الخاتمة.

 

الخاتمة

محطّة رابعة في قراءتنا سفر الخروج على إذاعة صوت المحبّة. الأسلوب شفهيّ. وقد حاولنا أن نحافظ عليه بقدر الإمكان بما فيه من تكرار ولغة بسيطة تكاد تلاحق العامّيّة. بل هناك أفكار قيلت هنا وتعود هناك. لا بأس. مثل هذا الوضع مهمّ لأنّه يتوخّى أن يزرع في قلوب السامعين، والآن في حياة القارئين، أفكارًا أساسيّة حول الكتاب المقدّس لم يعتادوا عليها.

محطّة رابعة شدّدت على حياة المؤمن مع قريبه في إطار من العبادة لله. حياتنا من الله وهي تعود إليه. كلّنا على صورته ومثاله. ونحن نحاول أن نحافظ على هذه الصورة بحيث لا يقول لنا يسوع في النهاية: لا أعرفكم من أين أنتم. صورة الله فيّ. لهذا يُمنَع الزنى، لأنّ في هذا الوضع يُخطئ الإنسان على جسده. لا يعود عضو المسيح، بل يصبح عضو زانية إذا كان رجلاً. وعضوة زانٍ إذا كانت امرأة. وصورة الله في الآخرين. كيف لا أحترم هذه الصورة التي تكوّنت لكي تمجّد الله؟

كلّ إنسان مهما كان هو على صورة الله ومثاله: الصحيح والمعاق، المريض والمعافى، الخاطئ والبارّ، الصغير والكبير، الفقير والغنيّ. البائس والتعيس من جهة، والعظيم والمقتدر من جهة أخرى. لا يُطلَب منّي أن أحترم القويّ. فأنا احترمه لأنّه قويّ ولأنّي أخاف شرَّ قوته. ولا يُطلب منّي أن أُراعي الغنيّ. فأنا مُجبَر على ذلك. بل الربّ يطلب من مؤمنيه ألاَّ يظلموا الفقير والغريب، واليتيم والأرملة، والبائس الذي لا سند له. إلى مثل هؤلاء يستمع الربّ. وإن هم صرخوا دافع عنهم أو أرسل من يدافع عنهم.

محطّة رابعة فيها الكثير من التفاعيل في حياة مجتمع ترك في معظمه حياة البراءة وأخذ بحياة الزراعة. فأقام في الريف بأكثره. كما أقام آخرون في المدن، ولا سيّما في عاصمة الجنوب: أورشليم، وفي جهة إسرائيل: السامرة. وكانت الشرائع مرافقة لحياة الشعب في ظروفه المتبدّلة. وجاءت الفتاوى تساعد القاضي على إصدار الحكم بحيث يتثبّت الحقّ والعدل. وصلت هذه الشرائع في حقبة متأخّرة، وكأنّها تنبّه المؤمنين إلى ضرورة ممارستها. كما تنبّهنا نحن وتقول لنا ما قاله يسوع في قلب عظة الجبل: »إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرفٌ واحد أو نقطة واحدة من الشريعة حتّى يتمَّ كلّ شيء« (مت 5: 18). ولكن المسيحيّ لا يحصر نفسه في قراءة حرفيّة في هذه النصوص. كما لا يتوقّف عند متطلّباتها التي لم تزل إلى الأعماق. فإن فعل سمع كلام الربّ أيضًا: »إن لم يزد برّكم على برّ الكتبة والفرّيسيّين، لن تدخلوا ملكوت السماوات« (آ 20). يعني إن بقينا على مستوى العهد القديم، نبقى على عتبة الملكوت. والويل لنا إن أغلق البابُ وبقينا في الخارج.

ولكن الربّ لا ييأس منّا. ينتظرنا بالرغم من الأخطاء التي يمكن أن نرتكبها. ذاك كان وضع العبرانيّين حين نقضوا العهد وعبدوا العجل الذهبيّ، ولكن هذا يدخلنا في المحطّة الخامسة في قراءتنا لسفر الخروج. فإلى الجزء التالي.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM