خاتمة عامة

خاتمة عامة
هذا هو الكتاب الأول في إطار "نظم الكتاب المقدس ومؤسساته" وكان عنوانه: الكهنة والكهنوت في الكتاب المقدس. وقد جاء في خمس محطات. في الأولى، حاولنا أن نتعرّف إلى الشرق القديم حيث يلعب الملك دورًا كبيرًا في الكهنوت. وتوغّلنا في التوراة حيث كان الملك يأخذ دور الكاهن، بانتظار أن يأخذ الكاهن دور الملك. وفي أي حال، التداخل بين العالم الديني والعالم السياسيّ أمر معروف في الشرق القديم والحديث. حاولت أوروبا أن تفصل الدين عن الدولة. توصّلت في النصوص ولكن تبقى النفوس. بل هي توصلت إلى حياد الدولة بالنسبة إلى الدين، أقلّه بشكل نسبيّ، لأن الدين يبقى عنصرًا هامًا في قلب الإنسان الذي لا يستطيع أن يتصرّف وكأن لا دين له. وحين يلوّن هذا الدين حياة الفرد والمجتمع، نفهم أن ما هو دين وارتباط بالله، ما هو إيمان وتعلّق بعقائد، يتجاوز المجال الفرديّ والجماعة الصغيرة ليؤثّر على المجتمع ككلّ.
كان الكهنوت مؤسّسة من المؤسّسات وما زال، لأن له نظمه وترتيباته داخل الكنيسة مثلاً. لا شكّ في أنه كانت خطوة مع العهد الجديد وبعض الآباء الذين شدّدوا على دور الكلمة على حساب الذبيحة الدمويّة. ولكن ما يعيشه الأسقف والكاهن والشّماس هو امتداد أقله في مظاهره الخارجيّة لما عاشه كل واحد حاول أن يكون "وسيطًا" بين الله والانسان. لا شكّ في أن المسيحيّة تعتبر أن لا وسيط بين الله والإنسان سوى يسوع المسيح. ولكنها حين تتكلّم عن الكهنة والقسيس، إنما تعتبر هؤلاء مشاركين في كهنوت المسيح الواحد الوحيد. لم يعد في المسيحيّة سوى كاهن واحد. وهو الذي قدّم نفسه على الصليب ذبيحة من أجل جميع البشر ومن أجل خلاصهم. أجل كاهن واحد يشاركه في كهنوته جميع المسيحيين بشكل عام. ويشاركه بعضهم بشكل خاص على مستوى ما يُسمّى كهنوت الخدمة.
ولكننا هنا تركنا الكتاب المقدس والآباء، ورحنا في معارج اللاهوت. فلغيرنا أن يتابع الطريق في خطّ تعليم الكنيسة على مرّ العصور وصولاً إلى ما قاله المجمع الفاتيكاني الثاني. لا شكّ في أن الأسئلة العديدة تُطرح في هذا المجال: على مستوى الكنيسة، على مستوى العلاقات بين الكنائس. ولكن عودة إلى الكتاب المقدس ترينا ما هو ثابت في الكهنوت وما هو عابر، وما يمكن أن يكون انحرافًا.
هذا هو الكتاب الأول حول الكهنة والكهنوت في الكتاب المقدس وسنتبعه بإذن الله بكتاب ثان وثالث، محاولين الاحاطة بنظم الكتاب المقدس ومؤسّساته. والله هو الذي يوجّه خطانا.


Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM