الفصل الرابع: بولس وتيموتاوس

الفصل الرابع
بولس وتيموتاوس
1: 12- 20
ائتُمن بولس على البشارة (آ 11)، فعاد إلى حياته السابقة، شاكرًا لله حامدًا. اختبر النعمة كما لم يختبرها أحد، وعاش الخلاص في يسوع المسيح، فبدا في تعارض تام مع المعلّمين الكذبة الذين يتوقّفون عند الجدالات والسخافات. هكذا يفهم تيموتاوس أن ما فعلته النعمة في بولس تفعل فيه، كما تفعل في جميع البشر، الذين يفتحون قلوبهم لعملها. فلا ييأس انسان، مهما كان خاطئًا: "جاءت الشريعة حتى تكثر الزلّة. ولكن، حيث كثُرت الخطيئة، هناك فاضت (طفحت) النعمة" (روم 5: 20).
بدا بولسُ الرسولَ الذي عاش خبرة عناية الله في حياته، فبرزت مبادرة الله المجانيّة حين قرّر ما قرّر، واختار من اختار لمجده تعالى. أما الوسيلة فالمسيح المتجسّد والمصلوب الذي جعل هذا القصد يتحقّق. ونحن بالايمان ننعم بقصد الله الخلاصيّ. يبقى على تيموتاوس أن يفهم أصل الدعوة. فيتشجّع لكي يكون أمينًا للوصيّة التي تسلّمها من بولس: اختاره الانبياء (أنبياء الجماعة المسيحيّة)، قوّاه الروح القدس، تعلّم واجباته، فلا يبقى له سوى التكرّس لمهمّته بدون خوف ولا تردّد. يكون المعلّمَ بإيمانه، ومثالَ القطيع بحياة لا عيب فيها.

1- وديعة الايمان
استندت حياة بولس إلى شخص يسوع المسيح، فاستقى من الكتب المقدّسة، ودعا تيموتاوس إلى الحفاظ على ما تسلّمه من تعليم: هو وديعة جُعلت بين يديه. فكم يجب عليه أن يكونًا أمينًا.
إذا قابلنا الرسائل الرعائيّة مع رسائل السجن (فل، كو، أف) التي تتضمّن تعليمًا عن وجود المسيح في الأزل وعن دوره في عمل الخلق، نلاحظ أنها لا تقدّم تعليمًا في هذين المجالين. بل لا نجد في 1تم، 2تم، تي، توسّعًا خاصًا يدلّ على تطوّر الفكر المسيحيّ، بل اهتمامًا بأن يستند الكاتب إلى أناشيد واعترافات إيمان تقليديّة، لكي يردّ على ضلال يهدّد الجماعة. ندهش أن لا نجد لقب "الابن" الذي يرد مرارًا عند بولس ليحدّد موقع المسيح في علاقته الفريدة بالآب. أما لقب وسيط "ماسيتيس" (2: 5) فيقدّم وجهة عامّة في الرسائل الرعائية المهتمّة بدور المسيح في خلاصنا، لا بتنظير حول شخصه. وتذكّرُ الأصل الداودي (2تم 2: 5) يدلّ أن لقب المسيح (خرستوس) ليس تسمية وحسب، بل يعود إلى الانتظار المسيحانيّ التقليديّ. وهناك نصوص تُبرز المسيح الذي يقدّم ذاته من أجل خلاص الخطأة (1: 15؛ 2: 6؛ تي 2: 14). فهي ترتبط بشكل مباشر بالتعليم حول عبد الربّ المتألّم (أش 53) وبما قاله يسوع في هذا الصدد (مر 10: 45). وردّت هذه الرسائل على الهراطقة، فأعلنت أن الخلاص يقدّم لجميع البشر، لا لفئة خاصّة من الفئات. فالكنيسة انفتاح. أما البدعة فانغلاق واستبعاد لكل من ليس عضوًا فيها.
تتحدّث 1تم، 2تم، تي، عمّا سنجده في قانون الايمان: نقرأ التجسّد في 3: 16: يسوع "تجلّى في الجسد". والآلام في أيام بيلاطس (6: 13). والقيامة من بين الأموات في 2تم 2: 8. وظهور يسوع الأخير ليدين الأحياء والأموات في 2تم 4: 1.
وترد بشكل خاص لفظتان تتكرّران: المخلّص (سوتير) والتجلّي (ابيفانايا). يتحدّث العهدُ القديم عن الخلاص، ولكن لقب المخلّص نادر، ولا يظهر أبدًا كلقب للمسيح (المسيح المخلّص). فسَّر انجيل متّى اسم يسوع: "ذاك الذي يخلّص شعبه من خطاياهم" (مت 1: 21). ستقول الرسائل الرعائيّة إن الله مخلّص، إن المسيح مخلّص. هذا يعني أننا أمام نصوص متأخّرة في العهد الجديد، شأنها شأن 2بط. بما أن الأباطرة اعتبروا نفوسهم "مخلِّصين"، جاء كلام الرسول: لا مخلّص إلاّ إله الآباء (1: 1؛ 2: 3؛ 4: 10؛ تي 1: 3؛ 2: 10؛ 3: 4) ويسوع المسيح الربّ (2تم 1: 10؛ تي 1: 4؛ 2: 13؛ 3: 6). هذا الخلاص يدلّ على ظهور الله في العالم (غير ظهور الامبراطور قبل دخوله إلى مدينة من المدن). وإذ تحدّثت هذه الرسائل عن الآب المخلّص والابن المخلّص، دلّت على وحدة العمل بينهما من أجل خلاص البشر.
من أجل هذا، يستعمل الكاتب الأسفار المقدّسة (غرافي). هو لا يورد إلاّ نادرًا نصًا واضحًا؟ فعبارة "لا تكمّ الثور حين يدوس القمح" (تث 25: 4) تنطبق على المعلّمين في 1كور 9: ،9 وتنضمّ إلى قول انجيلي: العامل يستحقّ إجرته (لو 10: 7؛ مت 10: 10). قابلت 2تم 2: 19 بشكل ضمنيّ، الكنيسة مع هيكل العهد القديم، فاستعملت نصيّن كتابين: الرب يعرف الذين له (عد 16: 5). ثم: ليتباعد عن الاثم كل من ينطق باسم الربّ (أش 26: 3).
وهناك تلميحات واضحة في مواضع أخرى. مثلاً، تستلهم 1تم 2: 14 خبر خطيئة حواء لكي تُسند فرْضَ الصمت على المرأة في الاجتماع الليتورجيّ. واستندت 2تم 3: 8 إلى ترجوم بسودو يوناتان حول خر 1: 15 لتورد اسم الساحرَين اللذين عارضا موسى أمام فرعون: ينيس، يمبريس. وكما في روم 2: 6 تقول 2تم 4: 14 قولاً (جازاه الرب بحسب أعماله) يقابل مبدأ يتكرّر في العهد القديم (مثلاً، مز 62: 13). وعبارة "أنقذت من فم الأسد" (2تم 4: 17) نقرأها في مز 22: 22.
مع أننا لم نجد الكثير من الآيات والتلميحات المأخوذة من العهد القديم، إلاّ أن الرسائل الرعائيّة تقدّم قولين قاطعين حول الإلهام في الكتاب المقدس. نقرأ الأول في 2تم 3: 16: "إن الكتاب (غرافي) كله قد أوحى به الله". ولفظة "غرافي" تعني الكتب المقدّسة التي تُقرأ في المجمع يوم السبت. والقول الثاني يشدّد على فائدة الكتب المقدّسة في التعليم والتقويم والتهذيب في البرّ، لكي يكون رجلُ الله كاملاً (2تم 3: 16- 17).
لهذا يُطلب من تيموتاوس أن يحافظ على وديعة الايمان. على تعليم وصل إليه من الرسول. وعلى تقليد (بارادوسيس) يقف تجاه تقليد "سرّي" يعتدّ به الهراطقة ويعتبرونه متفوّقًا على التقليد الرسوليّ. إن هذا التقليد ينقله بولس إلى أناس أمناء، يثق بهم، وهم يستطيعون أن يعلّموا الآخرين (2تم 2: 2).

2- دراسة النصّ
في آ ،12 نقرأ صيغة الحاضر (إندينامونتي) في السينائي، ولدي ابيفانيوس (رج فل 4: 13). مكان اسم الفاعل في صيغة الاحتمال (أشكر). ولكن المعنى لا يتبدّل. في آ 13 نقرأ "تون" (التعريف المذكر) مكان "تو" (التعريف الحياديّ). في آ 15، قرأت اللاتينيّة العتيقة "انتروبينوس" (انساني)، بدل "بستوس" (جديرة بالقبول)، في آ 16 نجد "المسيح يسوع" كما في آ 15 (الاسكندراني، الصعيدي...) أو "يسوع المسيح" (السينائي، السرياني، القبطيّ، الأرمنيّ، الحبشيّ). في آ 17، جُعل "سوفو" الحكيم (سرياني، غلوطي...) قبل "تيو" بتأثير من روم 16: 27. وهنا نجد ثلاث قراءات: لا يموت (اتاناتو) ولا يُرى (أؤوراتو). ثم: لا يفسد (افتارتو) ولا يُرى. أو: لا يفسد، لا يُرى، لا يموت.

أ- بولس ودعوته (1: 12- 17)
يعود بولس إلى حياته الخاصّة، فيقدّم نفسه مثالاً لتلميذه.
أولاً: شكر وحمد (آ 12- 13)
ما استعمل النصّ هنا "اوخاريستو" كما اعتاد بولس أن يفعل (فل 1: 3؛ أف 1: 16)، بل "خارين إخو" ليدلّ على الشكر (رج 2تم 1: 3؛ لو 17: 9). نحن هنا أمام عاطفة متواصلة من الشكر تجاه فعل شكر وحسب. لماذا هذا الشكر؟ نال بولس من المسيح في ضعفه وعدم امكانيّاته، الجدارةَ من أجل المهمّة الرسوليّة (2كور 3: 5). نال القوّة (2تم 4: 17؛ فل 4: 13) والعون وجميع الصفات (روم 4: 20؛ أف 6: 10). جاء الفعل "ديناموو" (قوّى) مرتبطًا بخبرة دمشق. وإذا كان المسيح قد كلّف المضطهد بهذه المهمّة الرفيعة، فلأنه رأى فيه الأمانة الضروريّة لخدمة الله (1كور 4: 2؛ 7: 25؛ 2تم 2: 10). نقرأ "تيتيمي" (2: 7؛ 2تم 1: 11). وضع، وظّف.
هذا المخلَّص والرسول انتمى إلى فئة الخطأة (1كور 15: 9). إن التجديف على يسوع (أع 26: 11) هو إنكار قيامته ولاهوته والهزء به (مت 27: 39). والتجديف على المسيحيين هو افتراء عليهم. إن المضطهد (ديوكتيس) لاحق تلاميذ الرب (أع 9: 4- 5). وجاوز في اضطهاده كلّ حدّ. والمعجزة هي أن هذا "المهاجم" الذي لا رحمة عنده، قد رُحم. في الواقع، كان شاول بلا لوم وصاحب غيرة من أجل كرامة الله. كان ذا نيّة صالحة، وظنّ أنه يحسن في ما يفعل. قبل أن ينال نور الايمان، لم يكن يعرف يسوع إلاّ "حسب الجسد"، حسب البشريّة (2كور 5: 6). بعد التعصّب الأعمى، شدّد النصّ على الجهل (أغنووون) الذي يمكن أن يعذر الانسان عمّا فعل.
ثانيًا: نعمة ربنا (آ 14- 15)
كثُرت الخطيئة. ولكن طفحت النعمة (روم 5: 20). فرحمة الله (آ 13) عفت عن المضطهد وغمرته بالعطايا (خاريس) بشكل يفوق كلَّ حدّ وكلَّ تعبير. هي نعمة جاءته من ربنا (2تم 1: 8)، لا من الشريعة وممارساتها، وترافقت مع الايمان والمحبّة (فضيلتان تحدّدان الحياة المسيحيّة، 1تس 3: 6؛ أف 1: 15). وأضيف "في المسيح يسوع" (2تم 1: 13) كما هي العادة بعد "الايمان" (3: 13؛ 2تم 3: 15؛ كو 1: 4) والمحبّة (روم 8: 39) والخلاص والفداء (3: 24؛ 2تم 2: 10).ولكن لهذه النعمة موقعًا خاصًا هنا، لأنها تدل على انتقال هذا "الفرّيسيّ" إلى التدبير الجديد: لم تكتف رحمة الله بأن تبرّر الخاطئ، بل جعلته يحيا حياة في المسيح بالايمان الذي هو حبّ (غل 2: 20).
"لوغوس" هنا في آ ،15 هو التعليم، لا الكلمة فقط. هو تعليم الايمان (4: 6؛ 6: 3؛ 2تم 1: 3) وموضوع الكرازة والديداخي (تي 1: ،3 9؛ 2تم 2: 15؛ 4: 2). يتلخّص الانجيلُ كلّه في هذا القول: توخّى حدثُ يسوع المسيح بأن يخلّص الخطأة (يو 3: 16). وهذا التعليم الأكيد واليقينيّ، يفترض قبولاً تامًا وحارًا. وموضوع إيمان الكنيسة كلها تعليمان: كرستولوجيّ، يرتبط بيسوع المسيح، وسوتيريولوجي، يرتبط بالخلاص. فمجيء (إرخومانوس، يو 6: 14) يسوع الذي مُسح مسحة إلهيّة (لو 4: 18)، يتضمّن وجودَه الأزليّ. هذا ما يشير إلى دور كونيّ ويتضمّن، لا التجسّد فقط، بل جميع "أيام بشريّته" (عب 5: 7)، وحياتَه العامّة وآلامه وموته. وهذا النزول من السماء الذي يتضمّن تحولاً (فل 2: 7) في موضع إقامة الخطأة، يهدف إلى خلاصهم. فالتجسّد يتوجّه نحو الفداء، ويشمل خطيئة الجنس البشريّ كله. وهكذا يشدّد النصّ على خلاص تحقّق في الكون وفعل فعلَه. عبّرت كنيسة أفسس عن هذه الحقائق الإيمانيّة في الليتورجيا أو في الفقاهة التقليديّة، فقالت ما تقوله في النؤمن: "الذي من أجل خلاصنا نزل من السماء".
كان بولس أولَ المضطهدين، واعتبر نفسه "المجرم" الرئيسيّ (بروتوس، مت 22: 38)، وأكبر الخطأة الذين نالوا الخلاص. على المستوى الزمني، هو الأول. على المستوى النمطيّ (آ 16)، هو في رأس سلسلة كانت موضوعَ رحمة الله، وقد بدأت به (مت 10: 2). وعى بولس خطيئته فشابه العشّار الآتي إلى الهيكل (لو 18: 13). كما وعى قدرة الخلاص التي لامسته، فجعلته يرفع الشكر الدائم لله.
ثالثًا: رحمة ربنا (آ 16- 17)
يتكرّر فعل "رحم" (آ 13) فيربط بولس بجميع المؤمنين، في إطار رحمة الله، بما فيها من حكمة وقوّة. أما التعارض (لئن، ولكن) فيجعل اهتداء الرسول معروفًا لدى جميع البشر (رج روم 9: 17). فهذا الخاطئ الكبير الذي نال الخلاص، يعلّم الناس إلى أين تصل رحمةُ الله. تحدّث بولس عن اختيار الله له، حسب ما قاله في روم. فاختيار الله لا يرتبط باستحقاقات الانسان، بل بمشيئة الله التي غايتها مجد الله (آ ،17 رج روم 9: 23). "إندايكنيمي" (الأسم: إندايكسيس): برهن، كشف، بيّن (تي 2: 10؛ 3: 2). نبرهن بالأحداث والأفعال. يراها الجميع فيقتنعون بحبّ الله للانسان (روم 3: 25؛ أف 2: 7). وهنا، يقتنعون بطول أناة المسيح. حين نعطي هذه الصفة للمخلّص، نُقرّ بلاهوته، لأن "ماكروتيميا" هي صفة تدلّ على الله (عد 14: 18؛ مز 86: 15) الذي يؤخّر غضبه، يتحمّل المتمرّدين، يأخذ وقته (1بط 3: 20) قبل أن يعاقب الضالّين. وهكذا يترك المجالَ لرحمته، بانتظار أن يعود إليه الانسان بالتوبة (2بط 3: 9) ، في الساعة المناسبة (روم 2: 24؛ 9: 22).
بفضل طول الأناة هذه، كان بولس، وسط الخاطئين، أول المخلَّصين. كان المثالَ، النموذج: هيبوتيبوسيس (2تم 1: 13). قال الذهبيّ الفمّ: "تمثّلوا مدينة تعجّ بالسكان، مؤلّفة فقط من أناس أردياء، الواحد أردأ من الآخر، وجميعهم يستحقّون الدينونة والحكم. غير أن واحدًا منهم استحقّ أقسى عقاب، لأنه تجاوز حدود الشرّ. فإن جاء إعلان يقول بأن الملك يريد أن يسامح الجميع، لا يصدّقون حتّى ينال المجرم الأكبر غفرانه. عندئذ، لا يعودون يشكّون. هذا ما يقوله لنا بولس... حين نلتُ الغفران لي، لا يُسمح للآخرين بأن يخافوا... وحين سامح الرب ذاك، دلّ على أنه لن يعاقب الآخرين. إذن، لا يحقّ لأحد بأن يشكّ بخلاصه، لأني أنا نلتُ الخلاص".
وجاءت نهاية الآية تحديدًا رائعًا للذين نعموا بالعهد الجديد (أع 13: 48). فالمسيحيّون يعلنون إيمانهم بالمسيح الطويل الأناة. يستندون إليه، وهم واثقون مطمئنون كأنهم على صخر. هو وحده الوسيط بين الله والبشر (2: 5). هو في الوقت عينه أساس الايمان وموضوعه. وما نتوخّاه هو الحياة (6: 19؛ 2تم 1: 1، 10) الآتية (4: 8)، الحياة الأبديّة (6: 12؛ تي 1: 2؛ 3: 7) وخلاص نفوسنا (1بط 1: 9؛ 2بط 1: 11).
مع آ 17 نصل إلى خاتمة المقطوعة (آ 12- 17) تجاوبًا مع بدايتها (آ 12). وعى بولس فقرَه وضعفه وخطيئته، فشاهد بشكل خاص رحمة الله وصبره وقدرته، كما شاهد حكمة القصد الخلاصيّ الذي جعل من اهتدائه مثالاً لجميع الأجيال الآتية، لينالوا الخلاص. وهذه المشاهدة تقوده دومًا إلى رفع المجد (روم 11: 33- 36؛ فل 4: 20). ملكُ الدهور هو يسوع المسيح. ولكن عبر المخلّص، الله يفعل ويكشف صفاته (2كور 5: 19)، فله الحمد إلى الأبد.
أعطي لقب "ملك" لله، وهذا أمر نادر في العهد الجديد (6: 15؛ مت 5: 35؛ رؤ 15: 3)، لا في العهد القديم. هو ملك جميع الدهور. هو أبديّ (6: 16) أي لا يصل إليه الموت (أتاناتوس) ولا الفساد (أفتارتوس). وإذا كان إله المسيحيين روحًا محضًا، فهو لا يُرى (أووراتوس). هذا ما يتعارض مع الأصنام. وهذا الاله هو الواحد (مونوس). وحده الخالد والقدير (6: ،15 16). هو وحده الحقيقيّ والقدوس (يو 17: 3؛ رؤ 15: 14).
هذا الاله الملك، نعترف به، ونهتف له بحسب طبعه. ونعبّر عن مديحنا وعبادتنا بلفظ "تيمي" (الاكرام، 6: 16؛ رؤ 4: 9)، و"دوكسا" (المجد، رؤ 7: 12)، في إطار الليتورجيا والعبادة. نكرمه إكرامًا لا ينتهي. إلى دهر الدهور. آمين (2تم 4: 18). أي حقًا. هذا ما يكفل قَسَمًا أقسمناه. هو ختم الحقيقة في إعلان إيمانيّ.

ب- تيموتاوس ومسؤولياته (1: 18- 20)
أشار بولس هنا إلى أساس دعوة تلميذه، وشجّعه على الأمانة لها، مهما كانت الظروف التي يعرفها. وهذا ما يفعله تيموتاوس الذي سيقوم بعمله بدون خوف ولا تردّد.
أولاً: الوصيّة (آ 18)
وننتقل من دعوة بولس إلى دعوة تيموتاوس والمسؤوليّات المرتبطة بهذه الدعوة. فهذه الوصيّة (بارانغاليا) التي هي في الوقت عينه تعليم ووظيفة (آ 5)، تعود بشكل غير مباشر إلى ما سبق (آ 3 ي)، ولا سيّما خلاص الخطأة بيد المسيح، وبشكل مباشر إلى ما يلي (2: 1): يجاهد تيموتاوس جهاد الجنديّ الشجاع، بل يُفرض عليه هذا الجهادُ فلا يقدر أن يتهرّب منه.
تسلّم بولس من الله المهمّة الرسوليّة والحقيقة الموحاة، فسُئل عنهما. وها هو يسلّمهما إلى تلميذه كوديعة مقدّسة لا تخصّه (6: 20؛ 2تم 1: 13- 14). يعني فعل "باراتيتامي" سلّم آخر شيئًا (لو 12: 48؛ أع 14: 23). عليه أن يحفظه ويردّه في الوقت المناسب (لو 23: 46). هذا ما يتضمّن فكرة التقليد (2تم 2: 2). يا ولدي. هو ابن يرث أباه، وتلميذ يرث معلّمه.
لا يستطيع تيموتاوس أن يتهرّب من مسؤوليّته، لأن وظيفته لا ترتبط بقرار شخصيّ من قبله أو من قبل الرسول. فالربّ عبّر عن مشيئته، ومنح مواهبَه بواسطة الأنبياء. يبدو أن هذا التلميذ الشاب لفت نظرهم. نقرأ فعل "بروأغو"، قدّم، وجّه (أع 16: 30؛ 17: 5). نجد هنا صورة الجمع. هذا يعني أن أكثر من نبيّ فسّر مشيئة الله: حلقة الكهنة أو الشيوخ (2تم 4: 14). أين تمّ ذلك ومتى؟ نقرأ نموذج التعيين لمثل هذه المهمّة في أع 13: 1- 4. أمر الروح القدس، ففرز المعلّمون والانبياء برنابا وشاول. ثم وضعوا أيديهم عليهما. ويمكن أن يكون بولس اختار تيموتاوس في لسترة (أع 16: 1- 3؛ 2تم 3: 10) كمساعد، أو في أفسس، حين جعله يترأس الكنيسة فيها. وتدخّل "أنبياء" فحدّدوا مهمّته الرسميّة وحثّوه على ممارسة الفضائل اللازمة. ووضعوا أيديهم عليه فمنحوه السلطة. وفي النهاية، أقسم بأن يكون أمينًا لما دُعي إليه (6: 16).
نعمة الله، طقوس حلقة الكهنة، التزام احتفاليّ من قبل تيموتاوس. كل هذا جعل منه جنديًا ناشطًا في خدمة الكنيسة، مستعدًا للجهاد، لا للجدالات العقيمة. التجنّد الحميد أو الجميل (كالوس): تيموتاوس ليس من المرتزقة، بل موظّف لدى ملك العالم (1: 17) الذي جنّده من أجل قضيّة عظيمة.
ثانيًا: الايمان والضمير الصالح (آ 19- 20)
بدا بولس ذاك الذي يسلّح تلميذه: الايمان، الضمير الصالح. الايمان هو سلاح المعلّم، وهو معرفة معمّقة للحقيقة الموحاة (2تم 2: 15- 18) بحيث تتيح للمسؤول أن يعطي التعليم الصحيح، وأن يحارب الهراطقة، وينتصر على العالم بقدرة الله (1يو 5: 4). في هذا قال الذهبيّ الفمّ: "على المعلّم أن يبدأ فيعلّم نفسه. فكما لا يقدر القائد الحربيّ أن يكون رئيسًا صالحًا إن لم يكن أولاً جنديًا ناجحًا، هكذا يكون المعلّم". أما "الضمير الصالح" (1: 5؛ 3: 9؛ 1بط 3: 16) الذي هو ضروريّ للراعي، فيخضع لفرائض الايمان ويُترجَم في التصرّف اليوميّ، بنيّة نقيّة وصدق تامّ.
فإبليس هنا، وهو متربّص (أف 2: 1؛ 1بط 5: 8). والأخطار تهدّد. فالجنديّ (وبالاحرى القائد) الذي لا سلاح معه، يسقط سريعًا في يد العدوّ. فهناك بعض المسيحيين قد ابتعدوا عن النور الذي يوجّه سلوك المؤمنين. "أبوتايو": انتبذ، استبعد باحتقار ووقاحة.
البحر، في الكتاب المقدّس، هو رمز الأخطار الكبيرة. وخسارة الايمان تقابَل بانكسار (ناواغايو) سفينة. نحن أمام صورة تدلّ على الكارثة والدمار. والدمار هو دمار الايمان.
وفي مجموعة هؤلاء المهدَّدين بالغرق بعد أن انكسرت سفينتهم، يبرز اسمان (آ 19) كانا يعملان مع بولس وتيموتاوس، وقد انتقلا الآن إلى المعارضة في أفسس: تمرّدا بشكل علنيّ وما رجعا عن نيّتهما. هيمينايس. يُذكر في 2 تم 2: 17 مع كلامه الذي يتفشّى كالآكلة. والاسكندر الذي يمكن أن يكون ذاك النحّاس الذي أساء كثيرًا إلى بولس (2تم 4: 14- 15) أو ذاك اليهوديّ الأفسسي الذي ذُكر في أع 19: 33- 34، بأنه أراد أن يتكلّم خلال ثورة الصاغة في أفسس.
فالرسول، خلال مروره في أفسس، سلّم هيمينايس والاسكندر ليد الشيطان، كما فعل مع الكورنثي العائش في الزنى (1كور 5: 5)، وكما فعل الملك حين سلّم الدائن الذي لا شفقة في قلبه، إلى يد الجلاّدين (مت 18: 34). جُعل التعريف أمام "ساتاناس" للدلالة على الوظيفة، لا على الشخص (يكون آنذاك اسم علم). في العهد القديم، الشيطان هو تارة الخصم في القتال (1صم 29: 4). والمتّهم الذي يقف بقرب المخطئ (مز 109: 6؛ أي 1: 6- 7؛ 2: 1). والمفتري الذي يشكو الأمراء الصغار أمام الملك الأعظم (عز 4: 6). منذ سُمح له بأن يعذّب أيوب (أي 1: 12 ي؛ 2: 7 ي)، صار الجلاّد الرسميّ لدى الله، وملاك العقاب الذي ترتبط به الآلام والأمراض والموت (حك 2: 24؛ لو 13: 16؛ يو 8: 44؛ 2كور 12: 7).
حين حرم بولس زاني كورنتوس، حفظ جماعة القديسين من عدوى الرذيلة (روم 16: 17- 18). وفي أفسس، وضع حدًا لانتشار الهرطقة (2تس 3: 14). ولكن في كلا الحالين، توخّى الرسول إصلاح المخالفين. فالفعل "بايدواين" يدلّ على تربية تدرّبُ الطباع، وتُصلح الأخلاق، ولا تخاف أن تلجأ إلى العقاب من ضرب وغيره (عب 12: 6). هذا ما يتوخّاه الرسول من عقاب هيمينايس والاسكندر: حين يُضربان (لو 23: 16، 32) يعودان إلى ذواتهما. فالمحنُ القاسية قد تعيد الانسان إلى التوبة. في كورنتوس، "هلاك الجسد" بيد الشيطان، كان موجّهًا لخلاص النفس (1كور 5: 5). لا نجد وجهةَ الدواء في هذا العقاب. ولكن الرسول يقابل بين التأديب والعقاب. لهذا، لا يستطيع أن ينسى الهدف الأخير لكل وصيّة (1: 5). وفي 2تم 2: 5، إصلاح المعارضين يتوخّى العودة بهم إلى التوبة لكي يبلغوا إلى معرفة الحقّ. إذن، هدفُ كل تربية وما فيها من حزن، إسكاتُ المجدّفين.
إن الفعل "بلاسفيمايو" يعني: قال سوءًا. تكلّم بالشرّ. جدّف (مت 27: 39؛ 1تم 6: 4). ويعني: تواقح وكذب في الأمور الدينيّة. ضلّ في عرض الايمان المسيحي (6: 1؛ تي 2: 5). ذاك هو خطأ المعلّمين الهراطقة (2 بط 2: 10- 11)، وشرّ الشرور (روم 2: 24؛ 1بط 4: 4) الذي يستحقّ الموت بسبب تدنيس اسم الله أو كلمته بالقول أو الفعل (رؤ 12: 6؛ يع 2: 7). فالتجديف الذي يرتكز على الاحتقار (مر 15: 29) يسيء إلى كرامة الانسان الذي نفتري عليه.

3- قراءة إجماليّة
يعود بولس إلى الماضي، إلى دعوته الرسوليّة. يتذكّر سيرته الماضية لكي يشكر لله نعمه وبركاته. فيكفيه أن يشير إلى الثقة التي منحه الله حين أوكله بحمل البشارة، ليفيض قلبه حالاً بعرفان الجميل. فكأننا في آ 12- 17 أمام تأمّل شخصيّ استعاده الرسول أكثر من مرّة: بدأه بفعل شكر وحمد، وأنهاه بالمجدلة: "لله الأوحد الكرامة والمجد إلى دهر الدهور. آمين" (آ 17).
كان بولس، قبل لقائه بالمسيح، خاطئًا لا يستطيع أن يخلص. كان أضعف من أن يبلغَ بنفسه إلى التبرير. غير أن الربّ اجتاح حياته، وملأها بقدرته. في غبار طريق دمشق حيث سقط بولس، راكعًا إلى الأرض ولا يرى شيئًا، اختبر ضعفًا جذريًا يحسّ به. وفهمَ بشكل نهائيّ أن الله لا يفعل إلاّ عبر ضعف الانسان، لئلاّ يفتخر أحد أمامه (1كور 1: 29).
فالربّ أحبّ بولس. واعتبره في حبّه، أهلاً للثقة. في الأصل، لا بولس ولا غيره جدير (أكسيوس) بالخدمة الرسوليّة. ولكن الله وضع فيه ثقته، مثل خادم سلّمه سيّدُه خيراته لكي يستثمرها. فمفهوم الوكالة يرتبط بالأمانة (بستوس). والرسالة خدمة (دياكونيا). وقد حدّد الرسول نفسه على أنه خادم الانجيل فقال: "الانجيل الذي صرتُ خادمه بموهبة النعمة التي منحني الله بفعل قدرته" (أف 3: 7).
والثقة التي نالها بولس حيّرته. فماضيه أسود، وهو لا يدافع عنه. كان معتدًا بنفسه ومتكبّرًا. كان "فريسيًا" يبحث عن برّه الخاص. جدّف على اسم يسوع، واقتاد المسيحيّين إلى السجون. وأعمل في التلاميذ تهديدًا وقتلاً (أع 9: 1). ذاك كان موقف بولس قبل اهتدائه. ولكن الربّ رحمه، حيث لم يكن موضع للرحمة. ففهم أن سعي الانسان لا يفرض نفسه على الله. قال: "ليس الأمر في الارادة أو في السعي. وإنما هو مرتبط برحمة الله" (روم 9: 16). فالله "أغلق على الجميع في المعصية، لكي يرحم الجميع" (روم 11: 32). أمسك المسيحُ بولس، حمله (فل 3: 12). فأحسّ في كيانه شيئًا سوف يتوسّع فيه بعد ذلك: "الجميع خطئوا فأعوزهم مجد الله، والجميع بنعمته يتبرّرون مجانًا، بالفداء الذي بالمسيح يسوع" (روم 3: 23- 24).
إن كان بولس تحدّث عن صفاء نيّته، فهو لم يُرد أن يُنكر خطيئته: أقرّ أنه أول الخاطئين. وإذ قال إنه فعل ما فعل عن جهل، فهو يعود إلى الكتاب المقدّس الذي يميّز خطايا اقترفناها غير متعمّدين (حسب الجهل)، وخطايا اقترفناها بملء ارادتنا (ويدنا مرفوعة، ورأسنا مرفوع من الفخر، لا 4: 2ي؛ عد 15: 22- 31). وحين نتذكّر ما كان عليه بولس في الماضي، نستطيع القول إن النعمة فاضت فيه، بل طفحت (هيباربلايونازاين). تعلّق الايمان والمحبّة بالنعمة، فأعطيا لنا. حلّ الايمان محلّ الكفر. والمحبّة محلّ القوّة الوحشيّة.
العناية تعمل في الانسان، في كل إنسان. وجاء عملها بالنظر إلى بولس تطبيقًا لرحمة الله. قال بولس: "جاء الله إلى العالم، لكي يخلّص الخطأة" (آ 15). هي عبارة ليتورجيّة أو فقاهيّة تستعيد ما قاله يسوع في لو 5: 32 (ما أتيت لأدعو الصدّيقين إلى التوبة، بل الخطأة) و19: 10 (جاء ابن البشر ليطلب ما هلك ويخلّصه). حين قال بولس إنه أول الخاطئين، الذين خلّصهم المسيح، ما فكّر بخلاص في الزمن، بل بخطيئة تعدّت ما عرفه الناس. وسوف يقول في 1كور 15: 9 إنه أقلّ الرسل، وفي أف 3: 8 إنه أقلّ القديسين.
تجاه هذا الظهور الرائع لرحمة الله، يستطيع كلُّ انسان أن يبقى واثقًا به. إذا كان خاطئٌ مثل بولس قد تحوّل، فكل انسان يمكنه أن يتحوّل بحيث ينال الخلاص. فصبرُ الله لا حدود له، وكذلك طول أناته. تجلّى منذ العهد القديم (خر 34: 6- 7)، وسطع بنور أقوى في العهد الجديد. من أجل هذا، أطلق بولس هتافه لكل ما فعله الله من أجله، وبالتالي من أجل جميع المؤمنين.
وبعد هذه الاعتبارات الشخصيّة التي قرأناها في آ 12- 17، التفت بولس أيضًا إلى تيموتاوس. وقبل أن يعطيه التوصيات الضروريّة بالنسبة إلى الوضع في أفسس دعاه هو أيضًا للعودة إلى الماضي، إلى الوقت الذي تسلّم فيه مهمّته الرسوليّة. كان الأنبياء (آ 18)، وهم أشخاص نالوا مواهب الروح فتكلّموا باسم الله. هكذا اختارت جماعة أنطاكية بولس وبرنابا. وهكذا اختير تيموتاوس "عن طريق النبوّة وبوضع أيدي الكهنة" (4: 14). فانطلق في عمله الرسوليّ. حين تذكّر بولس هذا التدخّل العلوي، توخّى أن يقوّي قلب التلميذ، ويساعده لكي يكون جنديًا صالحًا للمسيح.
إلى ماذا يحتاج مثل هذا التلميذ؟ الضمير الصالح. فمن لم يهتمّ بالضمير، غرق إيمانه كسفينة تنكسر وتتحطّم على الصخور. جاء الضمير بشكل نور يوجّه السفن ويمنعها من الغرق. فمن احتقر هذا النور، تعرّض للغرق. وهكذا تكون علاقة وثيقة بين استقامة الأخلاق واستقامة الايمان. فإذا كان الايمان الحقيق يُلهم بالضرورة المجهودَ الخلقي، ففلتان على مستوى الأخلاق يقود من قريب أو بعيد إلى خسارة الايمان. لهذا قال الذهبيّ الفمّ: "حين يكون سلوك الانسان خاطئًا، يصبح معتقدُه خاطئًا أيضًا".

خاتمة
رسم الكاتب أمامنا وجهين. وجه أول هو وجه شاول المضطهد الذي صار فيما بعد مبشّرًا بالانجيل. ووجه ثان هو وجه تيموتاوس الذي يُطلب منه أن يترك الخوف والتردّد، ويلتزم بعمل الرسالة مهما كلّفه هذا العمل. ما الذي دفع بولس إلى العمل؟ محبّة الله له. اعتبار جميع ما عمله مرتبطًا بالجهل. وحيث يكون الجهل، لا تعود مسؤوليّة الانسان كاملة. كان بولس ذاك الذي اعتمد على رحمة الله، ومضى لا يهاب الصعاب. ومثله سيفعل تيموتاوس: يكفيه ايمان يتمسّك به، وضمير صالح يوجّه أموره. حين فهم بولس ما يطلبه منه الله، رفع إليه المجد والشكر، واستعدّ لمجابهة الصعوبات والاضطهادات. أتُرى سيختلف التلميذ عن معلّمه؟ أيُنكر تيموتاوس أنه تتلمذ على يد بولس؟ فهل يفعل مثل مرقس الذي شاهد صعوبات جبال طوروس في تركيا، فترك الفريق الرسولي وعاد إلى أورشليم، إلى بيته (أع 12: 12)؟ خاف عليه بولس، فكتب إليه يشجّعه، ونبّهه إلى ما ينتظره لكي يكون المثال للذين في الداخل، بحيث يؤدّي له أولئك الذين في الخارج (خارج الكنيسة)، شهادةً حسنة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM