الفصل 18: الرسالة إلى أفسس تفسير ديونيسيوس ابن الصليبيّ

تفسير ديونيسيوس ابن الصليبيّ

الرسالة إلى أفسس الفصل الأوّل

وأيضًا تفسير الرسالة إلى أفسس. أفسس المدينة هي مطروبول آسية وسجدت لأرطاميس... خرج منها الفلاسفة: فيتاغوراس، زينون، ديموقراطيس وآخرون. ولأنّ فيها حكمة كثيرة، وضع فيها بولس رعاة رفيعين لتعرّف لرؤساء السماء وسلاطينها بواسطة الكنيسة. حكمةُ الله ويوحنّا الإنجيليّ أرسل ليكرز في هذه المدينة. ومنها أرسل إلى جزيرة بطمس منفيًّا. وفيها مات. وفيها ترك بولسُ تيموتاوس.

1: 1-6. بولس رسول يسوع المسيح بإرادة الله للذين هم في أفسس، القدّيسين والمؤمنين بيسوع المسيح. السلام معكم والنعمة من الله أبينا ومن ربّنا يسوع المسيح. مبارك الله أبو ربّنا يسوع المسيح. هو الذي باركنا بكلّ بركات الروح. في السماوات، في المسيح، كما سبق واختارنا من قبل تأسيسات العالم لنكون قدّيسين وبلا عيب قدّامه، وفي الحبّ سبق فرسمنا (هيّأنا وأعدّنا) له وجعلنا أبناء بيسوع المسيح كما حسن لإرادته. يسبَّح مجد نعمته التي أفاض علينا بيد حبيبه.

بولس الرسول. رسول المسيح. بإرادة الله: إرادته بأن نؤمن بالابن، وإرادتهما واحدة. القدّيسون والمؤمنون. دعا قدّيسين أناسًا لهم نساء وأبناء وعبيد، لأنّهم تقدّسوا بالإيمان. وآمنوا بالتدابير القويّة. نعمة من الله. نعمة من الآب. واللهَ دعا الآب. مبارك الله أبوه. هو مبارك حقًّا ذاك الذي أهّلنا لخيرات لا تُوصَف. من أجلنا صار المسيح إنسانًا، ورؤي في الجسد (ب س ر ا: بشرًا، من لحم ودم). لهذا دعا بولس الله الآب. هو الذي باركنا بكلّ بركات الروح. رمز إلى بركة اليهود التي هي أرضيّة: يبارك ثمار بطنك، وتأكلون خيرات الأرض. لكنّ بركة الروح التي هي سماويّة، جعلتنا لامائتين، أبناء أحرارًا، أبناء. كما اختارنا فيه. بما أنّه باركنا اختارنا أيضًا. أسِّست تأسيسات ما أخذت من موضع، بل كانت مخلوقة من كيان داخليّ. لنكون قدّيسين. دعا قدّيسين بلا عيب ذاك الذي له الإيمان والتدبير. وبالحبّ سبق فرسمنا. لا من عملنا واستقامتنا، بل بحبّه رسمنا. الآب رسمنا وجعلنا أبناء. أمّا الابن فجعلنا، يسبَّح (بمجَّد) مجد نعمته. تسبحة (تمجيد) نعمته تتجلّى لكلّ إنسان. التي أفاض. ما حرّرنا من الخطايا (فقط)، بل صنع لنا جمالاً. مثل إنسان يأخذ شحّاذًا مسكينًا فيجعله شابًّا غنيًّا.

1: 7-14 الذي به لنا الخلاص. وبدمه غفران الخطايا كغنى نعمته التي كثرت فينا في كلّ حكمة وفي كلّ فهم الروح، وعرَّفنا سرّ إرادته التي سبق ووضع لنعمل بها لتدبير ملء الأزمنة بأن يتجدّد من البدء كلُّ شيء في المسيح، الذي في السماء وفي الأرض. وبه نحن انتُخبنا كما سبق ورسمنا وأراد ذاك الذي يصنع كلّ شيء لرضى إرادته بأن نكون نحن أولئك الذين سبقنا وبشّرنا بالمسيح لحمد مجده (تسبيحه)، وأنتم أيضًا فيه سمعتم كلمة الحقّ التي هي رجاء حياة وبه آمنتم وختمتم بالروح القدس الموعود. هذا الذي هو عربون ميراثنا لخلاص الذين يحيون ولمجد وقاره.

كغنى نعمته. الغنى لنا هو غفران الخطايا. فقد كثر فضل من أراق دمه بلا حدود، من أجلنا. وعرّفنا أسرار إرادته التي سبق ووضع. هذا رغب أن يجلو لنا سرّه. هو الذي سبق ووضع لنعمل فيه التدبير. هكذا يعلو الإنسان ويجلس فوقُ في السماء. وهذا هو التدبير. دعا المسيح ملء الأزمنة. لكي يتجدّد من البدء كلُّ شيء في المسيح. ككلمة الخلق. واحدٌ هو الله. بالوثنيّة تمزّق جوّ البيت بين الأرضيّين والسماويّين. وأيضًا دعا ملء الأزمنة مجيء المسيح. الذي في السماء، الذي في الأرض. السماء. كلمة الله هي الرأس. أمّا الأرضيّون فاحتقرهم وبه اختارنا إخوة. ما وصل إلينا في قرعة بسيطة، فالله هو الذي اختار وهو صنع الكلّ كرضى إرادته لنكون نحن أولئك الذين من القديم مرسومين أعمالاً لكي لا نتميّز بهذا عن اليهود.

به سمعتم كلمة الحقّ. به، أي بيدَيْ المسيح. وكلمة الحقّ. لا كلمة الرمز ولا صورة (يوقنا، صورة) شيء. وبه آمنتم وختمتم بالروح. ما بلغت إليكم القرعة ولا فعلتم، بل ختمتم بالروح مثل خراف المسيح. ولا بالختان مثل اليهود. وأيضًا هناك وعدان اثنان: واحد للأنبياء وآخر للابن بيد الأنبياء الذين بشّروا به وأيضًا واحد وعد به الله بيد يوئيل. وآخر مسيح موعود.

تأخذون قوّة من العلاء. وحين مضى أرسل لكم الروح، الذي هو عربون ميراثنا للخلاص. العربون هو النجاة. العربون هو حصّة. وهو يثبِّت في ما سيأتي. ما وهب من البدء كلَّ ميراث، لأنّه وجب أن يدخلنا نحن أيضًا في تدبيره. حينئذٍ صار الخلاص نقيًّا، حين نتحرّر من الآلام التي في العالم.

1: 15-23. من أجل هذا أيضًا، ما إن سمعتُ بإيمانكم الذي في ربّنا يسوع المسيح، وحبِّكم الذي تجاه القدّيسين، لا أسكت عن الشكر من أجلكم وذكركم في صلواتي، لكي يهب لكم إله ربّنا يسوع المسيح، أبو المجد، روح الحكمة والكشف بمعرفته، وينيرَ عيون قلوبكم لتعرفوا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه في القدّيسين، وما هو فضل عظمة قوّته فينا، نحن الذين آمنّا حسب صنع قدرة قوّته التي صنع في المسيح، وأقامه من بين الأموات، وأجلسه عن يمينه، في السماوات، فوق كلّ رئاساتٍ وسلاطين وقوّات وسادات وفوق كلِّ اسم يُسمّى، لا في هذا العالم فقط بل أيضًا في الآتي، وأخضع كلَّ شيء تحت رجليه، وله الذي هو فوق الكلّ وهبه رئيس الكنيسة التي هي جسمه، وكمّل كمال هذا الكلّ في كلّ شيء.

منذ سمعتُ بإيمانكم وحبّكم تجاه القدّيسين لا أسكت عن الشكر. في كلّ مكان. إيمان يتّحد بالحبّ. فمن أجل الخيرات هذه المحفوظة للذين آمنوا حقًّا وتدبّروا، لا أسكت عن الشكر في كلّ زمان. وأيضًا أتضرّع مرّتين لكي يتعلّموا ما قرئ ثمّ تلاشى. إله ربّنا يسوع المسيح، أبو المجد. مجد من الآب. فالمسيح هو الله. ودعاه الله من أجل التدبير. هو أبو المجد (التسبحة) من أجل خيرات عظيمة وحبّ لنا. ولم يكن يعرّفهم في تسمية كما قال عن الرحمة في موضع ما. يعطي لكم الروح. يرفع عقولكم فتطير لنفهم الروحيّات أي معرفة أسرار الله. وتقتنون معرفة الله وهي: ينير عيون قلوبكم، فتعرفون ما رجاء دعوته. للامؤمنين حتّى الآن، ليست الدعوة معرفة. وما هو غنى مجد ميراثه. ذاك الذي لا تستطيع الكلمة أن تظهر هذا المجد المحفوظ للقدّيسين. فضل قوّته فينا، نحن الذين نؤمن. تلك الكلمة تبيّن كيف أقام من بين الأموات ذاك الأرضيّ. ذاك الذي بلاهوت أحيا الأسماك، ذاك الذي هزئ بالشياطين بيد الروح الذي صنع للناسوت ذاك الذي أخذ منا ووحّده له مظهرًا كرامة تجاهنا. الذي صنع في المسيح وأقامه. كان المسيح لنا بداية كلّ جنسنا (البشريّ) قام. وأجلس عن يمينه فوق الرئاسات أي فوق كلّ خليقة منظورة ولا منظورة. جعل كلمة الله بشرًا (لحمًا) فوحّده منّا. وأخضع كلّ شيء تحت رجليه. قال: تحت رجليه. قال إخضاعًا كاملاً، فبعده لا يُوجَد آخر. وهبه رأسًا للكنيسة التي هي رأس كما قال حين بيّن أنّ كلّ جسد صعد. وكمال كلّ شيء. ما كان كمال بيد الرأس فقط وإلاّ نقصت الأعضاء. بل ملء الجسد رأس. وملء الرأس جسد.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM