الفصل الثاني والعشرون: كيف نواجه تحدي الشيع

الفصل الثاني والعشرون
كيف نواجه تحدي الشيع

يبقى الجواب الأفضل تجاه الشيع هو أن نتعمّق في إيماننا، فيصبح حياً لا تقليداً أخذناه من الآباء أو الأجداد، وظللنا فيه على مستوى المناولة الأولى.
هنا لا بدّ من التشديد على ضرورة إيجاد أشكال جديدة من الجماعات المسيحيّة أكثر أخوّة، وعلى مستوى بشريّ. جماعات تهتم بإيمان حيّ، بمحبّة كلها حرارة وقبول للآخر وتفهّم ومصالحة وصداقة، ورجاء يفتح أمامنا "عالماً جديداً" هو عالم الإنجيل. جماعات تعيش الاحتفال الليتورجي، تصلّي حقاً، جماعات رسوليّة تتوجّه إلى الخارج وتشهد للمسيح. جماعات منفتحة تسند الناس الذين يتخبّطون في مشاكلهم الخاصة لا سيّما المهمّشين والمطلّقين...
ونشدّد على ضرورة البشارة والتعليم المسيحيّ والتربية المستمرّة على مستوى الإيمان (لاهوت، كتاب مقدّس، عمل مسكوني). كرازة تتوجّه إلى الجميع من إكليروس وعلمانيين، أفراداً وجماعات.
والاعلام مهمّ جداً في ما يخصّ التقليد المسيحيّ من معتقدات وممارسات وروحانيّة وتأمّل وصلاة. وفي ما يخصّ التقاليد الأخرى والمجموعات الدينيّة "الجديدة"، إرشاد على المستوى الشخصيّ والجماعيّ، تعميق نظرتنا إلى الله وإلى الآخرة (نهاية الأزمنة) إلى الالنزام الديني، إلى الروح الجماعيّة التي تفهمنا أننا عائلة أبناء الله.
ولا تكتفي الكنيسة بأن تكون علامة رجاء للناس، بل تدلّهم على دوافع الرجاء هذه. فتساعدهم على طرح أسئلة وعلى إيجاد الأجوبة. ومركزيّة الكتاب المقدّس أمر ضروري في هذه المسيرة الإيمانيّة. ثم لا ننسى استعمال وسائل الاتصال الاجتماعيّ.
ويجب أن يعي كلّ إنسان أنه فريد في نظر الله. أنه محبوب من إله شخصي. أن له تاريخه الخاص منذ الولادة حتى الموت والقيامة. فـ "الحقيقة القديمة" يجب أن تصبح بالنسبة إليهم "جديدة" بفضل مقاييس وأطر فكريّة لا يزعزعها كل "جديد" طارىء. ويجب التنبّه إلى خبرة كل شخص، إلى اكتشافه الشخصّي للمسيح في الصلاة وحياة ملتزمة. هنا تبرز الحركات الرسوليّة بأشكالها.
نتعمق في إيماننا، نتعلّم ونتثقّف، نذكّر كل واحد بفرادته، وننتبه إلى الآخرين، إلى كلّ واحد. فهناك عدد من المسيحيّين يعيشون وكأنهم غير موجودين، "حرف سقط". يجب أن نتنبّه إليهم في خدمة الشفاء، في الصلاة، في المصالحة، في الأخوة. ويصل اهتمامنا الرعائي إلى الأبعاد الروحيّة دون أن ينسى الأبعاد الجسديّة والسيكولوجيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والاقتصاديّة والسياسيّة.
ونشدّد على الخلق الذي يرافقه الفرح. هنا نعيد النظر في ليتورجيّة الأحد التي صارت غريبة عن واقع حياتنا اليوميّة. يجب أن نكتشف كلمة الله على أنها عنصر هام في بناء الجماعة. نتقبّل "الجديد" ولا نترك "القديم" الذي يحمله إلينا التقليد. نترك مكاناً للخلق، ونؤمن بامكانيّة الابداع. لا نطفىء الروح، كما يقول بولس الرسول.
وحين نتكلّم، نتكلّم لغة الناس. لا لغة من القرون الوسطى. ولا لغة بعيدة عن الناس. لهذا، نشدّد على البعد البيبلي في الكرازة. ونستعدّ على العظة وليتورجيا الأحد الاستعداد الأكمل وبمشاركة العلمانيين.
وتتنوّع الخدم في الكنيسة ولا تنحصر في الاكليروس. لماذا لا يكون حضور العلمانيين فاعلاً على مستوى التعليم وزيارة المرضى ومرافقة المرتدين. إنهم يستطيعون أن يقدّموا الإرشاد الروحيّ والرعائي إذا اتحنا لهم أن يكونوا مسؤولين لا "موظفين" لا خدمة الاكليروس. في هذا المجال نلاحظ التباعد بين العلمانيين والاكليروس، وإن كان تطوّر في بعض الرعايا. فالكاهن يقوم بخدمة الوحدة بين المؤمنين، والمشاركة في عمل الرسالة. فلا يكون هو وحده الكنيسة، بل يحسّ كل واحد أنه معنيّ بالإنجيل والرسالة وعمل الخدمة في الجماعات المسيحيّة.


Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM