الفصل العاشر: التاريخ الكهنوتي
 

الفصل العاشر
التاريخ الكهنوتي

I- مكانة أسفار عزرا ونحميا والأخبار
أ- التقاليد القديمة
1- التقليد العبريّ
ترد أسفار عزرا ونحميا والأخبار في نهاية القسم الثالث من التوراة العبرية، وهو ما نسمّيه الكتب.
يسمّى كتاب الأخبار "دبرى هياميم " أي أحداث الأيّام "أو الحوليّات ". وقد سمّاه إيرونيموس "كرونيكة كل التاريخ الإلهي ". كان سفرا الأخبار كتابًا واحدًا حتّى القرون الوسطى وقد قُسما من أجل الاستعمال الليتورجي. إنّهما يوردان التاريخ منذ آدم حتّى مجيء الفرس (2 أخ 36: 22- 23).
يبدأ سفر عزرا بالإشارة إلى قرار كورش (عز 1: 1- 4) فيُورد الوقائع المهمّة خلال إعادة بناء الشعب اليهودي في أيّام الفرس. لم يعرف النصِّ الماسوري إلاّ كتابًا واحدًا (إسم عزرا)، ولكنّه قُسم في ما بعد فصار عزرا ونحميا. نحن نقرأ في التلمود البابلي: كتب عزرا كتابه كما كتب انساب الاخبار (أو أخبار الأيّام). وهناك إشارة ثانية نجدها في هامش 3: 32 وهي تدلّ على منتصف الكتاب. عرف أوريجانس قسمة عزرا إلى سفرين كما عرفتها اللاتينية الشعبية. وبتأثّر من اللاتينية قُسم الكتاب في التوراة العبرية في القرن 15. دخل عز، نح، أخ في القانون اليهودي، فلم يشكّل دخولها أيّة مشكلة. ولكنّنا لا نعرف بالضبط الظروف التي فيها دخلت. يظنّ البعض أنّ عزرا ونحميا دخلا أوّلاً في اللائحة ثمّ تبعهما كتاب الأخبار. هناك ترجمات حديثة جعلت أخ قبل عزونح. وهناك من يتبع تقليد التلمود البابلي فيجعل أخ بعد عزونح. إذًا يعلن القانون اليهوديّ في نهايته عن رجاء إعادة بناء الدولة اليهودية. أمّا في التقليد الفلسطيني فقد جُعل كتاب الأخبار في بداية الكتابات وعز ونح في نهايتها. بد1 أخ وكأنّه مقدّمة المزامير فقدّم أفضل إطار لقراءتها.

2- التقليد اليوناني
ضمّت التوراة اليونانية إلى مجموعتها عز، نح، أخ، بدون أيّة صعوبة، ولكنّها جعلتها مع الأسفار التاريخية. وضعت بعد أسفار الملوك الأربعة (أي 1 و 2 صم+ ا و 2 مل) أخ، ثم عزونح حسب التسلسل الزمني.
سمّيت الأخبار"باراليبومنيس " أي الأشياء التي وضعت جانبًا، فدلّت على أننا أمام تكملة للتاريخ القديم الذي نقرأه بصورة خاصّة في صم ومل. ولكنّ هذا ليس بصحيح. ويكفي لذلك أن ننتبه إلى تشعّب الموادّ وإلى قصد الكاتب الملهم حين دوّن كتابه. ويتعقّد الوضع مع عزرا. فالتوراة اليونانية لا تفصل بين عزونح. غير أنّها تسمّي هذه الفصول الثلاثة والعشرين عزرا الثاني، لأنّها تحتفظ بعزرا الأوّل الغائب من نصوصنا البيبلية المُستعملة. يبدأ عزرا الأوّل بخبر فصح يوشيا (2 أخ 35)، ثمّ يقدّم نسخة موازية لسفر عزرا القانوني (عز 1- 10) وينتهي بذكر التجمّع الذي دعا إليه عزرا (نح 8- 12) مهملاً مذكّرات نحميا. أقحم تاريخ الخدم في عزرا الأوّل (عز 3: 1- 5: 6) فشكّل أمرًا خاصاً به.

3- التقليد اللاتيني
كانت الشعبية اللاتينية أمينة للسبعينية اليونانية فجعلت هذين الكتابين (كتاب الاخبار بسفريه، وكتاب عز ونح) مع الأسفار التاريخية. أخذت إلى "باراليبومنيس " كتسمية لكتاب الأخبار وجعلته قبل عزونح محافظة على التسلسل الزمني. غير أنّها فصلت عز عن نح فصارا عزرا الأوّل وعزرا الثاني. وفي ملحق للعهد الجديد، نشرت الفولغاتا عزرا الأوّل اليوناني وسمّته عزرا الثالث. ولهذا كان بعض الالتباس في الإيرادات حين نأخذ بالتقليد اليوناني أو بالتقليد اللاتيني. ولهذا يفضّل الشراح الأمانة لليونانية لأنّها أصلية. وتزيد الفولغاتا كتابًا رابعًا هو عزرا الرابع، الذي هو في الواقع رؤيا يهودية تعود إلى القرن الأوّل ب م. يعطى لهذا السفر ف 3- 14. ويُقتطع منه ف 1- 2 و 15- 16. وهكذا صار ف 1- 2 عزرا الخاسس وف 15- 16 عزرا السادس واعتُبر الاثنان كتابين مسيحيين.
وها نحن نقدّم لوحة تذكر كل هذه المعلومات.
العبري اليوناني اللاتيني (الشعبية)
عزرا الأول (عزرا ج)
عزرا عزرا الثاني عزرا الأول= عزرا
عزرا الثاني= نحميا
(عزرا أ) عزرا الثالث
عزرا الرابع
+ عزرا الخامس والسادس

4- التقليد السرياني
يُوضع كتابُ الأخبار بسفريه بعد كتاب الملوك بسفريه وقبل المزامير، فيتبع التقليد العبري الفلسطيني الذي تحدّثنا عنه، ويجعل عزرا ونحميا في نهاية الكتابات: بعد استير وقبل أسفار الأنبياء (الكبار والاثنا عشر). اسم كتاب الأخبار: أيضاً سفر أعمال أيّام ملوك يهوذا الذي يسمّى "بريمين " في العبرية. لا نجد فصلاً بين 1 أخ و 2 أخ ولكنّ النصّ يتتابع. ينتهي 1 أخ: صنع داود القويم أمام الرب كلّ أيّام حياته، ويبدأ 2 أخ: وتقوّى سليمان بن داود في ملكه، وكان الرب إلهه معه. وفي نهاية 2 أخ نقرأ: انتهى سفر"بريمين " الذي هو: 5603 كلمات.
وتسمّي البسيطة عزرا: كتاب النبي. وتنهي كتاب نحميا بهذه الخاتمة: "تمّ كتاب عزرا الكاتب الذي كلماته: 2361". وهذا يعني أنّ عزرا ونحميا شكّلا في السريانية كتابًا واحدًا على ما في العبرية واليونانية.

ب- وحدة عزوا ونحميا والأخبار
هناك رباطات أكيدة بين كتاب الأخبار وعزرا ونحميا: زمن الكتابة، المناخ العام، استعمال الخبر التاريخي كوسيلة لنقل التعليم، قرب النصين في اللائحة القانونية فلم يبقَ إلاّ خطوة واحدة لنؤكّد وحدة الكاتب. يربط التلمود البابلي كتاب عزرا (عز+ نح) وانساب كتاب الأخبار بعزرا الكاهن. أمّا اليوم فيفضّل الشراح أن يتحدّثوا عن المؤرّخ الكهنوتي، لأنّه كتب هذه الأسفار على ضوء تعليم الكهنة.
ما الذي يسند هذا القول بأنّ كاتب أخ وعزونح هو واحد؟ أوّلاً: يرد قرار كورش في 2 أخ 36: 22- 23 وفي عز 1: 1- 4، فيربط هكذا بين الكتابين. ثمّ إنّ عزرا ج لا يميّز بين الكتابين. ويسند هذين البرهانين دروس عن تشابه في الأسلوب واللغة، في النظرة اللاهوتية الواحدة، في الاهتمامات الدينية عينها.
غير أنّ هذه البراهين ليست حاسمة في نظر العديد من الباحثين. فعزرا ج هو تقميش وتجميع وليس جزءًا من كتاب قديم. ثمّ علينا أن ندقّق في الكلمات والألفاظ قبل أن نقول إنّ كاتب أخ هو نفسه كاتب عز ونح. ولا بدّ من الإشارة إلى اختلافات لاهوتية حول نقاط هامّة: الزواجات المختلطة (بين يهودي وغير يهودية)، النظرة إلى تاريخ بني إسرائيل الأولاني، سقوط مملكة الشمال، المجازاة المباشرة والسريعة، النظرة إلى التاريخ. وهناك أمور أخرى: النتينيم أو عبيد سليمان، وضع اللاويين، السبت، أبعاد كلمة "إسرائيل ". وتوالت الهجمات على الموقف التقليدي فقادت عددًا من الشرّاح إلى الفصل بين عزونح وبين أخ.
فالحلولِ البسيطة تتجاهل تشعّب المسائل. فالمعيار اللغوي، مهما كان ضروريًا، ليس معيارًا مطلقًا. إنّه يدخل مع سلسلة من البراهين ويرتبط بها. ثمّ إنّ البرهان اللغوِي لا يفعل الفعل ذاته في كل أجزاء الكتاب: بما أنّ المراجع تنوّعت، نكتشف حالاً يد المدوّن الأخير. وإذ لا نسبق التحاليل اللاحقة حول لاهوت عزرا ونح وكتاب الأخبار، يمكننا أن نسوق الاعتبارين التاليين:
الاعتبار الأوّل: أراد بعض الشرّاح أن يفسّروا الخلافات والتشابهات، فتحدثوا عن مدرسة "تواريخية" (التاريخ الكهنوتي) كما يتحدّث غيرهم عن مدرسة اشتراعية (التاريخ الاشتراعي: يش، قض، صم، مل). وظنّ أنّه بهذه الطريقة يحسب حسابًا لعامل الوقت الضروري من أجل تدوين عمل أدبي متشعّب، والذي يفسر تنوّع الأساليب والمواضيع المطروحة. ولكنّ فكرة مدرسة تبقى غامضة.
الاعتبار الثاني: هنا نتساءل عن الوحدة التي نبحث عنها في مجموعة مثل عزونح وأخ. يجب ان لا ننحصر في نظرة ضيّقة حول وحدة الكاتب. فهناك أسفار بيبلية جمعت مقاطع متفرّقة، ولكنّها شهدت في العمق على وحدة إلهام حقيقية. والمثال الحيّ على هذا الواقع هو سفر أشعيا الذي امتدّت عملية التأليف فيه على أجيال.
نحن نقول بوحدة الإلهام في أسفار عزرا ونحميا والأخبار. ولكنّنا سنعالج كل سفر على حدة فنبرز مشاكل كلِ سفر في ديناميته الخاصّة. ونتبع الترتيب الذي أخذت به التوراة العبرية. فنتحدّث أوّلاً عن كتاب عزرا ونحميا، ثمّ عن كتاب الأخبار.

II- كاب عزرا ونحميا
أ- تنظيم سفري عزرا ونحميا
إنّ قرار كورش هو مقدّمة إخبارية (عز 1: 1- 4) تفتح لنا الباب لنقرأِ الكتاب كلّه. فقصّة إعادة البناء قصّة واقعية. فالأحداث مؤرّخة وإن لم يكن التاريخ دقيقَا جدًّا. ولكنّ الكاتب يريد قبل كل شيء أن يكتب تاريخًا نبويًا. فتستنير الأحداث المرويّة بنور كلمة الأنبياء (عز 1: 1: يتمّ ما تكلّم به الرب على لسان إرميا). فإله إسرائيل هو الفاعل الأوّل في هذا التاريخ، وهو يمارس سيادته على ممالك الأرض ويحرّك قلوب الملوك الأجانب من أجل خير شعبه. أمّا مسرح الخبر فهو أورشليم التي في يهوذا، والعمل الأوّل الذي لا بدّ من القيام به هو إعادة بناء الهيكل. تتوجّه الأنظار إلى هذه الجماعة التي عادت من المنفى، إلى هذه البقيّة التي اختارها الله والتي ستُمتحن أمانتُها في بوتقة صعوبات خارجية وداخلية عديدة.
ولكنّ هناك فوضى ظاهرة في النصّ، وهذا ما يحيّر الشرّاح. من الواضح أنّ مبدأ التنظيم هو لاهوتي أكثر منه تاريخي. ونحن نميّز أربعة أجزاء كبيرة: إعادة بناء الهيكل (عز 1 - 6)، التزام الجماعة بالشريعة (عز 7- 10)، بناء أسوار أورشليم (نح 1- 7)، صورة عن الجماعة العائشة في ظلّ التوراة بعد أن أعيد بناؤها (نح 8- 13).

1- عز 1- 6: الهيكل وإعادة تنظيم شعائر العبادة
هناك مقابلة بين 1: 1 (نداء كورش ملك فارس)، و 22:6 (الرب فرّحهم وأمال إليهم قلب ملك أشور أي بلاد الرافدين) تحدّد هذه الوحدة الأدبية. فبعد المقدّمة (1: 1 - 4) ذات البعد الواسع، نميّز قسمين يُختتمان بالحديث على العودة إلى شعائر العبادة (6:3: بدأوا يقدمون محرقات للرب، وهيكل الرب لم يكن قد أسّس بعد، 22:6: ليشدّد أيديهم للعمل على بناء بيت الله).

أوّلاً: 1: 5- 3: 6: عودة المنفيّين و إقامة المذبح
1: 7- 11: يقدّم الكاتب لائحة بالأواني المقدّسة فيدلّ على اهتمامه باللوائح والوثائق الرسمية، وعلى التشديد على التواصل مع الهيكل الأوّل.
2: 1- 0 7: رج نح 7: 6- 72: تحدّد هذه اللائحة مقوّمات جماعة المنفيين العائدين إلى أرض إسرائيل. يورد الكاتب أربع فرق كهنوتية، ويفصل المنفيّين والبوّابين عن اللاويّين.
3: 1- 6: أوّل عمل قامت به الجماعة التي التأمت "كرجل واحد" (أي باتفاق) هو إقامة مذبح على الموقع القديم، حسب شريعة موسى. وهكذا أعيدت شعائر العبادة واحتفل الشعب بعيد المظالّ.

ثانيًا: 7:3- 6: 22: إعادة بناء الهيكل رغم المعارضات
7:3- 4: 24: أطلّت معارضة خارجية فجعلت المحاولة الأولى تفشل.
7:3- 13: بعد أن قامت الجماعة (بقلب واحد، باتّفاق) ببناء المذبح، شرعت في بناء الهيكل في جوّليتورجي.
4: 1- 23: وجب على الجماعة أن تحبط موآمرات أعداء يهوذا أو بنيامين، وأن تواجه تحرّكات شعب الأرض الذي يريد أن يفشل المشروع (4: 1- 5). وستتّخذ المعارضة وجهًا رسميًا في 4: 6- 23. لا شكّ في أنّ تبادل الرسائل يشير إلى حقبة متأخّرة، هي حقبة حكم ارتحششتا، وإلى موضوع آخر هو إعادة بناء الأسوار. ولكن إذا عدنا إلى الموضوع الأساسي، نجد أنّ المغالطة التاريخية تضفي على المعارضة قوّة وصلابة.
4: 24: وتوقّفت المحاولة وظلّت متوقّفة حتّى عهد داريوس. ويلجأ الكاتب إلى
تقنية عزيزة على قلبه: يستعيد عبارة سابقة (4: 5) ويجعل نصّه الجديد امتدادًا لها.
5: 1- 18:6: نحن أمام نصّ مواز لما قرأناه في الجزء السابق. ولكن برزت معطيات فقادت المشروع إلى النجاح.
5: 1- 2: تدخّل الأنبياء وحثّوا الشعب على العمل، فلعبوا دورًا ناشطاً.
2:5- 12:6: جاءت المعارضة من مرزبان "عبر نهارا" (أي ما وراء الفرات بالنسبة إلى الفرس، أي منطقة سورية ولبنان وفلسطين) نفسه. حينئذ دخلت المحادثات في الطريق الدبلوماسية. ورُفعت الحواجز حين اكتُشف الأمر الذي أصدره كورش.
13:6- 18: وبرزت ثلاثة عناصر جعلت المشروع يصل إلى النجاح: دعوة الأنبياء، أمر إله إسرائيل، أمر كورش وداريوس. واحتفل الشعب بعيد التدشين بالفرح، وأقيم الكهنة واللاويون بحسب فرقهم. والمرجع كان كتاب موسى.
6: 19- 22: واختتم عيدُ الفصح هذا الاحتفال. كلّنا يعرف اهتمام المؤرّخ الكهنوتي بعيد الفصح (2 أخ 30، 35). وهنا نقابل هذا الفصح مع أوّل فصح للعبرانيين في أرض الميعاد (يش 8: 10- 12). دُشنّ البرنامج في 1: 1، وتنفّذ في 6: 22. يبقى أن نعرف كيف أنّ الشعب الموحّد في الاحتفال الليتورجي، سيعيش متطّلبات إلهه بطريقة ملموسة.

2- عز 7- 10: عزرا والمنفيّون. الجماعة في ظلّ الشريعة
لا رباط بين هذا القسم والذي سبقه. فنحن نقرأ: "بعد هذه الأحداث " (7: 1). ينتقل الكاتب من السنة السادسة لداريوس إلى السنة السابعة لأرتحششتا، دون أن يحدّد: هل هو أرتحششتا الأوّل الطويل اليد (464- 424) أو أرتحششتا الثاني منامون (404- 358). ولكنّ هناك رباطاً على مستوى الموضوع. حين أحصى عزرا (في 6: 21) المنفيّين فقط واعتبرهم كأعضاء الجماعة (وهم الذين انفصلوا عن نجاسة أمم الأرض، أي الذين ارتدوا إلى الإيمان اليهودي)، أعلن مسبّقًا الموضوعين اللذين سيتطرّق إليهما في 7- 8 وفي 9 – 10 .

أوّلاً: 7: 1-28: مهمّة عزرا
هذا الفصل الذي يشكّل مقدّمة، يدمج الموضوعين اللذين سيعالجهما الكاتبُ الواحدَ بعد الآخر: رجوع العائدين إلى الوطن (عز 8)، طهارة بقية بني إسرائيل وأمانتهم للشريعة. ولهذا تحدد الإطارَ قسمة مثلثة.
7: 1- 10: سلسلة أنساب (مبتورة ولا شكّ)، تربط عزرا بالعائلة الكهنوتية المسيطرة: الصادوقيون (آ 1- 5). وعزرا هو أيضاً كاتب متبحّر في شريعة موسى (آ 6، 10). ونلاحظ أنّ يد الله كانت عليه (أي كانت تحميه وتوجّهه) (آ 6).
7: 11- 26: يحتلّ فرمان ارتحششتا قلب هذا الفصل. فهو يتطرّق إلى الاجراءات العبادية (آ 12- 24) ويوكل في النهاية عزرا بإقامة الشريعة وترسيخها في القلوب (آ 25- 26).
7: 27- 28: ترد أولى الكلمات بشكل مباركة تقرّ بعمل الله العطوف والفاعل. نحن هنا أمام تضمين مع بداية الفصل: يُذكَر الهيكل، يُذكر عطفُ الملك، تذكَر يد الله. كل شيء مهيّأ لرسم صورة عن الخروج الجديد.

ثانيًا: 8: 1- 36: يد الله تقود خروج العائدين
8: 1- 20: وتنطمت القافلة على مرحلتين. ظلّ الكاتب أمينًا لنفسه فأقحم لائحة رؤساء العائلات (أو البيوت) العائدين مع أنسابهم (آ 1- 14). وإنّ طبيعة البعثة تفترض وجود عدد كاف من اللاويين. قدّمت يدُ الله العون الدائم، فوجد عزرا عشرين من اللاويين وبدأت عمليّة التسجيل (آ 15- 20).
8: 24- 34: حمت يدُ الله حماية فعلية فرقة عزرا، فقامت بالسفر في أفضل الظروف. نجد هنا الاستعدادات (آ 24- 35) ثمّ تحقيق الهدف (آ 31- 34). أدركوا الهدف الذي حدّده فرمان أرتحششتا، ووصلوا إلى هيكل أورشليم، وأعادوا معهم الأواني المقدّسة. ويتكرّر فعل "وزن " فيدلّ هذا التكرار على دقّة العملية.
8: 35- 36: قدّموا المحرقات لله، وسلموا إلى الرسميين أوامرَ الملك. كل هذا يدلّ على التنسيق بين عمل الله وعمل الحكّام الفرس. أصاب العون في 6: 22 بيت الله. أمّا في 36:8 فنقرأ: "أعانوا الشعب وبيت الله".

ثالثًا: عز 9- 10: تلتزم الجماعة العمل بالشريعة
وكان انتقال غامض في 9: 10. "بعد أن تمّت هذه الأمور". وسيتكرّر في 7:10 فيحدّد وحدة تكاد تكون ضائعة لو لم يكن ف 7 قد أعلن موضوع الشريعة، ولو لم تكن 6: 21 أشارت إلى ضرورة الانفصال عن أمم الأرض (أي الوثنيّين). نجد على التوالي ردّة الفعل عند عزرا (ف 9)، وتدخَّله في وسط الجماعة (ف 10).
9: 1- 5: موضوع الزواج مع نساء غريبات: شعب إسرائيل شعب خاصّ. إنه النسل المقدّس الذي يحافظ على نقاوته. خالفوا الوصيّة وخانوا العهد (رج نح 13: 27: معل في العبرية). وبدأت الصلاة بطقوس التوبة: "بسطت يدي إلى الرب إلهي " (آ5).
9: 6- 15: الذنوب والآثام تولّد الحياء والخجل. ويذكر الكاتب الخطايا الماضية التي كانت سبب كارثة المنفى، ومهلة النعمة التي أعطيت للبقيّة المختارة. غير أنّ هذه البقيّة أصمّت أذنيها فأهملت الوصايا (آ 6- 11 أ). ويعرض القسم المركزي التعليم الرئيسي: نجاسة الأرض من نجاسة أهل الأرض. لهذا لا بدّ من طرد النساء الغريبات (أ 11 ب- 12). وتعود الصلاة في القسم الأخير إلى خلاص البقيّة (آ 13- 15)، مع نداء في صيغة الاستفهام: "أنعود ونتجاوز وصاياك ونصاهر هؤلاء الناس المكروهين؟ اما تغضب علينا فتدمّرنا ولا تترك لنا بقيّة من الناجين " (آ 14)؟
10: 1- 17: وتُرفع المسألة إلى الجماعة. سيعود نح 5 و 8 إلى هذا النظام: نقطع الآن عهدًا لتسريح جميع النساء وأولادهنّ.
10: 1- 6: ق 9: 1- 5. نجد فعل "ارتعد" في 9: 4 و 3:10 (حرد في العبرية). وبعد هذا يُطرح موضوع الشريعة. ونقرأ في 3:10 عبارة قطع العهد: لنقطع الآن عهدًا.
10: 7- 17: واستدعى عزرا الناس، ومن لا يأتي "تحرّم كل أمواله، ويفصل عن الجماعة". تتضمّن خطبة عزرا العناصر التالية: إعلان الموضوع، الإقرار بالخطايا، القرار. ولقد اتّسع الشرّ إلى حدّ أوجب تنظيم المحكمة التي احتاجت إلى شهرين كاملين لتنظر في كل القضايا. بعد اليوم، صارت الشريعة مدوّنة في حياة الجماعة.
18:10- 44: وينتهي هذا القسم بلائحة تورد أسماء المذنبين. وبادر أبناء يشوع، الكاهن الأعظم، باتّخاذ القرار فطّلقوا نساء هم. ثمّ تبعتهم العائلات الكهنوتية الثلاث (رج 2: 36- 39)، ثمّ اللاويّون المفصولون عن المغنّين والبوّابين، وفي النهاية بنو إسرائيل. وهكذا نجد نفوسنا مع جماعة منقّاة قبلت بتنظيم الشريعة. ولكن لم يحن الوقت بعد لتنصيب الشريعة تنصيبًا رسميًا كملكة في أرض إسرائيل.

3- نح ا- 7: نحميا وأسوار أورشليم
"كلام نحميا بن حكليا". يصل بنا هذا العنوان إلى سبعة فصول دوّنت في صيغة المتكلّم المفرد (أنا كنتُ) وسمّيت لذلك "مذكّرات نحميا". ترفى هذا الفصول في جوِّ سياسي، فتبيّن اهتمامها بالجماعة التي أعادت بناء هيكلها وقبلت سلطة الشريعة قبولاً عمليًا. وتبرز جدليّة بين مجهود البنائين ومعارضة الخصوم في توتّر دراماتيكي لا يزال متصاعدًا.

أوّلاً: 1: 1- 2: 19: نحميا. من شوش إلى أورشليم
1: 1- 11: إن الأخبار السيّئة التي وصلت إلى نحميا، ساقي الملك، تُشير إلى ضيقٍ يصيب الجماعة، وإلى أسوار أورشليم التي لم تزل مهدّمة (1: 1- 3). وأوّل حركة قام بها نحميا هي أنّه وجّه قلبه إلى الله في صلاة توسّل وتوبة.
تتضمّن صلاة نحميا التقسيم المثلث عينه الذي وجدناه في عز 6:9- 15. يفتتح النداء إلى الله الاعترافُ بالخطايا (آ 5- 8 أ). في الوسط، يشدد القول المعطى لموسى على الرباط بين الأمانة للوصايا وحالة النعمة في الجماعة (آ 8 ب-0 9). ثمّ يرد ما يبرّر هذه الطلبة (آ 10- 11): "هم عبيدك وشعبك الذين افتديتهم بقدرتك العظيمة ويدك العزيزة". نلاحظ هنا تأثير سفر تثنية الاشتراع.
2: 1- 9: حصل نحميا من أرتحششتا على إذن بالذهاب إلى أورشليم وإعادة بناء أسوار المدينة. إذا كنّا نعني أرتحششتا المذكور سابقًا، يكون الحدث قد حصل بعد مهمّة عزرا بثلاث عشرة سنة. لقد اختبر نحميا مثل عزرا، حماية يد الله العطوفة. فالرسائل الموجّهة إلى حكماء "عبر نهارا" قد سلّمت إليهم فعلاً (رد عز 9: 36). ولكن اختلف نحميا عن عزرا حين طلب ضبّاطاً وجنودًا يرافقونه (رج عز 22:8).
2: 10- 20: تذكر بدايةُ هذا النصّ ونهايتُه خصوم نحميا: سنبلط الحوروني، طوبيا، العبد العموني (2: 10)، وجاشم العربي (2: 19-20). وآخر شيء نقرأه في هذا المقطع: القرار بإعادة بناء السور بعد دورة يقوم بها نحميا ليلاً (2: 11- 18).

ثانيًا: 3: 1- 22:7: بناء السور
3: 1- 32: يُقحم الكاتب هنا لائحة العاملين في البناء، وكأنّي به ينسى النزاعات التي تتوزع الخبر. قد يكون نحميا جمع هذه الأسماء أو أخذها من التقليد وأدخلها في نصّه. إنّها وثيقة ثمينة تعرّفنا بمواقع (طوبوغرافيا) مدينة أورشليم.
33:3- 4: 17: يضعنا هذا المقطع الأوّل وسط مناورات الخصوم (33:3- 35؛ 4: 1- 2)، ويقدّم لنا صلاة يطب فيها نحميا الانتقام من خصومه، وموجزًا عن الأعمال التي تمّت وعن شجاعة الشعب (3: 36- 38). ووجدت المعارضة الخارجية من يتواطأ معها في الداخل. ولكنّ نحميا أنعش إيمان الجماعة بالرب، فاعترف الخصوم بهزيمتهم أمام قدرة الله (3:4- 9). ومع ذلك، فرضت إجراءات وقائية (4: 10-17) لكي تنجح المحاولة.
5: 1- 19: ونحسّ أنّنا ابتعدنا عن الموضوع الرئيسي مع هذا التقرير عن الصعوبات الاجتماعية في زمن نحميا. نكتشف في 5: 1- 13 رحمة دائرية حول آ 9 (ما تعملون ليس بحسن. عليكم أن تسيروا في مخافة إلهنا فتتجنّبوا عار الأمم أعدائنا) التي تربط بين سلوك الشعب السيّء مع التجاديف (والتعييرات) التي تطقها الأم العدوّة، كما ترتبط النتيجة بالسبب. فنجاح الجماعة يرتبط بسلوكها الموافق لوصايا الله. والتزام الجماعة في آ 13 (فقالت الجماعة كلها: آمين) يذكّرنا بما ورد في عز 10. بعد هذا.، امتدح الحاكم إدارته لأمور المدينة (أمّا أنا فلم أفعل ذلك لأنّي أخاف الله) (آ 14- 18). وفي 5: 19 نجد للمرّة الأولى عبارة: "أذكر، تذكّر" (رج 6: 14).
6: 1- 3:7: يمتدح القسم الأوّل (6: 1- 14) نحميا الذي فضح محاولات خصومه الأخيرة (6: 1- 9) وأظهر فطنة وإيمانًا، فتجنّب السقوط في فخّ نصبه له شمعيا الذي استأجره طوبيّا. وفي القسم الثاني يحيط الحديث عن إنهاء الأعمال وعن تنظيم الإدارة (6: 15- 16؛ 7: 1- 3)، بخبر أخير عن التواطئ الذي وجده طوبيا في أرض يهوذا (17:6-19).
7: 4- 72: توافق هذه اللائحة لائحة البنائين التي نقرأها في 3: 1- 32 في بنية نح 3- 7. نجد هنا لائحة الأسماء الواردة في عز 2: 1-70. لماذا التكرار؟ إنّه يلعب دور تضمين في بداية وفي خاتمة حركة تصل بنا إلى الاحتفال بالشريعة (نح 9). فالاحتفالات تفترض مشاركة الشعب بأعداد كافية.

4- نح 8-13 تحتفل أورشليم بالشريعة في جوّ من الفرح
أشار الكاتب إلى عيد تدشين الهيكل ولم يصوّره. أمّا الاحتفال بالشريعة فكان قمّة رسالة عزرا ونحميا، وفتح منظورات جديدة للجماعة. لم يهتمّ الكاتب بمَا هو معقول تاريخيًا فضم المصلحَين (عزرا ونحميا) في عمل مشترك (9:8؛ 2 36:1)، مع العلم أنّ فارقًا من الزمن يفصل بينما. اشتغل كلاهما بنشاط في حقلَين متكاملَين من أجل ولادة العالم اليهودي في أيّام الفرس، ولكنّ الدور الأوّل يعطى لعزرا الذي يبدو إصلاحه الديني أساسيًا.

أوّلاً: نح 8- 10: الشريعة هي أساس الحياة
8: 1- 18: كتاب شريعة موسى (8: 1) المسمّى أيضاً كتاب شريعة الله (18:8) هو الفاعل الرئيسي في هذا الفصل، ويخدمه الكاهن عزرا واللاويّون. وها نحن نتابع حفلة ليتورجية في مجمع من المجامع: قراءة، ترجمة (إلى الأرامية)، تفسير، تشديد على فعل "فهم " أو "أفهم ". مهما يكن مضمون الحدث التاريخي، فقد صارت الشريعة دستور العالم اليهودي. ويُعلَن الطابعُ الفريد لهذا اليوم ثلاث مرّات: "هذا يوم مقدّس " (8: 9- 12). ويبدو الاحتفال بعيد المظال كأوّل ثمرة لهذه القراءة الواعية للشريعة (13:8- 18).
9: 1- 37: وتأتي ليتورجية التوبة في مكانها في هذا الشهر السابع، وتدلّ عليها طقوس تكفيرية. فالعبارات في 9: 2 تعيدنا إلى عز 9: 1- 2؛ 10: 11. فالصلاة الطويلة في عز 6:9- 37 هي مثال معبّر عن التقوى التي عاشها الشعب بعد المنفى.
10: 1- 40: وتنتهي ليتورجية التوبة بالتزام بالعهد ختمته وثيقة توسِّع معطيات عز 10 وتعمّقها. غاب عزرا عن لائحة الموقّعين على هذه الوثيقة، وحل نحميا في المكان الأوّل. تتوالى الشروط العامّة (10: 29- 30) والخاصّة، فتدلّ على الشكل الذي به يقطع العهد.

ثانيًا: نح 11: 1- 26:12: شعب من المشاركين
وأورد الكاتب لوائح، بعضها يعني مجمل الشعب (11: 1- 36) والبعض الآخر يعني الكهنة واللاويّين فقط (12: 1- 26). إنّ الجماعة التي تشكّل أبناء يهوذا وأبناء بنيامين تتجاوز أورشليم وتمتدّ إلى خارج العاصمة (11: 25- 36)، إلى القُرى مع حقولها. والمعطيات الزمنية الموجودة في نح 12: 1- 26 تهدف إلى تشديد على التواصل بين الأجيال. ومختصر الكلام، نحن أمام جماعة موحّدة في الزمان والمكان وهي تشارك بكل قلبها في هذه الاحتفالات.

ثالثًا: 12: 27- 13: 31: جماعة مؤسّسة تأسيسا نهائيًا
2 27:1- 43: في بنية هذا القسم، يتلاقى تدشين السور مع قراءة الشريعة قراءة احتفالية في نح 8. تكلّم نحميا أيضاً في صيغة المتكلّم المفرد (أنا: أصعدتُ) كما في نح 1-7 (12: 31- 42). والحديث عن الفرح يذكّرنا بعيد تدشين الهيكل في عز 6:6- 17. وإن آ 43 تستعمل حمس مرّات كلمة فرح: "فرحوا، لأنّ الله فرّحهم فرحًا عظيمًا، وفرحت النساء والأولاد، وسُمع فرح أورشليم من بعيد".
12: 44- 13: 3: نجد مقطعًا أوّل (12: 44- 47) منسوبًا إلى الناشر، وهو يقدّم لنا لوحة مثالية عن تنظيم شعائر العبادة في حقبة إعادة بناء الشعب، من زمن زربابل إلى زمن نحميا. وجاء المقطع الثاني (13: 1- 3) فرفض كل عنصر غريب تلبية لنداء الشريعة، فكان العلامة انّ مجمل الكتاب دخل في حياة الشعب.
4:13- 31: وجاء نحميا في مهمّة ثانية (رج نح 6:13) فأصلح التجاوزات القائمة. أسلوب هذا المقطع أسلوب المذكّرات مع استعمال دائم لكلمة "اذكرني". ما أراد الكاتب أن يضع نقاطاً سوداء على صورة جماعة قدّمها لنا نموذجًا ومثالاً، ولهذا قال: في تلك الأيّام (آ 15، 23). ولكنّه، بهذه الطريقة، حذّر الجماعة من أخطار السقوط من جديد. يجب أن نبقى ساهرين لكي نحيا في الأمانة للشريعة.
لا يكفي المعيار التاريخي أو الكرونولوجي لعرض مجمل الكتاب. إذًا، لا بدّ من أن تعطي المقامّ الأوّل للمبدأ اللاهوتي. ثمّ إن بعض الكتاب شدّد على التكوين القانوني للكتاب فقال إنّ عز 7- 10 ونح 1- 6 لا تُفهم إلاّ على ضوء نح 8- 12. واستند إلى وظيفة اللوائح وتكرارها خاصّة في عز 2 ونح 7 فقدّم البنية التالية: مقدّمة (1: 1- 4). تأوين قرار كورش في عز 2 حتّى نح 7 مع الحركات المثلثة التي أشرنا إليها أعلاه. الاحتفال بالنجاح (نح 8- 13). غير أننا نلاحظ أنّ عز 1- 6 تحتلّ مكانة فريدة أقلّه في ما يتعلّق بتدشين الهيكل. ثم إن الوضع الذي نجده في نح 13 لم يجد بعد التفسير الحقيقي.
ب- تكوين سفري عزرا ونحميا
يكشف النصّ تنوّعًا في الموّاد، ويدلّ على تاريخ متشعّب عرفه تكوين هذين السفرين. عاد الكاتب إلى وثائق خاصّة من فنون متنوّعة، وإلى مجموعات تكوّنت حول شخصيّة كلّ من عزرا ونحميا. وها نحن نحاول أن نتعرّف إلى تكوين هذين السفرين.

1- المراجع الخاصّة
أوّلاً: الوثائق الرسمية
الكرونيكة الأرامية (عز 4: 8- 6: 18). يبدأ النصّ: وكان خطّ الرسالة بالأرامية. تتضمّن هذه الكرونيكة تبادل رسائل: تشكّى المعارضون (4: 11- 17)، فأرسل إليهم أرتحششتا جوابًا (17:4- 22). أرسل المرزبان وسلطات عبر نهارا إلى داريوس نداء (5: 7- 17)، فبعث إليهم بجواب يحيلنا إلى قرار كورش (6: 3- 12). وهناك خطّ إخباري في الأرامية يربط بين هذه العناصر المختلفة.
إنّ مقابلة لغة هذه الكرونيكة مع لغة البرديات الأرامية، لا تفرض علينا زمنًا متأخّرًا. أمّا مضمون هذه الوثائق فيتوافق مع ما نعرفه عن سياسة التسامح الديني التي مارسها ملوك الفرس تجاه الأقليّات. ويعود تلوين الرسائل تلوينًا يهوديًا إمّا إلى وجود يهود في الإدارة الفارسية، وإمّا إلى اهتمام بالتكيّف مع الذين سترسل إليهم الرسائل. لن نقول إنّنا أمام نقل أمين وحرفي، ولكن نقول بصحّة ما ورد في هذا النصّ.

قرار كورش
تقدّم لنا الكرونيكة الأرامية (عز 6: 3- 5) نسخة في أسلوب وثائق الأرشيف. أمّا القول العبري في عز 1: 2- 4 فهو من قلم آخر ولا يعود إلى المرجع عينه. هناك عبارات لا تعود إلى العالم الفارسي، ولهذا يقول العلماء إنّ الكاتب ألّف بطريقته الخاصّة قرار كورش ليتوافق مع مجمل الكتاب. نشير إلى أنّنا نقرأ المقطع الأوّل في 2 أخ 26: 22.

فرمان أرتحششتا (عز 7: 12- 26)
إنّه أمرُ مهمّة أعطي لعزرا ودوّن في الأرامية. ولكنّ هذا التدوين يبدو معقّدًا: فالمرسل إليه يتبدّل في آ 21- 24، وتتوسعّ آ 25- 26 في معطية نقرأها في آ 14. قد نقبل بصحّة الوثيقة إجمالاً رغم مشاكل تفسير قرينة النص.

ثانيًا: اللوائح المتعدّدة
يلفت نظرنا النسبة الكبيرة من اللوائح في هذين السفرين القصيرين المؤلّفين من 23 فصلاً. تعني اللوائح الأشخاصَ العائدين إلى الوطن (عز 2: 2- 70؛ نح 7: 6- 72؛ 8: 1- 14)، والذين بنوا السور (نح 3: 1- 32)، والأشخاص الذين حلفوا وتراجعوا عن خطأهم (عز 18:10- 44؛ نح 10: 2- 28). ووضع السكّان (نح 11: 4- 36؛ رج 1 أخ 9) وعدّة لوائح كهنوتية ولاوية (نح 12: 1- 26) تتوزّع في الإطار الزمني لتعاقب رؤساء الكهنة (نح 12: 10- 11). وسلسلة نسب عزرا (عز 7: 1-5).
ونزيد أيضاً لائحة أواني الهيكل (عز 1 :7- 11) التي نجد ما يقرب منها في عز 8: 26-27 (رج عز 2: 69).
نستطيع أن نستخرج هذه الوثائق بسهولة من النصّ، ونحن نجدها في كل أقسام الكتاب وعلى كلّ مستويات التدوين. وهذا ما يدلّ على اهتمام المفكّرين بها وهي تلعب وظائف عدّة: التصديق على لائحة العائلات، إعطاء نظرة ملموسة عن جماعة ما بعد المنفى، الدلالة على التواصل مع جيل ما قبل المنفى. ثمّ إنّ هذه اللوائح لعبت دورًا هامًا في بناء المجموعة.
نجد بعض التكرارت في هذه اللوائح، وأوضحها عز 2 ونح 7. هناك براهين تدلّ على أنّ نح 7 سبق عز 2: ذكرُ الشهر السابع في نح 72:7 يبدو طبيعيًا. يتضمّن عز 2: 68 (بالنسبة إلى نح 7: 70) زيادات تحاول أن تتكيّف مع قرينة النصّ. ويبدو أنّ عز 68:2- 69 هو خلاصة نح 69:7- 71. لا نعرف لماذا وُضعت هذه اللائحة: للضرائب، لتوزيع الأراضي أو لسبب آخر؟ إنها تعطينا سجلاً لأعضاء الجماعة اليهودية بعد المنفى، ولكنّها لا تؤكّد لنا أنّ جميع المذكورين هنا جاؤوا في قافلة واحدة أو أكثر. وهناك مقابلة بين نح 3:11- 9 و 1 أخ 9: 2- 17. ويبدو أنّ نصّ 1 أخ 9 يتعلّق بنصّ نح 11.

ثالثًا: عبارات التزام وصلوات
لن نستطيع أن نستعرض كلّ الفنون الأدبية الموجودة في كتاب عزرا ونحميا، ولكنّنا نُشير إلى النصوص المهمّة ببعدها الديني. فالتزام الجماعة في نح 10 يتّخذ معناه في إطار النصّ. والوثيقة (10: 1، 29- 40) كانت في مراحل مستقلّة ولم تتضمّن لائحة 10: 2-28 التي أُقحمت فقطعت تتابع آ 1 و 29. سنعود إلى البعد التأويلي للنصّ.
وهناك ملاحظات مماثلة في ما يتعلّق بالصلوات في عز 6:9- 15 ؛ نح 1 :15- 16 ؛ نح 9: 6- 37. فالطريقة التي تقوم بأن يجعل الكاتب صلوات في فم الشخصيات البيبلية الكبيرة ليست جديدة، وهي ستنتشر أكثر فاكثر بعد المنفى (مثلاً: دانيال، طوبيّا، يهوديت). هناك تقارب بين هذه الصلوات من جهة البنية والتعبير، وهي تتوسّع في مواضيع تاريخ الخلاص الأساسية مع تشديد على التوبة والتبرير الآتي من الله. هناك معايير تساعدنا على عزل هذه الصلوات. مثلاً: نح 9: 36- 37 لا تتوافق والموقف الذي وقفه ملوك الفرس في مجمل عزرا ونحميا.
نستطيع أن نُبرز وجهات هامّة في صلاة نح 9: 6- 37. نحن أمام بنية دائرية. أوّلاً: 9: 6- 8. ثانيًا: 9: 9- 21. ثالثًا: 9: 22- 25. رابعًا: يقابل ثانيًا: 9: 26- 31. خامسًا يقابل أوّلاً: 9: 32- 10: 1. وتشدّد الصلاة على أمانة إبراهيم (9: 8) وثبات العهد (10: 1). ونستطيع أن نقرّب بنية هذه الصلاة من بنية صلوات الشكر: قسم تاريخي نتذكّر فيه أعمال الله (آ 6- 31): هناك عرض ديالكتيكي لتاريخ الخلاص في قسمين (آ 9- 15 وآ 22- 25) مع ذكرين لخيانة شعب إسرائيل (آ 16- 21 وآ 26 - 31). أمّا آ 32- 37 فهي توسّل ودعاء (والآن، يا إلهنا العظيم).

2- مذكّرات نحميا وعزرا
أوّلاً: مذكّرات نحميا
هناك خطّ إخباري يربط بين المجموعات (نح 1- 7؛ 27:12- 43 ؛ 13: 4- 31) التي تنطبع بميزات مشتركة: استعمال صيغة المتكلّم المفرد (أنا)، تكرار العبارة "أذكرني "، الإشارة إلى الأعداء بصورة دورية، وجود حوارات قصيرة... أمّا تحديدها الدقيق فيبدو صعبًا. إذا وضعنا جانبًا الوثائق المذكورة أعلاه (نح 3: 32؛ 7: 6- 72)، نلاحظ أنّ الأسلوب السيروي في 27:12- 43 لا يشمل إلاّ آ 31- 42. ثمّ إنّ المذكّرات تتتابع في 13: 4- 31 مع مضمون خاص.
وتبرز الاختلافات حين نصل إلى التفاصيل. استبعد أحد المفسّرين القدماء، لائحة نح 3، ولائحة نح 7، والصلاة في نح 1: 5- 11 ونصّ نح 7:2- 9. واكتشف آثار المرجع الذي أخذ به المدوّن في 27:12- 43 وأعطاه لباسًا حلوًا. وكرّس شارح آخر دراسة مهمّة للمرجع الذي استقى منه نحميا. احتفظ بنصّ 1: 1- 7: 5 أب، وأشار إلى بعض الحواشي التي أقحمتها يد المؤرّخ الكهنوتي في 6: 10، 11 أب، 13، ثمّ يد مدوّن آخر جاء بعده في 26:3 أ؛ 7: 1. ونسب إلى مدوّن أخير 7: 5 ب- 8: 1. إنّنا نجد هذه المستويات المختلفة في تحليل 12: 27- 43 و 13: 4- 31.
ما هو الفنّ الأدبي الذي يميّز هذا المرجع؟ بعضهم ينطلق من المدوّنات الملكية أو الجنائزية. والبعض الآخر يرى تقريرًا دوّنه نحميا وأرسله إلى أرتحششتا ليتّقي تشكّيات معارضيه الممكنة. ولكن لا ننسى أن النص يتوجّه إلى الله، لا إلى الملك. وهناك من قال بوضع متأزّم داخل جماعة ما بعد المنفى. وعرف التدوين عدّة مراحل. فإذا وضعنا جانبًا المقاطع التي تطلب من الله أن يتذكّر، نجد أنّ كل شيء مركّز على بناء سور أورشليم. وبعد هذا، أعاد الكاتب تدوين التقرير من أجل إحقاق حقّ نحميا في داخل جماعته.

ثانيًا: مذكّرات عزرا
كدنا ننسب إلى هذه المذكّرات عز 7- 10 ونح 8- 10. ولكنّ نصّ نح 9- 10 العبري لا يذكر اسم عزرا. أمّا النصّ اليوناني، فيزيد في 9: 6: "وقال عزرا". هناك افتراض معقول يجعل نح 9- 10 فصلين مستقلين. بالإضافة إلى ذلك، تضمّ هذه المجموعات عدّة وثائق خاصّة. ولكنّ هناك صعوبات متأتّية من عدم استعمال صيغة المتكلّم بطريقة ثابتة: يبدأ النصّ في صيغة الغائب في 7: 1- 26. ويدخلنا انتقال (27:7- 28) في خبر طويل يَرد في صيغة المتكلّم. ثمّ نقرأ تقريرًا في صيغة الغائب في 35:8- 36. على المستوى الأدبي نربط نح 8 بهذا المرجع. ولكن على المستوى التاريخي، لا نجد الجواب عن الفجوة الموجودة في نشاط عزرا خلال خبر مهمّة نحميا الأولى.
يجادل العلماء في صحّة مرجع عزرا. ويرى بعضهم في شخصه خدعة أدبية تخيّلها المؤرّخ الكهنوتي. والبعض الآخر يرى ان المؤرّخ أعاد كتابة خبر عزرا في صيغة الغائب بعد أن كان في صيغة المتكلّم، أو قدّم بحلة قشيبة خبرًا أورده أحد المعجبين بعزرا. ويرى آخرون تأثير المرجعَين اللذين وُجدا في 7: 12- 26 و 8: 1- 14، والنموذج التي قدّمته مذكّرات نحميا.

3- تدوين سفري عزرا ونحميا
إنّ النص الذي نعرفه الآن يفترض تنظيمًا واعيًا لموادّ متنوّعة. لقد أراد الكاتب أن يلبّي حاجات خاصّة في جماعة محدّدة. وإنّ هذا البحث الدقيق يدعونا إلى الأخذ بعين الاعتبار مؤلفات موازية مثل عزرا أ وفلافيوس يوسيفوس المؤرّخ.

أوّلاً: تدوين عزرا- نحميا
إذا حسبنا عزرا أ نصاً قديمًا، نستطيع أن نفترض تدوينًا أوّل يربط عزرا بكتاب الأخبار ويتجاهل نحميا. حينئذ يبقى علينا أن نتساءل: لماذا أُقحمت مذكّرات نحميا في زمن متأخر؟
والصعوبات التاريخية المعقّدة التي نجدها في عز 1- 6 تجد تفسيرها في أنّ الكاتب ابتعد عن الأحداث التي يدوّنها. وهناك ملامح تشير إلى تأليف متأخّر لهذه الفصول التي زيدت كمقدّمة لمجموعة تضمّ موادّ عزرا ونحميا ومراجع أخرى.

ثانيًا: المدوّن ومحيطه
الموضوع والخصائص اللغوية تجعل سفري عزرا ونحميا بين مؤلّفات التوراة المتأخّرة. فوجود اللغة الأرامية قرب العبرية، يجعل زمن عزرا ونحميا قريبًا من زمن دانيال. بالإضافة إلى ذلك، نجد في عزرا عددًا من الكلمات الفارسية.
متى نحدّد زمن كتابة عزرا ونحميا؟ بين سنة 400 ق م وزمن دانيال. قد لا نحتاج إلى الرجوع إلى القرن الثالث. وقد تكون النسخة النهائية تمّت في السنوات الأولى للحكم الهلّنستي في فلسطين. أمّا مدوِّن عز 1- 6 فقد ينتمي إلى الحلقة التي أخضعت كتاب الأخبار لقراءة جديدة على ضوء تعليم الكهنة.

ج- كتاب عزرا- نحميا والتاريخ
القراءة اللاهوتية لكتاب عزرا- نحميا لا تدفعنا إلى إهمال المعلومات التاريخية التي يقدّمها كتاب يظلّ أفضل مرجع لمعلوماتنا عن العالم اليهودي خلال الحقبة الفارسية.
نملك مراجع أخرى عن هذه الحقبة: يوسيفوس في القديميات اليهودية (ف 11). وثائق الفنتين الأرامية (أستعملت لتحديد زمن مهمّة عزرا ولتحديد المرحلة الأخيرة من مراحل التدوين الكهنوتي للبنتاتوكس). تاريخ هيرودتُس. وتساعدنا النصوص المسمارية على تحديد ظروف الحياة في تلك الحقبة. هناك أرشيف موراشو الذي اكتشف في نيبور، وهناك الوثائق الأركيولوجية.

1- ششبصر، زربابل وإعادة بناء الهيكل
ما هو الوضع السياسي لليهودية من سنة 538 إلى سنة 445؟ هذا ما لا توضحه النصوص. يرجع نحميا إلى "الولاة الأوّلين " (نح 5: 15). ثمّ إنّ الاستقلال عن السامرة يعود إلى أيّام البعث (إعادة البناء) الأوّل.
نستطيع أن ندرس لفظة "فحة" التي تعني حاكم مقاطعة أو منطقة كبيرة أو صغيرة. نجد هذه اللفظة في الأقسام العبرية (عز 36:8؛ نح 7:2، 9؛ 7:3؛ 5: 4، 14، 15، 18، 12، 26) والأرامية (3:5، 6، 14؛ 6:6، 7، 13 ؛ رج حج 1: 1- 14؛ 2:2، 21). ونجد لقبا آخر شرفيًّا هو، ترشاتا أي سيادته. رج عز 63:2؛ نح 7: 65، 69 ؛ 8: 9؛ 10: 2).
يبقى دور كل من ششبصر وزربابل لغزًا بالنسبة إلينا. أراد مدوّن عز 1- 6 أن يغفل لقب المسؤولَين الرئيسيَين، فلا يذكرهما إلاّ حيث تفرض النصوص عليه ذكرهما (عز 5: 14؛ 7:6). وهذا ما عقّد الأمور. لا شكّ في أنّه أراد أن يبعد كل ظنّ في نظرات وطنيّة. وهناك من حاول أن يوفّق بين المعطيات المتضاربة في عز 8:3 و5: 15- 16، فماثل بين ششبصر وزربابل. فإذا عدنا إلى المرجع الأرامي نقتنع أن ششبصر كان أوّل من مارس وظيفة الحاكم.

2- نحميا والجماعة اليهودية في القرن الخامس
تدخّل نحميا في عهد أرتحششتا الأوّل. هذا التاريخ يؤكّده ذكر الياشيب (نح 3: 1)، ثالث رئيس كهنة في لائحة نح 12: 10- 11 (رج نح 28:13). كان ساقي الملك، وهذا يدلّ على علوّ مقامه. وقال آخرون إنّه كان أحد الخصيان، ولكنّ البراهين ليست بكافية لتسند هذا القول. ثمّ إنّ تسليمه أمور الشعب اليهودي يدلّ على مكانته السامية في الجماعة اليهودية، وقد يكون من نسل داود.
وصل إلى أورشليم سنة 445 (نح 1: 1 ؛ 2: 1) في إطار أزمة أثارها تمرّد ميغابيز مرزبان عبر نهارا حوالي سنة 448. وعاد سنة 443. تلك كانت المهمة الأولى، أمّا المهمّة الثانية (نح 13: 4- 31) فن الصعب أن نحدّد تاريخها. كان عمل نحميا سياسيًا واجتماعيًا، فقام بحزم بمهمّته كحاكم ومدّ سلطانه حتّى حدود الهيكل.
لامه خصومه لأنّه يريد أن يُشعل ثورة ويعلن نفسه ملكًا على يهوذا (نح 6:6). واستندوا في لومهم له إلى أعمال ذات طابع مسيحاني: بناء السور والمدينة (نح 1- 7)، إعادة العدالة الاجتماعية (نِح 5: 1- 5)، تنظيم حياة من الطاعة التامّة للشريعة (نح 13). ووجد الخصوم تواطؤَا داخل الجماعة. وتتحدّث النصوص عن صراعات مع العائلات الكهنوتية ومجابهات محدّدة ستكون بذار الانقسامات اللاحقة.
وبرزت تيّارات أكز انفتاحًا فأقامت توازنًا مع عمل نحميا المتشدّد والتخصيصي (أي الخاصّ بشعب الله على حساب سائر الشعوب). غير أنّ عمل نحميا أسّس صيرورة الجماعة اليهودية بالتاكيد على هوّيتها، وجعل في أصل هذا العمل الصلاة والحوار مع الله، فدلّ على الطابع الديني لحياة هذا العلماني (لم يكن كاهنًا) الذي لم يساوم يومًا في قضايا الدين.

3- مهمّة عزرا
لم يتّفق الشرّاح بعد على تاريخ مهمّة عزرا. فإذا كانت في أيّام أرتحششتا الأوّل نقول سنة 58 4، وإذا كانت في أيّام أرتحششتا الثاني نقول: سنة 398. وفي أي حال نستبعد التاريخ المتوسّط سنة 428. أمّا نحن فنقول سنة 398. لماذا وضع عزرا قبل نحميا في الكتاب؟ لأنّه كاهن والكاهن يأتي قبل العلماني. نحن أمام أولويّة دينية لا تاريخية. والتشريع الذي حمله عزرا يتجاوز إصلاحات نحميا المؤسّسة على سفر التثنية.
جاء عزرا إلى اليهودية بعد أن بعثه ملك فارس الذي أراد لهذه المنطقة أن تبقى أمينة له. وسلّم عزرا الأوامر الملكية لمرازبة الملك وحكّام عبر نهارا (عز 8: 36)، أمّا مسرح عمله فكان الجماعة اليهودية ولاسيمّا أورشليم. لم تُحَلّ التوتّرات بين أهل الأرض والعائدين من المنفى. أمّا عزرا فاهتمّ بالعائدين.
أمّا العمل الرئيسي الذي قام به فهو الإقرار بالتوراة كشريعة دولة وقاعدة قانونية لحياة اليهود الدينية، وهذا ما جعل التوراة تدوم. في أي إطار قامِ عزرا بعمله؟ في إطار الانتهاء من كتابة البنتاتوكس. فتماسكُ مختلف أقسام الجماعة فرض شريعة موحّدة. حين قبلت المجموعات المختلفة بتشريعات متكاملة، قوّت وحدتها وخلّفت الظروف المؤاتية لحياة متجدّدة وموجّهة شطر التوراة. كان هذا الحدث حاسمًا بالنسبة إلى تكوّن العهد القديم وتنظيم الشعب اليهودي.

4- تأثير الانشقاق السامري
حين نقرأ عزرا ونحميا، نحسّ بالتوتّر بين اليهود والسامريين. فعلاقة عزرا بالسامريين متشعّبة. هولا يواجههم مباشرة ولكنّ تقليدهم يحكم عليه بقسوة. ولكنّ السامريين قبلوا بالبنتاتوكس، وهذا يدل على أنّ عزرا نجح في مهمّته. وإنّ مذكّرات نحميا والكرونيكة الأرامية تدلّ على عنف الصراع. وفسُد الوضع تدريجيًا حتّى الانفصال التامّ الذي كرّسه بصورة نهائية تشييد هيكل على جبل جرزيم ليزاحم هيكل أورشليم. كان هذا في بداية الحقبة اليونانية. هنا نفهم لماذا جمعت ردّات فعل عديدة ضدّ السامريين. وبمَا أنّ مدوّن عز 1- 6 كان يعمل في جو العالم الكهنوتي، فقد أراد أن يبرّر شرعية هيكل أورشليم أمام هذا التحدّي السامري. وقد يكون حصل انشقاق داخل كهنة أورشليم. فترك بعض الكهنة المنفتحين أورشليم، وانضمّوا إلى جماعات أخرى في شكيم.

د- تعليم سفري عزرا ونحميا
إنّ سفري عزرا ونحميا مشبعان باللاهوت بحيث لا نستطيع أن نتطرّق إلى المسائل الأدبية والتاريخية دون أن نشير إلى المواضيع المهمّة التي تلقي ضوءًا على دينامية النصّ العميقة.

1- تتمّة المواعيد النبوية
بدا خسران الأرض وسقوط أورشليم ودمار الهيكل وانهيار الملكية وكأنّه فشل لمخطّط الله. وخلال المنفى، إستندت المدارس النبويّة المختلفة إلى التاريخ القديم فبنت مشاريع مستقبليّة وأعلنت خروجًا جديدًا وإعادة بناء أورشليم وجعلها آهلة بالسكان (أش 40- 55)، كما تطلّعت إلى الهيكل العتيد (حز 40- 48). وجاء كتاب عزرا ونحميا فدلّ بأسلوبه القشف الخاصّ على تحقيق هذه المواعيد بصورة ملموسة وإن كانت ناقصة. وعاد الكاتب إلى النمطية فشدّد على تواصل سرّ الخلاص، ووجّه المؤمنين نحو منظورات جديدة.

أوّلاً: الخروج الجديد
ليست الطريق من مصر إلى أرض الموعد، بل من بابل إلى أورشليم. فخروج موسى هو في خلفية كل عودة. نلاحظ هنا استعمال ألفاظ عن الصعود (عز 7:7، 9؛ رج 1: 11)، وإشارة إلى سلب المصريين (عز 1: 6؛ رج حز 3: 21- 22)، وإبرازيد الله المحامية. أمّا مسيرة العائدين فبدت بشكل طواف عبادي يفترض ما قاله التقليد الكهنوتي في البنتاتوكس (عد 10: 11 ي). ولهذا كانت مشاركة اللاويين أمرًا مفروضاً (عز 8: 15 -20). فخبرة الخروج الأوّل وكرازة الأنبياء دعت الكاتب إلى قراءة الأحداث على هذا الشكل.

ثانيًا: أورشليم والهيكل
خسرت أورشليم استقلالها السياسي، ففرضت نفسها عاصمة دينية. إنّها المدينة المقدّسة (نح 11: 1، 18: القدس). يعود هذا الاسم حوالي 70 مرّة في فصول عزرا ونحميا. صارت أورشليم مركز تجمّع المشتّتين، فاحتلّت مكانة هامّة في رؤى المستقبل (رج أش 2:2- 4). هنا نفهم غيرة المؤمنين للدفاع عن استقلالها وتأمين رفعتها.
والعمل الأوّل هو إعادة بناء الهيكل. وهناك إشارات تدلّ على تواصل مع الهيكل السليماني: اختيار الموقع (عز 3: 3) والتصميم (عز 6: 3- 4) والأواني القديمة التي عادت من بابل (عز 1: 7- 11) والرجوع إلى موسى (عز 6: 18) وداود (نح 12: 24، 45- 46) وتنظيم العاملين والممارسات نفسها (عز 3: 3- 6، 10- 11). كان الهيكل المؤسّسة الأولى، فجذب الشعبَ إليه وصار مكانًا رمزيًّا. في الهيكل يدلّ الله على حضوره ويأتي إلى لقاء المؤمن.

2- شعب الله المجدّد
أوّلاً: وضع شعب الله
سقطت الدولة سنة 587 فدلّت على نهاية الملكية الداودية. قَبِل سفر عزرا ونحميا بوصاية الحكم الفارسي الذي أمّن الظروف المؤاتية لإعادة البناء الديني. وارتباط الكهنة بالهيكل جعل دورهم ينمو ودور زربابل يتراجع. أخذ الكهنوت المكانة الأولى في حياة الشعب، وهذا ما تدلّ عليه اللوائح التي نقرأها خاصّة في نح 12: 1- 26.
مع هذا الحدث الذي فيه التأمت الجماعة حول الهيكل، بدأت مرحلة جديدة في حياة شعب الله. فتواصلُ التاريخ بارز في عبارات الصلاة (رج نح 9: 6- 37). ولكن ليس الوقت وقت مشاريع سياسية وأعمال عسكرية. فشعب الله يتجنّد لمشاكله الدينية الخاصّة.
ترد كلمة "عم" أي الشعب 27 مرّة في عزرا (5 مرّات في الأقسام الأرامية) و 29 مرّة في نحميا. نجدها ايضاً في الوثائق الرحمية (عز 1 :2- 4؛ 12:7- 26) كما في تقارير الجماعة. في نح 8 مثلاً، يتدخّل الشعب كلّه (آ 7، 7، 9) من أجل أعمال مختلفة (آ 3، 5، 5 ،6 ،7 ،9 ،9، 11 ،12 ،13).
وتدلّ الكلمة العبرانية "قهل " على الجماعة والمحفل والإخوة. ستصبح في اليونانية مقابل "إكلازيا " أي الكنيسة (رج عز 2: 64= نح 7: 66؛ عز 10: 1، 8، 12، 14؛ نح 13:5؛ 2: 8 ،17 ؛1:13).
ثانيًا: شعب من نوعية خاصّة
أعلن الأنبياء العقاب للشعب إجمالاً، ولكنّهم تحدّثوا عن خلاص بقيّة، عن جذل مقدّس سيتيح لشعب إسرائيل أن يُولَد من جديد (أش 13:6). ورأى إرميا في مسبيّي بابل حاملي هذا الرجاء (ف 24 و 29). وكان على العائدين أن يحسبوا حساب اليهود اويين الذين ظلّوا في البلاد والذين كانت عبادتهم ليهوه مشبوهة. ونرى دورهم في إعادة البناء واضحًا في مثل عزرا الذي ترك عملُه أثرًا في قلب جماعة "أبناء المنفى". وقَلقَ نحميا، وهو في شوش، من مصير الذين ظلّوا في السبي.
هناك كلمة عبرية "جوله " (في العبرية: الجلاء). تدلّ على الجلاء (أو السبي) وأهل الجلاء (أو المسبيّين والعائشين في المنفى). يستعمل نح 7: 6 هذه الكلمة مرّة واحدة، ويستعملها عزرا مرارًا (عز 1: 11؛ 2: 1؛ 4: 1...)، فترتبط بكلمة "البقيّة" في الكرونيكة الأرامية (عز 6: 16). وسنجد المفردات المتحدّثة عن "البقية" في عز 9: 6- 5 (رج نح 1 : 2 ،3؛ 7: 71؛ عز 1 :4).
إنّ المشاركة في شعب الله المجدّد، تفترض انفصالاً واضحًا عن أهل البلاد. لاحظ عزرا (9: 2): اختلط النسل الطاهر بشعب البلاد، ولهذا قرّر أن لا يأكل الفصحَ إلاّ الذين عادوا من المنفى والذين انفصلوا عن نجاسات شعب البلاد (عز 6: 21). إن الانتماء إلى الشعب لا يتمّ بصورة آلية وبمعزل عن اختيار حرّ وكامل بالنسبة إلى إله إسرائيل. إنّها تفترض حياة من نوع خاصّ.
تحدّثنا أعلاه عن الشعب "عم ". وها نحن نذكر"شعب البلاد" (عمي ها- أرص شعوب الأرض. رج عز 10: 2، 11 ؛ نح 10: 29، 31، 32). أمّا الانفصال فيتمّ عبر كلمة "بدل " العبرية. على الشعب المقدّس أن ينفصل (يبتعد، ينحاز) عن عادات الأمم الرجسة (عز 6: 21؛ 9: 1؛ 8:10، 11، 16 ؛ نح 2:9؛ 20:10؛ رج عد 16: 21؛ 1 أخ 12: 9؛ 13:23). وإنّ عزرا سيفصل (يفرز) عددًا من الناس (عز 8: 24)، كما أن بني إسرائيل قرّروا أن يُبعدوا عن جماعتهم كل غريب (نح 3:13).
إنّ تجدّد الشعب يتطّلب التزامًا ثابتًا تجاه الله. أمّا الصلوات التي تُتلى فهي ترتبط بالعهد. قلت: أيّها الرب إله السماوات الحافظ العهد (نح 1: 5؛ رج 8:9، 32). إنّ كلمة "بريت "، التي نترجمها "ميثاق، عهد، معاهدة" تدلّ على التزام الجماعة الاحتفالي في عز 3:10: نبتّ الآن عهدًا مع إلهنا. وقد يرتبط بهذا العهد القسم: حلف عزرا رؤساء الكهنة... فحلفوا (عز 10: 5؛ رج نح 5: 12). ونقرأ في نح 10: 1 كلمة "أمانة" (رج أمانة في العربية) التي تدلّ على الثبات والمتانة.

ثالثًا: شعب يعترف بربّه
يجتمع الشعب أوّلاً من أجل الاحتفالات الليتورجية التي تتّخذ طابعًا مميّزًا في سفري عزرا ونحميا: عيد المظالّ (أو عيد الاكواخ) ساعة إقامة المذبح (عز 3: 3- 6) وبعد قراءة الشريعة (نح 13:8- 18). عيد الفصح (عز 6: 19- 22). تدشين الهيكل (عز 6: 16- 17) والأسوار (نح 12: 27- 43). ليتورجية الشريعة (توراة موسى، نح 8: 1- 12). فعلى الكهنة واللاويين أن يتنظّموا سريعًا لتأمين خدمة الهيكل والله (عز 18:6). ويعتبر المؤرّخ الكهنوتي أنّ الحقبة المثالية هي تلك التي تُمارَس فيها هذه الخدمة ممارسة كاملة (نح 12: 44- 47). إنّ شعائر العبادة في الهيكل الثاني تتضمّن الذبائح (عز 3: 3- 6؛ 6: 16- 17) والتطهيرات (عز 6: 20؛ نح 12: 35- 45).
وما يميّز هذه الاحتفالات المتعدّدة هو التوافق والفرح. وإنّ دور اللاويين والنشيد الليتورجي يمتدّ إلى حياة الجماعة (نح 12: 8- 9، 24- 25، 27- 43). فالمديح (عز 10: 11؛ نح 17:11؛ 12: 24، 46؛ رج 13:5) والمباركة (نح 9: 5؛ رج عز 7: 27؛ نح 8: 6؛ 11: 2) يميّزان الحياة اليهودية. إنّ الصلاة تتجذر (عز 3: 10- 11) في هذه الحياة الليتورجية القويّة (عز 10: 1 ؛ نح 1 :4، 6 ؛ 4:2؛ 3:4).
إنّ الفعل العبري "يده " (يدا في السريانية وأودي) يعني أيضاً اعترف بخطاياه (عز 10: 1؛ نح 1: 6؛ 9: 2، 3). يرتبط هذا الاعتراف عادة بالصلاة، طقوس التوبة، وبالإقرار بالخطيئة التي هي خيانة (عز 10: 1) وذنب وخطأ (نح 1: 6، 9، 12) دائم (نح 9: 2). فالنسل المقدّس يختبر الخطيئة التي تصيب كل أعضاء الجماعة، من أوّل السلسلة حتّى آخر السلسلة، من رئيس الكهنة حتّى العوامّ، وتبرز في أشكال متعدّدة: زواج مع نساء غريبات، الظلم الاجتماعي، تجارز شريعة السبت مع إهمالات عديدة. إذا كان كتاب عزرا ونحميا ينتهي بإصلاح أخير، فلكي يقول لنا إنّنا لن ننتهي أبدًا من اقتلاع الخطيئة. فالاعتراف بالخطايا الذي يصل بنا إلى الاعتراف بعظمة الله وبرّه يقدّم لنا صورة عن عمق التقوى اليهودية في ما بعد الرجوع من المنفى.

3- شعب الشريعة
أبرزت نهاية عزرا- نحميا الشريعة فكانت جوابًا للمقدّمة (عز 1- 6) التي صوّرت لنا عالمًا يهوديًا مركزًا على الهيكل. فشعب الله المتجدّد سيحدّد نفسه بالشريعة التي فيها يجد حرّيته وخاصيّته وهويته. ويرتبط الحدث بعزرا الذي يسمّيه التقليد موسى الجديد.
ترد كلمة شريعة (تورة في العبرية) 25 مرّة في كتاب عزرا- نحميا ولاسيمّا في القسم الأخير (عز 3: 3 ؛ 7: 6- 10؛ 3:10 ؛ نح 8: 1، 2... ؛ 3:9، 13...؛ 10: 29...). والكلمة التي تدلّ على فرمان أرتحششتا هي الكلمة الأرامية "دت " (دتا في الصيغة الأصلية) التي تعني الشريعة، القرار، الأمر (عز 8: 36. ترد الكلمة 20 مرّة في سفر أستير). وهكذا نرى كم ترتبط الشريعة بعزرا الذي هو الكاهن (عز 7: 11؛ 10: 10، 16؛ نح 8: 2، 9) والكاتب (عز 7: 6- 11؛ نح 8: 1، 4).

أوّلاً: الاحتفال بالشريعة
إنّ قراءة الشريعة قراءة جمهورية تتّخذ شكل تنصيب لها. والحدث له سوابق وهو يستند إلى فريضة اشتراعية تدعو إلى قراءة الشريعة مرّة كلّ سبع سنوات (تث 31: 9- 13؛ رج 8: 32- 35)، وإلى ما فعله الملك يوشيا حين تلا على مسامع الشعب كلام الكتاب الذي وُجد في بيت الرب (2 مل 23: 1- 3؛ 2 أخ 34: 29- 31). أمّا الأهميّة الفريدة لنصّ نح 8: 1- 12، فهو أنّه عمل يؤسس عادة ستتوسّع فيما بعد. يقدّم هذا النصّ العناصر الأساسية للعبادة في المجمع: قراءة، ترجمة، تفسير. وهكذا برزت فنون أدبية مثل الترجوم (ترجمة أرامية مسهبة لنصّ التوراة) والمدراش (تفسير التوراة بشكل عظة تؤوّن النصّ الملهم وتطبّقه على حياة الجماعة)، وتنظيم عمل الكتبة ومدارس الرابانيين.

ثانيًا: إقامة الشريعة
للتوراة سلطة لتوجيه سلوك المؤمن، وهي تفرض نفسها على الشعب كلّه وفي كل مجال وجوده. وهناك مقطعان يؤكّدان أنّها تأمر بممارسة كاملة وفاعلة. ففي نح 10: 30 نقرأ أنّ الجميع التزموا السير حسب شريعة الله التي أعطيت بواسطة موسى عبد الله. وهناك الجواب في عز 10: 30: لنصنع حسب الشريعة.
ثمّ إنّ هناك قرارات ليتورجية اتّخذت بالنظر إلى الشريعة. فالاحتفال بعيد المظالّ هو أوّل ثمرة من ثمار درس الشريعة التي تُليت على مسامع الشعب (نح 13:8- 18). وإعادة بناء المذبح تُوافق شريعةَ موسى (عز 2:3). وهم يحتفلون بعيد المظالّ كما هو مكتوب في شريعة موسى (عز 3: 2). وأقيم الكهنة واللاويّون بالاستناد إلى كتب موسى، مع أنّنا لا نجد أثرًا للبنتاتوكس في تقسيم الكهنة إلى فِرق (18:6). وباختصار الكلام، الشريعة هي ملهِمة كلّ قرار وكلّ أمر ديني.

ثالثًا: تفسير الشريعة
دخل كتاب عزرا- نحميا في خط التقليد الاشتراعي فقدّم الشريعة (تورة في العبرية) على أنّها سفر وكتاب، تفرض نفسها كقاعدة يَرجع المؤمن إليها. نجد استعمال فعل "كتب" 17 مرّة في عزا-7 وفي نح 13:8 كما نجد عبارة "كما هو مكتوب". نحن نفهم الكتاب حين نقرأه. نح 8: 8: كانوا يقرأون في سفر شريعة الله بطريقة واضحة (أو كانوا يترجمون) وكانوا يفسّرون النصّ بحيث فهم كل واحد ما قُرئ. ونحن نتفهّمه حين نبحث فيه (13:8-14).
وتثَبَّتَ نصّ الشريعة، فصار موضوع شرح وتفسير وتأوين. نقل إلينا كتاب عزرا- نحميا فرائض لا نجدها حرفيًّا في البنتاتوكس، فشهد على مجهود تأويلي في نصّ أسفار الشريعة الخمسة، وهو مجهود سيتوسّع فيه التقليد اليهودي. وهكذا، فاللائحة الموجودة في عز 9: 10 تدمج عناصر من تث 7:7؛ 3:23 ؛ لا 3:18. أمّا أن نعمّم شريعة كانت خاصّة ومحددة (كل الثمِار في نح 10: 26)، وندخل فرائض متنوعة (نح 10: 37)، وإمّا أن نخلق فريضة انطلاقَا من معطى سابق (مثلاً ثلث مثقال سنوي في نح 33:10)، أو نعلن شريعة تسهل ممارستُها (35:10). وهكذا نجد في نح 10 توسّعًا على مستوى الشريعة، يحاول أن يعطي جوابًا لمسائل ملموسة وعملية.

4- الله هو إله العدل والحنان
وقد ساعد زمنُ العودة الشعبَ على اكتشاف مجدّد لله، لا اكتشاف نظري، بل قراءة جديدة لتدخّلاته في التاريخ. فكتاب عزرا ونحميا يشهد لإيمان شعب يعيش في آفاق ضيّقة ووضع مؤقّت، ولكنّه يعلن سلطان الله على التاريخ وعلاقته المميّزة بشعبه.
فالمنفى والعودة قدّما لنا وجهات من سلوك الله محيّرة ومشجّعة معًا. اعترفت الجماعة بضعفها وخطيئتها، فدخلت دخولاً أعمق في سرّ الله الذي يكشف عن عدالته حين يغفر ويخلّص.
نستطيع ونحن نتصفّح الكتاب أن نقرأ عبارات تدلّ على الله. يهوه هو إله السماء، إله إسرائيل، الإله الذي هو في أورشليم. هو إلهنا وإله الآباء... والصفات التي نكتشفها في الصلوات هي معبّرة جدًّا. يهوه هو"الإله " العظيم والرهيب (نح 1: 5؛ 8:4؛ 9: 32 التي تزيد "القدير"). إنّه الوحيد (نح 9: 6) الفريد، إله المغفرة (نح 17:9)، الحنون والرحيم (17:9، 31) البطيء عن الغضب والغنيّ بالأمانة (نح 17:9). الذي يحفظ العهد والأمانة (نح 9: 32)، الذي يفدي (نح 1: 10). إنّه عادل حين يخلّص البقيّة الباقية (عز 9: 15) ويفي بواعيده (نح 8:9) ويمارس أمانته ورحمته (نح 33:9).

III- سفرا الأخبار
أ- تنظيم سفري الأخبار
نظرة أولى ترينا أربع مجموعات في سفري الأخبار.
- 1 أخ 1- 9: تاريخ يقودنا من آدم إلى داود، وهو يقدَّم لنا بشكل أنساب ولوائح.
- 1 أخ 10- 29: مُلك داود.
- 2 أخ 1- 9: ملك سليمان.
- 2 أخ 10- 36: تاريخ ملوك يهوذا.
وإذا أنعمنا النظر، اكتشفنا علاقات متعدّدة بين هذه الأقسام المختلفة. تتوجّه استعدادات داود (1 أخ 21- 29) بصورة واضحة نحو ملك سليمان (1 أخ 22: 6 ي؛ 28: 2- 21؛ 29: 21- 25)، وتعود تحقّقات سليمان (2 أخ 1- 9) دومًا إلى داود (2 أخ 2:2، 16 ؛ 3: 1؛ 5: 1؛ 7:6...). وهكذا نفهم 1 أخ 10-2 أخ 9 كدرفتين لبعد واحد هي المُلكية الموحّدة التي تمثّل للكاتب الملهم الحقبة المثالية في تاريخ إسرائيل. وسيظهر هذا المثال من جديد في تصوير مُلك حزقيا (2 أخ 29- 32). أمّا سقوط مملكة الشمال فأنمى احتمالات توحيد كل إسرائيل حول الملكية الداودية في أورشليم. إذن، لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار هذه العوامل المختلفة.

1- أصل الجماعة المختارة ومكانتها (1 أخ 1- 9)
يبدأ المؤرّخ الكهنوتي فيقدّم لنا موقع بني إسرائيل (3:2- 9: 1) قبل أن يحدّق بنظره إلى أورشليم حيث سيملك داود (2:9- 44).

أوّلاً: من آدم إلى إسرائيل (1: 1- 2: 2)
1: 1- 27: لائحة تقودنا إلى نوح وأبنائه، ابتداء بفروع يافت وحام الثانوية ووصولاً إلى سام الذي يصل نسله إلى إبراهيم.
1: 28- 2: 2: ويعالج أيضاً الفروع الثانوية أوّلاً: إسماعيل قبل إسحق، عيسو قبل إسرائيل. اعتاد المؤرّخ أن يحل اسم إسرائيل محلّ اسم يعقوب ما عدا في 1 أخ 13:16، 17 حيث يذكر مز 105. وإنّ تعداد أبناء إسرائيل (2: 1- 2) يشكّل وصلة بين القسمين.

ثانيًا: قبائل إسرائيل (2: 3- 9: 1)
إذا كان الكاتب عدّد القبائل الاثنتي عشرة في 2: 1- 2، إلاّ أنّ حجم يهوذا ولاوي ومكانتهما في بنية هذه المجموعة، يدلاّن على اهتمامه بهما. ونحن نميّز رسمة دائرية حول ثلاثة أقطاب: يهوذا (2: 3- 4: 23)، لاوي (5: 27- 6: 66)، بنيامين (8: 1- 40).

أ- القطب الأوّلى: يهوذا (2: 3- 4: 23)
نجد في الطرفين ذكر شيلة وأبناء يهوذا (3:2، 4-9 و 4: 1- 20، 21-23). يكرَّس القسمُ الاكبر لحصرون. والترتيب بشكل تصالب يُتيح للكاتب أن يبرز نسل رام الذي منه خرج داود.
2: 10- 17: نسل رام حتّى داود.
18:2- 24: نسل كالب.
2: 25- 33: نسل يرحمئيل.
34:2- 41: مواد ملحقة تختصّ بيرحمئيل.
42:2- 55: مواد ملحقة تختصّ بكالب.
3: 1- 24: أبناء داود. ملوك يهوذا والسلالة الملكية حتّى زمن المؤرّخ الكهنوتي.

ب- شمعون وقبائل شرقيّ الأردن (4: 24- 5: 26)
كانت قبيلة شمعون قريبة من يهوذا ولم تعتّم أن انضمّت إليها. ثمّ إنّ موقع رأوبين وجاد ونصف قبيلة منسّى يمنحهم وضعًا خاصاً بهم (عد 32؛ يش 1 :10 -18؛ 22: 1- 34).

ج- القطب الثاني: لاوي (5: 27- 6: 66)
إنّ الموقع المركزي لقبيلة لاوي يوافق الاتّجاه العبادي لدى المؤرّخ. وهو يعالج على التوالي الأشخاص ثمّ مساكنهم.
27:5- 38:6: أوّل اهتمام المؤرّخ هو أن يثبت سلسلة عظماء الكهنة (27:5-
41). ففي لائحة نسل لاوي (6: 1- 15) يقف قهات، جد هارون، وسط اخوته. غير أنّه يُذكر في أوّل لائحة المغنّين (6: 16- 23). وهناك نصّ خاص بكتاب الأخبار يشير إلى وظائف الكهنة واللاويين (6: 32- 34) بانتظار أن يعيدنا مقطع أنسابي إلى عظماء الكهنة (6: 35- 38).
6: 39- 66. إنّ هذه الآيات تجد ما يقابلها في يش 21. الأولوية هي لأبناء هارون (39:6- 45). ثمّ يأتي سائر ابناء قهات وأبناء جرشوم وأبناء مراري (46:6- 49). وتتبنّى الملحقات الترتيب عينه (6: 50- 66).

ب ب- قبائل الشمال (7: 1- 40)
يعدّ الكاتب القبائل التالية: يساكر (7: 1- 5)، بنيامين (7: 6- 12)، نفتالي (7: 13)، منسّى (7: 14- 19)، افرائيم (7: 20- 29)، أشير (7: 30- 40). ونجد ملاحظات تاريخية (7: 21 ب- 24) وجغرافية (7: 28- 26). ونلاحظ غياب دان وزبولون. حاول بعض الشرّاح أن يكتشف آثار دان في 7: 12، ولكنّ قراءة آ 12- 13 تبدو صعبة جدًّا.

أ أ- بنيامين (8: 1- 1:9)
إنّ 9: ا هي خاتمة لائحة بنيامين التي تكرّر ما قرأناه في 7: 6- 12. أمّا الاختلافات الكبيرة بين الوثيقتين فترجع إلى زمن كتابة كل منهما. والعلاقات التاريخية عميقة بين يهوذا وبنيامين، بحيث إنّ بنيامين يستطيع وحده أن يجاري يهوذا في تنظيمه. كانت البنية الثابتة ناقصة في هذا الفصل فبرزت الملاحظات الجغرافية. وإذ لفت المؤرّخ انتباهنا إلى أورشليم وعائلة شاول، فقد هيّأ الطريق للخبر التالي.

ثالثًا: جماعة أورشليم بعد المنفى (9: 2- 44)
هذا النصر المركّب يقابل الفصل الأوّل وينهي الحركة الدائرية المتدرّجة التي تصل بنا إلى جماعة أورشليم بعد المنفى والوارثة لتاريخ إسرائيل وأبنائه. أمّا اهتمام الكاتب، فينصبّ على الأشخاص الموكّلين بالعبادة. إن آ 2- 17 توازي نح 11: 3- 19. وإنّ آ 34- 44 تردّد 28:8- 38. وهكذا يستطيع الكاتب أن يبدأ تاريخ الملكية اليهوذاية.

2- ملكية داود وسليمان (1 أخ 10- 2 أخ 9)
أوّلاً: ملك داود (1 أخ10- 29)
(1) تثبيت المملكة في يد داود (1 أخ 10- 20)
ف 10- 12- الدرفة الأولى. يُبعد الكاتب كل طموح في بيت شاول إلى الملكية (10: 1- 14). يسيطر موضوع موت شاول على هذا الفصل الذي يُلغي الأحداث الملتبسة في صعود داود ويوجّه انتظارنا إلى ما هو جوهري: إنطفأت عائلة شاول، فتركت الطريق مفتوحة أمام داود. والباعث المذكور في آ 13- 14 يعبّر عن لاهوت المؤِرّخ (مات شاول لأنّه تعدّى كلمة الرب). وتفتح الدرفة الثانية بذكر تكريس داود ملكَا على كل إسرائيل في حبرون (ف 11- 12)، وتعود مرارًا إلى موضوع ملكيّة داود (11: 10 ؛ 12: 24، 39) وإلى الحظوة التي نالها من الله ومن الناس (11: 19 ؛ 12: 19، 23). وترتبط اللوائح بالصعود الملكي وبالتشديد على عبارة "كل إسرائيل ".
ف 13- 16- وتتتابع المعارضة بين شاول وداود في القسم الأوّل من النصّ وف 13- 14. واحد يهمل تابوت العهد، وآخر يجعله في أوّل اهتماماته. واحد يسأل عرّافة، وآخر يسأل الله. واحد يخون الرب، والآخر يخضع لإرادة الله. واحد ينكسر وآخر ينتصر عاد تابوت العهد فنقل إلى أورشليم (ف 15- 16). ويضخّم المؤرّخ الصورة بالنسبة إلى 2 صم 6، فيبرز الطابع العبادي الذي يستلهم ليتورجية عصره.
إنّ 1 أخ 16 : 8-36 هو مزمور مركّب من مز 105: 1- 15 ومز 96: 1-13 ومز 106: 47- 48. جمع المؤرّخ هذه المقاطع التي تُسند المواضيع التي سيتوسّع فيها في مجمل تاريخه. لقد أراد أن يحدّثنا عن شعائر العبادة في أورشليم كفعل شكر وطلب خلاص.
ف 17- 20- أعاد 1 أخ 17 قول ناتان فجعله مدار لاهوت الكاتب الملكي. فبعد أن تثبّتت سلالة داود، تحدّث النص عن انتصاراته التي هي عربون بركة الله له (13:18). يسير الكاتب مع 2 صم ولكنّه يتحاشى كل تلميح إلى سلالة شاول (2 صم 9) وإلى خطيئة داود (2 صم 11- 12).

(2) نحو بناء الهيكل وملك سليمان (1 أخ 21- 29)
إذا وضعنا جانبًا 1 أخ 21 الذي يتبع 2 صم 24، نرى أنّ هذه المجموعة مؤلّفة من موادّ خاصّة بالمؤرّخ. ونتعرّف بسهولة إلى الموضوعين المسيطرين في الكتاب: الاستعدادات لبناء الهيكل في خط 1 أخ 13- 16. والاستعداد لنقل الملك إلى سليمان، باني الهيكل، في خط 1 أخ 17. ولاحظنا تبدّلاً في المناخ بقدر ما يحتفظ النصّ بخطيئة داود (في الإحصاء) المنسوبة إلى الشيطان (ق 1 أخ 21: 1 و 2 صم 24: 1).
يبدأ الحديث بشراء مجال الهيكل العتيد وبناء مذبح (1 أخ 21)، وينتهي بمباركة الملك للشعب وتنصيب سليمان (1 أخ 29). وإنّ خطب وتعليمات داود تتقابل في 1 أخ 22 و 28. كما نجد فيها صدى 1 أخ 17 مع زيادة ملاحظة شرطية (13:22: تنجح إذا احترمت وأتممت الرسوم والأحكام: 28: 9: إذا طلبته تجده، وإن تركته فنّه يخذلك إلى الأبد). أمّا القسم المركزي (ف 23- 27) فيعيد إلى داود تنظيم الكهنة واللاويين فرقًا فرقًا. في 3:23- 6 أ نجد أنّ داود قسم اللاويين على أساس أربع وظائف. ولمّا أعيد النظر في النصّ كانوا قد قسموا إلى 24 فرقة، وكان ذلك في السنين الأخيرة للحكم الفارسي.

ثانيًا: ملك سليمان (2 أخ 1- 9)
سكت المؤرّخ عن مؤآمرات القصر التي حملت سليمان إلى سدّة المُلك (1 مل ا- 2)، وعن الظلال التي غطّت نهاية حكمه، فدلّ على نيّته في أن يدافع عن الملك الحكيم وفي أن يرسم أجمل صورة عن الذي بنى الهيكل. وهذا ما يبرز في بنية تصالبية.
أ- 1: 1- 17: غنى سليمان وحكمته.
بعد آ 2- 5 الخاصّة بالمؤرّخ، يعود النصّ إلى 1 مل 3: 4- 15 و 10: 26- 29. ب- 1 :18- 2: 15: علاقات مع حورام.
في آ 18 نبدأ الحديث عن بناء الهيكل والقصر ويعود 12:2-15 إلى 1 مل 5 :15-26 مبرزًا اهتمامًا واضحًا بالهيكل (ق 2: 11 مع 1 مل 5: 21).
ج-16:2-5: 1: تسخير الغرباء وبناء الهيكل.
يقترب الكاتب هنا من مرجعه. وفي 4: 1- 10 يستعيد عناصر أخذها من 1 مل 7: 23- 26، 38- 39.
د- 5: 2- 7: 10: تدشين الهيكل.
يبتعد المؤرّخ عن خبر كتاب الملوك. ونجد طريقته في 6: 40- 42 وفي 3:7 التي تعود بنا إلى صلاة المزامير.
د د- 7: 11- 22: جواب الله.
أعلن عن المشروع في 18:1 وها هو يتحقّق الآن (آ 11). يعود الكاتب إلى 1 مل 9: 2- 9 فينظر إلى سقوط الشعب وعقابه. ونقرأ عبارات تدلّ على المغفرة بعد التذلّل.
ج ج- 8: 1- 16 أبنية متعدّدة وتسخير الغرباء.
نلاحظ بعض الأمور الخاصة: يرمّم سليمان المدن التي أعطاه حورام (8: 2). أمّا 1 مل 9: 10- 14 فيقول إنّه هو الذي أعطاها لحورام. ويبرز المؤرّخ موقف سليمان حين بنى قصرًا لابنة فرعون (8: 11). وأخيرًا يوسّع الكاتب في خطّه الإشارة الواردة في 1 مل 9: 25 حول خدمة الهيكل.
ب ب- 17:8- 12:9: علاقة مع حورام، مع مملكة سبأ.
هذا الجزء الذي يتبع حرفيًّا 1 مل 26:9- 10: 13 يقابل 2 أخ 2:2-15 ويهيئ الدرب للملاحظات الاخيرة.
أ أ- 13:9- 30: غنى سليمان وحكمته.
هذه المجموعة الموازية لنصّ 1 مل 10: 14- 29 (مع بعض آيات جاءت من مكان آخر) كُتبت لمجد سليمان. وإيراد المراجع (9: 29- 30) نجده في عبارات نهاية الملك (وبقيّة أخبار سليمان).

3- تاريخ ملوك يهوذا (2 أخ10- 36)
يختلف المؤرّخ الكهنوتي عن المؤرّخ الاشتراعي فيورد فقط تاريخ يهوذا. ثمّ إنّه يقسمه حقبتين. من رحبعام إلى أحاز: يضع ملوك يهوذا أمام واقع انقسام قبائل إسرائيل. بعد حزقيا سيبقى مَلك أورشليم وحده، ولكنّه يحكم أرضاً ضيّقة. لا يحدّد الكاتب نقطة الانفصال في الواقع السياسي لسقوط السامرة، بل يدلّ على الحقبة الجديدة فيقدّم صورة عن حزقيا تشبه صورة داود وسليمان. إنّ التاريخ الذي يكتبه هو ديني بحصر المعنى.

أوّلاً: ملوك يهوذا في زمن المملكتين (2 أخ 10- 28)
(1) رحبعام، أبيا والانشقاق (2 أخ 10- 13)
ف 10- 12: رحبعام. استبعد الكاتب من 1 مل 12- 14 كل ما يتعلّق بيربعام وزاد بعض المعلومات: عن بناء الحصون (11: 5- 12)، عن هجرة لاويي الشمال إلى الجنوب (11: 13- 17). فبعد الفشل الذي سجّله 2 أخ 10: ا- 11: 14، إقتدى رحبعام بسلوك داود وسليمان فحالفه النجاح (11: 5- 17). ويحمّل المؤرّخ رحبعام أخطاء كانت عند سليمان. ترك الشريعة فجاء العقاب، ولن ينجو الشعب منه إلاّ بموقف من التواضع والتوبة (11: 18- 12: 16).
ف 13: أبيا. هو أوّل ملك ورث مملكة مقسمة. أرسل إلى أهل مملكة إسرائيل نداء عبّر فيه عن دور الملكية الداودية وعن دور الكهنوت. وإنّ المقابلة مع 1 مل 15: 1- 8 تساعدنا على التعرّف إلى مراجع المؤرّخ الكهنوتي (تأويل لائحة بنيامينية قديمة).

(2) آسا ويوشافاط ، المصلحان الأوّلان (2 أخ 14- 20)
ف 14- 16، آسا. يتوسع الخبر أكثر مما نجد في 1 مل 15: 9- 24. هناك مراجع خاصّة بالمؤرّخ ونظرة لاهوتية. نجد هنا ثلاثة أشكال أدبية: خطبة ملكية (14: 6)، صلاة ملكية (14: 10)، خطبة نبوية (15: 2- 6، 7:16 ب- 9). اعتبر الكاتب هذا الملك المصلح بصورة إيجابية، ولكنّ اعتباره له قلَّ في نهاية ملكه (16: 10، 12: لم يلتمس الرب).
ف 17- 21: يوشافاط. هناك ف 18 الذي يجد ما يقابله في كتاب الملوك. ثمّ نجد عددًا من النصوص الخاصة بالمؤرّخ الكهنوتي: خبر الإصلاح (17: 7- 12؛ 19: 4- 7). تدخّل نبوي (19: 1- 3 ؛ 20: 15- 17). خطبة ملكية (3:19- 11). صلاة ملكية (20: 6- 12). سجلّ عسكري (13:17- 19). ينظر الكاتب إلى هذا الملك نظرة الرضى ويقابله بسليمان (17: 6، 20: 30). ولكنّه تحالف مع ملك إسرائيل فعارضه النبي اليعازر بن دوداوا (20: 35- 37).
(3) أمانة ملوك يهوذا في المحنة (2 أخ 21- 28)
ف 21- 24. أقام الكفر في يهوذا في أيّام يورام واحزيا اللذين اقتديا بملوك إسرائيل الذين ارتبطا بهم (21: 6؛ 22: 2- 6). وتوالت المصائب: تحرّرت بلاد أدوم، غزا الفلسطيون والعرب البلاد، قُتل احزيا. ولولا العهد مع داود لزالت سلالة داود (21: 7).
وبفضل الكاهن يوياداع، إستعاد يوآش السلطة من عثليا المغتصبة. وقام يوياداع بإصلاح لا يذكره كتاب الملوك (18:23- 21). ورمّم يوآش الهيكل. ولكنّه بعد موت الكاهن، أثار غضب الرب وعاد إلى ممارسات وثنيّة ندّد بها الأنبياء. وجاءت موآمرة أسندها الأراميون فقضت عليه وهو في سريره (17:24- 27).
ف 25- 28. أمصيا وعزيا ويوتام وأحاز. إستمع أمصيا أوّلاً إلى مرسل الله (25: 5- 10)، ولكنّه رفض فيما بعد، فجرّه رفضه إلى الكارثة التي ربطها المؤرّخ بالله (17:25 - 24). ونجد معلومات عديدة في خبر ملك عزيا (6:26- 15). نجح الملك ما زال يطلب الرب (26: 5)، ولكنّه حين تكبّر (16:26) أصابه البرص.
إذا كان يوتام صنع ما هو قويم في نظر الرب (27: 1- 9)، فأحاز اقتدى بملوك إسرائيل (28: 1- 4). وإنّ خبر الحرب الأرامية الإفرائيمية يختلف عن ذلك الذي نقرأه في سائر المراجع اليهوذاية (28: 5- 8). كلّم عوديد رؤساء إفرائيم فسمعوا له، وهذا يدلّ على احترام المؤرّخ لسكّان الشمال (28: 9- 15). وفي عهد أحاز، ازداد الانحطاط الديني بصورة مريعة.

ثانيًا: ملوك يهوذا واجتماع كل إسرائيل (2 أخ 29- 36)
ف 29- 32. حزقيا. ملك حزقيا وحده على الشعب المختار، فأعطاه المؤرّخ الكهنوتي بعدًا هامًّا، وجعل في خبره (ف 29- 30) مواد جهلها المؤرّخ الاشتراعي. فتصويره للإصلاح في ف 31 لا يقابل بالآية اليتيمة في ا مل 18: 4. وحين يعود المؤرّخ الكهنوتي إلى خبر كتاب الملوك، فهو يبسط المعطيات ويجمعها بطريقة مغايرة (32: 9-10). وإذا كان الله قد بدا وكأنّه تخلّى عن الملك، فذلك ليمتحنه. كان حزقيا على منعطف في تاريخ إسرائيل، فجاءت ملامحه قريبة من ملامح داود وسليمان.
ف 33. منسّى. كان 2 مل 21: 1- 18 قاسيًا على حكم منسّى. أمّا المؤرّخ الكهنوتي فحدّثنا عن أسر منسى وارتداده واصلاحه. نحن هنا أمام تفسير في إطار لاهوت المجازاة مع التشديد على موضوع المنفى والعودة.
ف 34- 35. يوشيا. يتبع المؤرّخ الكهنوتي المؤرّخ الاشتراعي في تقديره الإيجابي لحكم يوشيا. ويقدّم عنصرًا جديدًا يشير فيه إلى المراحل التي قادت إلى الإصلاح (3:34-7). ولكنّ شخص يوشيا لن يكون بارزًا في كتاب الأخبار كما في كتاب الملوك لأنّ شخصيّة حزقيا زاحمته.
ف 36. يتحدّث هذا الفصل عن آخر ملوك يهوذا: يوآحاز، يوياقيم، يوياكين، حزقيا. ويقدّم تفسيرًا للمنفى إلى بابل. ويأتي قرار كورش في النهاية فيضع نفحة أمل لدى القارئ: أوصافي الرب، إله السماوات، أن أبني له بيتًا في أورشليم. فكل الذين ينتمون إلى شعبه هم مدعوّون ليعودوا إلى أورشليم (2 أخ 36: 22).


ب- تكوين سفري الأخبار
1- المراجع التي أوردها الكاتب
يُحيلنا المؤرّخ الكهنوتي مرارًا إلى مراجع تتعلّق بتاريخ ملوك يهوذا وإسرائيل وإلى كتب ألّفها الأنبياء. لم نجد أثرًا لهذه المؤلّفات إلاّ العبارات عينها التي ترد في أسفار صموئيل والملوك. وهذا ما يدفعنا إلى القول إنّه لم يكن للمؤرّخ من مراجع إلاّ هذه الأسفار البيبلية.
وإذ كتب المؤرّخ الكهنوتي تاريخ يهوذا وحدها، أدخل دومًا ملوك إسرائيل ساعة أورد مراجعه. وفوق ذلك: لا نجد شهادة عن كتاب يشير إلى ملوك يهوذا وحدهم، ولكنّنا نلاحظ في 2 أخ 20: 34 عودة محصورة بملوك إسرائيل.
وإليك لائحة العناوين المذكورة. الكتب التاريخية: كتاب ملوك إسرائيل (2 أخ 20: 34). كتاب ملوك إسرائيل ويهوذا (1 أخ 9: 1 ؛ 7:27؛ 27:35؛ 8:36). مدراش كتاب الملوك (2 أخ 24: 27). الكتب النبوية هي 12 كتابًا: أعمال الرائي صموئيل (1 أخ 29: 29). أعمال النبي ناتان (1 أخ 29: 29). أعمال الرائي جاد (1 أخ 29: 29). أعمال أحيا الشيلوني (2 أخ 9: 29). رؤية الرائي يعدو (2 أخ 9: 29). أعمال النبي شمعيا (2 أخ 12: 15). مدراش النبي عدو (2 أخ 13: 22؛ رج 12: 15). أعمال ياهو بن حناني (2 أخ 20: 34). تاريخ عزيا كما دوّنه أشعيا بن آموص النبي (2 أخ 26: 22). رؤية اشعيا بن آموص (2 أخ 32: 32). أعمال حوزاي (2 أخ 33: 19). مراثي إرميا (2 أخ 35: 25).

2- المؤرّخ الكهنوتي يفسّر الكب المقدّسة
أوّلاً: سلطة المراجع القانونية
قد يكون المؤرّخ الكهنوتي قد تأثّر هنا وهناك بأشعيا أو إرميا أو زكريّا، إلاّ أنّ مراجعه الرئيسية تبقى البنتاتوكس والتاريخ الاشتراعي.
فأنساب ولوائح البنتاتوكس تقدّم موادّ 1 أخ ا- 9. وإنّ المؤرّخ مدين للاهوت الاشتراعي في بعض الخطب. وإنّ النظم العبادية تفترض التشريع الكهنوتي. ففي 1 أخ 10- 2 أخ 36، يستند المؤرّخ إلى 2 صم 31- 2 مل 24، يتبعه مرّة حرفيًا، ويكيّفه مرّة أخرى بحرّية ظاهرة.
لن نفهم كتاب الأخبار إلاّ بالنظر إلى شريعة (توره) هي قاعدة حياة منذ عزرا. فالكاتب يعود مرارًا إلى فرائض موسى (1 أخ 6: 34 ؛ 15: 15؛ 2 أخ 8: 13)، إلى شريعة موسى (2 أخ 18:23؛ 16:30)، إلى شريعة الله وكلمته كما نقلها موسى (2 أخ 8:33 ؛ 34: 14 ؛ 6:35). لا يقال لنا إنّ كتاب صموئيل وكتاب الملوك يتمتّعان بالسلطة عينها، ولكن من الواضح أنّ التفسير الاشتراعي للتاريخ فرض نفسه كمرجع لا بدّ منه. فعلى كل تدوين للتاريخ أن يكيّف بوسائله هذه الشميلة والحاجات المتغيّرة.
نلاحظ أنّ المؤرّخ الكهنوتي أغفل أمورًا عديدة: النزول إلى مصر، الخروج، سيناء، احتلال الأرض والإقامة فيها أيّام يشوع والقضاة وشاول. لم يبقَ من كل هذا إلاّ أثر ضئيل. بما أنّ عبارة "شيحور مصر" لا نجدها إلاّ في 1 أخ 13: 5 ويش 3:13، ظنّ بعض الباحثين أنّ يش 13 هو مرجع 1 أخ 13: 5. وأنّ مقدّمة 1 أخ 6: 39 تشدّد أكثر من يش 21: 4 الذي يوازيها على مواضع المساكن. ثمّ نجد في 1 أخ 7: 20- 24 حديثًا عن إقامة إفرائيم في أرضه تتوافق بصعوبة مع معطيات البنتاتوكس.

ثانيًا: عمل المؤرخ التأويلي
ونطّلع على أسلوب المؤرّخ في معاملته لأسفار صموئيل والملوك. فماذا رجعنا إلى صموئيل يبدو الأمر مقنعًا، لأنّ الاختلافات بين النصّ اليوناني والنصّ العبري (وهذا ما أثبتته اكتشافات بعض مقاطع هذا الكتاب في قمران)، تبيّن أنّ النصّ الماسوري لم يكن النموذج الوحيد، بل كان هناك أكثر من نسخة.
استعمل الكاتب أساليب تأويلية: زاد، ألغى، حوّل، قدّم بُنى جديدة... لا نستطيع أن نقول إنّنا أمام مدارش، لأنّ هم الكاتب الوحيد ليس تفسير الكتب المقدّسة وتوضيحها. من جهة، نراه يترك جانبًا من النصّ لا يدخل في حديثه. ومن جهة، فمشروعه التاريخي هو أوسع من تفسير نص واحد. إنّ عمله يخضع لوضع ملموس وهو يحاول أن يجيب على حاجات الجماعة الحاضرة والمستقبلة. ورث التقاليد النبوية والاشتراعية والكهنوتية، فقام بعمل لاهوتي يوفّق بين مختلف التيّارات الفكرية.

3- الفنون الأدبية الأساسية
إذا وضعنا النصوص بعضها بإزاء البعض، نجد أنّ نصوصاً عديدة، لا تجد ما يقابلها في أسفار صموئيل والملوك. قد يكون الكاتب خلق هذه النصوص أو عاد إلى مراجع لم يذكرها لنا. والشكل الأدبي لهذا النصّ قد يكون حسب نماذج بيبلية أو حسب طريقة مبتكرة. لا نستطيع أن نقوم بدرس موسّع لهذه الأشكال، ولكنّنا نكتفي بلفت الانتباه إلى ثلاثة أشكال تسيطر على الكتاب.

أوّلاً: لوائح الأسماء
يتبع المؤرّخ المرجع الكهنوتي فيضع في كتابه الكثير من اللوائح التي تتضمّن الأسماء خاصة في 1 أخ 1-9، 23-27 (رج 1 أخ 11-12).
تتركّز الأنساب في 1 أخ 1- 9، وهذا ما يبرز في استعمال "ولد" أو "مواليد" أو "ابن ". يستقي الكاتب لوائحه بصورة خاصّة من التكوين والعدد، كما من وثائق خاصّة (مثلاً 18:2- 49). وقد يكمّل معطى بيبليًا حسبه ناقصاً (2: 10-17)، وقد يبدو بناؤه مصطنعًا (5: 30- 34). على خطّ عمودي، يبيّن الكاتب تواصل الشعب المختار حتّى جماعة ما بعد الجلاء. وعلى خطّ أفتي يحدد لهذه الجماعة مكانة بين الأمم. وهناك إشارات إلى المساكن والتاريخ تُقحَم في لوائح الأسماء. وهناك مثل واضح عن بنية نسب قبلي، هو نسب شمعون (4: 24- 43). نجد بنية نواة انسابية (آ 24- 27) مؤسسّة على عد 26: 2 1- 14 ومواد جغرافية (آ 28: 33) مؤسّسة على يش 19: 1- 9، ومقاطع من تاريخ القبيلة (آ 34- 43).
وتبيّن بداية ملك داود محبّة المؤرّخ للوائح (1 أخ 11- 12). اتخذ 11: 11- 47 من 2 صم 3:8- 39 وزاد 12: 1- 16 و 24- 38. ويهتمّ المؤرّخ خاصّة بلوائح العاملين في الهيكل، فيدلّ على اهتمامه بسير العمل العبادي ومحبّته لترتيب الأسماء حسب الفئات.

ثانيًا: الخطب
وضع المؤرّخ الكهنوتي في فم الأشخاص (ملوك وأنبياء) خطبًا وصلوات، فتابع طريقًا سبقه إليها المؤرّخ الاشتراعي. تواترت هذه الخطب، ولعبت دورًا في البنية الاجمالية، وتوسّعت في مواضع عديدة، فعبّرت أفضل تعبير عن فكر الكاتب.

(1) الخطب الملكية
قد تكون الخطب عديدة، إذا حسبنا بعض المداخلات التي تمتدّ على آية واحدة. أمّا المقاطع التي أخذها الكاتب من أسفار صموئيل والملوك فهي لا تترجم ميولاً خاصة لدى المؤرّخ إلاّ في ثلاث حالات (1 أخ 17: 1؛ 2 أخ 2: 2- 9؛ 34: 21). أمّا سائر النصوص، فتتوزع ثلاث فئات: فئة أولى تقدّم سبب القرار (1 أخ 15: 2، لا يحمل تابوت العهد الا اللاويّون، لأنّ الرب اختارهم). فئة ثانية تورد أمرًا وتنفّذه (1 أخ 15: 12- 15). فئة ثالثة تُلقي نظرة تاريخية إلى الماضي البعيد أو القريب (2 أخ 14: 6). أمّا الموضوع الرئيسي- لخطب الملوك فهو الهيكل وتنظيمه.

(2) الصلوات الملكية
إنها قريبة من الخطب الملكية، وهي تشكّل فئة تتفرعّ منها. تفترض المعايير عينها وتختلف في الصيغة. فبدل صيغة الأمر نجد صلاة تتوجّه إلى الله وتَرد في أسلوب مباشر. هناك ست صلوات تجد ما يوازيها في التاريخ الاشتراعي: (1 أخ 14: 10= 2 صم 9:5 أ؛ 1 أخ 9:21=2 صم 10:24؛ 1 أخ 17:21=2 صم 17:24؛ 2 أخ 1 :8-10= 1 مل 6:3-9؛ 1 أخ 16:17-27- 1 صم 17:7-29؛ 2 أخ 6: 14- 42= 1 مل 23:8- 52. وهناك أربع صلوات خاصة بالمؤرخ الكهنوتي: 2 أخ 14: 10؛ 20: 5- 12؛ 19:29 ؛ 13:30- 22 أ. وإذا توقفنا عند موضوع هذه الصلوات رأينا انها تلجأ إلى المراثي لتشدّد على التعارض بين قدرة يهوه وضعف الشعب وحاجته إليه.

(3) الخطب النبوية
يحيلنا الكاتب إلى مؤلّفات الأنبياء، كما ينقل إلينا عددًا من مداخلاتهم. بعض الخطب تستعيد بطريقة تكاد تكون حرفية خطب أسفار صموئيل والملوك. والبعض الآخر يدلّ أنّه يشدّد أكثر من المرجع الاشتراعي على "البعد النبوي " للتاريخ. وهذه الخطب التي قد تكون قصيرة جدًّا، تندّد بخطايا الملوك: ضلال عبادة الأوثان، ثقة بالجيوش الغريبة لا بالله ، تعاون مع مملكة الشمال. وهي تعبّر عادة عن لاهوت المجازاة عند الكاتب: الأمانة لله تعطينا حمايته، والخيانة تسبّب الشجب والعقاب.
هناك خطبة عزريا (2 أخ 15: 1- 7) وحناني (2 أخ 16: 7- 10) وياهو بن حناني (2 أخ 19: 2- 3)، ويحزيئيل (2 أخ 20: 14- 17) واليعازر (2 أخ 20: 37) وزكريّا (2 أخ 24: 20- 22) ورجل الله (2 أخ 7:25- 10) والنبي (2 أخ 15:25- 16) وعوديد (2 أخ 28: 9- 11). وهناك عودة إلى إرميا (2 أخ 35: 25؛ 36: 12، 21، 22). نلاحظ أنّ يحزيئيل هو لاوي من بني آساف (2 أخ 20: 14) وزكريا هو ابن يوياداع الكاهن (2 أخ 24: 20).

ثالثًا: الأخبار
يورد المؤرّخ الكهنوتي أيضاً أخبارًا عديدة ومتنوّعة، أهمّها يتعلّق ببناء الهيكل، بتأسيس العبادة، وبالإصلاحات الدينية. وهناك أخبار أخرى تتحدّث عن الأبنية، والحصون، وتنظيم الجيش، وقيادة الحرب... وكل هذا يرفع من قدر الملك الأمين لإرادة الله. لن نجد هذه البواعث وحدها، بل هي تنضمّ لتؤمّن مجموعة مبنية بناء محكمًا. فني 2 أخ 20: ا- 30 نجد الصلاة الملكية والخطبة الملكية والخطبة النبوية والخبر الحربي، وكل هذا نجده في إطار ليتورجي.

4- تدوين كتاب الأخبار
أوّلاً: تأليف الكتاب
لا نستطيع أن نحصر عمل التأليف في مقولة واحدة. فقد ضمّ موادِّ متنوّعة بعضها إلى بعض، وهذا يدلّ على إرادة في التأليف وروح شميلية. نحن نكتشف تنظيم المجموعات وطرح المواضيع. ثمّ إنّ قراءة متمهّلة تكشف القيمة النموذجية لهذا الخبر أو ذاك. مثلاً: لا يُبرز خبر موت شاول فقط ارتقاءَ داود إلى السلطة، بل رحمة المنفى والعودة.

ثانيًا: متى دوّن سفرا الأخبار
قال بعضهم سنة 515. لا نفهم عمل المؤرّخ إلاّ في إطار كرازة حجاي وزكريا: نحن في زمن إعادة بناء الهيكل، ولكنّ برنامج عودة السلالة الداودية يبقى ممكنًا. وقال آخرون وهم كثر: سنة 400. هذا يفهمنا المكانة المحفوظة للملكية الداودية التي زالت منذ مئة سنة ونيّف.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM