تقديم

سلسلة بين عهدوعهد

6

سفر الخروج

المحطّة الثالث

الخوري بولس الفغالي

2006

تقديم

محطّة أولى جعلتنا نستعدّ للخروج من مصر. ومحطّة ثانية قرّبتنا من جبل سيناء. وها نحن عند الجبل. في هذه الأرض المقدّسة. التي كانت لسين إله القمر. جاء الله، داس الجبل، وطئته قدماه. صار جبل الربّ، جبل الله. منذ الآن هو يخصّ الربّ الإله. وسوف يتبدّل اسمه: جبل حوريب، جبل الله. إنّه المحراب حيث يُقيم الله ويدعو المؤمنين.

نزل الله، ودعا الشعب فأتوا. كانوا قومًا من الرعاع الهاربين من سيطرة ملك مصر واستعباده. هل يريدون أن يصيروا شعب الله؟ هذه هي الشروط. وكانت الكلمات العشر. ولكن قبل ذلك نستعدّ للسماع. نغتسل، نغسل ثيابنا قبل الاقتراب. هكذا كانوا يتوضّأون قبل الدخول إلى المعبد للصلاة. أجل، صار جبل سيناء المعبد. في بداية المسيرة في البرّيّة، كما في تاريخ القبائل التي خرجت من مصر. كانوا يأتون ويحجّون إليه، كما فعل إيليّا حين كاد اليأس يدبّ في قلبه. قال: بقيتُ وحدي. هذا غير صحيح. من الخوف لا تحسّ بوجود الله بقربك. من الخوف والاختباء من وجه الملكة إيزابيل، لا ترى أنّ هناك سبعة آلاف رجل لم يحنوا ركبهم للبعل ولم يرسلوا إليه قبلاتهم.

لقاء الربّ بالإنسان. من أجل عهد. من أجل اتّفاقيّة. الربّ يبدأ ويعلن من هو: أنا الربّ إلهك. أنا يهوه. ذاك الذي هو. ذاك الحاضر. ذاك الفاعل. للشعوب آلهتهم. أمّا أنت فلا إله لك سواي. فأنا إله غيور، أين منها غيرة الحبيب على حبيبه والعريس على عروسه. العبادة، السجود. ولكن فوق كلّ ذلك المحبّة. فالمحبّ يخترع ما به يدلّ على حبّه لمحبوبه، لربّه.

ودخل الشعب في هذا المناخ من الحضور الإلهيّ، ما كان شعبَ الله في الخروج من مصر، بل بعض الفارّين. هنا، على جبل سيناء صاروا شعبَ الله. استعدوا لأن يسمعوا الوصايا ويعملوا بها. فالله يدعو الجميع. ولكن من يكون له؟ ذاك الذي يلبّي الدعوة. لذلك تقول التقاليد إنّ الربّ عرض وصاياه على شعوب عديدة في هذا الشرق، فتهرّب كلّ واحد منها. أمّا موسى وجماعته فقبلوا بها.

وهكذا تألّفت محطّتنا الثالثة من ثلاثة أقسام: التجمّع حول الجبل. كما يتجمّع المؤمنون الآتون من أماكن مختلفة ليحجّوا إلى مكان مقدّس. ولماذا لا يكون المجتمعون حول سيناء قد أتوا من أكثر من مكان. وفي أيّ حال، حين دوّن الكاتب الملهم سفر الخروج، كانت القبائل تحجّ إلى شكيم وبيت إيل وحبرون بانتظار أورشليم. المهمّ ليس فقط الانطلاق. المهمّ المهمّ هو نقطة التجمّع حول الربّ.

عندئذ سمعوا الوصايا. سمعها موسى وأوصلها. كتبها الله بيده. كتبها موسى. فكلام الله يصل إلينا مشاركة بين الله والإنسان. فكلّ ما لا يشارك الإنسان فيه، يبقى بعيدًا عن الإنسان. وكلّ ما لا يضع الله يده فيه، يبقى من عالم البشر ويموت بموت البشر. وتوقّفنا هنا عند اللوحة الأولى من لوحتَي الوصايا، حول علاقتنا بالربّ. قبل الانطلاق إلى الإخوة، نأتي إلى الأب، فهو الذي يجمعنا سواء جئنا من البعيد أم من القريب.

إذًا نجتمع، نسمع: أنا هو الربّ إلهك.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM