الأحد الثاني بعد القيامة

الأحد الثاني بعد القيامة

الرسالة : 2 تم 2: 8-13

الإنجيل : لو 24: 13-35

نموت معه ونعيش معه

يا إخوتي، واذكر يسوع المسيح الذي قام من بين الأموات وكان من نسل داود، وهي البشارة التي أعلنها وأقاسي في سبيلها الآلام حتى حملت القيود كالمجرم. ولكنّ كلام الله غير مقيّدٍ. ولذلك أحتمل كلّ شيءٍ في سبيل المختارين، حتّى يحصلوا هم أيضًا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع المجد الأبديّ. صدق القول إنّنا: "إذا متنا معه عشنا معه، وإذا صبرنا ملكنا معه، وإذا أنكرناه أنكرنا هو أيضًا، وإذا كنّا خائنين بقي هو أمينًا لأنّه لا يمكن أن ينكر نفسه."

طال الزمان بعد موت يسوع وقيامته. وبرز معلّمون عديدون وأفكار مأخوذة من هنا وهناك. ننسى التقليد الحقيقيّ ونتعلّق بكلام فارغ، تافه. ومات الرسل فإلى من يلتجئ المؤمنون للحفاظ على وديعة الإيمان؟ كان لهم مدبّرون مثل بطرس وبولس، رسولي الربّ. ومدبّروهم اليوم بعيدون عن المسيح في الزمان (عب 13: 7، 17). أتُرى جاء الربّ بحيث لا ننتظر بعدُ شيئًا (2 تس 2: 2: 2)؟ أو ننتظر هذا المجيء في الخوف من الغضب الآتي كما تقول بعض البدع؟ أين الجواب في من هو الطريق والحقّ والحياة الذي أعاد التلميذين إلى أورشليم، رغم التعب والليل والحزن، فنادوا: المسيح قام وقد عرفناه عند كسر الخبز.

1- أذكر يسوع المسيح

يسوع هو الأساس. وعليه نبني حياتنا. ونحن لا نسأل سواه، ولا نطلب جوابًا إلاّ منه. فعنده وحده "كلام الحياة الأبديّة" (يو 6: 68). فلماذا نترك ينبوع الحياة الحيّة ونمضي في طلب آبار مشقّقة لا تمسك الماء؟ (إر 2: 13). مسكين نيقوديمس، حسب أنّه يعرف لأنّه تعلّم بعض تقاليد الآباء، ولكنّه، في الواقع، لا يعرف. ومسكينة السامريّة. قابلت بين ماء تملأه من عين ماء، وماء يجري حياة أبديّة. قابلت بين يعقوب الذي مات منذ زمن بعيد، وبين يسوع الذي عرفته النبيّ قبل أن يكشف لها عن نفسه بأنّه المسيح.

أذكر. وماذا نذكر؟ الإنجيل. البشارة. قبل أن يكون الإنجيل كلامًا مكتوبًا، هو شخص حيّ. نتعلّق به ولا نطلب سواه. لهذا تركت السامريّة جرّتها ونسيت الماء الذي جاءت تطلبه. فما أُعطي لها جعلها رسولة أهلها. والذكر يجعلنا نعيش في قلب الحدث: حين نسمع، حين نقرأ، لا نبقى "في الخارج"، بل نمضي إلى الداخل، وهناك نكتشف المسيح الذي لا نبحث عنه هنا وهناك، بينما هو يُقيم في قلوبنا، في جماعاتنا.

2- من هو يسوع المسيح؟

هو الإنسان الذي عاش على الأرض ثلاثين سنة ونيّف. عُرف "أبوه" يوسف. وأمّه مريم التي كانت "واقفة" وقفة القيامة بقرب صليبه. لهذا دُعي ابن داود. إعتبروا أنّه جاء يعيد مملكة داود بما فيها من محاولات بشريّة. ولكنّه مالك من نوع آخر، كما قال بيلاطس. هو ما جاء يقتل الآخرين لكي يملك، بل جاء ليموت عن البشريّة كلّها. بصليبه جمع البعيدين والقريبين، فكان الراعي الصالح الذي يعرف خرافه ويدعوها بأسمائها ويهتمّ بأن تكون الرعيّة واحدة تحت إمرة راع واحد.

ولكنّ ذاك الذي جاء في الجسد "من نسل داود" (روم 1: 3)، هو أيضًا ابن الله الذي قام من بين الأموات. قلب أهل أثينة شفاههم حين كلّمهم بولس عن قيامة يسوع "سنسمع كلامك في هذا الشأن مرّة أخرى" (أع 17: 32). أترى عادت جماعة تيموثاوس ونسيت الربّ وحضوره الحيّ؟ هل نسيت الخلاص الذي قدّمه "ربّنا يسوع المسيح"؟ فإن صارت القيامة من "التاريخ الماضي"، فلماذا يحتمل بولس المشقّات والقيود؟ لماذا يصبر على كلّ شيء؟ ولكن هل نسي المؤمنون ما يُنشدون يوم الأحد؟

3- الخلاص مع المجد

هذا ما قاله المؤمنون. فالمسيح نزل من السماء من أجلنا ومن أجل خلاصنا. قال يو 3: 16-17: "هكذا أحبّ الله العالم... أرسل ابنه لا ليدين العالم، بل ليخلّص به العالم". هكذا يتمجّد الآب. وهكذا نتمجّد نحن "بالمجد الذي كان لي عندك قبل أن يكون العالم" (يو 17: 5). ولكنّ الذي خلقنا بدوننا، لا يخلّصنا بدونه. وهو لا يمجّدنا إن لم نرافقه منذ بشارة يوحنّا إلى ارتفاعه إلى السماء (أع 1: 21).

لهذا جاء هذا النشيد مع "إذا" الشرطيّة. نحن نختار أن نعيش مع يسوع أو نختار أن نتركه كما فعل الشابّ الغنيّ. نموت معه فنحيا معه. وإلاّ كنّا كحبّة القمح التي لم تُرم في الأرض فبقيت مفردة. نصبر معه فنملك معه، أي نحتمل صعوبات الحياة ونبقى ثابتين حتّى النهاية. عندئذٍ وعندئذٍ فقط، "نخلص" (مت 24: 13). ولكن رغم ما فعل بطرس فأنكر الربّ وخانه. لبث الربّ أمينًا مع ذلك الرسول، ويبقى أمينًا معنا. فكيف يمكن الإله الأمين أن يُنكر نفسه. وهذا ما يملأ قلوبنا أملاً ورجاء مهما تكن الصعوبات التي تواجهنا والسقطات التي نقع فيها.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM