عهد بين السماء والأرض

عهد بين السماء والأرض

9/..8.

آية 8: كلمة مهمّة هي عهد العهد نفهمه في زواج رجل من إمرأة العهد علامته محبس خاتم. يضعه الرجل في إصبعه والمرأة في إصبعها. وهذا العهد بعلامة خارجيّة يدلّ على تفاهم تام على مسيرة مشتركة بين الواحد والآخر. وهذا هو معنى كلمة عهد في هذا المقطع. هناك عهد بني الله والبشر فكأنّي بالله يريد أن يمشي مع البشر في الفصل الثالث. نتذكّر الربّ يمشي في وسط الجنّة عند برودة المساء. لا شكّ مع آدم وحوّاء وهنا الله يريد أن يقيم عهدًا بينه وبين نوح، بينه وبين البشر لا بل بينه وبين كلّ خليقة حيّة: الطيور والبهائم ووحوش الأرض. الربّ يريد أن يتابع المسيرة مع الإنسان ومع الحيوان ومع كلّ الخليقة. هنا نتذكّر أنّ الخلق ليس فعلاً تمّ في كذا مليار من السنين وانتهى، كلاّ. الخلق هو عمل دائم. الخلق هو عمل حاضر. الآن الربّ يخلق، هو يخلقني وأنا أتكلّم ويخلقكم وأنتم تسمعون هذا هو معنى العهد. العهد رفقة الله للإنسان والحيوان وكلّ خليقة على وجه الأرض، كأنّ الربّ كان قد نقض عهده لأنّ الإنسان هو الذي نقض العهد. ولهذا جاءت المياه التي هي علامة الشرّ، علامة القتل، علامة الموت، علامة الخطيئة. لمّا جاء الطوفانن كان الربّ ترك العالم يسير إلى الهلاك، إلى الدمار، إلى الموت ولكن تلك كانت ساعة في حياة العالم والربّ وإن سمح في بعض المرّات، لسبب من الأسباب أن يكون موت بزلزال، في فيضان، في غيره من الأمور. نقول سمح لأن لا كلمة لنا غير هذه الكلمة. ولكن نستطيع أن نقول العالم يتطوّر، العالم ينمو وفي نموّه هناك بعض الضرر، بعض الموت، بعض القتل، بعض الجروح. وإن يكن الله سمح بوقت من الأوقات إلاّ أنّه لا يريد موت الإنسان بل حياته، هو يريد الحياة. الله هو الحيّ ولهذا يقول بآية 11 أقيم عهدي معكم يعني أنا معكم دومًا في معاهدة هي في إتّفاق في مسيرة مشتركة. يقول فلن ينقرض ثانية بمياه الطوفان أيّ جسد حيّ سبق وقلنا أنّ الطوفان كان في منطقة محدّدة. ولكن الكاتب اعتبره شاملاً للكون، شاملاً جميع البشر لأنّ جميع البشر خطئوا أمّا الآن فنحن نفهم أنّ هذا الطوفان كان محصورًا في منطقة من المناطق وعمليٌّا لم يمت جميع الناس. لكن المعنى الروحي لا يعيش إلاّ الأبرار، لا يبقى على قيد الحياة إلاّ الأبرار. وهنا نستطيع أن نقول بالنسبة إلى الأبرار تعالوا يا مباركي أبي. الأبرار هم الذين يباركهم الله يمنحهم كلّ خير وعكس ذلك يقول الرب للخطأة »إذهبوا عنّي يا ملاعين« يعني نقصتكم بركة الله فحلّت بكم اللعنة. بين العريس والعروس، بين الزوج والزوجة، هناك علامة العهد. فما هي علامة العهد بين الله والإنسان، العلامة هي قوس قزح. قوس قزح هي شيء طبيعي عندما تكون نقاط المياه نازلة، يأتي نور الشمس ويعطينا سبعة ألوان. وهذا معروف إنّه عندما يكون قوس القزح، تتوقّف الأرض عن تقبّل المطر، يتوقّف المطر ولكن الفكرة هنا كان الربّ تخلّى عن قوسه فأراد أن يصدّي الإنسان الحرب، أن يحمل القتل إلى الخليقة كلّها والآن وقد جعل قوسًا على السحاب أو في السحاب تخلّى عن قوسه فكأنّه رفع العلم الأبيض وقال انتهت الحرب وبدأ عهد سلام. الربّ يريد لنا عهد سلام، لا يريد الحرب كم نحن بعيدون عن الذين يقولون إنّ الله يحسد الإنسان »هذه فكرة وثنيّة« إنّ الله لا يريد أن يكون الإنسان كبيرًا أن يكون الإنسان ناجحًا كلاّ ثمّ كلاّ. عظمة الله، مجد الله في أن يكون الإنسان كبير، في أن يكون الإنسان ناجح في أن يسيطر على الأرض، في أن يجعل الأرض كلّها له، فيجعلها للمسيح والمسيح ؟. إذًا الله يريد السلام كما يقول المزمور لشعبه وأتقيائه وقد قال لنا يسوع في الإنجيل طوبى لفاعلي السلام فإنّهم أبناء الله يدعون. نعم أبناء الله يدعون، إذًا نستطيع أن نقول طوبى للذين يعملون للسلام، يحيون السلام. وقد إعتادت الكنيسة أن تعيّد في بداية السنة يوم لسلام، لأنّ الحرب موجودة على الأرض وفي أماكن عديدة والربّ حين جعل قوسه في السحاب كأنّه يريد أن يبيّن التوقّف عن الحرب، إنّه يريد للإنسان الحياة، إنّه يريد أن يعمّ السلام في الأرض كلّها. يقول آية 13: جعلت قوس قزح في السحاب فتكون علامة عهد بيني وبين الأرض نلاحظ أنّ هذا العهد ليس فقط بين الله والإنسان، لا شكّ الإنسان هو الذي يعمل باسم الخليقة كلّها باسم الحيوان، باسم النبات، باسم الجماد، الإنسان هو الذي يرفع الصلاة ؟ بإسم الخليقة كلّها هو الذي يمجّد الله باسم الخليقة هو الذي يشكر الله باسم الخليقة ولكنّه ليس وحده الخليقة معه وعهد الله ليس فقط مع الإنسان بل مع الحيوان، بل مع النبات مع كلّ خليقة على الأرض. هنا نتذكّر القدّيس بولس برسالته إلى رومة 8 كيف أنّ الخليقة تئنّ، تتمخّض، تتأوّه، تنتظر أن تكون مع الله على مثال الإنسان نتذكّر آية 11 »أقيم عهدي معكم« ثلاث كلمات مهمّين جدٌّا. الربّ هو الذي يقيم العهد. لا يوجد معاهدة أي أنا على مستوى الله، كلاّ لست على مستوى الله. المبادرة هي من الله والله هو الذي يقيم العهد، هو كلّي الغنى وأنا كليّ الفقر. هو كلّي القدرة، وأنا كلّي الضعف. هو كليّ القداسة، وأنا كليّ الخطأ. هو كلّ شيء وأنا لست بشيء لهذا هو الذي يعمل. أمّا الإنسان فيكتفي أن يتقبّل عطيّة الله، أن يتقبّل عهد الله، أن يكون أمينًا لهذا العهد. وعندما يقيم الربّ عهدًا معنا، فهذا يعني أنّه معنا. هنا نتذكّر مرّات عديدة في الكتاب المقدّس جدعون: أنا معك. داود: أنا معك. الأنبياء: أنا معكم. العذراء مريم: أنا معكِ. هو معنا، هو رفيقنا، هو حاضر في حياتنا، حاضر في أعمالنا، حاضر في تطلّعاتنا. هذه علامة عهد بيني وبين الأرض كان سبق فقال 8/22 ما دامت الأرض باقية فالزرع يكون في وقته. أبواب الخريف، الحصاد في وقته على أبواب الصيف والبرد يكون في وقته يعني في الشتاء، والحرّ يكون في وقته، يعني في الصيف، ثمّ الصيف له أشهره والشتاء له أشهره والليل له وقته والنهار له وقته هذه كلّها لا تبطل أبدًا. هذا هو معنى العهد، عهد الله بينه وبين الأرض، بين السماء وبين الأض ولهذا أقرأ 8/21 لن ألعن الأرض مرّة أخرى، الأرض ستكون موضع بركة الله والربّ اعتاد أن يبني التنوّع في الخلائق ليس من خليقة مرفوضة من الله، ليس من خليقة تحمل الشرّ، ليس من خليقة نجسة، ليس من خليقة غير طاهرة. عهد الله هو مع كلّ خليقة حيّة طيور بهائم، وحوش الارض حتّى الأسد الذي يفترس الإنسان، حتّى الذئب، حتّى الضبع، حتّى الدبّ، حتّى النمر، كلّ هذه الحيوانات تبقى والله يقيم معها عهدًا يباركها فتبقى حيّة على وجه الأرض ويربط هذا العهد بالسفينة. السفينة رمز إلى الخلاص الذي حلمله الله، رمز إلى الحياةالتي أعطاها الله وما زال يعطيها، فإذا كان الربّ حفظ الإنسان ونوح وبنيه وحفظ الحيوان، طيور السماء والبهائم ووحوش الأرض حفظها من الموت في السفينة لأنّه يريدها أن تحيا، أن تمتدّ في الحياة، أن تنمو وتكثر وتتوالد في الأرض: »لن ألعن الأرض مرّة أخرى« إنّه سيعطيها البركة وكما قال 8/21 لعن الأرض بسبب الإنسان والآن بسبب الإنسان نوح الذي هو بار ستعود البركة إلى الأرض وهنا يقول آية 14: »حتّى غيّمت الأرض وظهر القوس في السحاب«، يعني هنا عندنا كلمتين متقابلتين. غيّمت على الأرض: جاء الغيم على الأرض والغيم يحمل المطر ويحمل المياه وقد تكون غزيرة وقد تحمل الموت. وكأنّ الربّ يريد أن يصدّي الأرض حربًا يقول متى غيّمت، متى ظهر الغيم ظهر القوس في السحاب فيتذكّر الله إنّه وضع سلاحه جانبًا، إنّه لن يريد أبدًا أن يعود إلى قتال الإنسان رغم الشرّ الذي في قلبه، منذ حداثته يقول في 15 ذكرت كلمة مهمّة جدٌّا بالكتاب المقدّس، لا بل بكلّ الديانات الربّ يذكر ولن ينسى والصلوات في المزامير يقول للربّ، لا تنسني اذكرني هنا الربّ يذكرنا، لا ينسانا يذكرنا فيرسل إلينا البركة وأصعب شيء يُحسّ به المؤمن حين يعتبر أنّ الله تركه، نسيه، أنّ الربّ أدار وجهه عنه، كأنّ الله أراد ويريد أن ينساه. يقول المزمور يمكن أن تنساني أمّي، أن ينساني أبي ولكن الربّ لا ينسى، ولكن هناك مرّات نحسّ أنّ الربّ نسينا ما عاد يذكرنا، كأنّه تركنا، كأنّه تخلّى عنّا. هذا ليس بصحيح ولكن هذا شعور من الإنسان وقد يصل به هذا الشعور إلى اليأس، إلى القنوط، إلى الضياع في حياته. ذكرت عهدي، الربّ يذكر ولا ينسى أبدًا. كما تذكر الأم إبنها، كما يذكر الربّ أولاده، هكذا الربّ يذكر عهده، يقول ذكرت عهدي الذي بيني وبينكم وبين كلّ نفس حيّة في كلّ الأرض، فلا تكون المياه أيضًا طوفانًا يهلك كلّ جسد حيّ. يتذكّر الربّ ويقف الطوفان، يتذكّر الربّ ويوقف المياه وما يمكن أن تحمله من موت على الأرض ويكون القوس في السحاب وأبصرها لأذكر العهد الأبدي. ليس هنا العهد قضيّة مؤقّتة لساعة أو ساعات، لسنة أو سنوات كلاّ، العهد الأبدي. الله لا يتراجع عن عهده وعن محبّته وكلّ ما يعمله يدوم إلى الأبد. هذا يعني أنّ الخليقة لن تفنى، أنّ البشر لن يفنوا، يمرّون في الموت. هذا معروف ولكنّه موت الجسد ولكن عهد الله مع الخليقة كلّهاهو عهد أبدي وكما قلنا هذه السماء التي نعرفها ستصبح سماء جديدة هي ذاتها والأرض التي نعرفها ستصبح أرضًا جديدة وأجسادنا بما فيها من موت وفساد وانحلال، ستصبح أجساد جديدة ممجّدة، عهد الله هو عهد أبدي. هنا نتذكّر بالقدّاس عندما يقول الكاهن هذا الخبز هو العهد الأبدي، هذه الخمر هي العهد الأبديّ يعني عطايا الله تدوم إلى الأبد وهذا العهد الأبديّ ليس فقط على مستوى الخلاص بل هو أيضًا على مستوى الخلق. الربّ يرفق بالبركة، يرفق بحياة الخليقة حتّى نهاية العالم، وبعد نهاية العالم هو عهد أبدي بين الله والإنسان في هذا الإطار نفهم ليس فقط الإنسان عظيم هو علىصورة الله، ليس فقط الحيوان عظيم لأنّ الربّ خلقه، يوجد جمالات في الحيوان حكمة في الحيوان النمل - النحل حتّى النبات، جمال الأزهار يقول يسوع إنظروا زنابق الحقل، الزرع، سنابل القمح، وعن القطاف والكرمة والعنب كلّ هذا جميل جدٌّا في البداية. قال رأى الله أنّ ذلك حسن، حسن جدٌّا. لماذا لأنّ كلّ هذا ارتبط بالله، بعهد أبدي، الربّ هو الذي يرفق الإنسان، يرفق الحيوان، النبات وكلّ الأشياء لهذا يُطلب منّا الحفاظ على البيئة لأنّ الربّ طبعها بجماله، بعظمته بقدرته، فلا يجب أن تشوّهها. نعم أيّها الربّ، هذا العهد منذ أيّام نوح سنجدّده بإبراهيم وخصوصًا سنجدّده بيسوع المسيح كالعهد الأبديّ لغفران خطايانا لحياة البشر ولعالم جديد. آمين.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM