الأحد الرابع من القيامة

الأحد الرابع من القيامة

الرسالة : أف 2: 1-10

الإنجيل : يو 21: 15-19

من الموت إلى الحياة

يا إخوتي، فيما مضى كنتم أمواتًا بزلاّتكم وخطاياكم التي كنتم تسيرون فيها سيرة هذا العالم، خاضعين لرئيس القوّات الشرّيرة في الفضاء، أي الروح الذي يتحكّم الآن بالمتمرّدين على الله. وكنّا نحن كلّنا من هؤلاء نعيش في شهوات جسدنا تابعين رغباته وأهواءه، ولذلك كنّا بطبيعتنا أبناء الغضب كسائر البشر. ولكنّ الله بواسع رحمته وفائق محبّته لنا أحيانا مع المسيح بعدما كنّا أمواتًا بزلاّتنا. فبنعمة الله نلتم الخلاص، وفي المسيح يسوع أقامنا معه وأجلسنا في السماوات، ليظهر في الأجيال الآتية غنى نعمته الفائقة في الرأفة التي أبداها لنا في المسيح يسوع. فبنعمة الله نلتم الخلاص بالإيمان. فما هذا منكم، بل هو هبة من الله، ولا فضل فيه للأعمال حتّى يحقّ لأحد أن يفاخر. نحن خليقة الله، خلقنا في المسيح يسوع للأعمال الصالحة التي أعدّها الله لنا من قبل لنسلك فيها.

في نهاية إنجيل يوحنّا، يُروى لنا موتُ بطرس بشكل رمزيّ. يشدّون وسطه ويأخدونه إلى حيث لا يريد. ثمّ بشكل واقعيّ. ولكن هل تنتهي حياة الرسول بالموت، أي بالفشل؟ فلو كان الصليب نهاية حياة يسوع، لكانت حياة المؤمن سائرة إلى الموت. ولكن بعد الصليب المجد، وبعد الموت القيامة والحياة. وفي أيّ حال، حين يدخل الإنسان في مسيرة مع المسيح، لا بد له منذ البداية من انتقال من الموت إلى الحياة. في الرمز، في السرّ، بانتظار أن يموت حقًّا، وهذا ما يراه الناس، ويقوم حقًّا، وهذا ما لا يراه سوى المؤمن.

1- إله هذا العالم

بعد أن دخل بولس في مسيرة الإيمان، بعد خبرته على طريق دمشق، استطاع أن يعود إلى الوراء. وبعد أن يحدّث الوثنيّ الذي اعتنق المسيح، يقدر أن يذكّره بالحالة التي كان فيها. كان عبدًا للإله هذا العالم. ولكن هل من إله أخر سوى الإله الواحد؟ كلاّ. وبولس نفسه يقول لنا: "هناك آلهة وأرباب، كما يزعمون. أمّا بالنسبة إلينا فالله واحد، والربّ واحد. وهناك من يحسب الأوثان آلهة يطلبون منها الحياة وهي ميّتة.

ينظر الرسول إلى العالم كموضع الشرّ الذي يمنع الإنسان من طاعة وصايا الربّ ومشيئته، وإلهه هو إبليس. هو رئيس يحاول أن يقف بين الله والإنسان، بين السماء والأرض، هكذا تصرّف مع يسوع في تجاربه: تسجد لله، فماذا يكون لك؟ تسجد لي فأُعطيك ممالك العالم. وهذا الإله لا يستطيع أن يفعل إلاّ لدى الذين رفضوا أمر الله منذ البدء، عصوا، تمرّدوا.

2- نكون معه، نكون مع الموت

والمؤمن يختار بين إله وإله على ما نقرأ في الكتاب: وضعتُ أمامك الموت والحياة، السعادة والشقاء. نحن لا نرى الآن، لأنّ عيوننا لا تذهب إلى البعيد. ولكن حين نصل إلى النتائج نفهم شرّ الطريق التي سرنا فيها. يستطيع المسيحيّ أن يعود إلى ما كان عليه في الماضي: كان خاضعًا لسلطان العالم. وهذا ما يتعارض كلّيًّا مع سلطان المسيح. سلطان هذا العالم يحدّثنا عن الغنى وطرق تكديس المال ولو على حساب الآخرين. والمسيح يقول: "طوبى للمساكين بالروح". الأوّل يدعو إلى العنف والقتل. أمّا المسيح فيطوّب الودعاء ويعلن: "هنيئًا لفاعلي السلام، لأبناء السلام.

وسلطان العالم هذا يتجسّد في الإنسان الذي هو من لحم ودم. الذي هو ضعيف ويميل إلى الخطيئة. هذا ما نسمّيه الشهوات. الشهوة، الرغبة صالحة في الأصل. ولكنّ سلطان هذا العالم يحوّل الشهوات من أدوات للحياة إلى أدوات للموت. فالاندفاع يصير غضب، وعنف الحبّ يصبح عنف البغض والحقد، والتمنّي بالخير ينقلب رغبة في الانتقام.

3- الله أحيانا مع المسيح

هذه الحالة دفعت بولس إلى أن يهتف: ما أتعسني أنا الإنسان! لا شكّ إذا كنتُ وحدي. ولكنّ مشروع الخلاص هو هنا وقد انتقلنا من الموت إلى الحياة، انتقلنا من مناخ الغضب والعقاب الآتي إلى النعمة. طبيعتنا البشريّة تحوّلت إلى طبيعة من نوع آخر. وُلدنا ولادة ثانية بعد أن اتّخذ الله قرارًا بأن يجعلنا نسلك سلوك المسيح: نموت، نقوم، نجلس مع المسيح في السماوات. وهكذا، لا فيما بعد، بل منذ الآن، نحن أبناء الله بواسطة الابن الوحيد يسوع المسيح.

آمنّا فكان لنا هذا الخلاص الذي يمنحه الله بشكل مجّانيّ ويتقبّله المؤمن، في عاطفة قلبيّة، في اعتراف إيمان بالشفاه. وخصوصًا بالأعمال. كان المؤمن شجرة برّيّة فما أعطت ثمرًا. تطعّم فوجب أن يسلك بحسب طبيعته الجديدة، في الأعمال الصالحة. صار شجرة صالحة، فلا يحقّ له بعد اليوم أن يعطي ثمارًا رديئة، وإلاّ يستحقّ أن يُقطع ويلقى في النار. هل نحن أبناء الإيمان، أبناء الحياة، أبناء القيامة؟ وحدها ثمارنا تشهد بعد أن قال يسوع: من ثمارهم تعرفونهم.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM