طعام الربّ وارتباطه بالشريعة

 

طعام الربّ وارتباطه بالشريعة

1- المقدّمة

أحبّائي، ربّنا يكون معكم، ويرافقنا جميعًا في قراءة كلمته. هذه الكلمة المكتوبة بلغة البشر ولكنّها تجد حياتها، ماويّتها، في قلب الربّ. شيء بسيط. بعض المنّ، هذا الطعام الملتصق ببعض الاشجار. بعض الطيور جاءت تعبة، لهثة، مضنكة، بعد سفر طويل فوق البحر، وحطّت على الشاطئ. إعتبر الشعب واعتبر موسى معه. أحسّوا بعناية الله، رأوا مجد الربّ.

مجد الربّ لا يظهر فقط في عمل عظيم كالخروج من مصر، كعبور البحر الأحمر، كخلاص الشعب من العبوديّة. فمجد الربّ يظهر أيضًا في الأمور الصغيرة، في الأمور البسيطة، في الأمور الصغيرة جدٌّا، في أمور لا يهتمّ بها الناس. وكم نحتاج مرّات عديدة إلى أن نكتشف يد الله النحيفة، ولمستَه الرقيقة في أمور كثيرة من حياتنا. هذا يفترض إيمانًا عميقًا، ويفترض خصوصًا محبّة كبيرة. وحده المحبّ يعرف أن يكتشف ما فعله الآخر من أجله، وإلاّ فهو لن يرى شيئًا. وهكذا نتابع هذا التأمّل في حدث المنّ والسلوى ونقرأ في 16: 16 وما يلي فنفهم. وهذا هو معنى كلامنا اليوم: طعام الربّ وارتباطه بشريعة الربّ.

بعد أن تساءل الناس ما هذا الخبز، أجابهم موسى:

»هذا هو الذي أمر الربّ أن تلتقطوا منه كلّ واحد حسب حاجته. وليكن غمرًا واحدًا لكلّ واحد من أهل بيتكم«. فعملَ بنو إسرائيل ذلك والتقطوا. فمنهم من أكثر. إلتقط كثيرًا. ومنهم من أقلّ. أخذ قليلاً. ولمّا كالوه بالغمر وجدوا أنّ الذي أكثر، يعني أخذ كثيرًا، لا يفضل له. والذي أقلّ، أي أخذ قليلاً. لا ينقص عنه. فكان ما التقطه كلّ واحد لا ينقص عن حاجته ولا يزيد.

وقال لهم موسى: »لا تُبقوا شيئًا منه إلى الصباح«. فلم يسمعوا له وأبقى منه بعضهم إلى الصباح، فدوّد وأنتن. فغضب عليهم موسى. وكانوا يلتقطونه في كلّ صباح، كلّ واحد على قدر حاجته.

فإذا حميت الشمس، كان يذوب. ولمّا كان اليوم السادس التقطوا طعامًا مضاعفًا، غمرين لكلّ واحد.

فجاء جميع رؤساء الجماعة وأخبروا موسى. فقال لهم: »إنّ الربّ يقول: غدًا يوم عطلة، سبت مقدّس له. ما تريدون أن تخبزوه فاخبزوه، وما تريدون أن تطبخوه فاطبخوه، وكلّ ما فضل احفظوه لكم إلى الغد. فتركوه إلى الغد كما أمر موسى، فما أنتن ولا كان فيه دود« (16:16 - 24).

2 - كلّ بحسب حاجته

قال موسى: هذا هو الذي أمر الربّ أن تلتقطوا منه. يعني الربّ هيّأ لكم الطعام، فما عليكم إلاّ أن تأتوا وتأخذوا طعامكم، كما كان مثلاً في أيّام الحرب. كانوا يوزّعون الطعام: رشتة مثلاً أو شوربة مرّات عديدة. حتّى اليوم يأتي الشخص بصحنه فيأخذ ما يحتاج إليه. كلّ واحد منكم يأتي. فما عليه إلاّ أن يلتقط. الربّ هو الذي هيّأ لكم هذا الطعام. سوف نرى فيما بعد، أنّ هذه التهيئة كما قلت هي رمزيّة.

يقول في آ 23: »ما تريدون أن تخبزوه فاخبزوه، وما تريدون أن تطبخوه فاطبخوه«. إذًا هناك عمل مؤكّد، عمل الخبز وعمل الطبخ كما في كلّ بيت من بيوتنا.

هنا التقطوا منه. ومهمّ جدٌّا: كلّ واحد حسب حاجته. لا حاجة إلى التكديس والجمع أبدًا. وهنا نكون عكس المجتمع العبرانيّ حين كُتب سفر الخروج، وعكس مجتمعاتنا. نكدّس ونكدّس على حساب حاجات الآخرين، ونحن لا نحتاج إليه. لو كنّا نعرف كم من الطعام يُهدر، يهترئ، يحمّض، نرميه، والناس بقربنا لا طعام لهم. كلّ واحد حسب حاجته.

نتذكّر هنا أيضًا إنجيل لوقا مع خبر لعازر والغنيّ. فلعازر الفقير كان يشتهي أن يأكل الفتات المتساقط عن مائدة ذلك الغنيّ، وما كان يعطيه أحد. أو ذلك الغنيّ الذي أغلّت أرضه غلاّت كثيرة. كان يجب عليه أن يقول: كيف أوزّعها؟ من هو المحتاج، حتّى أرسل إليه الطعام؟ كلاّ. لم يفعل ذلك: بل قال: أوسّع أهرائي، وأجمع من الخيرات وأقول لنفسي: كُلي وتنعّمي. في هذه لا تنقذ نفسك أيّها البائس. في هذه الليلة تموت، فماذا تفعل بكلّ هذا الخير الذي كدّسته وتكدّسه وجمعته وتجمعه؟ كلّ واحد حسب حاجته.

من جهة، الغنيّ يحاول أن يكدّس ويكدّس. ومن جهة ثانية، الفقير يعرف أوّلاً أن يكفي نفسه بنفسه، أن يكتفي بما أعطي له. هذا لا يعني أنّه لا يحاول أن يحسّن وضعه لكي يكتفي عندما تكون حاجته مؤمّنة. عندما يكون خبزه اليوميّ مؤمّنًا، فماذا يطلب بعد ذلك؟ ولكن يقول القدّيس بولس نحن نبحث عن أكثر. وهناك الحسد، وهناك الغيرة، وهناك الخطايا التي تتبعها من سرقة وقتل واغتصاب وغيرة حتّى نجمع المال ونجمعه ونجمعه. كلّ واحد حسب حاجته. وأعطاهم المقياس: الغمر.

3 - غمر لكلّ واحد

الغمر يعني عشر القفّة. غمرٌ لكلّ واحد منكم من أهل بيتكم، وليكن غمرًا واحدًا لكلّ واحدٍ من أهل بيتكم. فالكبار يتذكّرون كيف كانوا يعطون للشخص في البيت رغيفًا على الطعام. كلّ واحد له رغيف. إذا كان كبيرًا أو كان صغيرًا له رغيف. وفي النصّ، ليكن غمرٌ واحد. كأنّي أقول: رغيفٌ واحدٌ لكلّ واحد. كانوا مجبَرين في ذاك الوقت على تنظيم الطعام حتّى لا يجوع أحد ساعة يُتخَم الآخرون.

نتذكّر هنا مار بولس عندما كان يوبّخ أهل كورنتوس في اجتماع الإفخارستيّا. فاجتماع عشاء الربّ كان يسبقه عشاء خاصّ بين الجماعة المسيحيّة. قال الرسول: هناك أناس يجوعون، والآخرون يسكرون متخمين من الطعام. وهذا، يقول مار بولس، ما لا أهنّئكم عليه. والنصّ هنا واضح: كلّ حسب حاجته. وتمّت المعجزة.

المعجزة الرائعة: عمل الناس ما أرادوا، بحسب منطقهم، بحسب نواميسهم، بحسب شريعتهم البشريّة الضيّقة. عمل بنو إسرائيل ذلك والتقطوا. فمنهم من أكثر. جمع الكثير، كدّس. ومنهم من جمع القليل. جاء فما وجد شيئًا. أخذ ما تبقّى، ما فضل. الإنسان يفعل ويحاول. ولكن الربّ هو الذي يبارك. ولكن الربّ هو الذي يسوِّي الأمور كما يجب أن تسوّى.

آ 18: ولمّا كالوا بالغمر وجدوا أنّ الذي جمع الكثير لم يفضل عنه، وأنّ الذي جمع القليل لم ينقص عنه. يعني ربّنا أعاد المساواة. هذا ما يريده الربّ. هو لا يفعل، وهو ينتظر منّا أن نجعل المساواة بين البشر، أن يكون لكلّ واحد حسب حاجته. يقول النصّ: فكان ما التقطه كلّ واحد لا ينقص عن حاجته ولا يزيد. هذا يعني أنّ الذي له الزيادة، يعطي أخاه ما يفيض عن حاجته. إذا نحن ما عملنا هذا الشيء، إذا ما حاولنا أن نؤمّن لكلّ إنسان حاجته، إذا تمسَّكنا بالزيادة التي لنا والمال الذي لنا، فنحن الخاسرون الكبار. نتذكّر كلام الإنجيل: كلّ مال هو ظلم، كلّ مال هو باطل. يصبح مال الظلم عدلاً عندما نعطيه. متى يصبح المال الباطل نفعًا؟ عندما نعطيه. لا نسمح لنفوسنا بأن نجمع ونكدّس، وحولنا إخوتنا وأخواتنا يجوعون ويعطشون.

من هنا يقول أحد آباء الكنيسة: الثوب الذي في خزانتك ليس لك. سيأكله العثّ. أنت لا تحتاجه. إذًا، أعطه لمن ليس له.

4 - خيور الأرض لكلّ سكّانها

نتذكّر هنا كلام يوحنّا المعمدان في إنجيل متّى. لمّا جاء الناس إليه ليعتمدوا قال: من له ثوبان فليعط ثوبًا لمن ليس له. ومن له طعام كثير فليشرك الآخرين. وهكذا تكون المساواة. لأنّ الشعب شعب الله، ويجب أن تسود المساواة فيما بين أعضائه. كلّهم مخلوقون على صورة الله ومثاله، كلّهم موضوع محبّة الله وعطفه وحنانه. أترى الربّ يقبل إن شبع ابن وظلّ الآخر جائعًا؟ كلاّ ثمّ كلاّ. الربّ يريد المساواة، يريد أن ينال الجميع حسب حاجته. ولكن نحن البشر لا نسمح له بذلك. نحن نرفض، نحن نجمع الكثير على حساب الآخرين، على حساب الفقراء. جمع كلّ واحد وكدَّس، فكانت له فقط حاجته.

آ 19: »وقال لهم موسى لا تُبقوا شيئًا منه إلى الصباح«. رائعة هذه الجملة، أحبّائي. جمعتم المنّ اليوم. فغدًا سيكون لكم منّ. وبعد غد سيكون لكم منّ، والأسبوع المقبل سيكون لكم منّ. لماذا تُبقون منه؟ لماذا تخبّئون؟ تكدّسون منه فيهترئ. لا تبقوا منه شيئًا إلى الصباح. لم يسمعوا له. إذًا هنا نحسّ الرفض لشريعة الربّ. لماذا رفضتم العطاء؟ لا تُبقوا شيئًا منه إلى الغد. أعطوا. فلم يسمعوا له. وأبقى منه بعضهم إلى الصباح، فدوّد وأنتن.

نعم، نعم، كلّ خير لا نستعمله لنا أو للآخرين، يدوّد وينتن، يصبح طعام الدود. يصبح طعام الموت. كم هو مهمّ العطاء وكم هو مهمّ الابتعاد عن التكديس وجمع المال على حساب الفقراء.

يقول العلماء: إذا أراد كلُّ شخص أن يأكل كما يأكل ابن أميركا الشماليّة أو ابن أوروبّا الغربيّة، فالطعام الموجود على الأرض لا يكفي البشر. لكن عمَليٌّا أشخاص قليلون يأكلون القسم الأكبر. ولا يبقى للآخرين سوى الفضلات.

ونتذكّر على مستوى القمامة. في مدينة مثل باريس: 800 ألف طنّ. لا ندري كم من القمامة بينما فرنسا كلّها لا يوجد عندها الكمّيّة من القمامة، من الزبالة. هذا يعني أنّ الأغنياء يكدّسون ويجمّعون، وما يبقى لهم يدوّد وينتن. وهم لا يستطيعون أن يأخذوه معهم إلى القبر، فيبقى هنا وهم يمضون: في هذه الليلة تؤخذ منك نفسك. وتهدر إنكلترا ما يساوي 30 مليار دولار من الطعام كلّ سنة. هو يكفي ليطعم أفريقيا كلّها.

فغضب عليهم موسى، وهو في حقّ بذلك ولا شكّ. وبّخهم: أين ثقتهم بالربّ؟ أين اتّكالهم على الربّ؟ وخصوصًا أين المشاركة؟ بقي هذا الطعام: هو سيدوّد وسينتن. لماذا لم تعطوه؟

5 - تعليمان اثنان

آ 21: »وكانوا يلتقطونه في كلّ صباح، كلُّ واحد على قدر حاجته. فإذا حميت الشمس يذوب«. في كلّ آية هناك تعليم. كلّ صباح. إذًا الإنسان يعمل كلّ صباح. العمل هو أساس حياتنا، العمل ليس بعقاب، العمل هو ما ينمّي شخصيّتنا، العمل هو ما يجعلنا نكتفي ونكفي عيالنا ونعطي.

مار بولس يقول لنا: تجنّبوا الكسل. من لا يشتغل لا يحقّ له أن يأكل. أشخاص يعيشون على حساب الآخرين. كلّ صباح يجب أن نقوم لكي نلتقط طعامنا. كلّ صباح يجب أن نعمل لكي نؤمّن حاجاتنا.

وكانوا يلتقطونه في كلّ صباح، كلّ واحد على قدر حاجته. فإذا حميَتْ الشمس كان يذوب. هذا يعني الاجتهاد، الجدّ والكدّ الباكر، لتأمين الطعام والشراب لعيالنا.

إذًا كانت الفكرة الأولى، الفكرة المسيحيّة المؤمنة الرائعة، أنّ المساواة يجب أن تكون حاضرة في حياة الجماعة: من له الكثير لا يُبقي عليه بل يعطيه. ومن له القليل يتّكل على الربّ ويتّكل على إخوته. وهكذا يكون كلّ واحد عنده ما يكفيه، كلّ واحد يكون له الشراب والطعام حسب حاجته.

والتعليم الثاني يرتبط بيوم السبت.

آ 16: 22: »ولمّا كان اليوم السادس، التقطوا طعامًا مضاعفًا، غمرين لكلّ واحد... فجاء جميع رؤساء الجماعة وأخبروا موسى«. الطعام كان هنا، وكان كلّ واحد يأخذ غمرًا واحدًا، وعندما يأخذ كلّ واحد حصّته تفرغ الكميّة. لكن يوم الجمعة، ليلة السبت، اليوم السادس، جمعوا الغمر الأوّل وجمعوا الغمر الثاني، وكان بعدُ طعام.

إذًا الربّ هيّأ لشعبه، لمؤمنيه، طعام يومين، لا طعام يوم واحد. تعجّب الناس، فجاء رؤساء الجماعة وأخبروا موسى. تعجّب الناس أخبروا رؤساءهم والرؤساء أطلعوا موسى. أخبروا موسى: أمر عجيب! كلاّ، ليس عجيبًا أبدًا. الربّ هو الذي يهيّئ لنا طعامنا إذا عرفنا كيف نرتاح في اليوم السابع، يوم العطلة. نسمّيه هنا: يوم عطلة للربّ.

فقال لهم: إنّ الربّ يقول: غدًا يوم عطلة، يوم سبت مقدّس له. يوم الجمعة، اجمعوا، أمّا الغد فيومُ الراحة. هو يوم عطلة. سبت مقدّس له، مكرّس له. السبت. ونحن، الأحد هو يوم مكرّس للربّ. لا نستطيع أن نعمل ما نشاء فيه.

مهمّ جدٌّا أن نقول مقدّس أو مكرّس. يعني لا يخصّنا، لا نستطيع أن نعمل ما نريد في ذلك اليوم المقدّس، هو يوم للربّ. كما أنّا لا نستطيع أن نقيم حفلة راقصة في الكنيسة، كذلك لا نستطيع أن نعمل كلّ شيء يوم الأحد. ليس فقط على مستوى العمل، ليس فقط على مستوى التسلية. هو يوم مقدّس للربّ، هو يوم مكرّس له، نفعل ما يريده الربّ، نفعل ما يبارك أسبوعنا كلّه.

6 - يوم الربّ لأعمال الربّ

آ 23: »تابع موسى: ما تريدون أن تخبزوه فاخبزوه، وما تريدون أن تطبخوه فاطبخوه، وكلّ ما فضل احفظوه لكم إلى الغد«.

نجد هنا الشريعة التي تتوسّع فتصل إلى ربّات البيوت. فهنّ يؤمّنَّ الطعام في اليوم السابق للعطلة، بحيث يصبح يوم العطلة يوم مقدّس. لا يعملون فيه عملاً. بل يرتاحون، بل يتكرّسون لسماع كلام الله ولعيش المحبّة في أعماقها.

ما تريدون أن تخبزوه فاخبزوه، وكلّ ما فضل احفظوه لكم للغد. مثل المنّ. المنّ حُفظ إلى الغد ولم يحدث شيء فيه. وهكذا، كما كان الله في الأصل مع المنّ، يكون في كلّ ظروف حياتنا سواء كنّا في الريف أو في المدينة ،في الصحراء أو في الحقول. فما طلبه الربّ من شعبه في يوم من الأيّام، يطلبه من كلّ واحد منّا، وهو الذي يعرف كيف يؤمّن لنا ما نحتاج إليه.

هنا نتذكّر ما يتعلّق باليوبيل. اليوبيل يعني السنة الكاملة التي لا تُفلَح فيها الأرض. لكن النصّ سيقول: لا تخافوا. الربّ سيؤمّن لكم الطعام من سنة إلى سنة حتّى تعود السنة إلى مسيرتها الطبيعيّة، على مستوى الزراعة وعلى مستوى الفلاحة.

7 - يوم الربّ يوم الراحة

»وكلّ ما فضل احفظوه لكم إلى الغد«، فتركوه إلى الغد، كما أمر موسى، فما أنتن ولا كان فيه دود. إذًا تبدّل الوضع من يوم الاثنين إلى يوم الثلاثاء إذا كان هناك من بقايا فهي تدوّد. أمّا من يوم قبل العطلة يعني الجمعة إلى يوم العطلة، أي السبت، إذا تركنا بعض الطعام، فهو لا ينتن ولا يدوّد.

كلّ هذا تعليم روحيّ لا نأخذه على حرفيّته. وهذا التعليم هو منارة تُفهمنا كيف نتصرّف مع الخيرات التي تعطى لنا. تعلّمنا كيف نرتاح، كيف نتجرّد من العمل والعمل المتواصل والعمل الذي لا يعرف الراحة.

سيقول النصّ في سفر الخروج: ليس فقط الإنسان يرتاح هو وزوجته والخادم والخادمة، بل الحيوان في بيته يرتاح. الجميع يرتاحون، والراحة لها أهمّيّتها في الحياة الاجتماعيّة. الراحة هي انفتاح على حضور الربّ، على عطاء الربّ، على بركة الربّ، على قداسة الربّ. هذا ما طلب موسى من الشعب بمناسبة هذه العطيّة، عطيّة المنّ للشعب. أفهمهم أنّ هذه العطيّة ترتبط بشريعة الربّ، وتطلب من المؤمن أن يحيا بحسب هذه الشريعة. من شريعة الاحترام ليوم السبت الذي هو مقدّس ؟، إلى شريعة المحبّة والمشاركة والمقاسمة بحيث لا يكون هناك أغنياء أغنياء، وفقراء فقراء، بل يكون لكلّ واحد ما يحتاج إليه.

وفي النهاية، هذا لا يكون في حياتنا على الأرض، ولكن في النهاية في ساعة الموت، ستكون المساواة التامّة. سيكون لكلّ واحد بضعة أمتار في الأرض ينام فيها النومة الأخيرة.

وهكذا ينبّهنا النصّ منذ الآن، أن نجعل ما نملكه مشاركة بين الآخرين، وأن نعرف في النهاية أنّ الربّ الذي يعطينا يومًا بعد يوم، غذاء كلّ يوم بيومه، يعلّمنا الراحة التي فيها نرفع رؤوسنا إلى الله فنرى مجد الربّ. آمين.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM