تقديم

في جزء أوّل، قدّمنا تأمّلات في النصوص الكتابيّة التي نقرأها في كلّ أحد من آحاد السنة. ننطلق من الإنجيل، ونتوسّع في "الرسائل" بالمعنى العامّ. مار بولس هو ما اعتدنا أن نقرأه في الليتورجيّا المارونيّة. ولكن في الإصلاح الأخير، قُدّمت نصوص من سائر كتب العهد الجديد.

ففي البداية، كانت ستّ قراءات في الطقس المارونيّ. ثلاث من العهد القديم، كما كان يفعل اليهود: "ت و ره" أو التوراة في المعنى الحصريّ، أي أسفار موسى الخمسة: التكوين، الخروج، اللاويّين، العدد، التثنية. والثانية من الأنبياء (ن ب ي ي م): يشوع، القضاة، صموئيل، ملوك، أشعيا، إرميا، حزقيال، الاثنا عشر. وسوف يُضاف دانيال. والقسم الثالث، سائر الكتب (ك ت و ب ي م).

وأضافت الكنيسة ثلاث قراءات من العهد الجديد: الإنجيل، رسائل مار بولس، أعمال الرسل والرسائل الكاثوليكيّة. أمّا سفر الرؤيا فلم يكن له دور، لأنّه لبث خارج اللائحة القانونيّة، حتّى القرن العاشر.

بقيت هذه القراءات الستّ في صلاة الفرض الإلهيّ. أو هي انقسمت بين صلاة الصباح وصلاة المساء. أمّا في القدّاس، فاحتفظ الاحتفال برسائل مار بولس التي هي أولى الشهادات عن يسوع، والأناجيل الأربعة.

وهكذا كانت تأمّلاتنا في رسائل بولس الرسول. في ثلاث محطّات. الأولى، أعياد السيّد المسيح وأمّه العذراء. في الثانية، أعياد بعض القدّيسين الذين تهتمّ لهم كنائسنا اهتمامًا خاصًّا. وهذا لا يعني أنّه لا يحقّ لنا أن نعيّد غير المذكورين في هذا الكتاب. فهناك أعياد شعبيّة كان بالإمكان أن نهتمّ بها مثل مار دوميط، مار أسيا، مار ساسين، مار روكس، القدّيسة ريتّا، القدّيسة تقلا... وتستطيع اللائحة أن تطول.

أمّا المحطّة الثالثة، فهي تتضمّن احتفالات خاصّة، لا بالقدّيسين ولا بالشهداء، بل بالذين ما زالوا على قيد الحياة. وجاءت النصوص في سبع مناسبات. إنطلقنا فيها من الواقع الذي نعيشه، وحاولنا أن نقدّم الجواب في ضوء كلام الله. وكانت رسائل بولس الرسول قائدتنا. ذكرنا مرّة واحدة العهد القديم، ابن سيراخ، لأنّا رأينا فيه ما يحدّثنا عن الأمّ، عن الوالدين، في لغة إنجيليّة.

ذاك هو الجزء الثاني من هذه التأمّلات، الذي نقدّمه للمؤمنين بشكل عامّ، ولحاملي كلام الله بشكل خاصّ. نرجو أن يغذّي حياتنا كما غذّى حياة الذي كتبه، والذين سمعوه. في أيّ حال، كلام الله لا يبقى خارجًا عنّا. فإن دخلنا فيه دخل فينا، فأغنيناه بخبرتنا وأغنانا بوحي انطلق من الأنبياء فوصل إلى يسوع المسيح.