عيد الميلاد

عيد الميلاد

الرسالة : عب 1: 1-13

الإنجيل : لو 2: 1-20

الله يكلّمنا بابنه

يا إخوتي، كلّم الله آباءنا من قديم الزمان بلسان الأنبياء مرّات كثيرة وبمختلف الوسائل، ولكنّه في هذه الأيّام الأخيرة كلّمنا بابنه الذي جعله وارثًا لكلّ شيء وبه خلق العالم. هو بهاء مجد الله وصورة جوهره، يحفظ الكون بقوّة كلمته. ولمّا طهّرنا من خطايانا جلس عن يمين إله المجد في العلى، فكان أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسمًا أعظم من أسمائهم. فلمن من الملائكة قال الله يومًا: "أنت ابني وأنا اليوم ولدتك؟" وقال أيضًا: "سأكون له أبًا ويكون لي ابنًا". وعندما أرسل ابنه البكر إلى العالم قال أيضًا: "لتسجد له كلّ ملائكة الله". وفي الملائكة قال الله: "جعل من ملائكته رياحًا ومن خدمه لهيب نار". أمّا في الابن فقال: "عرشك يا الله ثابت إلى أبد الدهور، وصولجان العدل صولجان ملكك. تحبّ الحقّ وتبغض الباطل، لذلك مسحك الله إلهك بزيت البهجة دون رفاقك". وقال أيضًا: "أنت يا ربّ أسّست الأرض في البدء، وبيديك صنعت السماوات، هي تزول وأنت تبقى، وكلّها كالثوب تبلى. تطويها طيّ الرداء فتتغيّر، وأنت أنت لا تنتهي أيّامك". ولمن من الملائكة قال الله يومًا: "إجلس عن يميني حتّى أجعل أعدائك موطئًا لقدميك؟"

وُلد يسوع في مذود، حيث وضعته أمّه لئلاّ تدوسه الحيوانات. لا شيء يميّزه عن أولاد الفقراء في أيّامه. ومع ذلك، جاء الرعاة يسجدون له ويخبرون كلّ ما قيل لهم في شأنه. كان في بيت من البيوت، لا في قصر، ومع ذلك جاء إليه المجوس، هؤلاء الوثنيّون الذين يمثّلون البشريّة منذ سام وحام ويافث، فسجدوا له وقدّموا له هداياهم من ذهب ومرّ ولبان. فمن هو هذا الموضوع في القمط والذي لا يفترق في شيء عن الأطفال الذين وُلدوا في تلك الليلة الفريدة التي فيها أنشد الملائكة: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر؟

تقول لنا الرسالة إلى العبرانيّين: هو شعاع مجد الله. هو صورة جوهره. هو ضابط الكلّ بكلمة قدرته.

1- يسوع شعاع مجد الآب

مجد الله هو في ذاته. وكلّ ما للآب هو للابن. ومجد الله يظهر لنا من خلال أعماله. منذ البدء، خلق الله ما خلق. وقال الكتاب: رأى الله أنّ ذلك حسن، بل حسن جدًّا. لهذا أنشدت السماء مجد الله والأرض عمل يديه. ومجد الله يظهر في التاريخ. كلّ مرّة يحمل الخلاص يظهر مجده، ولا سيّما بالنسبة إلى الضعفاء والمساكين واليتامى والأرامل.

ولكنّ هذا الخلاص كان ناقصًا بسبب الإنسان. ولمّا تجسّد ابن الله، ووُلد على أرضنا، صار الخلاص كاملاً. فبدون اسم يسوع لا خلاص لإنسان. وهذا المجد لم يشعّ بكلّ إشعاعه. إلاّ حين وُلد الابن. حينئذٍ ظهر مجد الله في كلّ قوّته. صار الله نفسه حاضرًا على الأرض. صار النور الذي أنار ليلة الميلاد، بل أنار البشريّة فأفهمه أين هو الخلاص الحقيقيّ، أين هو السلام، أين هو الرجاء.

2- يسوع صورة جوهر الآب

الله لا يُرى. الله لا يحيط به إنسان. لا يدركه. لا يعرف اسمَه. هو من هو. هذا ما قاله لموسى. والويل لمن يرى الله، فحياته تكون مهدّدة. لأنّ ما من أحد يرى الله ويبقى حيًّا، يبقى على قيد الحياة، هو نار محرقة.

في يسوع الذي هو وحده صورة الله الكاملة، صار الله منظورًا، لمسناه، رأيناه، سمعناه. قال لنا: من رآني رأى الآب. البشر كلّهم خليقة الله. وحده يسوع جوهر الله. مساوٍ للآب في الجوهر. الملائكة خلائق الله. وجدوا للخدمة. أمّا يسوع فهو الابن. عرشه إلى دهر الدهور. صولجانه صولجان الاستقامة. بعد أن أتمّ تطهير الخطايا. جلس عن يمين الجلالة في الأعالي. جلس عن يمين الله ليدين معه البشريّة كلّها.

3- يسوع ضابط الكلّ بكلمته

هذا الذي وُلد في ملء الزمن هو فوق الزمن. ذاك الذي كوّن جسمه مثل كلّ الأجسام، يفترق من كلّ إنسان. إن كان ابن الشر، فهو أيضًا ابن الله. وسلطته سلطة الله. وقدرته قدرة الله. به خُلق كلّ شيء، وبدونه ما وُجد شيء من الموجودات. هو يقيم على الأرض، ولكنّه هو الذي أسّس الأرض منذ البدء. هو يقيم في السماوات، ولكنّ السماوات بعظمتها هي صنع يديه. الأرض والسماء تزولان: تبليان كالثوب. أمّا الابن فهو منذ الأزل إلى الأبد.

كلمته كافية. قال: ليكن نور. فكان نور. قدرته هي قدرة الله بالذات الذي نسمّيه في النؤمن "ضابط الكلّ، خالق السماء والأرض". فإن كان الابن هكذا، فكيف نقابله مع الملائكة وهم خدّام الله؟ وكيف نقابله مع موسى الذي هو خادم في البيت وحسب؟ أمّا يسوع فهو الابن. وكيف نقابله اليوم مع معلّمين، وتعليمه تعليم الله؟ ومع مقتدرين، وقدرته قدرة الله، وفاعلين، وحضوره حضور الله على الأرض؟

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM