المقدّمة 1-52

هي مقدّمة أبجديّة (يبدأ البيتان الأوّلان بحرف الألف، ثمّ حرف الباء...) تفتح الأيّام السبعة. ماذا يقول السروجيّ فيها؟ هبني أيّها الخالق أن أتكلّم عن جمال خلقك. منك الكلمات ومنك الأناشيد. هب فمي الذي ليس بأهل، أن يُنشد مدائحك. أنت تحيط الورود بالأشواك: وردة أجمل من البزّ الملكيّ. "ومن القاسي تخرج الحلاوة" (قض 14: 14)، بيد شمشون. حلاوة الكلمة أعذب من العسل. والتعليم أكثر إشعاعًا من الذهب. وغنى هذا العالم لا قوام له. فأنت وحدك، يا ربّ، الغنى الذي لا يعبر. منك يجري ينبوع الحياة الذي يسقي أرضًا خرّبتها الحيّة. وكلامك يتضمّن كنز الحياة الذي وزَّعتَه على البشر. انفتح بابك لجميع الذين يأتون إليك. فأنرني، لأنّ بدونك لا نور للنفس. من يستطيع يا ربّ، أن يتكلّم عنك أنت إلاّ أنت؟ ليدرك الإعجاب نفسي، وليمتلك الإيمان عقلي، وهكذا ينتقل التعليم من الإعجاب إلى الإيمان: جميع أعمال الله عجيبة. فإن كان الإعجاب لا يجري في كلمات الإنسان، فخيرٌ له أن يسكت[*].

أنت، أيّها الباري، هب لي أن أتكلّم عن البرايا[1]،

وعن حسنها وعن جمال إتقانها.

بك أشرع في الكلام وأنا معجبٌ،

بجبروتك: كم هو أرفع من الناطقين!

5 تجلّت نعمتك في أناشيدك[2] على البطّال[3]،

ليقوم ويعمل مع تعليمك وينشط.

 

كلام الله عسل

لك هي الميامر (المقالات) والأقوال والأناشيد،

والزيَن والمحاسن والأمجاد المميَّزة بأشكالها.

هب لفمي، وهو لا يستحقّ، أن يذيع تسبحتك،

10 فأنت معتاد أن تلبس الحسن (الجمال) للقبيحين.

أنت تلبس وردًا العوسجة وهي لا جميلة:

(تلبسها) لونًا جميلاً وأحسن من حرير الملوك.

إزرع فيَّ ميمرًا كما الورد الجميل في الشوك.

فيتفرّع خبرُ الجمالات الرفيعة بروح منك.

15 الحلدُ خرج من المرّ في يدي شمشون،

فقطف العسل من الجثّة وما تنجّس[4].

طعمُ الكلمة أحلى من شهد العسل،

فيا أحبّاء الحياة، تعالوا واستعذبوا التعليم.

 

كلام الله غنى وينبوع حياة

الذهبُ يليق بمن يحبّ اقتناء الذهب.

20 ولكنّه لا يليق كالتعليم، لمن يلهج به.

كلُّ حسن الذهب باطلٌ هو وظلال،

وحسنُ الكلمة حسنٌ كاملٌ، إلهيّ.

لا يدوم الغنى الزمنيّ لمن يقتنيه،

فنقتنيك، يا ربّ، أنت الغنى الذي لا يفسد،

25 منك ينبع الغنى والكنوز والخزائن.

وكلّ ما يقتنيك يدوس الفقر ويحتقره.

نبعُ الحياة منك، يجري في العالم كلّه،

ليسقي الأرض التي خرّبتها الحيّة بنفختها،

خزينةَ الحياة تحمل كلمتُك لتوزّعها،

30 على البشر الذين يحبّونه ويستقبلونها.

امتلأ تعليمُك عيون نور، من كلّ جانب،

وهي يُنقّي للعالم، الطريقَ عن العثرات.

إفتح بابك لمن يطلب أن يأتي لديك،

هب لي أيدَك فأدخل وأغرف منك الغنى.

35 أملْ إليَّ ظهورك فأستنير به وأروي أخبارك،

فلا نور للنفس أبدًا إلاّ فيك.

خفيفٌ نيرك[5] وطريقُك منقّاة من المعاثر،

والعالم متاهة هو، فهبّ لي أن أمشي في طريقك.

كلمتُك فوق الناطقين والصامتين،

40 ومن يقدر، يا ربّ، أن يتكلّم عنك إلاّ بك؟

سماعٌ صافٍ من المميَّزين للميمر العظيم،

وللخبر الرفيع كلامُ حياة من القوّالين،

العجبُ يمسك الغنى، والإيمانُ العقل،

وبين العجب والإيمان يتحرّك التعليم.

45 عجيبة هي كلُّ أخبار الألوهة،

فإن لم يُعجب المتكلّم، سكوتًا ليسكت.

من دون الحبّ المليء عجبًا وإيمانًا،

لا يجرؤ إنسانٌ أن يتكلّم عن العظمة.

طيَّر العقلُ ذاته رفيعًا ليتكلّم،

50 عن الخلائق وعن جمال إتقانها.

تطلّع في السماء وفي النيّرات وفي التدابير،

فإذا العقل يتحيَّر عجبًا أمام البرايا جميعها.



[*] T. JANSMA, L’Hexaméron de Jacques de Sarug, in L’Orient Syrien, vol IV (1959), p. 10.



[1] ب ر ا: خلق. الباري هو الخالق. والبرايا هي الخليقة. حافظنا على الجذر أكثر من مرّة لقربه من اللعة السريانيّة.

[2] زم ي رت ا: أناشيد يرافقها المزمار. ويمكن أن نقول: تراتيل.

[3] ب ط ي ل ا. هو فعل تواضع. اعتبر السروجيّ أن لا نفع منه. هو الكسلان وعليه أن يكدّ ويجتهد (ك ش ي ر ا ي ت).

[4] إشارة إلى شمشون بحسب كلام سفر القضاة (14: 14). قدّم شمشون لغزًا للفسلطيّين، فلم يعرفوا ما عمله في مأثرة سابقة: "وجد في جوف الأسد الذي سبق وقتله، عسلاً وسربًا من النحل" (آ 8).

[5] رج مت 11: 30: نيري طيّب وحملي خفيف.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM