الفصل الخامس: مصالحة المؤمنين

الفصل الخامس
مصالحة المؤمنين
1: 21- 23

بعد النشيد للمسيح الخالق والفادي (آ 15- 20)، بعد إعلان صفات المسيح والأعمال التي قام بها الابن الحبيب، نصل إلى النتيجة. نحن نشارك في نعمة هذا الخلق، فلم نعد غرباء. نحن نشارك في هذا الخلاص فنبقى راسخين في الايمان. نحن على مستوى المصالحة (آ 20 و22). بموت يسوع (آ 22، في آ 20 بدم الصليب). لا نحن المؤمنين فقط، بل كل خليقة تحت السماء (آ 15- 16 و23). أما هدفُ هذا الفداء فهو قداسة الكنيسة كلها. وشرطُه الثبات في الايمان والرجاء تجاه الضلال الذي يتربّص بالكنيسة.

1- التأليف
وتنتهي المقدمة بمدخل إلى مواضيع الرسالة. بعد أن شدّد الكاتب على أولويّة المسيح المطلقة، ها هو يدلّ على ما تتضمّنه هذه الأولويّة في حياة الكولسيين، في الماضي والحاضر والمستقبل.
قال الشرّاح في الماضي: إن آ 21- 23 جاءت تصحيحًا لما في آ 15- 20. بعد أن أبرز الكاتب (وأفرط) سموّ المسيح، ها هو يوازن الكرستولوجيا المجيدة والكونيّة بكروستولوجيا ثانية في ذكر موت المسيح. ولكن مثل هذا التفسير لا يأخذ بعين الاعتبار مرمى آ 21- 23 الذي ليس في الدرجة الأولى لاهوتيًا وكرستولوجيًا، بل سوتيريولوجيًا (يشدّد على الخلاص). لا يصحّح الكاتب ما قاله من قبل، بل يذكّر المؤمنين بعمل الله في المسيح تجاههم ونتائجه من أجل حياتهم.
ولكن حين نجعل من هذه الآيات فقط تطبيقًا على وضع الكولسيين، نحصر وظيفتها التي هي بلاغيّة في الدرجة الأولى. وُضعت في نهاية المقدّمة، فاستعادت خطوطها الرئيسيّة، وفي الوقت عينه أعلنت التقسيمات الرئيسيّة في الرسالة.
أجل إن آ 21- 23 هي صدى للوحدات الأدبيّة السابقة.
* آ 22 أ والامتداد المديحي (آ 20 وموضوع المصالحة):
آ 20: "ويصالح به... مسالمًا بدمه"
آ 22 أ: "صالحكم بجسد بشريّته بموته".
* وفعل شكر المؤمنين للآب (موضوع قداسة المؤمنين):
آ 12 ب: "الذي جعلكم أهلاً لتشاركوا في نصيب القديسين"
آ 22 ب: "ليظهركم لديه قديسين بغير عيب ولا مشتكى"
آ 21- 22 وآ 13 (مع التقابل قبل/ بعد).
* آ 23 وبداية المطلع (آ 4- 6)
آ 4- 6: "الايمان... الرجاء... الذي سمعتم... الانجيل... في العالم كله"
آ 23: "الايمان... عن رجاء الانجيل الذي سمعتموه... لكل خليقة تحت السماء".
غير أن آ 21- 23 تعلن الأقسام الرئيسيّة في الرسالة بمواضيعها التي توافق تلك التي أشرنا إليها واكتشفناها في 1: 1- 20: إن جسم الرسالة يتوسّع بشكل معاكس في المواضيع التي وجدناها في آ 21- 23.
ج- آ 21- 22
ب- آ 23 أ
أ- آ 23 ب
أ- 1: 24؛ 2: 5: جهاد بولس لاعلان السرّ
ب- 2: 6- 23: الأمانة للانجيل الذي تسلّمناه
ج- قداسة المؤمنين.
ونعود إلى آ 21- 23.
ج- إن آ 21- 23 تعلن الموضوع الذي يتوسّع فيه 3: 1- 4: 1 (قداسة المؤمنين):
- العلاقة بين الماضي والآن: يستعاد في 3: 7- 8
- ماضي الأعمال الشريرة: رج 3: 5- 9 (لائحة الرذائل)
- اليوم هو يوم التجديد والقداسة: رج 3: 10- 11، 12- 17.
ب- إن آ 23 أ تهيّئ الموضوع الذي يتوسّع فيه 2: 6- 23، وهو موضوع الأمانة للانجيل:
- كائن متجذّر، متين، رج 2: 6- 7.
- في الانجيل الذي نلناه، رج 2: 6 (السرّ= المسيح).
- بدون تبديل: رج 2: 8- 19.
أ- إن آ 23 تفتتح 1: 24؛ 2: 5 الذي يتكلّم عن الانجيل كسرّ يعلنه بولس:
- الرجاء الذي يعطيه الانجيل: رج 1: 28.
- اعلان الانجيل وانتشاره: رج 1: 27؛ 2: 2- 3.
- بولس خادم: رج 1: 25- 29؛ 2: 1.
إذن، تستعيد آ 21- 23 مواضيع سابقة وتطلقها لتعالجها بشكل أوسع في جسم الرسالة. وهكذا تبدو بشكل مفصل فتنهي مقدّمة الرسالة.
أما الترتيب الذي فيه ظهرت الأقسام والمواضيع، فيدلّ على طريقة الكاتب. هو يبدأ بما يشكّل أساس حياة الايمان، الانجيل، يسوع المسيح الذي أعلن (بيد بولس) وأومن به (1: 24؛ 2: 5). ثم يدلّ على أنه يجب أن نقاوم جميع الذين يميلون بنا عن المسيح الذي فيه نال المؤمنون كل شيء (2: 6- 23). وأخيرًا، يدعو المؤمنين لكي يشهدوا لتجدّد كيانهم، للقداسة التي دُعوا إليها في المسيح (3: 1؛ 4: 1). هذا المنطق الإجمالي يفرض نفسه. وإن كانت آ 21- 23 لا تكفي وحدها لتحدّد أهميّة المواضيع والأقسام، فالتوسّع الكرستولوجيّ (1: 15- 20) واستعادته في القسمين الأولين من الرسالة، يدلاّن على أن الأولويّة وغنى المسيح الذي لا يُستقصى يشكّلان الخط الذي يقود مسيرة البراهين ويجعل تصرّف المؤمنين ثابتًا.
إن تأليف كو لا يتوسّع فقط في موضع محدّد ويبرزه، بل يدلّ على أن مختلف مركبات الوجود الايماني ترتبط فيما بينها: انطلق الكاتب من سر أعلن، من المسيح الذي هو الأساس الذي عليه بُني كل شيء (أ)، فبيّن النتائج من أجل الحرية (ب) والعمل الخلقيّ لدى المؤمنين (ج).

2- التأويل
أولاً: كنتم غرباء (آ 21)
بُنيت آ 21- 22 حول تعارضات لفظيّة نجدها في رسائل بولس والكرازة المسيحيّة الاولى (1 كور 6: 11؛ غل 3: 25؛ 4: 7؛ أف 2: 2، 3، 11، 13، 19؛ 5: 8). على مستوى الزمان والمكان: من قبل- الآن (بوتي- نين). مقابل: بعيد- أمام (ابو- كاتانوبيون). على مستوى الانتقال من السلبي (أعداء...) إلى الايجابيّ (المصالحة).
تتحدّث آ 21 عن الحالة السلبيّة التي سبقت اعتناق الانجيل. إن فعل "كان غريبًا" (ابولوتريوو) يعود بوضوح إلى عبادة الأوثان، ويفترض أن الكولسيين كانوا وثنيين (الآلهة غرباء هي، رج في السبعينيّة يش 22: 25؛ هو 9: 10؛ إر 13: 27؛ 19: 4؛ حز 14: 5- 7؛ 3 مك 1: 3؛ وص بنيامين 10: 10؛ موشحات سليمان 17: 13 مع غرباء وأعداء. رج أف 2: 12؛ 4: 18 واستعمال الفعل). وصيغة الفعل تشير إلى أن هذا الوضع استمرّ ودام طويلاً. لا تقول الآية إن كانوا غرباء عن العهد، أو عن الشعب المختار، أو عن جماعة القديسين، أو عن الله (آ 22). ليس المهم كونهم غرباء، بل حالة الغربة في حدّ ذاتها. ولكن الكيان الغريب قد يأتي من رفض الغير (أو الله) أن يقبلونا على أرضهم وفي محيطهم. وتدلّ اللفظة التالية (أعداء) على أن أصل الوضع هو الوثنيون أنفسهم. سببه عداوة (رج روم 5: 10) إراديّة تشدّد عليها "ديانويا" (روح- فكر. في العبرية، "ل ب ب" الذي هو عضو العواطف والأفكار والرغبات والقرارات. رج اللب والقلب في العربية). هي عداوة ظهرت على المستوى الخلقي بواسطة "الأعمال الشّريرة". أن يكون مقياس العداوة لله العمل الشرير والفساد، يعود بنا إلى التقليد البيبليّ الذي استعاده العالم اليهوديّ والكنيسة الأولى: إن روم 1: 19- 32 قد أوضحت العلاقة بين العداوة لله والجور، وفساد الأخلاق.
ظلّ الوضع السابق بما فيه من سلبية، تلميحًا: لا يقول الكاتب أي أعمال يعني. قد أشير إلى هذا الوضع من أجل إبراز الانقلاب في الوضع.
ثانيًا: صالحكم الآن (آ 22)
بعد إشارة سريعة إلى الماضي الخاطئ، ينتقل النصّ إلى مبادرة الله ووساطة المسيح اللتين بفضلهما تبدّل كلُّ شيء. نجد هنا ثلاثة أمور: العمل، الوساطة، الهدف الذي خضع له العمل والوساطة.
العمل هو المصالحة. الله هو الذي يصالح (في النصوص، صيغة المعلوم وصيغة المجهول. ولكن المعنى هو هو). مع تشديد على وساطة المسيح كما في آ 15- 20. هناك من يقول إن المسيح هو الذي يصالح. ولكن التواصل مع النشيد يفرض أن يكون الله هو الذي يصالح. ولكن النصّ لا يذكره لكي يشدّد على طريقة المصالحة: كيف يصالحنا الله.
إن وساطة المسيح تذكر في "جسد بشريّته" لتتجنّب الخلط مع الجسد الكنسي للقائم من الموت (آ 18 أ) والجسد الذي مات. وقد نكون هنا في رد على الغنوصيّة. ما معنى حرف الجرّ "ان" (في جسد)؟ المعنى المكاني: جسده هو الموضع الذي فيه تمَّت المصالحة. أو الاداة: جسده هو وسيلة المصالحة. بفضل عبارة "بالموت" (ديا) نستطيع أن نقدّم فرضيّة لأن الآية تبدو كما في 1: 16 أ حيث "فيه" (ان) يتحدّد بـ "به" (ديا) و"إليه" في 1: 16 و: "بالموت" يدلّ على دور "جسد البشريّة". فبشريّته (ساركس، لحم، بشريّة الابن وبشريّة وجسده) عرفت الموت، لهذا صولحنا. وهكذا تستعيد الجملة بعض عناصر آ 20 أ ب: يتوخّى التكرار أن يقول مرّة أخرى وساطه الابن، لأن مرمى الآية يستند إلى الجزء الثاني الذي هو غائيّة المصالحة والوساطة.
وغائيّة المصالحة: "ليظهركم لديه قديسين...". أي لدى يسوع. لقد صالح الله الوثنيين بموت الابن ليقدّمهم إليه أطهارًا وبلا عيب (رج آ 13 ب و20 أ حيث ينقل الله المؤمنين ويصالحهم ليجعلهم خاصة المسيح أو يخضعهم لسيادته. إن فعل "باراستيساي" (قرّب، قدّم) يجعلنا في إطار ذبائحي (روم 12: 2) أو قانوني (أع 23: 33؛ روم 14: 10). ولكن الشرّاح مالوا الى المعنى القانوني كما في 1 كور 1: 8. ولكن هذا لا يعني أن آ 22 تتكلّم عن الدينونة الأخيرة. بل إن المؤمنين يعيشون منذ الآن في حضرة المسيح (أو الله) بالطريقة التي فيها يعيشون الانجيل. وهكذا تأتي قداسة (وحياة بلا عيب) المؤمنين من الله. لا أحد يستطيع أن يعطيها لنفسه أو ينالها بقواه الخاصة. كل ما يُطلب منا هو الممارسة.
ثالثًا: استمرّوا مؤسّسين على الايمان (آ 23)
بعد أن اشار الرسول إلى الوضع القديم للخطيئة (آ 1) والتحول الحالي (آ 22)، ها هو يعلن الآن الشرط الذي بدونه لا يستطيع هذا الوضع الايجابي ان يستمرّ.
نستطيع أن نفهم العبارة الأولى بشكلين مختلفين وصحيحين معًا: (1) "إذا حقًا بالايمان". (2) "إذا حقًا تظلون راسخين في الايمان". الترجمة الأولى تتضمّن أن الايمان هو تعلّق جذري، به يجد الوجود المسيحيّ كلُّه متانته. الترجمة الثانية تراعي صيغة النحو البولسيّ فتعني: إلبثوا في موقف (أو تعلّق) الايمان الذي هو موقفكم. أو: إلبثوا في تعليم الايمان الذي تعلّقتم به. وهكذا نكون أمام الايمان الذي تهدّده التعاليم الضالة. نحن هنا كما في 1: 23 حيث يتعلّق الرجاء بمضمون الانجيل. فالمسألة التي تتحدّث عنها هذه الآية تترافق مع تعلّق المؤمنين، وهي علامة هذا التعلّق.
لم يتوضّح بعدُ مضمون الانجيل. ولكن ذُكرت شموليّة الاعلان: فيها وصل الانجيل الواحد الوحيد إلى البشريّة كلها. قد نقول إن هذا الكلام ليس "بصحيح"، لأن الانجيل لم يُكرز به بعد إلى "كل خليقة تحت السماء". لا يتطلّع بولس الى كميّة من البشر وصل إليهم الانجيل، بل إلى تنوّع هؤلاء الناس: ففي مختلف الاتنيات والحضارات، قد بُشّر بالانجيل فآمن الناس به، وها قد نما نموًا عجيبًا. كل هذا يدلّ على شموليّته وقيمته الخلاصيّةُ لكل خليقة تحت السماء. وهكذا يعرّفنا بولس بمصداقيّة الانجيل.
وينهي الكاتب هذه المقدمّة، فيعلن دوره كخادم للانجيل الواحد. فيشدّد على أن شرعيّة الانجيل وقوّته تأتيان من طابعه الرسوليّ. ولكن يبقى أن الكلمات الاخيرة في آ 23 تهيّئ القسم الأول من جسم الرسالة (1: 24- 2: 5). وفي نهاية هذا القسم نستطيع أن نحدّد نوعيّة العلاقة بين بولس والأنجيل. هنا نرى بعض الشهود الذين زادوا على "خادم" لفظتين: "المنادي" (كيريكس) و"الرسول" (أبوستولوس) ليدلّوا على العلاقة بين الانجيل والصفة الرسوليّة. فيبقى الآن أن نرى على ضوء 1: 24- 2: 5 لماذا ربط بولس شخصه بالانجيل.

3- نظرة عامة
أ- مع آ 21 يعود بولس إلى مسيرة النصّ بعد أن جاء النشيد الكرستولوي (1: 15- 20) بشكل قاطعة كبيرة. فيعلن للاخوة في كولسي أنهم قد ضُمّوا هم أيضًا إلى هذه المصالحة الشاملة التي كان الابن وسيطها (آ 19- 20). في الماضي، حين كانوا في الوثنية، كانوا غرباء عن الله ولا علاقة لهم به. بل أكثر من ذلك، انتصبوا أمامهم كأعداء حقيقيين. لا بشكل واعٍ، ولكن باستعدادات حميمة دلّوا عليها في أعمالهم الشريرة في عبادة الاصنام وحياة لا أخلاقية (روم 1: 21- 23).
ب- "أما الآن". في وضعهم الحاضر الذي يختلف اختلافًا جذريًا عن وضعهم السابق، قد صالحهم الله مع ذاته بموت ابنه. أعاد إلى الشركة أولئك الذين غرّبتهم الخطيئة وذلك "بجسد بشريّة المسيح، بواسطة موته". وهكذا ذكّر بولس قرّاءه أن مصالحتهم مع الله قد تمّت بموت المسيح. هي لا ترتبط بهم. لقد تقبّلوها بالمعمودية وهم يعيشونها في الايمان. وكما أن موت المسيح دلّ على شجب جسد الخطيئة (روم 8: 3)، فقد حرّر أيضًا من قبضتها أولئك الذين اتّحدوا بالمسيح، وردّهم إلى الله الذي سيقودهم إلى هدف ما كانوا يتخيّلونه من قبل. وحين صالحهم الله معه بهذه الطريقة، وضع أمامه هدفًا يقوم بأن يظهرهم أمامه قديسين على مثال الذين هم خاصته بلا عيب ولا مشتكى، جديرين به على مثال الذين تبرّروا في يسوع المسيح (روم 8: 33).
لا يستطيع الكولسيون أن يشكّوا في أن عمل الله الفدائي قد تكيّف وهدفه، فجعل منهم قديسين (آ 2) وفتح لهم الطريق التي عليها يسيرون بشكل يليق بالرب (آ 10) حتى النهاية. أجل، إن مصالحتهم مع الله بموت المسيح تبسط كل فاعليّتها في حياتهم.
ج- غير أن كل هذا يتم بشرط وهو أن "يثبتوا في الايمان" (آ 23). أن يؤمنوا دومًا بالمصالحة التي نالوها. وبالتالي أن يتصرّفوا انطلاقًا من هذا الوضع. فعمل الله الفدائي هو الأساس الذي تقف عليه الكنيسة في كولسي كما في أي مكان آخر، وهو الذي يؤمِّن لها متانتها. ولكن منذ الساعة التي فيها يضعف ايمان الكنيسة، فقد تتزعزع على أساسها. لهذا يجب ان لا تفصل عملَ الله في يسوع المسيح الذي صُلب وقام، عن تتمته في اليوم الأخير. إذن لن يسمح الكولسيون أن يُبعدوا عن رجاء الانجيل، عن رؤية الهدف الذي يقودهم الله اليه (آ 22 ب)، عن مصير القديسين في النور (آ 12)، عن الرجاء المحفوظ لهم في السماوات (آ 5) الذي عرفوه بالانجيل الذي سمعوه بالايمان.
ويشدّد بولس هنا بقوة كما في آ 6 على شموليّة الانجيل الذي كُرز به لكل خليقة تحت السماء. فالإنجيل بعيد كل البعد عن هذه التعاليم الخاصّة التي ينقلها الهراطقة في حلقاتهم الصغيرة من المتدرّجين. إنه لا يعرف الحدود الوطنية ولا الحواجز الاجتماعية. هو يعلَن في كل مكان كما بفم المنادي على كل خليقة بشرية. وإن كان بولس رسوله فليحكم الكولسيون بذلك على شموليّة خدمته وليعلموا أن هذه الخدمة تعنيهم أيضًا.

خاتمة
هذا ما تدعونا اليه الرسالة: بعد أن تصالحنا نبقى ثابتين غير متزعزعين. من أين تأتي قوتنا؟ من المسيح الذي أسلم للموت من أجلنا. اتخذ يسوع جسدًا بشريًا، جسدًا من لحم ودم. لبس الضعف. ولكن بقيامته لم يعد هذا الجسد جسد الضعف، بل جسد القوّة. في هذا الجسد تألم يسوع آلامه وسيشارك الرسول في هذه الآلام من أجل "جسد الكنيسة" (آ 24). وهكذا ننتقل من جسد المسيح الذي رآه تلاميذه وسمعوه ولمسوه إلى الكنيسة التي هي جسده، التي هي نحن المدعوّين لنكون قديسين وبلا عيب أمام الربّ.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM