الفصل 26: الرسالة إلى أفسس

الرسالة إلى أفسس

المقدّمة: شرح رسالة بولس إلى أهل أفسس

كتب الرسول السعيد هذه الرسالة إلى أهل أفسس، ولم يكن رآهم بعد أن كانوا قد تنصّروا. وجعل يجتهد، فيما كتب إليهم، أنّ مجيء المسيح سبَّب للناس فعل الخيرات، وأوصل إليهم النعيم في الآخرة. وجعل تعليمه في هذه الرسالة على جهة الشكر. فجمع في ذلك تثبيتًا للديانة، وموعظة فيما يلائم السيرة الجميلة. وإنّما كانوا يتوقّعون حلول العقوبة بسبب الخطايا، وشرح لهم أنّه إذ كان قد رُتِّب معلِّمًا للأمم، يجب عليه أن يكتب إليهم ما يزيدهم بصيرة وثباتًا، ويدفع الشكّ عنهم فيما أخذوا عن الذي نصَّرهم، وأن يعدّ هذا التعليمُ جميع الأمم. إلاّ أنّهم استحقّوا عنده المكاتبة، كي يزدادوا اجتهادًا في حفظ ما عُهد إليهم.

تبارك الله (1: 3-17)

3 مبارك هو الله، أبو سيّدنا يسوع المسيح، الذي باركنا بجمع بركات الروح، في السماء، بالمسيح.

البركة في الكتب على جهتين. فإذا كانت منّا إلى الله، فذلك دليل على الشكر له على نعماءه. وإذا كانت منه إلينا، فهي معونته إيّانا ورفْعُ جاهنا. يقول: إنّ الله مستحقّ لكلّ شكر وحمد، لأنّه بالسياسة (= بالتدبير) التي أكملها على يد ابنه المسيح، ضمنَ لنا أن يجعلنا غير مائتين ولا فاسدين، ويرفعنا إلى مثوى السماء.

4 كما تقدّم فاختارنا به من قبل إنشاء الدنيا، لنكون أطهارًا غير ذوي عيب بين يديه. وبالحبّ سبق فوسمنا له.

يقول: »في سابق علمه، أفرزنا لذلك بالمسيح لنقبل منه الخيرات. ولندوم في الطهارة الكاملة، إذ لا نقبلُ شيئًا من عيوب الخطيئة، بل نكون غير ذوي ملامة، كمسرّته في الآخرة«.

هو بالمحبّة انتخبنا، وليس بالجزاف (= مصادفة ومخاطرة).

5 ورتّبنا بنين بيسوع المسيح، كما أرضى مشيئته.

لأنّه على يد المسيح أُعطينا الوعد الثاني وروح ذخيرة البنين.

6 ليُحمَد مجدُ نعمته، التي أسبغها علينا على يد حبيبه.

7 الذي به لنا الخلاص، وبدمه غفران الخطايا، كغنى نعمته.

يقول: »بالمسيح الذي ذاق الموت بدَلَنا، أخذْنا الفرج من خطايانا، لأنّ المسيح مات عنّا، ونجّانا من سلطان الموت، وأعطانا رجاء القيامة التي نأمل الدوام فيها بلا خطيئة«.

8 التي تفاضلت فينا بكلّ حكمة، وبكلّ فهم الروح.

9 وأعلمنا سرّ مشيئته، الذي كان تقدَّم فوضعَه.

10 ليفعل له تدبير كمال الأزمنة، ليتجدّد كلّ شي من ذي قبل بالمسيح، ما في السماء وما في الأرض.

لأنّ كلّ شيء إنّما كان ينبغي أن يُدبَّر بالترتيب والنظام. فلمّا تمّت الأزمنة التي علم أنّه ينبغي أن يتلو عليها خلاص الكلّ، أظهر أمر المسيح »ليتجدّد«. يعني بتجديد كلِّ ما في السماء وما في الأرض، الألفة والاتّفاق الذي يكون للملائكة والناس في الآخرة، حين يجتمع الكلُّ إلى واحد، وينظر إلى واحد (= الآخر) بحيث لا يخالف بعضهم بعضًا.

11 وبه انتخبَنا نحن، كما تقدّم فوسَمنا. وشاء ذلك الذي يفعل كلاٌّ (= كلّ شيء) كرؤية مشيئته.

12 أن نكون نحن معشر الذين سبقْنا فرجونا المسيح لبهاء مجده.

يقول: »بسبب هذه الخيرات، تقدّمَ الله فأحرز إيّانا لنكون نحن معشر المؤمنين المؤهَّلين لهذه الخيرات، سببًا لأن يعظَّم (الله). ويقرَّظ، ويُشكَر، على سبوغ نعمه علينا. فقبل نُجوز المواعيد بما في الآخرة، صحَّ إيمانُنا بالمسيح ورجاؤنا لتحقيق ما وُعد«. وعمَّ هذا القولُ المتنصّرين في ذلك الزمان، وسائر النصارى في عصر بعد عصر.

13 الذي أنتم أيضًا به سمعتم كلمة الحقّ، التي هي بشارة حياتكم، وبه آمنتم وخُتمتم بروح القدس الذي كان وُعد به.

خُتمتم. أي نلتم تحقيق ما آمنتم به، بقبول عطيّة الروح، أي العجائب والآيات.

14 تلك التي هي عربون ميراثنا لخلاص الذين يحبّون، ولمجد كرامته.

شرح بذلك قوله، فعنى بالعربون عطيّة الروح التي خَتمت لهم كمالَ النعم في ملكوت السماء.

15 من أجل هذا، أنا أيضًا، هاءنذا منذ سمعتُ بإيمانكم بربِّنا يسوع المسيح، وبمحبّتكم لجميع الأطهار.

16 لست أهدأ من الشكر عنكم والذكر لكم في صلواتي

17 أنّ إله ربّنا يسوع المسيح، أبا المجد، يؤتيكم روح الحكمة بعلمه.

في هذه المقالة، تناول الإنسانَ المأخوذ خاصّة. وتناول الإنسان والكلمة الحالّ فيه. ما تأويل ذلك على الإنسان؟ لأنّه مخلوق من جبلة آدم. وسمَّى الآب أبا المجد، لأنّ ذلك الجوهر مجيد، عجيب. هو يؤتي المجد والرفعة. وما التأويل على اللاهوت والناسوت؟ فكقول غريغوريوس إنّ العلامة في أنّه متى مَيّزتَ الطبيعتين في الفكر، ميّزتَ معهما الأسماء أيضًا. إسمع بولس إذ يقول: »لله ربِّنا يسوع المسيح أبو المجد. فهو إله للتسبيح وأب للمجد«.

»يؤتيكم«. يقول: »أصلّي وأدعو أن تُؤتوا من (عند) الله نعمة الروح لتمتلئوا حكمة ومعرفة الله. وأن يُوحى إلى عقولكم ما لا يُوصَف من أمور الآخرة. كما يسطع النور على الأجرام الصافية. أي: لأيّ رجاء وأمل دُعينا«.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM