذا عليها. ومع ذلك أراد أن يتدخّل في حياتها. لمّا علم أو سمع أنّها زنت قال أخرجوها وأحرقوها. كانت الزانية ترجم وإذا كانت خطيئتها كبيرة تحرق ولكن لا حقّ ليهوذا بعد أن ردّ تلك الأرملة إلى بيت أبيها. ولعبت لعبتها تامار، احتالت والكاتب يشدّد على أنّ يهوذا لم تعد له امرأته. ماتت امرأته إذًا تستطيع تامار الأرملة ويهوذا الأرمل أن يتزوّجا ولا ضير في ذلك. فلا خطر في ذلك. ولكن أرادت تامار أن تذكّر يهوذا بشريعة السلفيّة التي رفض أن يمارسها ولعبت لعبتها وتظاهرت أنّها بغيّ وتجامعت مع يهوذا. نرى هنا أنّ يهوذا هو شخص وجيه عنده خاتم وعمامة وعصا. وهو لا يعمل بيديه بل عنه العمّال يقول النصّ يتحدّث عن جزّ الغنم بآية 13: »ها حموك صاعد إلى تبنة ليجزّ غنمه«. أمّا إذا هذا يبدو أنّه رجل وجيه. ونفهم أنّه في العصر القديم أنّ زنى الرجل لا بغير خطيئة. زنى الرجل هو في الواقع مسّ بملك رجل آخر. إذًا من زنى مع امرأة رجل آخر، في الواقع أكل حقّ ذلك الرجل الآخر الذي يمتلك أرملته. هنا شريعة ناقصة في العهد القديم حيث المرأة في وضع دنيء، في أسفل السلّم بالنسبة إلى الرجل. أمّا مع يسوع فتتبدّل الأمور. هناك مساواة تامّة بين الرجل والمرأة، جسد الرجل لامرأته وجسد المرأة لزوجها. هذا ما يقول القدّيس بولس في الرسالة الأولى في كورنتس. بل يقول يسوع في نظر وليس فقط من زنى، من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. إذًا، إذا كانت تمار مخطئة فيهوذا مخطئ أيضاً بالنظر إلى العهد الجديد. والمساواة التي حدّثنا عنها القدّيس بولس لا رجل ولا امرأة، لا عبد ولا حرّ بل هناك المساواة تجعل يهوذا مخطئ حين زنى مع تامار. ولكن لا نحكم عليه باسم العهد الجديد فالشريعة الجديدة هي التي تعلّم المؤمن احترام الآخرين. احترام الطفل، الطفل له احترامه، أراد يسوع أن يحتضن الأطفال، تدخّل الرسل والتلاميذ، زجرهم يسوع دعوا الأطفال يأتون إليّ، الطفل له حقوقه. إحتقروا المرأة لا تحسب بين الناس، لا تقبل شهادتها وإن هي زنت ترجم وفصل 8 بيوحنا. جاؤوه بامرأة لتزني كأنّها زنت وحدها ولم يكن من رجل معها في الزنى. فدافع يسوع عن هذه المرأة. وسوف تدافع الكنيسة أيضًا عن العبيد الذين خسروا حقوقهم لأنّهم وقعوا أسرى أو سُرقوا كما سُرق يوسف وبيعوا في أرض غريبة. وهنا كلّ هذه البغايا، كلّ هذه النسوة اللواتي يبعن في الأرض أجسادهنّ ولا من يدافع عنهنّ. يبعن أجسادهنّ لأسباب وأسباب مادّيّة. أسباب نفسيّة، أسباب روحيّة، أسباب عديدة. ومع ذلك كم يحتاج هؤلاء النسوة إلى من يدافع عنهنّ، إلى من لا يتركهنّ فريسة عالم الزنى وعالم البغاء. هذا مع العلم أنّ العالم القديم عرف البغاء المكرّس في ظلّ المعابد الوثنيّة. هذا أحبّائي هو معنى فصل 38 من سفر التكوين. هناك عاده السلفيّة ومسؤوليّة الأخ تجاه عائلة أخيه الذي مات. نعرف عيال خلال الحرب جيث الأخ يهتمّ بأبناء أخيه الذي توفّى وهذا عمل عظيم جدٌّا ونعرف عالم الزنى وعالم البغاء الذي مارسته تامار لسبب آخر ولكن تمارسه نسوة عديدات في عالمنا اليوم. يا ليتنا نقرأ هذه النصوص ونتعلّم الكثير منها حتى تكون حياتنا من خلال العهد القديم مستعدّة للدخول في العهد الجديد حيث يحترم الإنسان لأنّه إنسان، حيث لا رجل ولا امرأة، لا عبد ولا سيّد بل كلّنا إخوة في المسيح. آمين.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM