الفصل الأربعون :سفر الرؤيا كتاب غريب

 

الفصل الأربعون

سفر الرؤيا
كتاب غريب

كل شيء يدهشنا في هذا الكتاب الغريب: الأسلوب، الصور، والكوراث... ويقول الناس: هو كتاب صعب. ولكنه سيصبح سهلاً عندما نتعرّف إليه. وسيهمّنا كثيرًا حين نعرف أنه أكثر الكتب التي يقرأها المسيحيّون ولا سيّما في الأزمات، وأكثر الكتب التي تفسّر لهذه الغاية أو تلك. كتاب صعب. ومع ذلك فالمؤمنون يقرأونه... فكيف نفسّر هذه الظاهرة، بل هذه المفارقة؟ لأن الجميع يرون في سفر الرؤيا كتاب الرجاء المسيحيّ، كتاب التعزية في الشدائد، كتاب الاتّكال على الله في وقت الضيق. هكذا استمع إليه المسيحيّون من "فم" يوحنا، فوجدوا فيه ذلك الرجاء الواعي المؤسّس على أمانة الله، سيّد التاريخ.

1- الرؤيا والرؤئ
يسمّى هذا الكتاب سفر الرؤيا، وهو يعود إلى فعل رأى الذي يرد مرارًا في الكتاب. فمنذ الآية الأولى نفهم أن الله أعطى هذا الوحي "ليُريَ عباده (يجعلهم يرون) ما سيكون عن قريب" (1: 1). وتبدو "صورة" يسو ع في السحاب "فتراه كل عين حتى أولئك الذين طعنوه". وتبدأ الرؤيا بالمعنى الحصري مع نداء من الصوت يقول ليوحنا: "إصعد إلى ههنا، فأريك ما سيكون من بعد" (4: 1). وفي النهاية يعلن يوحنا: "رأيت سماء جديدة وأرضًا جديدة" (21: 1). ولكن فعل رأى لا يتوقف عند المعنى الحصري الطبيعيّ، والرؤية ليست فقط وظيفة العين والبصر، بل أيضًا وظيفة القلب والبصيرة، وظيفة الروح. فحين يرى المؤمن الله، فهو أمام مشاهدة سرّية تتعدّى عالم الحواس. هذا هو المعنى الذي يستعمله يوحنا في سفر الرؤيا: يشعر شعورًا مستيكيًا (روحيًا) بحضور الله. وقد سّماه الأقدمون سفر الجليان (من جلا، كشف) انطلاقًا من السريانية "جليانا" (1: 1) التي هي أول كلمة في الكتاب. هذه اللفظة هي تفسير دقيق لما في اليونانية "ابوكالبسيس"، نزع الحجاب، فتح الستار، فبدا كلّ شيء واضحًا. أجل، كل شيء واضح للمؤمن، لا على مستوى العقل، بل على مستوى الروح. كل شيء بيد الله الذي هو أمين في مقاصده. ليس الله إنسانًا فيتبدّل، بل أعماله ثابتة. هذا ما يريد أن يعلنه صاحب سفر الرؤيا، فيدعو المؤمنين إلى التجاوب مع أمانة الله والسير معه، فلا يكونون كالعبد البطال الكسلان الذي كتّف يديه وانتظر الله أن يفعل "وحده". ولكن الله لا يفعل وحده. بل هو يشاركنا في بناء العالم، في بناء تاريخ ينمو فيه ملكوت الله.
سفر الرؤيا لم يكن وحده في زمانه بين ما يسمىّ الأدب الجلياني (أو الرؤيويّ). فمنذ القرن الثاني ق.م. ظهر كتاب أخنوخ، كتاب اليوبيلات، وصايا الآباء الإثني عشر، وكلّها كتب منحولة، أي لا تدخل في لائحة الأسفار المقدّسة. ماذا تقول هذه الأسفار الجليانيّة؟ بما أن الزمن خطوطيّ، بمعنى أنه تاريخ يسير من البداية إلى النهاية، وليس دائريًا، بمعنى أننا ندور في حلقة مفرغة تعود بنا إلى الأحداث عينها، لا بدّ من نظرة إلى هذه الأحداث الآتية، والإنسان يحاول أن يعرف فيلجأ في شرّ الحالات إلى السحر والعرافة والتنجيم.
ولكن يأتي النبي فيتدخّل في هذا التاريخ باسم الله. هو يدعو معاصريه لكي يعيشوا الحاضر، كاشفًا لهم عن مخطّط الله. فكلمة الله، التي يعلنها، ترتبط قبل كل شيء بالظروف الحاضرة. وإن اهتم بالمستقبل، فلأن هذا المستقبل يعطي الحاضر معناه حين يسند رجاء السامعين وآمالهم، ويذكّرهم بهدف مسيرتهم. أما الهدف فهو اليوم الذي يقيم فيه الله ملكه على العالم بشكل نهائي. غير أن هذا اليوم يبقى خفيًا، وكأن ستارًا يحجب نهاية التاريخ عن أعين البشر.
وهذا ما أراد يوحنا أن يفعله حين دوّن سفر الرؤيا. نظر إلى الحاضر الذي فيه تعيش الكنيسة أو الكنائس الى إليها يكتب. فشدّد المرة بعد المرّة على أن ما يحدث سيحدث "عمّا قريب" (1: 1). فالزمان، أي زمان تدخّل الله، هو قريب (1: 3). فالمسيح يأتي الآن، ونحن نناديه بشكل خاص في احتفالاتنا: "ننتظر مجيئك". وينهي الكتاب بكلام يسوع: "هاءنذا آت عن قريب" (22: 12). وفي الختام، يناديه الكاتب: "تعال أيها الرب يسوع" (22: 20). لهذا، لن نجعل الأحداث التي في سفر الرؤيا على أنها سوف تقع في المستقبل، بعد ألف سنة (اعتبر الناس أن يسوع سيعود سنة 1000). ولكن لم تكن نهاية العالم سنة 1000، فجاء من يقول قولاً صار مأثورًا "إن ألّفت لا تؤلفان". بمعنى أنه إن وصلت الخليقة إلى سنة 1000 ففي سنة 2000 تكون نهاية العالم. وكانت حسابات شهود يهوه أدقّ من ذلك. فقالوا: سنة 1914 سينتهي العالم. ولكنّ العالم ما زال يتابع مسيرته. ومن أين جاؤوا بهذا الرقم؟ ربطوا أرقامًا أخذوها من سفر دانيال مع زمن سقوط أورشليم (587 ق.م.)، فكان لهم هذا الرقم السريّ الغريب.
نحن لا ننتظر نهاية العالم في سنة من السنين. فقد بدأت نهاية العالم مع موت يسوع وقيامته. وها هو العالم يتحوّل تدريجيًا إلى أرض جديدة وسماء جديدة. وحين يموت الواحد منا، تكون نهاية العالم قد انتهت بالنسبة إليه. يكون قد دخل إلى الابدية. أما أخبار الحروب والثورات التي نجدها في سفر الرؤيا، فقد حصلت في أيام يوحنا أو قبله، فرأى فيها الكاتب عقابًا لرومة التي تضطهد المسيحيّين، كما كان سقوط أورشليم سنة 70 ب.م. عقابًا لها لأنها قتلت ربّها.

2- يوحنا وكتب الجلّيان
حين تُلمّ أزمة من الأزمات بالكنيسة، يحسّ النبي أن كلماته لا تكفي لتسند الأمل في قلوب المؤمنين. فالزمان قاس، وهو يبدو متعارضًا مع قصد الله ومخطّطه. والناس يريدون أن "يروا" نهاية هذه الحالة الصعبة، نهاية الاضطهاد الذي تعرفه الجماعة. هذا ما عاشته جماعة يوحنا في أفسس وفي كنائس أخرى. بعضهم سيق إلى الأسر والسجن، والبعض الآخر إلى الموت (13: 10)، والأكثرية تعيش الضيق الذي يفرض عليها الفقرَ والجوع. متى سينتهي هذا الزمان الرديء؟ هنا يأتي سفر الرؤيا حيث يكشف للرائي عن الحجاب الذي يخفي النهاية. ويحدّثه بالصور والكلمات التي تفهمه أنه ليس عليه ان يبحث عن المسيح هنا وهناك. أن ليس عليه أن يسمع للأنبياء الكذبة. كل ما يعرفه الكاتب هو أن الله أمين. قال الرب: "أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعرفهما... إلا الآب" (مر 13: 32). لا يعرفهما الملائكة في السماء، فكيف يعرفهما الإنسان؟
ولكن ما الذي يحاول الكاتب أن يكتشف حين يكتب الرؤيا؟ يكتشف أمانة الله في الماضي حيث خلّص شعبه. وهو سيخلّصه اليوم ويخلّصه في المستقبل. يرسم خطًا ينطلق من الماضي، فيصل إلى الحاضر ويمتدّ إلى المستقبل. هنا نفهم لماذا يبدو سفر الرؤيا مرتبطًا بزمن نيرون (رمز اسمه 666 أي قيصر نيرون) كما ارتبط بزمن دوميسيانس سنة 95، وهو الزمن الذي فيه دوّن هذا الكتاب.
عاد يوحنا إلى سنة 64- 67، وزمن اضطهاد نيرون للكنيسة وموت الرسولين بطرس وبولس. وتساءل : هل فنيَت الكنيسة في هذا الاضطهاد المريع؟ وكان الجواب كلاّ. وعاد إلى شعب العهد القديم، فاستلهم ما كتبه دانيال عن الاضطهاد الذي حلّ بشعب الله بيد أنطيوخس أبيفانيوس سنة 167- 164 ق.م. في ذلك الوقت أيضًا ما فني شعب الله. فلماذا تكون نهايته سنة 95؟ هنا نفهم حقيقة هامة حين نقرأ سفر الرؤيا. فهو ليس بكتاب تاريخ، وإن كان ينطلق من التاريخ الذي يعرفه ليقرأ كلمة الله من أجل المؤمنين. وهو ليس بكتاب عرافة يدلّ على "الأبطال" الذين سيعرفهم التاريخ في ما بعد. هو قبل كلّ شيء كلمة تعزية للمؤمنين في الشدّة والضّيق. هو قبل كلّ شيء "عظة" توجّه إلى المسيحيين وتدعوهم إلى أن لا يخافوا مهما تكاثرت عليهم الصعوبات. فالرب هو سيّد التاريخ. هذا ما اكتشفه سفر دانيال حين عاد إلى الوراء، فرأى في نظرة سريعة مشاكل البابليين والفرس واليونان حتى وصل إلى السلوقيين، وتأكّد أنّ كل هذا يصل إلى ابن الإنسان الذي له وحده السلطان والمجد والملك بحيث تعبده الشعوب من كل أمة ولسان، ويكون سلطانه سلطانًا أبديًا لا يزول، وملكه لا يتعدّاه الزمن (دا 7: 14).
وقد طبّق يسوع على نفسه ما قاله دانيال عن ابن الإنسان: "سترون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء" (مر 14: 61-62). وسيقول لنا سفر الرؤيا إن ملك العالم الحقيقي ليس الامبراطور الروماني، بل يسوع المسيح، الحمل الذبيح. فجيشه لا يعدّ ولا يُحصى. هو 144000 أي 12× 12× 1000. مع العلم أن 12 هو عدد الكمال. ومربع 12 هو كمال الكمال، ومكعب 10 (10× 10× 10) هو رفع هذا المربع إلى أبعد ما يستطيع العقل البشري أن يتصوره. لهذا هتف الرائي: "رأيتُ جمعًا كبيرًا لا يستطيع أحد أن يحصيه، من كلّ أمة وكل قبيلة وكل شعب وكل لسان (العدد 4 يدل على الكون كله) واقفين (علامة النصر، رافعين رؤوسهم) أمام العرش (عرش الله)، وأمام الحمل (يسوع المسيح)، لابسين حللاً بيضاء (علامة النصر والغلبة منذ قبلوا سرّ المعمودية) وبأيديهم سعف النخل (كما في عيد الشعانين)، وهم يصرخون بصوت عظيم: الخلاص لالهنا (الهنا يمتلك الخلاص، هو وحده المخلص) الجالس على العرش وللحمل" (الابن مساوٍ للآب، وهما معًا يحملان الخلاص) (7: 9-10).
ولكن كيف الكلام عن هذه الحقيقة؟ عاد الكاتب إلى لغة الصور والرموز كي يعبّر عن واقع لا يمكن ان نعبّر عنه. استعمل الرؤى والأفعال الرمزيّة، كما عبّر عما "رآه" في خطب وأقوال نبوية. فهمّه أن ينقل إلى شعب الله كلمة الله. هذا ما أراد يوحنا أن يقوله، وهو المسؤول عن التعليم في كنيسته، فلماذا البحث عن أمور ما أراد أن يكتبها؟ ولكنه إن استعمل الأسلوب الجلياني ليعبّر به عن فكره، فقد فجّر هذا الأسلوب ليساعدنا على اكتشاف كلمة الله كما اكتشفها، وللوصول إلى وحي الله كما وصل إليه.
صاحبُ الكتب الجليانية يخفي اسمه. فيربط كتابه باخنوخ أو موسى أو آدم أو ابراهيم. أما يوحنا فاعلن عن اسمه بكل بساطة. قال في 1: 4: "من يوحنا إلى الكنائس السبع التي في آسية". وسمّاها : أفسس، ازمير... وفي 1: 9 "أنا يوحنا أخاكم وشريككم في الضيق (أو المحنة التي يمرون فيها) والملك (المسيحيون ملوك مع المسيح) والصبر".
فالمحنة للمسيحيين بدأت مع الصليب وهي تتواصل، فلا بدّ من الصبر، لأن "من يصبر إلى المنتهى فذلك يخلص" (مت 24: 13). وينهي يوحنا كتابه فيقول: "أنا يوحنا سمعتُ ورأيتُ ذلك" (22: 8). سمعتُ كلمةَ الرب سماعًا يتعدى الأذن، ورأيتُ "قصده" رؤية تتعدّى العين، وترفعنا إلى مستوى الإيمان، بل أعلى من الإيمان.
صاحب الكتب الجليانية يعتبر نفسه أنه يتحدّث إلى أناس "تدرّجوا" في معرفة باطنيّة. وهو يكشف لهم أسرارًا لا يعرفها عامة الناس. ارتبط بأحد أجداده (آدم، موسى) فكشف له عن النهاية. أما المسيحية، فلا تعرف نوعين من المسيحيين، البسطاء والكاملين. لقد قال يسوع: "أخفيتَ (أيها الآب) هذه الامور عن الحكماء والفهماء، وأظهرتها للأطفال". لهذا، فالحقيقة التي يعلنها يوحنا هي للجميع، وهي حقيقة الإنجيل كما تعيشها كنيسة مضطهدة.
هنا نقول إن الصور، التي نجدها في سفر الرؤيا، قد فهمها المؤمنون في أيّام يوحنا. وإن كان هناك من تفصيل ما عدنا نفهمه اليوم، فيجب أن لا نهتمّ. المهمّ هو المعنى الدينيّ الذي نكتشفه في هذه النصوص الايمانية التي نقرأها اليوم، فنجد فيها القوّة في الظروف الصعبة التي نعيشها. وهنا أطرح السؤال: هل فهمنا كل كلمات الإنجيل ورسائل مار بولس؟ كلا، وإلا فلماذا الشّروح العديدة والابحاث في عالم اللغة والحضارات؟ فان كنّا لا نفهم نصًا من النصوص، فليس من المنطق أن نبنيه بحسب مخيّلتنا، ونقرأ فيه أمورًا ما أراد الكاتب أن يقولها لنا.
ويُطرح السؤال: لماذا توسّل يوحنا هذا الاسلوب الغريب لكي يقدّم لنا كلمة الله؟ أولاً هو أسلوب غريب بالنسبة إلينا، لا بالنسبة إلى هؤلاء المسيحيين الذين عرفوا العشرات من الكتب الجليانية. فكانوا يقرأونها ويحلّون رموزها بسهولة. ثانيًا، نحن في زمن اضطهاد، لهذا يحتاج المضطهَد إلى استعمال لغة رمزية لا يفهمها "الحكام"، وإلاّ لاحق "الحكام" صاحب الكتاب وحامله. ماذا لو افصح الكاتب عن اسم نيرون في 13: 17؟ اكتفى بالقول: "فليحسب (المؤمن) عدد الوحش (يدلّ على عالم الشرّ، على السلطة الامبراطورية). إنه عدد إنسان (ليس الامبراطور إلهًا كما كانوا يقولون ويفرضون عبادته). فعدده 666. ق ي ص ر- ن ي ر و (100+ 10+ 90+ 200+ 50+ 10+ 200+ 6= 666). أجل، عاد الكاتب إلى ما فعله نيرون بالكنيسة حين أحرق رومة واتّهم المسيحيين، فرأى في دوميسيانس صورة عن هذا الامبراطور الطاغي. وحضّ شعبه على الثبات في الإيمان. لأن يسوع هو الذي ينتصر في النهاية.

الخاتمة
تلك نظرة أولى إلى سفر الرؤيا. ففي زمن الضّيق الذي تعيشه الكنيسة، أراد النبي الذي يرى الأمور بعين الله، الذي يحمل كلمة الله (وليس ذاك العرّاف أو المنجّم الذي يتنبّأ كما يقولون)، أن يقدّم كلمة تعزية وتشجيع إلى أناس يهدّدهم السجن والموت والفقر والتهجير. ودعاهم إلى الصبر والثبات في هذا الجهاد العظيم الذي بدأه يسوع على الصليب، وهو يواصله اليوم في أعضاء كنيسته. هي أيام صعبة. ولكن الكنيسة عرفت أصعب منها ولم تتراجع. هي أيام نحسّ فيها بأن الله قد تخلّى عنّا ونسينا. ولكن يسوع عرف هذه التجربة على الصليب حين قال: "إلهي إلهي لماذا تركتني". ولكنه تابع ما يقول مز 22 وفيه ما فيه من أمل بالخلاص: "سأخبر باسمك أخوتي، وبين الجماعة العظيمة أهلّل لك". أما في انجيل لوقا فنسمع صلاة يسوع البنويّة على الصليب، كما وردت في مز 31: 6: "يا أبتاه في يديك أستودع روحي". تلك تكون عاطفة المؤمنين الذين جعلوا اتّكالهم على الرب مهما انتابهم من ضيق. وتلك تكون عاطفتنا نحن الذين نعرف أن الله لا يجربّنا فوق طاقتنا، بل يجعل كلّ شيء يؤول إلى خيرنا، هذا إذا كنا نحبّه حقًا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM