إنتقال مريم

إنتقال مريم

الرسالة : روم 12: 9-15

الإنجيل : لو 10: 38-42

قواعد الحياة المسيحيّة

يا إخوتي، لتكن المحبّة صادقة. تجنّبوا الشرّ وتمسّكوا بالخير. وأحبّوا بعضكم بعضًا كإخوة، مفضّلين بعضكم على بعض في الكرامة، غير متكاسلين في الاجتهاد، متّقدين في الروح، عاملين للربّ. كونوا فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصلاة. ساعدوا الإخوة القدّيسين في حاجاتهم، وداوموا على ضيافة الغرباء. باركوا مضطهديكم، باركوا ولا تلعنوا. إفرحوا مع الفرحين وابكوا مع الباكين.

في عيد انتقال مريم العذراء من هذه الدنيا إلى الآخرة، انتقالاً تامًّا في النفس والجسد إلى ملكوت السماء، تقدِّم لنا الكنيسة برنامج حياة عاشته هذه الأم وهي تدعو أبناءها للعيش على مثالها. من عاش مثل هذا المثل دلّ على أنّه دخل في الحياة الجديدة مع المسيح. في عيش المحبّة الصادقة، المحبّة الأخويّة، المحبّة العمليّة.

1- محبّة بلا رياء

الرياء هو أن تظهر غير ما تبطن. أن تقول شيئًا وتفعل شيئًا آخر. أو أن تقول وتدعو الناس إلى العمل وأنت لا تعمل. في كلام آخر: الكذب، الغشّ، عن مثل هذا الرياء تكلّم يسوع. بل هو هاجم المرائين وأنذرهم بالويل الآتي عليهم: الويل لكم أيّها الفرّيسيّون المراؤون. وكيف يكونون مرائين؟ لا يعملون شيئًا إن لم يشاهدهم الناس. يحزمون الأحمال الثقيلة من وصايا ومتطلّبات على الآخرين، وهم لا يفعلون شيئًا.

محبّة مريم بعيدة كلّ البعد عن هذه المحبّة. ومحبّتنا أيضًا. هي صادقة. تقول وتفعل. تصرخ يا ربّ، يا ربّ. وفي الوقت عينه تفعل ما يطلبه الربّ. في شكل سلبيّ، نتجنّب الشرّ بكلّ أنواعه. وفي شكل إيجابيّ، نلازم الخير. نتعلّق به على أنّه كنز لا نتخلّى عنه مهما كانت الظروف. ولكنّ الخطر هو أن نبقى على مستوى الكلام والعبارات الفضفاضة: أنا أحبّ الجميع. أريد الخير للجميع. حسن. ولكن ماذا فعلت من أجل أخيك، أختك، جارك، رفيقك في العمل؟ هل تساءلتَ عند المساء: أيَّ عمل صالح عملتُ اليوم؟ فتشكر الله. أو لا سمح الله تندم، وتستعدّ لليوم الثاني. فحياتنا مبنيّة بأعمال الخير، ونار الربّ تمرّ فيها كلّ يوم. يا ليت حياتنا فضّة وذهبًا فتصبح أكثر نقاء وأكثر جمالاً مثل حياة مريم.

2- محبّة أخويّة

العبارات كثيرة التي نردّد: أنا أحبّ البشريّة. أنا لا أكره أحدًا. من يحبّني أحبّه. والنتيجة لا تكون بحسب مشيئة الله. وإن كان أحد يكرهني، هل أكرهه؟ إن كان يبغضني، هل أبغضه؟ في مثل هذا الموقف، ننسى دستور يسوع: أحبّوا أعداءكم. إن أحببتم من يحبّكم فأيّ فضل لكم. أحسنوا إلى من حولكم. لا تدينوا أحدًا، لا تحكموا على أحد. ليكرم الواحد أخاه، وليعتبره أفضل منه على مثال المسيح الذي ما تمسّك بما عنده، بل تخلّى عن ذاته فصار إنسانًا، بل عبدًا طائعًا حتّى الموت على الصليب.

وتبدأ المحبّة مع الإخوة، مع القريبين منّا. لكي تكون محبّتنا لله صادقة. كيف أقول أنا أحبّ الله ولا أحبّ أخي. من أحبّ الله أحبّ أخاه أيضًا. طلب منك أحدٌ مساعدة، أقرضه، بل أعطه. فالمال الذي في يديك أقرضك الله إيّاه لكي تعطيه لا لكي تنعم به وحدك مثل ذاك الغنيّ الذي لم يعطِ لعازر بعض الفتات المتساقط عن مائدته. في أيّ حال، حين تعطون يعطيكم الله ولن تكونوا يومًا أكرم منه. والمحبّة تدعونا إلى أن نساند إخوتنا، أن نغفر لهم إساءتهم، أن نترك قساوة القلب تجاههم. أن نبتعد عن العنف.

والأخ لا يكون فقط ذاك الذي وُلد مثلي من حشا واحد. والقريب لا يكون فقط ذاك الذي بيته قرب بيتي، ودينه كديني، وطائفته كطائفتي. مع المسيح سقطت كلّ الحواجز. قال الربّ: أبوكم واحد وكلّكم إخوة. وهكذا تصبح المحبّة الأخويّة محبّة لا حدود لها.

3- المحبّة العمليّة

قال يسوع في عظة الجبل: "ما كلّ من يقول لي: يا ربّ، يا ربّ، يدخل ملكوت السماوات، بل من يعمل". هذا هو الشرط الأساسيّ. يقولون: نويتُ أن أعمل ولكن. يا ليت إمكانيّاتي تسمح لي! ولكن هل نسيت فلس الأرملة؟ أخوك في حاجة، لا تغلق عنه أحشاءك. ماذا يفيد أن تقول له: الله يعطيك. فالله أعطاك لتعطيه. من مالك، من وقتك، من فرحك، من رجائك، من صلاتك.

والمحبّة العمليّة تعلّمني التصرّف في حياتي اليوميّة. أتكون صلاتي في التكاسل أم في الاجتهاد؟ والمشاركة مع الجماعة وأعمال العبادة؟ أهي بحرارة أم بفتور؟ في أيّ حال، الفاتر يتقيّأه الله. وكيف أتصرّف في الوقت الضيّق والصعوبة. هنا تُعرف محبّتنا لله وعمق إيماننا وثبات رجائنا. وفي كلّ الظروف نحافظ على الفرح الذي ينبع من قلب جدّده الله حين حلّ فيه. ومريم تبقى المثال لنا. مجّدت الله في حياتها، فمجّدها حين نقلها إليه لكي تكون بجانب ابنها.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM