الفصل الرابع والعشرون الكهنوت عند قبريانس

الفصل الرابع والعشرون
الكهنوت عند قبريانس أسقف قرطاجة

جاء قبريانس إلى المسيحيّة متأخرًا، بعد أن تعلّم الكثير من ترتليانس الذي سمّاه معلّمه. فافترق عن معلّمه الذي كاد يدمّر أسس الكهنوت حين جعل كل السلطات الكهنوتيّة في يد العوام. أما قبريانس فأبرز كرامة الكهنوت في الكنيسة. وحين مات أعطى شعبه درسًا أخيرًا فبيّن له كيف يموت أسقف من أجل المسيح. وهكذا كانت حياة قبريانس وموته ختمًا لما حمله أسقفُ قرطاجة من تعليم عن الكهنوت المسيحي.
ثلاث محطات. كهنوت بحسب ملكيصادق. وظائف الأساقفة ومعاونيهم. الفضائل التي يتحلّى بها الأسقف والكهنة.
1- كهنوت بحسب ملكيصادق
شخص المسيح هو الذي يُشرف على الكهنوت المسيحي. فالمسيح الذي كان كاهنًا بحسب رتبة ملكيصادق، نزع الصفة الكهنوتيّة عن الكهنة الذين من سلالة هارون. كانت درجتهم موقتة، فأحلّ محلّها الدرجة النهائيّة للكهنوت الأبدي. كل الكهنة ينبثقون منه. اختفى الكهنوت القديم، وورث الكهنوت الجديد كل امتيازاته، لأنه يجب أن لا ننسى أن الرب نفسه اختار رسله أي الأساقفة ورؤساء الكنيسة (الرسائل 3/3: 3)، على مثال الله الذي اختار في الماضي قبيلة لاوي لتكون مكرّسة له (رس 1/1: 1). لهذا، فنصوص العهد القديم التي دلّت على حقوق الكهنة اليهود وواجباتهم، تنطبق منذ الآن على الأساقفة والكهنة المسيحيين الذين هم خلفاؤهم الشرعيون (رس 3: 1- 2).
فالآن الأساقفة والكهنة هم موضوع رسامة إلهية. إنهم مختارو الله. فمن وقف ضدّ أمر الله، تُعاقبه عدالةُ الله بسبب جرأته الوقحة (وحدة الكنيسة 17). فكل ما تفعله إرادةُ البشر الشرّيرة لتدمّر النظام الالهي يكون وكأنه ضد الله (وحدة 18). إذن، يجب أن نضع نصب أعيننا جلالة الله الذي يرسم كهنة المسيح (رس 16/9: 1). "حين نظنّ أن الكنيسة ترسم كهنة لا يعرف بهم الله، ندلّ على لاإيماننا بالله، على تمرّدنا على المسيح وإنجيله. حين نظنّ أن المرسومين هم غير أهل وانجاس، نعتبر أن إقامة الأساقفة في الكنيسة ليست من الله ولا تتمّ بيد الله" (رس 66: 1- 2؛ 59: 2).
إذن، سلطة الأساقفة سلطة إلهيّة. هذا ما قاله مجمع عُقد سنة 256: "واضح تعليم ربنا يسوع المسيح الذي أرسل رسله وسلّمهم وحدهم القدرة التي أعطيت له من قبل الآب. نحن خلفاء الرسل، نسوس كنيسة الله، ونعمّد إيمان المؤمنين بالقدرة عينها. لهذا، يؤدي الأساقفة حسابًا عن اداراتهم لله، لا لبشر ما ارتفع قدرهم، ولا لزملاء لهم في الأسقفيّة". "بما أن الأساقفة تسلّموا سلطانهم من ا&، فلا يؤدّون حسابًا إلاّ لله" (رس 72: 3). "ففي كل كنيسة أسقف وقاض، وهو يحلّ محلّ المسيح لزمن محدّد" (رس 59: 5).
لا شكّ أن هناك أساقفة لا يعملون مشيئة الله، ولكنهم خارج الكنيسة وضد الترتيب الانجيلي والتعليم. ولكن لا نغَشّ: ليس هؤلاء أساقفة حقيقيين. "كيف نعتبر راعيًا ذاك الذي لم يخلف أحدًا في الأسقفيّة فبدأ بنفسه. إنه غريب ودنيويّ. أما الذي يرئس كنيسة الله بفضل رسامة شرعيّة فهو راع حقيقي" (رس 69: 5). ويذهب قبريانس بعيدًا في هذا الخط: ففي نظره، كل رسامة باطلة إذا صُنعت خارج الكنيسة، لأنها ضد الرسامة الالهية. ولا يمكن أن يكون للهراطقة والمنشقين إلا أساقفة كاذبون. هنا نقرأ هجوم قبريانس على نوفاسيانس الذي ترك حظيرة الرب الوحيدة: »بحسب تأسيس المسيح، ليس هناك سوى كنيسة واحدة، انتشرت في أعضاء عديدين، في العالم كله. ومصاف أسقفيّ واحد يمثلّه عدد من الأساقفة متّحدين فيما بينهم. ومع ذلك، حاول (نوفاسيانس) رغم تعليم الله، ورغم وحدة الكنيسة في تنوّع أجزائها المرتبطة والمتماسكة في كل مكان، أن يؤسّس كنيسة بشريّة. فأرسل إلى عدد كبير من المدن رسلاً جددًا اختارهم، ووضع أساسات منظّمة جديدة. ومع أن أساقفة أجلاّء ومؤمنين وأمناء في المحنة ومرذولين بسبب الأضطهاد قد رُسموا منذ زمن بعيد في كل المناطق وفي كل المدن، تجرّأ فجعل فوقهم أساقفة آخرين هم أساقفة كذبة. فهل يستطيع أن يحيط العالم بجداله وعناده، ويحطّم تجمّع جسد الكنيسة واضعًا فيه بذار الخلاف؟ هو يجهل بلا شكّ أن المنشقّين يتحمّسون في البداية، ولكنهم لا ينمون ولا يقدرون أن يوسّعوا محاولاتهم اللاشرعيّة. حينئذ يسقطون فجأة من على مطيّتهم الفاسدة« (رس 55: 24).
يظهر الاختيار الالهي بشكل ملموس وبوسائل بشريّة. هذا ما لا شكّ فيه. والأساقفة الذين هم المسؤولون الاولون عن اختيار الأساقفة أو الكهنة، لا يقبلون إلا بأناس لا عيب فيهم. وإن أرادوا أن يطمئنوا، فليعودوا إلى الشعب الذي يعرف بعض المرات فضائل هؤلاء المرشحين أكثر منهم. "أمر الله أن يُرسم عظيم الكهنة أمام الجماعة كلها (عد 20: 25- 26). هو يعلّمنا هذا الكلام ويبيّن لنا أن الرسامة الكهنوتيّة تتم بمرأى ومسمع الشعب المؤمن، لكي تُكشف في حضور الشعب جرائمُ الأشرار ومزايا الصالحين. فتكون الرسامة صحيحة ونظامية حين يكفلها رأي الجميع وحكمهم. وليس هذا فقط من أجل رسامة الأساقفة والكهنة، بل من أجل رسامة الشمامسة. فنحن نرى أن الرسل سلكوا هذا السلوك. فالاثنا عشر دعوا شعب التلاميذ وقالوا لهم (أع 6: 2). اهتموا واتخذوا الاحتياطات بأن يدعوا الشعب كله لئلاّ يتغلغل متطفّل إلى خدمة المذبح أو الكرامة الأسقفيّة" (رس 57/5: 2- 3).
حين يكون الحديث عن اختيار الأساقفة وسائر أعضاء الكهنوت، تبدو موافقة الشعب ضروريّة جدًا. »اختير (كورنيليوس) أسقفًا بيد عدد كبير من زملائه الذين كانوا حينذاك في مدينة رومة، والذين بعثوا إلينا (بالنسبة إلى رسامته) برسائل تشرّفه وتمتدحه وتشهد له أفضل شهادة. اختير كورنيليوس أسقفًا بحكم الله ومسيحه، وبشهادة الاكليروس وموافقة الشعب الحاضر وجماعة الأساقفة الموقرين وأهل الخير" (رس 55/4).
2- وظائف الأساقفة ومعاونيهم
تتنوّع وظائف الأساقفة ومعاونيهم، لأن عليهم ترتكز الكنيسة، ولأنهم هم الذين يسوسون الكنيسة ويكونون المسؤولين عن سلوكها (رس 33/1: 1). فعليهم أولاً أن يقدّموا الذبيحة المقدسة. وينعم الكهنة أيضًا بهذا السلطان (رس 16/4: 2). فالاحتفال بالافخارستيا يتمّ حسب التقليد وأمر الرب. قد يكون هناك أساقفة بسطاء. فالرب يغفر بساطتهم. ولكن لا يستطيع أحد أن يبدّل أمر المخلّص. "فدرجتنا وواجبنا الأسقفي يدعواننا إلى المحافظة على التقليد الرباني" (رس 63: 19).
وللأساقفة سلطة التعليم وواجب التعليم: فالمنبر الذي عليه يقفون هو العلامة المنظورة لهذا الحقّ (رس 3/1: 1). يشرحون الكتب المقدسة، يذكّرون المؤمنين بواجباتهم. والكهنة يعاونون الاساقفة أو يحلّون محلّهم في خدمة الكهنوت. والأساقفة هم الخدّام العاديون للمعمودية والافخارستيا، لأن للرسل وخلفائهم أعطى المسيح سلطان الحلّ والربط، سلطان غفران الخطايا أو الاحتفاظ بها. ولكن في حالة الضرورة يستطيع الكهنة، بل الشمامسة، أن يتقبّلوا اعتراف التائبين (رس 18/1: 2).
وفي الظروف العاديّة، الأساقفة هم الذين يحدّدون التكفير الذي يجب على التائبين أن يؤدّوه. وهكذا شدّد قبريانس على سلطة الأساقفة السامية، وعلى دور الكهنة كمعاونين لهم. إذا كانت مصالحة الكهنة تتمّ بوضع يد الأسقف والكهنة، فإن الكهنة يلعبون دورًا مساعدًا لأن الأسقف هو الخادم الرئيسيّ للحلّ من الخطايا. ففي زمن الاضطهاد لا يحلّ للكهنة أن يتّخذوا مبادرات خطيرة يصالحون الجاحدين. فمثل هذا القرار يعود إلى الأسقف وحده.
الأسقف هو الرئيس الوحيد في الكنيسة. فهو يؤمّن خدمة الأسرار ويعطي التعليم. وله السلطة أيضًا بأن يضع حدًا لكل فوضى. تهجّم أحد الشمامسة على الأسقف روغاسيانس، فاشتكى إلى قبريانس وزملائه. فأجاب قبريانس باسم الجميع وهنّأ الأسقف لاعتداله. ثم أضاف: "إن السلطان الأسقفيّ وسلطة منبرك يؤهّلانك لكي تعاقب هذا الوقح في الحال وأنت متأكّد أن زملاءك يكونون راضين عمّا تستطيع أن تفعله بالنظر إلى السلطة الأسقفية تجاه هذا الشماس" (رس 3/2: 1).
فعلى الشمامسة أن لا ينسوا أن الرب نفسه اختار الرسل، أي الأساقفة ورؤساء الكنائس. أما الشمامسة فقد تأسّسوا بيد الرسل بعد الصعود ليكونوا في خدمة الأسقف والكنيسة. فعلى الشماس أن يقرّ بذنبه جهارًا، فيدلّ أنه يعرف الكرامة المرتبطة بالكهنوت، فيرضي الأسقف رئيسه. فإن رفض الطاعة، يُعزل ويُحرم (رس 3: 3). فالاساقفة يستطيعون أن يحرموا المتمرّدين، وإن وجب عليهم في موضوع هام كهذا، أن يستشيروا الكهنة بل المؤمنين، وأن يسبق الحكم تحقيق سابق. هذا ما فعله قبريانس بالنسبة إلى فيليسيسيمس وتبّاعه. "قطعنا من شركتنا... وحرمنا..." (رس 42). فالحرم عقاب كبير لأنه يساوي موتًا روحيًا حقيقيًا. في نظام العهد القديم، كان الله يحكم بالإعدام على الذين لا يخضعون لكهنته. ويحدّد ساعة الحكم للذين لا يطيعون. واليوم، »فبالسيف الروحيّ يُقتل المتكبّرون والثائرون، فيُرذلون خارج الكنيسة. حين يصيرون خارجًا، لن يستطيعوا أن يؤذوا. فبيت الله واحد، وخارجًا عن الكنيسة لا خلاص لأحد" (رس 4/5: 3).
ولا تتوقّف سلطات الأسقف عند المجال الروحي، بل تمتدّ إلى المجال الزمنيّ. فمنذ أيام قبريانس، امتلكت الكنيسة أموالاً يجب عليها أن تديرها. فهذا الغنى هو ملك الفقراء والأرامل والأيتام والسجناء. ففي قلب اضطهاد ديكيوس، كتب قبريانس إلى كهنته بأن لا يتوقّفوا عن توزيع المساعدات على الأرامل والمعاقين، عن الفقراء والمسافرين، وخاف أن لا تكفي الأموال الموجودة في الصندوق، فأرسل أموالاً أخرى لكي تتمّ أعمالُ المحبّة بسرعة وبوفرة.
في كل هذا، يبدو الأسقف مسؤولاً عن كنيسته. بل هو مسؤول أيضًا عن الكنيسة كلها. حين يختارونه، يخبر إخوته الأساقفة باختياره وينال رسائل شركة. فقبل أن يقرّ قبريانس باختيار كورنيليوس على كرسي رومة، طلب رسائل. ثم أرسل هذه الرسائل إلى أساقفة أفريقيا. وكما يريد قبريانس أن يعرف ما يحصل في سائر الكنائس، فهو يخبر زملاءه الأساقفة بما يحصل في كنيسته. في هذا السبيل كتب إلى الكهنة في رومة لتكون المشاركة بين كنيسة وكنيسة (رس 34/1: 1). وكان قبريانس على علاقات متواترة مع أساقفة أفريقيا الذين يجتمعون مرّة في السنة أو أكثر، هذا عدا عن الرسائل المتبادلة. كل هذا من أجل وحدة الكنيسة في تنوّع الكنائس. فعلى كل أسقف، وبقدر قواه، أن يعمل من أجل هذه الوحدة ويحافظ عليها ويقوّيها. فمن لا يحافظ على وحدة الروح ولا على رباط السلام، ومن ينفصل عن الكنيسة وحلقة الأساقفة، ليس له السلطة الأسقفية ولا كرامتها، لأنه ما أراد أن يحافظ على الوحدة والسلام في المصاف الأسقفيّ (رس 55/24: 4).
3- الفضائل المطلوبة من الأسقف والكهنة
بما أن للأسقف كل هذه المسؤوليات، نفهم أن من اختير لهذه المهمّة، وجب عليه أن يتحلّى بمزايا أكثر من عاديّة. فما هي الفضائل التي يطلبها قبريانس من الكهنة بشكل عام ومن الأسقف بشكل خاص؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال نقرأ ما قاله قبريانس، أسقف قرطاجة، عن كورنيليوس، أسقف رومة. "ما يعطي رسائل توصية لعزيزنا كورنيليوس، في نظر الله والمسيح والكنيسة وزملائه، هو أنه لم يصل فجأة إلى الأسقفيّة. فقد مرّ عبر جميع الخدَم الكنسية، وخدَمَ الرب مرارًا في مختلف الوظائف الدينيّة، وصعد إلى قمّة الكهنوت عابرًا الدرجات المتتالية. أما الأسقفيّة نفسها فما طلبها ولا أرادها، وما اجتاحها مثل الآخرين الذين تنفخهم الكبرياء. ولكن بهدوء وبساطة كما يكون الأشخاص الذين يختارهم الله لهذه الكرامة. كان أمينًا في العيش في البتوليّة، متحفّظًا في تواضع طبيعيّ فيه، وما استعمل العنف مع أحد ليكون أسقفًا. بل تحمّل العنف، فقبل الأسقفية مكرهًا بعد أن فُرضت عليه. اختاره أسقفًا عددٌ كبير من زملائه الذين كانوا في مدينة رومة، وأرسلوا إلينا في ما يخصّ رسامته رسائل تشرّفه وتمتدحه وتشهد له" (رس 55/2- 5).
التجرّد هو أولى الصفات المطلوبة من المرشّحين للرسامة. فكيف يستطيع أناس يجب أن يكونوا كلهم مكرّسين لخدمة الله، أن يتعلّقوا بخيرات الأرض؟ ينال الكهنة تقدمات شهرية. هذا ما يجعلهم بعيدين عن كل حاجة. ويُمنع عليهم أن يأخذوا وظائف دنيويّة. تلك كانت القاعدة في الشريعة القديمة، بالنسبة إلى اللاويين. وهكذا لا يبعدهم شيء عن خدمة الله. على مثالهم يكون الكهنة اليوم. "نريد من الذين رفعتهم الرسامةُ إلى درجة الاكليروس، في كنيسة الله، أن لا يميل بهم شيء عن خدمة الله، وأن لا يخاطروا فيلتزموا في أمور هذا الدهر وعوائقه. فبما أنهم ينعمون بتقدمات من إخوتهم تقابل العشور، يجب عليهم أن لا يتركوا المذبح والذبيحة، بل ليتكرّسوا ليلاً ونهارًا للاهتمامات الدينيّة والروحيّة" (رس 1/1: 2).
وشدّد قبريانس على العفّة الكهنوتيّة، ولاسيمّا من أجل الأسقف. لم تكن بعد العزوبة الكهنوتيّة مفروضة على الكهنة كما هي الآن في العالم اللاتيني، بل كانت القاعدة تلك التي أعلنها بولس بأن يكون الأسقف رجل امرأة واحدة. ولكن البتولية سوف تُراعى يومًا بعد يوم. تحدّث أسقف قرطاجة إلى العذارى في أبرشيّته فسماهنّ زهرة الكنيسة والزينة الساطعة للنعمة الروحيّة، وأجمل ما في قطيع المسيح. وحين يكثر عددهن، تفرح الكنيسة في أمومتها. ما كان الأسقف يقبل بأي شكوك تجاه العذارى.
وبعد التجرّد والعفّة، نجد الشجاعة كفضيلة هامّة لدى الكهنة. الشجاعة ضروريّة في كل وقت، ولاسيمّا حين تكون الكنيسة عرضة لاضطهادات عنيفة، وحين يتعرّض رؤساء الكنيسة للخطر أكثر من غيرهم. لم يستطع جميع الأساقفة أن يثبتوا. وقد سقط منهم فورتوناتيان وظلّ يمارس وظائفه الأسقفيّة مع أنه وجب عليه أن يخضع لتوبة قاسية. وغيره جحدوا وجدّفوا على الله. فالكبرياء، هي التي تجعل المعترفين يسقطون. فبعد أن شهدوا للمسيح في سجنهم، ظنّوا أن كل شيء مسموح لهم. لهذا دعا قبريانس الأساقفة والكهنة إلى التواضع.
هنا نشير أنه حين بدأ الاضطهاد، اختبأ قبريانس وظلّ يدير الكنيسة من مخبأه. ولما أحسّ أنه لا يليق به بعد ذلك أن يهرب، سلّم نفسه فمات شهيدًا على مثال الراعي الذي يبذل نفسه عن خرافه. وهكذا أعطى في حياته وموته أجمل صورة عن الكهنوت في قلب الكنيسة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM