الفصل 24: سيناء عربي كودكس 151

سيناء عربي كودكس 151

عصيان الجميع  (روم 3: 1-10)

1 فما فضل اليهوديّ إذًا، أو ما درك (= قيمة) الختان؟

يقول: ولعلّك يا يهوديّ تقول: فلا ربحَ لي إذًا من هذا الاسم، وإنّما تتباين عن الأمم باطلاً.

2 كثير في كلّ شيء. أمّا أوّل ذلك، فلأنّ (كلام) الله تحقّق.

يقول: فأنا أجيبك وأقول: أنّ الدرك من ذلك كثير. وأنا مادح لمبايعتكم الأمم.

يقول: أفضل الخيرات من ذلك، أي من الاسم والختان، هو أن صحَّت وصايا التوراة، على أن تكمل في خدمة الله.

3 لأنّه إن كان بعضكم لم يؤمنوا، أفلعلّهم بما لم يؤمنوا أبطلوا إيمان (= أمانة) الله؟

يقول: فإن نحن لم نفعل مسرّة التوراة، فليس اللوم على التوراة، بل علينا.

4 حاشَ من ذلك. وذلكم أنّ الله صادق وكلّ إنسان كاذب، كما هو مكتوب: "أنّك تكون عدلاً في كلامك، وتغلب إذا حاكموك".

يقول دليل ذلك أنّا إذا كذبنا، لم نستطع أن نغطّي صدق الله. ولتحقيق ذلك، جاء بشهادة الكتاب في المزامير.

يقول: "قد قال داود في طلب الرحمة لهم بعدما سُبوا إلى بابل لسوء أعمالهم. إنّك إن خاصمك (داود) وُجدتَ قد عاقبتنا العدل، ولم تكن لنا حجّة". فبان عن ذلك أنّه العدل، لأنّه قد عاقبهم، وأنّه المتفضِّل (= صاحب الفضل) لإمهاله لهم مرّة بعد مرّة.

5 فإن كان إثمنا يُثبت عدل الله، فماذا نقول؟ ألعلّ الله جائر إذ يجلب سخطته؟ إنمّا أتكلّم كالإنسان.

أثبت هذه الحجّة التي كان المحاري (= صاحب البرهان) يمكنه أن يردّ عليه بها. ثمّ ينقضها.

كان اليهود يقولون إنّ الله منعمٌ رحيم. فحين نخطأ يتنعّم علينا. فحوّلت قولهم الأممُ وقالت إنّ اليهود يقولون: "نعمل الشرّ ليكثر الخير". ويحتجّون عليهم بهذه الحجج. فأنكر (الرسول) ذلك ولم يقبل منهم.

إذ يجلب الرجز (الغضب) على الإنسان.

أي: هذا يظهر من قوله: "إن مخالفينا الظانّين أنّا معشر اليهود، نزعم أنّ شرَّنا يُثبت عدل الله وتفضّله (فضله، وفرة عطاياه).

6 حاش من ذلك. وإلاّ كيف يدين الله العالم؟

يقول: "حاشَ". بيّن أنّه قبيح أن يقول قائل: إن عقوبة الله ليست عادلة.

7 لأنّه إن كان حقّ الله تفاضل بكذبي لمجده هو، فلِمَ إذن أُعاقَب أنا كالخاطئ؟

يقول: إن كان شرّ الناس يُظهر جلال الله، ولا يمكن ظهوره إلاّ بخطاياهم، فبالباطل إذن ينزلُ النكال بالمجرمين.

8 أولعلّه كما يعيِّرون علينا ويقولون: إنّ نقول: "نعمل السيّئات لتأتي الخيرات". أولئك الذين عقابهم محفوظ للعدل.

كان اليهود يعيشون بهذا القول بأنّ الله صالح، رحيم. وإذ نحنُ نخطئ، في كلِّ حين يُظهر طيبَه وإحسانه، لأنّ، لا يتحوّل عن فضله. فغيّر ذلك قومٌ من الأمم وقالوا إنّ اليهود يزعمون أنّه ينبغي أن نعمل السيّئات، بعد أن أظهر الله فضله علينا. كشف بولس ذلك، ووبَّخ من حوّل قولهم.

يقول: "إنّ الذين يظلموننا بهذا الكلام، سوف يلحقهم عقابٌ عادل. وبيَّن بذلك شدّة حنقه على الذين ادّعوا على اليهود هذه الدعوى.

9 فأيّ فضلٍ في أيدينا؟ إذن، نحن الذين تقدّمنا فجزمنا على اليهود وعلى الأمم أنّهم كلّهم تحت الخطيئة.

يقول: فإذا وبّخنا الشعوب واليهود أنّهم مخطئون، فلنفضِّل الآن فصل أخينا وما إليه ندعو.

10 كما هو مكتوب "أنّه ليس بارّ ولا واحد".

هذه الشهادة مكتوبة في المزمور الثالث عشر على ما في اليونانيّ، وفي المزمور الثاني والخمسين (مز 14: 53).

حرّيّة الله المطلقة

9: 17-22

17 لأنّه قد قال الكتاب لفرعون: "إنّي إنّما أقمتك لهذه، كي أُظهر بك قدرتي، ولكي يُنادى باسمي في الأرض كلّها.

أثبت أيضًا هذه الحجّة (= البرهان) عنهم من السفر الثاني من التوراة (= الخروج) لاستقصائه على نفسه (وكأنّ الرسول يتكلّم عن نفسه). وذلك أنّهم كانوا إذا تأوّلوا كلام الكتاب على ما يهوَون، كانوا يحتجّوا بحجّتين. إحداهما، إن كان الله يجعل الذين يشاء صالحين وطالحين، فلا استطاعة لنا أن نختار أحد الأمرين. والأخرى، إن كان يُنعم بالخيرات على من يشاء، ويُنزل أنكال بمن يشاء، فليس أسباب ذلك من عندنا.

18 فهو إذًا يرحم من يشاء، ويتعصّب (= يشدّد) على من يشاء.

19 وعساك أن تقول: "على ماذا يلوم (الله) لأنّه من يقاوم مشيئته"؟

جعل الآن يفسخ الحجّة الأولى. يقول: "فأنتَ الآن تقول إنّك لست تستوجب لائحة على الذهوب ولا عقوبة لأنّك بالجبر تتبع مشيئة الله.

20 فأنتَ الآن من أنت، الإنسان، حيت تراد (تردّ) على الله بالحواب؟ ألعلّ الجبلة تقول لجابلها: "لماذا جبلتني هكذا"؟

يفسخ الآن هذه الحجّة بالتوبيق (أي الإلغاء). يقول: أخبرني، يا أيّها الزاعم، أنّه ليست لك استطاعة تفعل بها ما شئت. كيف قولك في نفسك إنّك تستطيع تمييز الخير من الشرّ، وأنّك بالجبر (= مجبرًا) تفعل ما يشاء الله؟ وها أنت ذا تُوجَد على خلاف قولك. وذلك أنّك بمرادتك (بردّك على) لله ومجاوبتك إيّاه، تدلّ أنّك بالحقيقة تعلم الفرق بين الخير والشرّ، لأنّك تفاضل منهما كليهما، وتجتهد أن تنسب إلى الله بسبب ما تفعل كيما تبرّئ نفسك من اللائحة على ما نرتكب. فإن كان ليس من شأن من لا يعلم ما الفرق بين الخير والشرّ المماحّة عنهما (موضوع الجدال)، فكيف قلتَ: "من يقاوم مشيئته"؟ وظهر أنّك قد قاومتَهُ بقولك. فلست إذًا بموافقتك مشيئتَه تفعل جميع ما تفعل، بل بمشيئته نفسك وهودك تؤثّر (= ترغب) الموافقة لشرائعه أو المخالفة لها.

"ألعلّ الجبلة". جاء بقياس ممّا يحدث بين العامّة، وهدف كتاب أشعيا النبيّ، أي آنية خزف من الأواني التي عُملت للبدلة، لامتْ صانعَ الخزف وقالت: لِمَ لَمْ تجعلني للصوف" (لكي أحفظ، لا لأنّ أبذل)؟ فلو كنتَ هكذا خلقك الله غير ذي عقلٍ ولا تمييز، موضوعًا في خلقتك إلى الشرّ كالأشياء التي لا نطق لها، وأوعية الخزف لم تكن تبيّن فيك تمييز الخير من الشرّ، ولا كنتَ تعني بإلحاق اللائمة على أفعالك بالله، بل كنتَ لا محالة متَّبعًا لما رُكِّب في طبعك، مسرورًا به، مهما كان. فأمّا الآن، فإذ كنتَ تعرف الخير وتجادل فيه وتذمّ عمل الشرّ، وتحتال أن تضيف علّة ذنبك إلى الله، فقد بان النطقُ والعلمُ الذي في جوهرك، وهو العلم الذي به تُحسّ أن تميّز الخير من الشرّ، وتختار مهما شئتَ منهما، وذلك أنّه لو كان الله أجبر طبيعتك على مشيئته، إلاّ أنك ها أنت ذا تجادل في تمييز الخير والشرّ، وتمدح الخير وتذمّ الشرّ، فاعرف من ذلك أنّك لم تُجبَر على الشرّ من قِبَلِ الله، بل بإرادتك تختار ما يُعجبك.

21 أوليس الفاخرانيّ (الفخّار) مسلَّطًا على طينه أن يعمل من الجبلة أواني، بعضها الكرامة بعضها للهوان.

22 فإن كان شاء الله أن يبيّن رجزه (= غضبه) ويعرِّف بقدرته، جلب، بكثرة طول أناته، الرجز على أواني الرجز للهلاك.

يقول: فإن سألتَ: لمَ ليس كلُّ الصالحين يُثابون في الدنيا، ولا كلّ الطالحين يُعاقَبون في الدنيا، قلنا إنّ هذه الدنيا جعلها الله (أو عمل) لا دار ثواب وجزاء، لأنّ الجزاء أفرز له الآخرة، إلاّ أنّه لمّا أراد أن لا يُشكّ في الجزاء الكامن في الآخرة، أظهر في هذه الدنيا أشياء تدلّ على حقيقة ذلك، كي يستصلحنا بذلك. فربّما أنزل العقوبة ببعض الطالحين لتوبيخ أمثالهم. وربّما أنعم على الصالحين لتحريض نظراتهم وتثبيتهم، فهو يمهل للأشرار مثل فرعون حتّى يعظُم شأنهم في هذه الدنيا. فإذا ظهرت شرورهم لكلّ أحد، أنزل بهم حينئذٍ النقمة، ليعطي الناس "قياس" (نموذج) أنّ الخاطئين لن ينجوا من العقوبة. وكذلك يُشرّف الصالحين بلا أمل، كفعله بموسى وغيره، ليدلّ على شرف الثواب الذي يُعطى للأبرار في العالم المزمع.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM