اليوم السابع - السبت يوم الراحة 2563-3020

في اليوم السابع، نقرأ تك 2: 1-3:

 

1. وكملت السماواتُ والأرض وكلُّ قوّتها (جيشها)

2. وأكمل الله في اليوم السادس المصنوعات التي صنع. واستراح في اليوم السابع من كلّ المصنوعات التي صنع.

3. وبارك الله اليوم السابع وقدّسه، لأنّ فيه استراح من كلّ المصنوعات التي خلق الله صانعًا.

 

في النصّ العبريّ (آ 2) نقرأ: ب ش ب ي ت ي: في السابع. في السريانيّ: ش ت ي ت ي ا. وفي اليونانيّ (السادس):Té Homero té ekté

تحاشت الترجمتان اللفظ "السابع" لئلاّ يحسب القارئ أنّ الله عمل في اليوم السابع. أمّا المعنى فهو أنّه لمّا جاء اليوم السابع، كان الله قد أكمل كلّ ما أراد أن يصنع، فلم يبقَ له شيء يصنعه في يوم راحته.


سبعة أيّام

ورأى الربُّ كلَّ البرايا التي هي حسنة جدًّا،

وما صنع الربّ في مسيرة طريقه شيئًا مبغضًا.

2565 وخرجت الأمسيات الستّ والإصباحات وعبرت وانتقلت،

وأتى سبتُ الأيّام السبعة المليئة بالأسرار.

حمل الراحة، وامتلأ سكونًا، وصوّر أنماط (أو: رموز)،

العالم الساكن الذي يكون في نهاية العالم.

في اليوم السابع استرا الربّ من متقناته:

2570 ركضت طريقُه، كملت أعماله، ودخل إلى الراحة.

في سبعة أيّام أنجز العجلة المليئة بالأزمنة،

المكدونة (المربوطة) بها: ستّة للركض، وواحد للراحة.

 

سبعة أيّام حملت العالم كالعواميد،

فوُضع عليها، وبها قام منذ ذلك الحين.

2575 حكمة الرفيع بنت بيتًا امتلأ محاسن،

وسندته، ليكون حسنًا، بسبعة عواميد.

سبعَ دُرَر وضع الربّ في إكليل العالم،

وها سبعتُها حسنة وتملأنا دهشة[1].

 

سبع مراحل

على مراحل سبعٍ وُضعت طريق العالم،

2580 ستٌّ للركض، وواحدة للراحة المليئة سكونًا.

في مسيرة السبع ها العالم كلُّه يسومه (الله)،

بالأسابيع والبدور ورؤوس الشهور والشهور التي وُجدت.

حين تدور عجلة السبعة على التدابير،

تلدُ السنين وفيها توجَد كلُّ الأزمنة.

2585 يومًا يومًا تجمع فتضع سبعة أيّام،

وهذه تمضي وتأتي بحسب الأعداد.

وهذه هذه تصنع الشهور بتقوّلاتها،

فتُدخل وتكون سنة الشهور تحت المجرَّة.

وشرعت السنون تجرّ معها (السنين) الأخرى،

2590 وكلُّ مسيرة العالم أتقنت في سبعة أيّام.

منها الأيّام، منها الأسابيع، منها الشهور،

والسنة تركض ومعها السنوات الكثيرة.

ها الأيّام والليالي على المعابر،

قبلت العالم وأخرجته لينتهي في سبعة أيّام.

2595 تجمّعت الإصباحات والأمسيات فكان يومٌ،

وركضت الستّة كما أتقنتها الصورة الصانعة.

وفي السابع، قامت العجلة بكلّ الأشكال،

وها هي تدور على نفسها كلَّ الأيّام.

كلّ الأزمنة بها تُحسَب كما وُجدت،

2600 وكان مساءٌ وكان صباح، يومٌ سابع[2].

 

راحة الله ورمزها

كتب موسى: واستراح الربّ في اليوم السابع،

وهذا جليٌّ أنّ التعب ما اقترب من الربّ.

أيّها النبيّ العظيم، خذ البرقع[3] الذي فُرش لك،

على كلماتك لترى محاسن نبوّاتك.

2605 إن قلت: تعب الربّ، من يصدّقك؟

وإن كان ما تعب، فلماذا استراح كما قلتَ.

وإن دَعيتَ التوقّف عن إتقان (الخلق) راحة.

فهو لا يتوقَّف عن تدبير العالم الذي خلق:

يُشرق الشمس، يُركض القمر. يصنع البروق،

2610 يُسمع الرعود، ينزل الأمطار، ويُنبت الزروع.

يُهبّ الرياح فتحمل الثمار داخل الأشجار،

وفي الجفنات يُنضج العنب في العناقيد.

ومن الينابيع يُجري الأنهار ويُخرج،

ويصوّر الأطفال في حشا النساء.

2615 كلَّ يوم يصنع هذه التي صُنعت،

كما قيل: "أبي إلى الآن يعمل"[4].

إن كان يعمل، فهو لا يستريح، وإن تعب،

لماذا قال موسى: استراح في السابع؟

مخفّى هو موسى وكلماته أخفيت إخفاء،

2620 وإن لم يُنزع برقعه، فكان حُسنه ما كان[5].

اكشف لي وجهك، أيّها الكاتب، الذي يكرز بالحقائق،

وخذ البرقع من قراءتك فأرى حسنه[6].

 

ألف سنة في عيني الربّ

بما أنّ الربّ ربّك لا يتعب، فهو لا يشقى[7]،

ولا يستريح إلاّ ليرسم الأسرار والأنماط[8].

2625 ألفُ سنة تحسَب يومًا واحدًا بالنسبة إلى الله،

لأنّ ألف سنة في عيني الربّ يومٌ واحد[9].

وهذه الأيّام الستّة التي فيها قامت كلُّ المتقنات،

هي سنوات العالم العابر والقائم منذ ستّة آلاف.

وفي الألف السابع بطُل[10] العالم وهذا ركضه،

2630 وكانت راحة في اليوم السابع، كما في الرمز.

مثل مركبة هو هذا العالم الذي يركض في الستّة،

ويأتي السابع فيحلّه ويُبطله.

فتكون الراحة للبشر في الألف السابع،

وتبطل (وتتوقّف) الخليقة عن الشغل كما في السبت.

2635 في ستّة ركضت القدرة الصانعة، وفي السابع توقّفت،

ووضعت للعالم: كم يركضُ وكيف يهدأ؟

حين صنع العالم علّمه كم سيقوم (سيدوم)،

وكم يركض ومتى ينتهي ركضُ يمسكه.

 

استراح الربّ في السابع، فرمز[11]،

2640 بأنّه لا يترك العالم يركض إلاّ ستّة (آلاف).

خلق الخلائق وظلم نفسه لأنّه طلب أن يرتاح،

فعلّم العالم أنّ له هو أيضًا وقتًا للسكون.

في اليوم السادس كملت البرايا كلّها وأتقنت،

ليدرك العالم أنّه كان في ستّة وفي ستّة كمل.

2645 في اليوم السابع، عالمٌ بعد هذا العالم،

يهدأ، يرتاح من المتقنات ولا عمل له:

لا مسرعون، لا مجدّون، لا راكضون،

لا مهندسون ولا موكّلون على الصنائع.

بطل العالم، فكان السكون، وكمل الزمن،

2650 دخل السبت وتوقّف كلُّ ركض وبطل.

مدبِّر هذه المركبة المربوطة بالستّة، حلّها،

وما وهب لها أن تركض فتعبر إلى السابع.

وحالما تخرج الستّة كلّها تنحلّ،

وتُمنع وتبطل وتقوم (وتقف) ولا تدور.

2655 كُتب أنّ الله استراح من متقناته،

فمن يجرؤ أن يعمل شيئًا في السابع.

هو الله دخل إلى الراحة مع أنّه لا يتعب،

فعلّم العالم أن يرتاح هو أيضًا لأنّه يتعب،

سبعة أيّام رُسمت في سبعة آلاف،

2660 وراحةُ الزمن صوّرت راحةَ الأبد.

 

مديح إلى القدرة الخالقة

ما أحسن[12] كلَّ ما لك، أيّتها القدرة الصانعة،

هو مليء بالدهشة والجبروت والحكمة.

أن يكون العالم من لا شيء، هو الجبروت،

وهي الحكمة أن تكون له نهاية.

2665 حسن لك حين زيّنتِ الأيّام الستّة،

أن يأخذ العالم منكَ حدًّا لكلّ متقناته.

وحسن لديك أيضًا حين أوصلتيه إلى النهاية،

أن تكون راحة للذين ركضوا في (سبل) البرّ.

أيّتها القدرة الصانعة، امتلأت دهشة، فمن هو كفوء لك[13]؟

2670 أو من يقدر أن يقيس رقعة جبروتكِ،

في الأسواق تمجَّد حكمتك في كلّ ما خلقتِ،

فيرتفع صوتها في الزوايا كلّها والجهات.

أيّتها القدرة الصانعة، ها السماوات تذيع مجدك[14]،

وصُنع يديك يظهره الرقيع للعالم كلّه.

2675 الإصباحات والأمسيات، والنهارات والليالي،

تردّد خبرك في تخومهم وفي مسيراتها.

 

هذه المحاسن[15] التي فرشتِها على الأراضي،

هذه القوّات الراكضة في الرقيع.

هذه القمم المعلّقة والقائمة على لا شيء،

2680 هذه الأعماق العظيمة الموضوعة بلا أساس.

هذه الشروقات السريعة، شروقات الشمس والقمر،

هذه الجداول، جداول الأنهار كم تجري.

هذه الكنوز ما أغناها، كنوز الينابيع كلّها،

هذه الثمار ما أهناها، ثمار كلّ الأشجار.

2685 هذه الألوان ما أحسنها، ألوان كلّ الزهور،

هذه الأجناس التي في جوف المياه، ما أكثرها.

هذه الكواكب التي في الرقيع، كم هي تُنير،

وكم هم مقدّسون ملائكة النار الذين في الأعالي.

 

من كلّ جانب، من كلّ جهة، أحاطت بي محاسنك،

2690 من كلّ المرتفعات، من كلّ الأعماق، من كلّ الأماكن.

نظرتُ إلى العلى فملأني دهشة سبيل الجبّار[16]،

وإلى العمق نزلتُ فأسكتني الدهشة (أمام) البحر العظيم.

في المشرق أنظر فأطوف في أشعّة (الشمس)،

وأركض إلى الجنوب فلا أدرك القوّات[17].

2695 في المغرب أسكن فتحرّكني الأمسيات لأقوم وأشكر،

وفي الشمال أنظر هناك الليل فيرعبني.

بين صفوف الليالي والنهارات،

وضعني صانعي (الإلهيّ)، بقدر ما (يجب) أن أدهش، أنا أتنكّر.

بقدر ما أنظر إلى المحاسن في البرايا،

2700 وإن لم أنظر حرّكني الباري إلى الدهشة[18].

 

من كال البحار

ما أجمل أن تشتدّ دهشة الإنسان أمام صنائع،

القدرة الصانعة، ومنها يتحرّك ويسبِّح[19].

كما نظر أشعيا وتعجّب وأمسكته الدهشة،

من جبروت القدرة الخالقة ومراءاتها.

2705 بإعجاب نظر إلى ما صنعته القدرة الصانعة،

وصنع شبه سؤال ليحرّك به الأرضيّين.

وشرع يقول ذلك الرائي[20]: "من كال

البحر بكفّه، أو مسحَ (قاس) السماء بشبره،

وفي قبضته[21] وضعَ تراب الأرض وأمسكه كلَّه،

2710 ووزن الجبال ورمى المرتفعات في الميزان؟"[22]

 

فاسمع الآن أنت أعماق النبوءة[23]،

واندهش مثلها بالجبّار الذي أقام العالمين.

أدرك النبيّ أنّ ربَّه كال البحر بكفّه،

وعلى هذا قال: "من كال إلاّ هو"؟

2715 وأدرك أيضًا أنّه هو الذي مسح السماوات بقبضته،

ووزن الجبال وكال ترابَ الأرض كلّها.

وهذه التي صنعها الربّ بجبروته،

وضعها في الوسط: "من يقدر أن يصنعها"؟

حين حصر الربّ السماوات في قبضته. مسحها،

2720 وكال البحار بكفّه حين جمعها.

وحين أتقن تراب الأرض، وضعه في حفنته،

والجبال وضع في القبّان والميزان.

والمرتفعات حين وطّدها على لا شيء،

سوّاها لما وضعها في أماكنها.

2725 ووزنها ووضع فيها وقرًا متساويًا على أكنافها،

لئلاّ تميل لأنّ الوقرَ وُضع فيها في القبّان.

رمزُه يحملها وكأنّها وُزنت في كفّة (الميزان) ووُضعت،

على لا شيء، ومع أنّها ثقيلة ما مالت[24].

 

دُهش أشعيا بما صنعه (الله) الجبّار[25]،

2730 وعلى هذا سأل: "من صنع هذا الحسن"؟

ليحرّك البشر ويدهشهم.

رمى ربُّه المرتفعات المعلّقة لكي يتفحّصها.

فالذي ما كال البحر في كفّه ليصمت،

والذي ما مسح السماء بقبضته، ليسدّ فمه.

2735 لا تعقُّب، لا خصام، لا جدال،

ولا سؤال، لئلاّ يتطاول على الجبّار ويبصِّص (يفتح عينيه).

من طلب أن يبصِّص في سيّده، لينظر إلى السماء،

فإذا كان ما مسحها فليسكت سكوتًا ولا يتجاسر بعد.

فالجبّار (الله) وزن الجبال وكال البحار،

2740 ومسح المرتفعات وظلَّل الأعماق وجمع الغمار،

ودلق الشمس وبدّل القمر في الهواء المرتفع،

وأقام العالم، فلا يُبصِّص في جبروته.

 

راحة السبت ونهاية العالم

بالرمز خلق العالم كلّه حين خلقه،

وفي ستّة أيّام رتّب محاسنه وأتقن.

2745 وفي السابع، صنع له مثلاً على نهايته،

ورسم صورة للنهاية في السبت المليء بالسكون.

يا لك من سبت! لماذا تتوقّف (تبطل) عن الشغل؟

من استراح فيك وهو لا يتعب ولا يشقى؟

بنهاية العالم، صُوِّرت البطالة التي ستحصل فيك،

2750 ولهذا، فسكونك صوتٌ لمن ينظر إليه.

ندعوك راحة، لا لأنّ الربّ ربّك استراح فيك،

بل لأنّ مسيرة العالم تتوقّف حين تلتقي بك.

منك يخجل العالم ويسكت حين تصل إليه،

فلولاك لما شاء العالم أن يسكت.

2755 أنت أبطلت مسيرة (الأيّام) الستّة، العظيمة والسريعة،

فسكنت لديك الحدّة التي ربطتها (كوّنتها) القدرة الصانعة.

في الأخير، يصنع الربّ راحة للعالم كلّه،

وأخذها على عاتقه فقال: "استراح من متقناته".

ومن عرف أن يقرأ في (كتاب) موسى قراءة روحيّة،

2760 يفهم سرَّ السبت ويستنير[26].

 

ما احتاج الربّ أن يرتاح وهو لا يتعب،

فصنع مثلاً ينير على النهاية.

حالما تركض عجلة العالم ألوفًا ستّة،

تحلّ في السابع ولا تدور (بعد).

2765 ولهذا ركبها، كدَنها في ستّة أيّام،

ووهب لها وعدًا بأن تركض الستّة ثمّ تنحلّ.

اليهوديّ لا يفهم بحسب الروح[27]،

بل يقول: "استراح الربّ" ولا شيء آخر.

من لا جسم له جعله يتعب، وذلك ليس في طبعه،

2770 فاحتقر الوحيد لأنّه تجسّم وتعب.

كرز الكتاب بأنّ الربّ استراح، فما فهم،

بأنّ من لا جسم له لا يتعب ولا يشقى[28].

 

الابن الذي تجسَّم تعب على الصليب من أجل آدم،

ومن هذا التعب دخل إلى الراحة في (اليوم) السابع.

2775 أمّا عن الآب فلا يُقال أبدًا إنّه تعبَ،

ولا استراح إلاّ في الأمثال وفي الألغاز.

على عدد الأيّام السبعة، العالمُ الكبيرُ،

ركض كلّه، ستّة للعمل وواحدًا للراحة.

فالقدرة الصانعة بنت البيت في ستّة أيّام،

2780 جدلت، رسمت، صوّرت، زيّنت كلّ المحاسن.

وحين اكتمل البيت في اليوم السادس، صنعت الراحة[29]،

كان اليوم السابع راحة من المتقنات.

 

الأرقام ورمزيّتها

حسنٌ هو العدد سبعة حين تكرّ (الأيّام)،

فيجد الإنسان جمالاً في واحد وواحد منها.

2785 وإن وُجد حبّ يفتح الباب للكلمة فتدخل،

أقول أنا أيضًا: ما أحسن سبعتها[30]!

 

العدد واحد له حسنٌ عظيم لا يُحَدّ،

ومثل أساس وضع أوّلاً لأقرانه.

وهكذا، حسنٌ هو الأوّل، الوحيد،

2790 واحدٌ هو الكائن، واحد هو الله، واحد الخالق،

واحد وحده. ليس له رفيق آخر معه.

واحد هو، وكلّ ما وُجد وكان ويكون، صار منه،

ولأجل هذا حسنٌ هو اليوم الأوّل،

وعدده مكلَّل بالنور والمجد.

2795 فيه كان النور، وبه قام العالم من لا شيء،

وفيه تحرّك ليكون صنعًا جديدًا، في دهشة عظيمة.

مثل عدد اليوم حسنُه وصنائعه،

وشهدت له القدرة الصانعة بأنّه حسن[31].

 

وعجيبٌ أيضًا العدد الثاني لمن ينظر فيه،

2800 ألحَّ ليدخل ويكون رفيقًا لذاك الأوّل.

كُتب بالنبيّ: "يزيد الربّ ثنيَ يده"[32]،

والعدد الثاني هو ثنيُ يده.

خطئ الشعب فغضب موسى وكسر اللوحين[33]،

وأضاف الربُّ ثنيَ يده وأتقنهما[34].

2805 أذنب آدم فأخرجه ربُّه من الفردوس[35]،

وعاد فأدخله بثني يده بواسطة اللص.

سيّدُ القطيع أضاع خروفًا ضلَّ عن المئة[36]،

فأتى وراءه واعتنى فاقتناه ثانية.

فسد الجنس البشريّ وباد،

2810 فجدّدته المعموديّة في الميلاد الثاني[37].

 

والعدد الثاني[38] حسن لمن ينظر فيه[39]،

والصنع الذي كان في اليوم الثاني يملأنا دهشة.

قبَّة في المياه، فاجتمعت المياه فوق رأسها،

والرقيع المنقوش مثل مسكن (خيمة) للمسكونة كلّها.

2815 صار سقفًا لبيت عظيم، بيت البشر،

وحُبست في داخله الأرضُ والبحار.

بين مياه ومياه وُضع حدٌّ عظيم،

وفصلها. وها هو قائم يحمل البحار كلّ يوم.

ومن أجل هذا، ينبغي على اليوم الثاني،

2820 أن يعطي المجد مع الأوّل، للقدرة الصانعة.

فيه أضاف الرب في البدء، ثنيَ يده،

وصنع أيضًا اليوم الثاني مع الأوّل.

 

العدد الثالث عظيمٌ في رفعته[40]،

دهشة عظيمة وحسنٌ فوق الأعداد.

2825 هذا حسنٌ مثل العدد الأوّل،

فيُشبهه ومنه يأتي ويقوم ويوجد.

الواحد هو ثلاثة، وهكذا يكون الثلاثة أيضًا واحد.

واحد هو الكائن، وواحد هو الثالوث،

ثلاثة أشياء: قوام واحد[41]، وقدرة واحدة،

2830 لثلاثتهم. واحدٌ هو القائم وهو لا يتحرّك.

لا يحتاج القائمون الثلاثة أن تسندهم،

فهو بقوّة واحدة يسندون حقًّا ويقومون.

فجيّد العدد الثالث حيث كان بشكل مدهش،

فهو يحمل نفسه وبلا سند يقوم.

 

2835 من أجل هذا، في اليوم الثالث أُتقنت[42]،

الأرض التي قامت وما استندت إلى شيء.

الثالوث يحمل العالم الذي بلا سند،

يقوم ويستقرّ، ولا يتحرّك وقرُه الكبير.

في الثالث اجتمعت المياه إلى البحار.

2840 والأرض والبحار حملها الثالوث،

هذه القدرة التي تحمل البرايا بدون سند،

تستند إلى ذاتها وتثبت في جبروتها.

 

من أجل هذا، فالأعمال التي كانت في الثالث،

في اليوم المبارك، تستحقّ الدهشة والإعجاب.

2845 فيه اجتمعت المياه من المعمورة إلى البحار،

فيه وضع الربّ الرمل حدًّا للبحر العظيم.

فيه جلا الرقيع وجه المسكونة من بين الأمواج،

فيه جُعل للبحر واليبس حدٌّ لتخومهما.

فيه حبلت الأرض وولدت كلَّ الأشجار،

2850 كلّ الزروع، كلّ البقول، كلّ الأزهار.

في الثالث، سبحت العروس الأرض في الغمار،

وصعدت فيها فلبست قميص الورود المدهش.

في هذا اليوم إذ دخل الشهر في ثلاثة أيّام،

تباهى نيسان بالسوسن والأزهار.

2855 في هذا اليوم تسبّح الأثمار ومعها الأشجار،

وورود نيسان في الأراضي وفي المرتفعات.

في اليوم الثالث الزورع والزارعون،

يهبون المجد لذلك الذي أنبتها في الثالث[43].

 

والعدد الرابع عدد الدهشة والإعجاب[44]،

2860 يتباهى حسنه أكثر من محاسن أقرانه.

بأربعة قامت جهات الأرض الأربع بأسمائها،

وهو عدد يصنع للأرض الطول والعرض.

ولأجل هذا قيل لإبراهيم،

بأن يمشي في طول الأرض وعرضها[45].

2865 لا يُحَدّ الطول والعرض إلاّ بأربعة،

وحين يمشي إنسانٌ طولاً وعرضًا، يصوّر الصليب.

فيخرج هذا السرّ من عدد أربعة،

وهو رسم أرض يبّوس لتكون لأبرام[46].

أربعة رؤوس لخشبتي الصليب،

2870 ولهذا مُجِّد العدد وامتلأ محاسن.

ولهذا، فاليوم الرابع حسن جدًّا،

ميّز جدًّا، وفيه تتحرّك المحاسن تحرّكًا.

 

فيه تزيّن الرقيعُ الذي وُجدت من قبل، بكلّ النيّرات،

وأخذت مسيرةُ القوّات حدّها كلّه.

2875 في اليوم الرابع أخذت الشمس والقمر سلطانًا،

من الباري، على النهارات والليالي.

في هذا اليوم، كدُنت (ربطت) مثل مركبة،

النور، الشمسُ، فخرجت تزور الأرض كلَّها.

في الرابع اندلقت سرجُ العالم في الرقيع،

2880 فاستنارت منها الخليقة كلّها، التي كانت ظلمة.

في اليوم الرابع صاغت القدرة الصانعة،

كواكب النور لتكون للآيات والأزمنة.

في اليوم الرابع، ملكت الشمسُ وخرجتْ،

تمسك العالم وتكون مسلَّطة على النهارات.

2885 هذا اليوم يهب مجدًا أكثر من رفاقه،

لأنّ فيه انقسم النور الذي كان على النيّرات.

فيه الجهات ترفع تسبيحًا من أقاصيها،

وفيه تتهلّل لأنّه أقامها في تخومها.

الشمس والقمر يهبان المجد في الرابع،

2890 لأنّه عظّمهما وبالأشعّة أغناهما[47].

 

اليوم الخامس هذا، رفيع جدًّا[48]،

فيه تحرّكت مدهشات كثيرة للعارفين.

فيه خمسة أطوار لطبائع البشر،

ولله مع البشر خمسة عهود (ق ي م ي ن).

2895 الإنسان يكون طفلاً وأيضًا ولدًا،

ويكون صبيًّا، ويكون شابًّا، ويكون رجلاً.

وكما في خمس درجات، يصعد فيصير رجلاً،

وللرجل أيضًا خمس حواسّ، على هذا المنوال.

له النظر، له السمع، له الشمّ،

2900 وله الذوق واللمس. فخمستُها قائمة.

 

والله أيضًا زار الأرض بخمسة عهود:

آدم، نوح، إبراهيم، بيت موسى[49].

وهذا الخامس، (عهد) ابن الله الذي يكمّلها كلّها،

ففي العدد الخامس، ظهر لنا من أفراته [50].

2905 وكلّ ما كان في اليوم الخامس، كان حسنًا جدًّا،

وشهيًّا وجميلاً كما لمجد القدرة الصانعة.

 

في اليوم الخامس، أمر الله فأزحفت المياه،

وتراقص السمك في سبيل البحار والأنهار.

وأرسلت المياه أيضًا الطير إلى الهواء المرتفع،

2910 فاغتنت البحار ورقص الهواء من الطيور.

أسماك البحر والحيوان المجنّح يتلو المجد،

في اليوم الخامس مع اليوم المليء محاسن.

يسبّح البحرُ الذي صار مسكنًا لسكّان المياه،

وها هي تسكن فيه كما في قرى عامرة.

2915 يمدح الغمر مع التنانين التي تحت الأرض،

ولاويتان الذي بلا أكل تفادى وسمن.

يُسبّح النسر في الموضع الرفيع المتعالي،

والسنونو في أخدار البتولات.

كلُّ ما كان في اليوم الخامس يهب المجد،

2920 فاليوم محبوب وكلّ ما فيه حسنٌ وجميل[51].

 

العدد السادس[52] حسن وأحسن من الكثيرين[53]،

لأنّه حدود الجوانب الستّة في الخليقة.

العلوّ والعمق، والجهات الأربع إذا حُسبت،

تكون ستّة وفيها قام العالم كلُّه.

2925 وهو عدُّ كلّ المحاسن للناظرين.

فاليوم السادس هو حسن ومليء بالدهشة،.

في اليوم السادس اغتنت الأرض بالأولاد الجدد،

البعير، والزحّاف، والحيوانات الكثيرة أيضًا.

في اليوم السادس، أخذ الصنائع التي كانت، نهايتها،

2930 وفي أكملت القدرة الصانعة كلّ المتقنات.

في هذا اليوم السادس، الذي هو جميل ومليء بالمحاسن،

رأى الله كلَّ ما صنع وها هو حسن جدًّا[54].

 

فيه جُبل آدم فكان صورة الإله،

وفيه صوّر أنماط آدم الذي نام نومًا سرّيًّا.

2935 فيه تزيّنت العروس (ك ل ت ا) وخرجت تمسك الباب،

وفيه تلألأ العروسان (ح ت ن ي) باللباس والأكاليل.

فيه تبارك الجنس البشريّ (بيد) الله،

ليُثمر ويكثر[55] فيقوم العالم من أولادهم.

في هذا اليوم السادس، قام (آدم) الصورة العظيمة،

2940 فورث العالم واتّخذ سلطانًا على البرايا.

في هذا اليوم، فتح الفردوس بابه العظيم،

فدخل الجميلان إلى جنّة عدن المليئة بالخيرات.

اليوم السادس، بخبره، أرفع من كلّ الأيّام،

فيه بداية بيت آدم والنهاية[56].

 

2945 يوم الجمعة صنع الذبيحة، ركّب الصليب[57]،

فيه خلّص العالم، أظلمت الشمس والنور ظهر[58].

الأموات حيوا، والقبور استنارت، والصخور تشقّقت[59]،

وفيه اللصّ وجد الجنّة التي أضاعها آدم.

اليوم السادس رفيع، ممجّد، مليء بالمحاسن،

2950 مليء بالمآثر في البداية وفي النهاية.

فيه الجبّار أكمل متقناته حين خلق،

وفيه صعد محيينا على الصليب حين خلَّص،

فيه فُتح جنب آدم لتكون حوّاء[60].

وفيه فتحت المعموديّة على الجلجلة[61]،

2955 ولهذا فالجمعة تسبّح وتتفوّق على رفاقها.

لذاك الذي أكثر لها المحاسن الروحيّة.

 

يسبّح آدم الذي صار الختنَ (العريس) في اليوم السادس،

حين تزوّج زواج القداسة بالبتول حوّاء.

حوّاء تمدح مع زوجها في (اليوم) السادس،

2960 الذي فيه أوفيَ الدين العام في أجيالهما.

اليوم السادس ورفاقه الخمسة، ستّتهم،

يؤدّون لك المجد، أيّها الخالق، في أوقاتهم.

وفي أمسياتهم وفي إصباحاتهم وفي إشراقاتهم،

وفي مسيراتهم، وفي النهارات والليالي.

2965 في الساعات المنيرة، في نهار من اثنتي عشرة،

وفي الهجعات الأربع في ليل الظلمات[62].

 

جدّ حسنة، جدّ حسنة عجلة (الأيّام) الستّة[63]،

وعدد السبعة هذا حسن أيضًا معها.

سبعة سرج كانت في منارة رآها زكريّا[64]،

2970 ووُضع في السراج الواحد سبعة أفواه.

سبعٌ هي عيون الربّ التي تنظر في الأرض كلّها[65]،

سبعة أزمنة في اليوم سبّح الملك داود[66].

حينئذ يصير نور الشمس واحدًا في سبعة[67]،

سبع مرّات سبّح نعمان حين تطهَّر[68].

2975 سبعة أزواج، سبعة، أخذ نوح من (الحيوانات) الطاهرة[69]،

سبعة أبواب فتح الباري في وجه الإنسان.

سبع مرّات، في طريق البحار نظر (أليشاع) إلى الغمام[70]،

وبيت العالم يقوم على سبعة أعمدة.

الحكمة بنت لها بيتًا هو العالم كلّه[71]،

2980 وأقامت فيه سبعة أيّام مثل عواميد.

وهي هذه التي تحمل العالم العظيم،

فيسير كلّ يوم في أمسياتها وإصباحاتها.

 

العدد سبعة محبوب لأجل هذه (كلّها)[72]،

واليوم السابع حسن ومليء دهشة.

2985 هذا اليوم يُقيم الأسبوع في سبعة أيّام،

فإن نقص العدد لما كان أسبوع.

ركضت الستّة وحسنًا ركضت ستّتُها،

وهذا السابع وهب لها الراحة فقام الأسبوع.

حسن جدًّا، حسنٌ جدًّا الأسبوع الذي أتى،

2990 فصار مثلاً يكرز حول نهاية العالم.

هوذا الجبّار (الله) كمّل وصنعه ودخل إلى الراحة،

فسبّحه، أيّها السبت، لأنّ فيك السكون العظيم والأمان.

 

تعالوا أيّها الأيّام

تعالوا أيّها الأيّام[73]، وهبوا التسبيح للباري،

وأدخلوا أمامه أوقاتكم هدايا.

2995 تأتي الإصباحات وصحون النور على يديها،

فتدخل أمامه ساجدة، وقورة.

تأتي الأمسيات، فعلةً أنقياء بسوادهم،

ويقولون: "كلمتك سراج، فأنرنا بها"[74].

تأتي الظهريات بحبّ حميم من أجل التسبحة،

3000 وفي خدمة البيت تقوم مع القدّيسين.

يأتي المشرق والنهار يجول معه،

فيدخل ويسجد لمن أظهر فيه كلّ النيّرات.

يأتي المغرب، ويأتي الليل فيسبّح هو أيضًا:

ينبغي عليه أن يمتدح القدرة التي وهبته السكون.

3005 النور البهيّ، الرقيع الجميل، البحر العظيم،

الشمس المنيرة، القمر بما يشتهي، والأرض بأثمارها.

السماء بمجموعها، الغمر بزحّافاته وتنانينه،

النار بحموّها، والريح بعزّة هبوبها.

البروق تركض، الرعود تصيح وتغنّي،

3010 الغمام يمطر ومن أحشائه يقطر (الماء).

الرقيع والطلّ (والندى) المياه المباركة التي هو فوق،

البحار التي فوق الغمار التي تحت العالم كلّه[75].

 

العلوّ والعمق، العرض والطول وكلّ جانب،

والخليقة كلّها. وأنا ألحّ لأتكلّم.

3015 فمي ضعيف، وحواسّي كلّها ليست بأهلٍ،

كلّ أعضائي من كلّ جانب، وشخصي كلّه[76].

عيناي وأذناي ورجلاي ويداي وفمي وشفتاي،

كلمتي وصوتي، معرفتي، عقلي، قلبي وكليتاي،

النفس والجسد، حركاتي كلّها وأفكاري،

3020 ترفع المجد مع كلّ الخلائق ولك التسبيح.

 

تمّ حول إتقان البرايا بعون ربّنا

أو: تمّت الميامر حول إتقان البرايا

التي وضعها مار يعقوب

 

 



[1] رأى الله كلّ ما صنعه، فرآه حسنًا، جميلاً، ولا قبيح فيه. مرّت ستّ أمسيات وستّة إصباحات، وأتى اليوم السابع المليء بالأسرار، هو نمط الراحة العظيمة الآتية، إلى تتمّة عالمنا.

[2] أعطى الربّ سبعة أيّام لعجلة الأزمنة. في ستّة أيّام، تدور ولا تتوقّف. ويبقى يوم الراحة. حين تدور عجلة السبعة أيّام، تحمل معها الأسابيع والأشهر والسنين. وكان مساء، وكان صباح، يوم سابع.

[3] ش و ش ف ا. هنا نتذكّر ما قاله بولس الرسول عن برقع موسى الذي ذكر في خر 34: 33 (ولمّا سكت موسى عن مخاطبتهم، غطّى وجهه ببرقع). "فما نحن كموسى الذي كان يضع البرقع على وجهه" (2 كور 3: 13).

[4] يو 5: 17: ا ب ي. ع د م ا. ل ه ش ا. ع ب د: نصّ السروجيّ يوافق البسيطة. اعتدنا أن نترجم "ع ب د" صنع.

[5] من الواضح أنّ الله لا يتعب، وبالتالي لا يحتاج إلى أن يستريح. أيّها النبيّ العظيم، إنزع البرقع عن وجهك، وإلاّ يبقى السرّ مخفًى عليك. فالله الذي خلق ما زال يدبّر العالم حتّى الآن. ما زال يشرق الشمسَ والقمر، يجعل الريح تنفخ والثمار تنضج.

[6] في الماضي، وضع موسى البرقع على وجهه، وها هو يضع على كلماته. فانزع البرقع، أيّها الكاتب (س ف ر ا. من سفر الكتاب أي كتبه) فنرى الأسرار والأنماط.

[7] ألف سنة في عينَي الربّ مثل أمس الذي عبر. فالستّة أيّام التي فيها تمَّ عمل الخلق، هي ستّة آلاف سنة اجتازها العالم. في اليوم السابع، ترتاح الخليقة بحيث تجعل من عملها يومًا سابقًا. فرض الخالق هو نفسه الراحة، لكي يعلّم العالم أنّ هناك وقتًا ينبغي له أن يرتاح فيه. إذا كان كُتب أنّ الله استراح في اليوم السابع، فمن يجرؤ على العمل في هذا اليوم؟ فالآلاف السبعة تجد لها صورة بسيطة في الأيّام السبعة، والراحة الأبديّة، تصوَّر بالراحة في يوم الربّ.

[8] ارزي: الأسرار. نتذكّر أنّ تفسير السروجيّ يمرّ في ثلاث مراحل: الجسد (ف ج ر ن ا ي ت)، أي المعنى كما قرئ في العهد الجديد، وهو يتعدّى المعنى الحرفيّ، ليصل إلى المعنى "التاريخيّ". ثمّ الروح (ر و ح ن ا ي ت). هو المعنى الروحيّ، الذي عنه تنتج قراءة تبني السامعين وتدعوهم إلى سماع كلام الله. إلى هنا وصل أفرام السريانيّ، كما في شرح تك 49: 1ي. وأضاف السروجيّ: السرّ (ا ر ز ن ا ي ت). هو سرّ المسيح الذي يتيح لنا النصّ الكتابيّ أن ندخل فيه. وما دمنا خارج السرّ، فنحن لم نصل إلى عمق الكتاب المقدّس. في هذا المعنى قيل عن أفرام أنّه رأى في الكلمات والأشخاص والنظم التوراتيّة، ما يصل به إلى سرّ المسيح والكنيسة. أمّا "الأنماط" (ط و ف س ي) فهي لفظة يونانيّة tupos. تعني: أثر القدمين، علامة الكتابة. الشكل، الرسمة، الصورة. هي ما يمثّل، ما يصوّر، ويقرّبنا من الاستعارة أو "ألّيغوريّا" Allégorie:التعبير عن فكرة بصورة تحمل صفات رمزيّة. هي métaphore التي تجعلنا ننقل مدلولاً بكلمة إلى مدلول آخر عبر مقابلة ضمنيّة. ولفظ Typos أو typologie نقرأه في عب 8: 5: "أنظر واعمل كلّ شيء على المثال (tupos) الذي أريتُك إيّاه في الجبل". أو "النمط". من نمط أيّ دلّ. فبحسب آباء الكنيسة، العهد القديم هو مُربٍّ يهيئ الإنسان بصوَر مسبقة لتقبّل الوحي الجديد. وهذه التهيئة ضروريّة لفهم العهد الجديد.

[9] مز 90: 4: "لأنّ ألف سنة (ش ن ي ن) في عينيك مثل يوم أمس (د ا ت م ل) الذي عبر (د ع ب ر).

[10] ب ط ل. فعل واسع المعاني: بطل، كفَّ، ضعف، تلاشى، توقّف عن العمل. صار باطلاً وبدون منفعة. يرد مرارًا هنا مع فعل "ش ر ا": حلّ، انحلّ، انقطع. كلّ هذا يدلّ على نهاية الأيّام الستّة حين يتوقّف العمل وتسكن (ش ل ي. سكت، هدأ) مسيرة السنين الراكضة.

[11] ر م ز. ما قيل عن الربّ إنّه استراح هو رمز يشير إلى الإنسان بأنّ عليه أن يرتاح. الله لا يتعب ومع ذلك ارتاح، فما يفعل الإنسان الذي يتعب (لأي. رج الفعل العربيّ). وكما في الأيّام الستّة، كذلك في الآلاف الستّة. في اليوم السابع استراح الله، وفي الألف السابع تستريح الخليقة كلّها فلا يبقى فيها عمل.

[12] ش ف ي ر. والفعل: ش ف ر. حسن. هي اللفظة المستعملة في سفر التكوين. ورأى الله جميع ما صنعه، فإذا هو حسن جدًّا. ومع "حسن"، أتقن (ت ق ن) مع الاسم: المتقنات. ويعني الفعل أيضًا: أنشأ، أبدع.

[13] أنشد السروجيّ النشاط الخلاّق. فما أحسن ما فعل! ومن يستطيع أن يقس مدى القدرة الخالقة الإلهيّة. من يكفي (س ف ق) بكلماته مديحك.

[14] مز 19: 1: "السماوات تذيع (م ش ت ع ا) مجد الله، وصُنعَ يديه يبيّنه (م ح و ا) الرقيع (ر ق ي ع ا. أي الجلد، الفلك الذي يبدو مثل رقعة).

[15] ه ل ي ن. هذه. تردّد اسم الإشارة إحدى عشرة مرّة، وانتهى مع أداة الإعجاب: ك م ا (كم) ق د ي ش ي ن (هم مقدّسون).

[16] ج ن ب ر ا. هو لقب الشمس في مز 19: 6: " يرقص الجبّار ويركض في طريقه" (ا و ر ح ا)، لا سبيله كما عند السروجيّ.

[17] ح ي ل و ت ا. تقابل: "ز ل ي ق ي"، أشعّة الشمس. في المشرق يرى السروجيّ الصباح. وفي الجنوب (ت ي م ن ا)، الظهيرة. وفي المغرب (م ع ر ب ا) يكون المساء هو يدور مع الشمس قبل أن يدخل في الليل، فيرى ترتيب النهارات والليالي.

[18] هتف السروجيّ: محاسنك تسحقني من كلّ جانب. إن نظرت إلى السماء، أدهشتني مسيرة الشمس الجبّارة. وإن أنزلت نظري إلى الأعماق، غرقت دهشة أمام محيطات المياه. إن تطلّعت إلى الشرق طفتُ في أشعّة الشمس، ولا أستطيع أن أمسك قوّاتها في الجنوب في الغرب، يدعوني المسيح لأنهض وأمجّد الله. ومن جهة الشمال، يملأني الليل رعدة. جعلني الخالق بين جيوش الليل والنهار، ومهما كان تعجّبي يبقى مقصّرًا أمام هذا الجمال.

[19] وتتواصل دهشة السروجيّ وإعجابه أمام القدرة التي صنعت الكون. وها هو يلجأ إلى أشعيا النبيّ.

[20] ح ز ي ا. ذاك كان اسم النبيّ كما نقرأ في 1 صم 9: 9: "تعالوا نمضي إلى الرائي (ل. ح ز ي ا)، لأنّ النبيّ (ن ب ي ا) اليوم (ي و م ن) كان يُدعى (م ت ق ري. ه و ا) من القديم الرائي". رج 2 صم 24: 11 حيث الكلام عن جاد النبيّ الذي هو "الرائي" لداود.

[21] ز ر ت ا. تعني الشبر كما تعني الحفنة وقبضة اليد. في العبريّة نقرأ "ز ر ت" كما في السريانيّة، ثمّ "ش ل ث ه" الذي يعني ثلاثة. فكأنّ الإنسان يستطيع بثلاث أصابع أن يمسك تراب الأرض.

[22] اش 40: 12: "م ن و (من هو الذي) أ ك ي ل (كال) م ي ا (المياه، عند السروجيّ: ي م ا: اليمّ، البحر. نشير إلى أنّ النصّ العبريّ يتضمّن الشكلين "م ي ي م" و "ي م ي م") ب ش و ع ل ه (بكفّه)، في العبريّة (ب ش ع ل و) و ش م ي (السماوات) م ش ح (مسح) ب ز ر ت ه (بقبضته) وأ ك ي ل (وكال، السروجيّ: وضع، س م). ب ز ر ت ه (بقبضته) ع ف ر ه (تراب) د. أر ع ا (الأرض) وت ق ل (ووزن. الثقل في العربيّة، في العبريّة: ش ق ل) ط و ر ي (الجبال) ب م ت ق ل ا (بمثقال، بوزن) و ر م ت ا (والمرتفعات) ب م س ا ت ا (بميزان. في العبريّة: ب م و ز ن ي م. أضاف السروجيّ: رمى "ا ر م ي").

[23] هنا بدأ السروجيّ يتوسّع في آية أشعيا التي أوردها، فطبّقها بتفاصيلها على الربّ الإله.

[24] يجمل بالإنسان أن يدهش أمام الخليقة، ويمجّد ذاك الذي صنعها. لهذا دعا أشعيا النبيّ الخليقة لكي تمجّد: وزن الربّ الجبال والمرتفعات كما في ميزان، وجعلها في مواضعها. أسند أمره الأرض على لا شيء، وهي لا تميل بل تحافظ على توازنها.

[25] فالذي ما كال البحر في قبضة يده ليصمت، ويمتنع عن تفحّص الله ومجادلته وطرحه السؤال بعد السؤال عليه.

[26] أمر الربّ فخلق العالم في ستّة أيّام. وجعل من اليوم السابع رمزًا للتتمّة. ووجّه السروجيّ كلامه إلى السبت: لماذا يتوقّف العمل حين تأتي؟ وجاء الجواب: في نهاية الأزمنة، يهب الربّ الراحة للعالم كلّه.

[27] من يعرف أن يقرأ كتاب موسى قراءة روحيّة، يفهم سرّ السبت، فيُدرك أنّ الربّ الذي لا يتعب، لا يحتاج إلى راحة. أمّا اليهوديّ، فلبث على مستوى الحرف فما رأى شيئًا آخر في عبارة "استراح الله".

[28] ما فهم هذا اليهوديّ فنسب التعب لمن لا جسم له. وفي الوقت عينه، احتقر الابن الوحيد الذي اتّخذ جسمًا وخضع، في اليوم السادس، للتعب على الصليب، قبل أن يدخل في الراحة، في اليوم السابع.

[29] هذا قيل عن الابن لأنّه اتّخذ جسدًا، فتعب. ولكنّه لا يُقال أبدًا عن الآب إلاّ في الرموز والألغاز. وهكذا يسير العالم مسيرته في سبعة أيّام. ستّة للعمل وواحد للراحة.

[30] الحبّ وحده يساعدنا على اكتشاف ما في الأعداد من حسن وجمال.

[31] في العدد واحد حسن لا يُحدّ. لا يضاهيه عدد، لأنّه أساس سائر الأعداد. هناك إله واحد، خالق واحد. منه وحده كان كلّ شيء، في الماضي والحاضر وفي المستقبل. في اليوم الأوّل، تكوّن النار وخرج العالم من لا شيء.

[32] اش 11: 11. نقرأ النصّ كما في البسيطة. أي يعطي يده مرّة ثانية، بعد أن أعطاها (مدّها) مرّة أولى في سفر الخروج: ذاك هو المعنى في نبوءة أشعيا. أمّا في الخروج، فأعطى الربّ الوصايا مرّتين اثنتين لموسى. ثمّ أدخل إلى الفردوس اللصّ بعد أن خرج آدم. والخروف الذي ضلّ أدخله ثانية.

[33] خر 32: 19: "فلمّا اقترب موسى من المحلّة، رأى العجل والرقص، فاشتدّ غضبه (ر و ج ز ا) ورمى باللوحين (ل و ح ي) من يديه وكسرهما" (ت ب ر).

[34] خر 34: 1: "وقال الربّ لموسى: إنحت لك لوحَيْ حجر كالأوّلين".

[35] نقرأ فعل "أذنب" (ا س ك ل). تك 3: 33.

[36] لو 15: 3-7. "له مئة خروف" (ع ر ب ي ن). "وباد (ن ا ب د) واحد منها".

[37] م و ل د ا (الميلاد) د م ن و ر ي ش (ثانية) و ب ح و د ت ا (وبتجديد) ر و ح ا. د ق د ي ش ا (الروح القدس).

[38] وأسرع العدد الثاني فانضمّ إلى العدد الأوّل. أمّا هذا الرقم فيدلّ على التجديد: لوحا الوصايا، آدم واللصّ، الخروف الضالّ، وفي النهاية، فسد الجنس البشريّ، فمنحه العماد ميلادًا ثانيًا، وجدّده

[39] كان اليوم الثاني حسنًا، لأنّ فيه فصل الفلكُ المياه التي امتدّت فوق الأرض بشكل قبّة (ق و ب ت ا)، بشكل خيمة (أو مسكن، م ش ك ن ا)، بشكل سقف (ت ط ل ي ل ا). وهكذا وجب على اليوم الثاني أن يقتدي باليوم الأوّل، فينشد مدائح الخالق.

[40] العدد ثلاثة حسنٌ مثل الأوّل. يشبهه وقد جاء منه. فالواحد ثلاثة، والثلاثة واحد. فالأقانيم الثلاثة في الثالوث هي كيان واحد، مطلَق. تقوم في ذاتها، ولا تحتاج إلى سندٍ، خارجًا عنها.

[41] ق و م ا. في مخطوط آخر: اقنوم (ق ن و م ا).

[42] الثالوث يحمل العالم. يسند الأرض والبحار ولا يستند إلاّ إلى ذاته.

[43] في اليوم الثالث، ظهرت الأرض، التي لا تستند إلى شيء، سوى الثالوث الذي يحملها. وسائر مصنوعات ذلك اليوم، الذي هو الثالث في شهر نيسان، تكوّنت البحار وظهر النبات. كلّ هذا مثير للعجب. فعلى الزارع والزرع أن يرفعا معًا المجد لله.

[44] العدد أربعة يُشعّ حسنًا وجمالاً. هو يدلّ على مواضع الرياح، على الطول والعرض في الأرض. لذلك قيل لإبراهيم أن يجول في أرض الموعد طولاً وعرضًا. بهذا العمل، بدا وكأنّه يرسم إشارة الصليب، هذا يعني أنّ أرض يبّوس هي لإبراهيم، وأنّ خشبتي الصليب تأخذ الجهات الأربع.

[45] نقرأ في تك 13: 17: "قم، امشِ (ه ل ك) في الأرض لطولها (ا و ر ك ه) ولعرضها (ف ت ي ه).

[46] ذُكر اليبّوسيّون مع عدد من الشعوب في تك 15: 20-21. أمّا يبّوس فهي اسم أورشليم القديمة، نسبة إلى الشعب الذي أقام فيها (2 صم 5: 6ي).

[47] اليوم الرابع حسن، كما قال الربّ. فيه تزيّن الرقيع بالنيّرات التي خرجت من النور الواحد. لهذا وجب على الرياح والأجسام السماويّة أن تنشد مدائح الله في هذا اليوم.

[48] العدد خمسة رفيع هو. فيه يوزّع الإنسان مراحل حياته الخمس. له خمس حواسّ. ثمّ إنّ الله عقد خمس مرّات عهدًا مع البشر: مع آدم، نوح، إبراهيم، موسى. والخامس هو العهد الجديد، عهد ابن الله، الذي أتمّ سائر العهود كلّها.

[49] مع آدم، حين أوصاه حول شجرة معرفة الخير والشرّ وشجرة الحياة (تك 2: 16-17). مع نوح، حين خرج من السفينة (8: 15ي) حسب التقليد اليهوهيّ. ولكنّ التقليد الكهنوتيّ (9: 1ي) يقول: "أقيم الآن عهدي معكم ومع نسلكم من بعدكم". مع إبراهيم (15: 18): "في ذلك اليوم قطع الربّ مع إبراهيم عهدًا". ومع موسى، على جبل سيناء: "فأخذ موسى الدم ورشّه على الشعب وقال: هذا هو العهد الذي عاهدكم الربّ به على جميع هذه الأقوال" (خر 24: 8).

[50] في 5: 2: "لكن يا بيت لحم أفراته، صغرى مدن يهوذا، منك يخرج لي سيّد على بني إسرائيل، يكون منذ القديم، منذ أيّام الأزل". استعاد إنجيل متّى (2: 6) هذا النصّ، وجعله في فم رؤساء الكهنة ومعلّمي الشعب، الذين دلّوا المجوس على "ملك اليهود".

[51] كلّ ما كان في اليوم الخامس حسن: البحر وما فيه مثل لاويتان. والهواء وسكّانه، من النسر الذي يُقيم في الأعالي، إلى السنونو الذي يلجأ إلى البيوت، كلّ هذا يمجّد الخالق.

[52] اليوم السادس حسن هو أيضًا. هناك ستّة اتّجاهات في الخليقة: العلوّ والعمق ومسار الرياح الأربع. اليوم السادس حسن هو، وفيه خُلق الحيوان الداجن، والحيوان الزاحف والوحوش.

[53] في نصّ آخر: حسن ومليء دهشة. رج 2926.

[54] تك 1: 31: و ه ا (وها) ط ب (جدّ) ش ف ي ر (حسن).

[55] تك 1: 28: "ف ر و (أنموا، أثمروا)، س ج د (أكثروا) واملأوا الأرض".

[56] في اليوم السادس، جُبل آدم صورة الله، وتزيّنت عروسه، ونال الجنس البشريّ الخيرات الكثيرة. في هذا اليوم، ورث آدم العالم وتسلّط على الخلائق، وفتح الفردوسُ أبوابه. فكان ذلك لآدم البداية والنهاية.

[57] يوم الجمعة هو يوم الذبيحة والصليب. رأى الموتى يخرجون من قبورهم، والصخور تشقّق. واستعاد اللصّ الموضع الذي خسره آدم، في ذلك اليوم، جعل الخالق حدًّا لعمله، والفادي رُفع على الصليب. جنب آدم فُتح، وعلى الجلجلة تنظّمت المعموديّة.

[58] مت 27: 45-62؛ يو 19: 20.

[59] مت 27: 51-52؛ لو 23: 43؛ يو 19: 41.

[60] تك 2: 21-25؛ 3: 20

[61] مت 27: 33؛ يو 19: 34 (خرج من جنبه دم وماء). بالنسبة إلى "فتح" مرّة "ات ت ر ع" ومرّة "ا ت ف ت ح ت".

[62] وهكذا ينبغي على آدم وحوّاء أن يسبّحا. كما ينبغي على الأيّام الستّة، باثنتي عشرة ساعة في النهار، وبهجعات الليل الأربع أن تنشد مدائح الله.

[63] العدد سبعة حسن هو أيضًا. رأى زكريّا السرج السبعة. وهناك عيون الربّ. وهكذا جمع السروجيّ كلّ الأمور التي تترافق مع العدد سبعة.

[64] زك 4: 2 يرى "سبعة سرج وسبع مساكب للسراج".

[65] زك 3: 9: سبع عيون.

[66] مز 119: 164: "أهلّل سبع مرّات في النهار".

[67] أش 30: 26: "ويصير نور القمر كنور الشمس، ونور الشمس يصير سبعة أضعاف".

[68] 2 مل 7: 14. هو حدث شفاء نعمان الذي أتى إلى أليشع طالبًا الشفاء.

[69] تك 7: 2. هذا في تقليد. ولكن في تقليد آخر، أخذ زوجين زوجين فقط.

[70] 1 مل 43. أليشع هو خادم إيليّا. "أمره أن ينظر سبع مرّات".

[71] أم 9: 1ي. هي دعوة أطلقت إلى الجمّال في بيت كامل متكامل.

[72] اليوم السابع يكمّل الأسبوع (السبّة). فإن غاب، نقص الأسبوع ولم يعد أسبوعًا. بل ركضت الأيّام الستّة وركضت وما كان لا أن تستريح.

[73] اعتبرنا الأيّام أشخاصًا حيّة، ولهذا جعلنا صيغة الجمع المذكّر.

[74] مز 119: 105.

[75] تأتي الإصباحات أمام الخالق وتحمع معها هداياها، تحمل كاسات النور في يديها. وتأتي الأمسيات العاملة في الظلام. تأتي أنوار الظهيرة والخليقة كلّها.

[76] جمع السروجيّ كلّ الخلائق، وجمع شخصه كلّه بما فيه من غنى مادّيّ وعقليّ وروحيّ لكي يُنشد مجد الله.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM