الفصل الخامس والعشرون: الطفولة في الكتاب المقدس

الفصل الخامس والعشرون
الطفولة في الكتاب المقدس

يتضمّن الكتاب المقدّس عدداً من أخبار ولادة شخص من الأشخاص. ولكنه لا يتوسّع كثيراً في الحديث عن طفولة أبطاله. سنتوقّف هنا على نموذجين مأخوذين من العهد القديم. نجد فيهما بعض التماسك بين الواقع المرويّ والتعليم الذي نقدمه. كما نكتشف بيئة أساسيّة مشتركة. كما أننا نستطيع أن نجعل التعليم في كلمة واحدة: التعاكس (أو تبديل الاتجاه). تنطبع هذه المسيرات في بدايتها بالضعف. والله هو الذي يحقّق بقدرته صعود الذين سلّم إليهم مهمّة فريدة في تحقيق مخطّطه. غير أن انتصار الله هذا لا يفترض انفعاليّة (هو لا يفعل شيئاً، بل الله يفعل فيه) الانسان وجموده. ففي كل هذه الحالات، يشرك الانسان عقله وإيمانه وشجاعته في المشروع الذي يتجاوزه. وبعد أن نتعرّف إلى هذه النماذج الأربعة التي نأخذها من العهد القديم، نتأمل في أخبار طفولة يسوع في الانجيل وعلاقتها بهذه النماذج.

1- موسى وصموئيل
أ- موسى
إن خبر موسى الناجي من المياه (خر 2: 1- 10) هو كل ما ترويه لنا التوراة عن طفولة مشترع اسرائيل. وهذا الخبر يلي قرار إفناء عام أصدره فرعون. فشلَ الملك في محاولة أولى بسبب حيلة القابلتين، فأمر المصريّين بأن يلقوا في النيل كل ذكر يولد عند العبرانيين. وهكذا أعدّ كل شيء من أجل تدخّل الله ليخلص العبرانيين.
ولكن الخبر يبدأ بشكل بسيط.
ويكون الفاعل الأول "رجلاً" نعرف عنه الشيء القليل: هو من قبيلة لاوي. إذن عبراني. تزوج إمرأة من قبيلته (سنعرف اسم الرجل والمرأة فيما بعد) (خر 6: 20). ويلي هذه البداية البسيطة ما هو معروف في العالم: حبلت المرأة وولدت إبنها الأول.
كان الولد جميلاً (طوب في العبرية: لذيذ، حلو، حسن). إذن، لا بدّ من تخليصه. ولكن الطفل لا يولد صامتاً، وصراخه يسترعي الانتباه. ونندهش حين نعوف أن الأم انتظرت ثلاثة أشهر لتعي الخطر الذي يحدّق بالولد. ولكن الرقم هو رقم رمزيّ ومقولب، وهو يشير إلى أطول مدة استطاعت فيها الأم أن تخفي الطفل.
وتزايد الخطر، فلا بدّ من مخرج. فصنعت الأم الحكيمة صندوقاً يشبه "فلك" نوح (الكلمة العبرية لا ترد إلا هنا وفي خبر الطوفان). وكما طلى نوح فلكه بالزفت (تك 6: 14)، كذلك فعلت أم موسى: غطّت الصندوق المصنوع من البردي بالزفت والحمر، لئلا يغرق الولد. وجعلت على الصندوق غطاء (2: 6)، ثم وضعته على جانب النهر وسط القصب.
هل ستتخلّى الأم عن ابنها؟ نحن متأكّدون أنها لن تتركه وهي التي اهتمت كل هذا الاهتمام بصنع الصندوق. فقد جعلت أخت الطفل قريبة منه لتعدم ما يحدث له. وهكذا ننتقل مع الأخت من علاقة الأم بالصبي، إلى علاقته بابنة فرعون. فالأخت الواقفة بين القصب ستعمل لا لينجو الطفل من الموت وحسب، بل ليصل إلى وضع رفيع يتفوّق به على البدايات القاسية التي عرفها.
وصلت ابنة فرعون مع خادماتها لتستحمّ، فأثار انتباهها الصندوق الذي يطفو على الماء. جاءت به خادمة وفتحته، فرأت "صبياً يبكي". قد نفترض أن الطفل ظلّ صامتاً والمياه تهزّه كما في السرير. ولكن حين فتحت "السلّة" جاء النور فانتزع الولد من هدوئه فأخذ يبكي. أما شعور الشفقة عند الأميرة فهو شعور أنثويّ يهيّىء الدرب لما سوف تفعل. أما الآن، فقد عرفت الأميرة أن "هذا من أولاد العبرانيين". وكيف عرفت ذلك؟ يقول المدراش (خبر في درس تقويّ): كان الطفل مختوناً. كان التفسير يعتبر أن العرانيين تميّزوا عن المصريّين في الهيئة الخارجيّة. ولكن أعجب من كل هذا، هو أن نلاحظ أن الأميرة عرفت بقرار أبيها، ومع ذلك وهي ستتعدّى هذا القرار فتنجّي الولد ولا تقتله.
وستساعد أخت الصبي الأميرة: سترضع الولد أمه، وسيُدفع لها أجر فوق ذلك. يبتسم القارىء حين يرى أعمال البشر. قالت الأميرة للأم: "أرضعيه لي"، فدلّت على أن الولد هو لها وهو يخصّها.
وحين كبرُ الصبي، حملته أمّه إلى قصر الأميرة، لا ليكون واحداً من الخدم بل لينعم بوضع خاص. فالتي أحسنت إليه تبنّته (كانت العادة معروفة في التوراة، أقلّه داخل العائلة، تك 30: 3؛ 48: 5- 12؛ 50: 23)، وأعطته إسماً. سمّي "موسى"، لأنه "نُشل من الماء". اشتقاق بيبلي لا يهتمّ بأسس اللغة. (الاسم مصري ويعني إبن راجع تحو تمس أي إبن تحوت. أو رعمسيس، ابن رع). الأم هي التي تعطي إسماً لابنها. وهذا يعني أن التبنّي كان كاملاً. فابن العبرانيين المحكوم عليه بالموت بقرار من ملك مصر، صار ابن ابنة الفرعون.
وهكذا ينتهى هذا الخبر العجيب (هو قريب من خبر سرجون الأكادي، القرن 23 ق. م.). فلا تقول لنا التوراة شيئاً أكثر من هذا عن طفولة موسى. وسيكمّل التقليد اليهودي هذه اللوحة، كما يوردها اسطفانس حول طفولة موسى وتربيته: "تعلّم حكمة المصريّين كلها" (أع 7: 23).
أي تعليم دينيّ نستخلص من كل هذا؟ يبدأ تحقيق مخطّط الله في شعبه بشكل سريع العطب. إنه يُسند إلى طفل ضعيف يتهدّده بالموت ملك قدير. هو يصارع في "سلّة" حقيرة خطر الموت غرقاً في المياه. أي نجاح ينتظر محاولة أمه؟ ولكن ما بدا مستحيلاً في نظر البشر صار ممكناً في نظر الله. فالذي سيقود شعبه إلى الحريّة سيفيد من أعمال الله العجيبة منذ طفولته. والمخلّص سينعم منذ البداية بخلاص الله. مرّ في النيل وهو طفل، وسيكون له أن يعبر البحر من أجل خلاص عظيم يظهر عناية الله بأبهى مظاهرها. الله تدخّل بنفسه ليخلّص مختاره من مياه النيل، وليخلّص شعبه من البحر الأحمر فيجدّد انتصاره الأول على المياه حين تظهر اليابسة (تك 1: 9- 10؛ مز 74: 13- 14).
أجل، الله يقوم بعمل عجيب جداً. ولكنه لا يقوم بعمله إلا بمشاركة البشر. وهنا، نجد النساء يشاركن الربّ في خلاص سيتم لموسى: القابلات الحكيمات، أمّ موسى وابنتها، وأخيراً ابنة الفرعون التي كانت أداة بيد الله دون أن تدري.
ب- صموئيل
كان صموئيل خادم المعبد ومقدّم الذبائح. كان ذلك الذي يقضي في الناس، ويحافظ على حقّ الله في شعبه. هو الرائي بل النبيّ الذي فرض نفسه من دان إلى بئر سبع (1 صم 3: 19- 21)، أي من شمال البلاد إلى جنوبها، ولكننا نتوقّف على طفولته.
هنا نقرأ الفصول الثلاثة الأولى من سفر صموئيل الأول. الاطار هو معبد شيلو (في الشمال، بين بيت إيل وشكيم). في هذا المعبد سيسمع صموئيل نداء الله لذلك الذي سيقرُّ به كل اسرائيل كنبيّ الله الحقيقي من دان إلى بئر سبع.
نجد ثلاثة أحداث تتقاسم الخبر كما نقرأه في النص البيبلي النهائي. يروي الأول ولادة صموئيل، والثاني يقابل بني ابني عالي الشريرين والولد صموئيل، وكلهم يقومون بخدمة المعبد. والثالث يحدّثنا عن نداء الله لصموئيل خلال تلك الليلة التي ستطبع بطابعها حياتَه كلها.
أولاً: ولادة صموئيل
نجد ثلاثة عناصر في ولادة صموئيل. الأول: هذا أمر مستحيل على البشر. فحنة أمّ البطل هي عاقر. الثاني: ويتدخّل الله فيكون تدخّله جواباً لصلاة ونذر نذرته حنّة. "إن رزقتني مولوداً ذكراً، فأنا أكرّسه لك كل حياته" (1 صم 1: 11). الثالث: وأنشدت حنّة نشيد شكر لله ستستعيد مريم العذراء بعض عناصره. مخطّط الله في وسط شعبه سينجح بقدرة الله. وسيكون دور صموئيل كبيراً حين ينقل الشعب من فوضى زمن القضاة إلى النظام الملكي.
عرفت التوراة موضوع العقم لدى نساء عظيمات، وسيقول الكتاب: تذكّر الرب سارة، راحيل (تك 16: 1؛ 29: 18)، كما تذكّر حنّة، أمّ صموئيل (1 صم 1: 5). وهو لم ينس أم شمشون (قض 13: 2- 3)، كما لم ينس أليصابات، أم يوحنا المعمدان (لو 1: 7). فالمرأة العاقر تعرت الذلّ والاحتقار. هذا ما حدث لسارة زوجة إبراهيم، بسبب هاجر. وهذا ما حدث لحنّة من ضرّتها فننّة. ويشدّد الكتاب على وضع الذل هذا ليبرز أهمية الولد الذي سيولد حسب مخطّط الله الذي يتغلّب على الحواجز الطبيعيّة.
صلّت الأم، نذرت نذراً. ورغم معارضة خادم المعبد، تلقّت كلام التعزية. ولما ولد الولد، كانت حنّة أمينة لما وعدت به الله. سمّت الصبي "صموئيل" لأنه ابن السؤال والطلب. سألت فنالت.
ثانياً: صموئيل وابنا عالي
نجد في 1 صم 2: 11- 36 لوحة عن ابني عالي تتبعها لوحة أخرى عن صموئيل وأسرته. استفاد ابنا عالي من وظيفتهما من أجل الإفادة الماديّة. لهذا جاء نبي يهدّد الوالد وولديه بموت مريع. أما صموئيل فكان سلوكه مثالياً. حظي برضى الله وعطف الناس (1 صم 2: 26) فاستعدّ لتقبّل نداء الله، ولممارسة الدور الحاسم الذي سيلعبه لدى الملك والشعب.
ثالثاً: وحي الله لصموئيل
ما هو الفن الأدبي لهذا الخبر (1 صم 3: 1- 21)؟ قد نكون أمام نداء نبويّ كما نقرأ في أ 20. ولكن لا نجد مهمّة محدّدة ستُلقى على عاتق صموئيل. هو سيعلن العقاب الذي يحلّ بعالي وولديه دون أن يكون له أيّة مسؤوليّة في ذلك. لهذا نحن بعيدون عن نداء الله لعاموس (7: 5) أو أشعيا (6: 5) أو إرميا (1: 17). هل نحن أمام حلم يحدّث فيه الله صفيّة كما نجد مثلاً في تك 28: 11- 17 (يعقوب في بيت إيل)؛ 46: 1- 5. غير أن النصّ لا يقول لنا إن صموئيل استيقظ من نومه. هذا يبقى سّر الله مع أحبّائه.
نحن أمام وضع خطير. الولد متمدّد قرب تابوت العهد حيث يشتعل المصباح طوال الليل. وهو ينتظر الساعة التي فيها سيفتح أبواب الهيكل. واستفاد الله من خدمة صموئيل، فجاء إليه في موضع حضوره وسط شعبه. رأى الصبيّ الله وسمع صوته، ساعة كانت الرؤى نادرة والكلمات عزيزة. وضع مخيف دلّ فيه الله على عدم رضاه (عا 8: 11- 12). في هذا الوضع توجّه نداء الله إلى من لم يختبر حضوره بعد. لهذا خلط بين صوت الله وصوت الكاهن الشيخ المتمدّد في مكان قريب. واحتاج النبي إلى ثلاثة نداءات: فالانسان يتعلّم هكذا كيف يقترب من الله ويتسلّم المهمّة التي يوكله بها.
ستكون لصموئيل الشجاعة والتواضع كي يتقبّل هذه المهمّة فيبدأ النظام الملكي مع شاول ثم مع داود. وسيضع وهو الخائف وعديم الخبرة (1 صم 3: 15) نفسه بتصرّف الله، ويخضع مسبقاً لما سيطلبه منه. أنا سامع، يعني أنا طائع. لا يعترض ولا يتهرّب. ولكن من خلال ملامح هذا الصبي ترتسم منذ الآن الجديّة بل الطابع المأساوي لما سيعيشه في معبد شيلو.

2- يسوع
حين نصل إلى طفولة يسوع كما يرويها انجيلا متى ولوقا، لا نترك العهد القديم إلاّ جزئياً. فهاتان النسختان المستقلّتان الواحدة عن الأخرى، تتحدّثان عن ولادة يسوع وسنواته الأولى. وتستقي كل منهما بطريقتها الخاصّة في الكتب المقدّسة، فتعبرّ عن الرباط الجوهريّ بين أصول المسيح يسوع وما وجدت هذه الأصول من تهيئة لها في شعب الله. وفي الوقت عينه يمتدّ هذان الخبران (مت 1- 2؛ لو 1- 2) في ما يلي من الأناجيل، بل يصل مع لوقا إلى سفر الأعمال. فالأشخاص والأحداث والمواضيع اللاهوتيّة تتوارد فنجد فيها الأفكار الرئيسيّة التي سيتوسّع فيها كل من متى ولوقا حين يتحدّثان عن حياة يسوع العلنيّة. لم يكتبا سيرة يسوع الطفل وكأنّهما أرادا أن يملآ فراغاً، كما فعلت الأناجيل المنحولة (أو المكتومة). بل استفادا من المناسبة ليلقيا الضوء على أصل ومصير ذلك الذي يعترفون به مسيحاً وابن الله، الذي مات على الصليب وقام. إنهم يتأمّلون في شخصه منذ البداية على ضوء خبرة القيامة وحلول الروح القدس وبداية الكنيسة.
ولا نستطيع أن نُجمل الأفكار التي نجدها في هذين الخبرين عن طفولة يسوع. لهذا سنحاول أن نبرز عبر بعض الأمثال تأثير أخبار الطفولة البيبليّة على الخبرين اللذين كرّسهما لوقا ومتى لميلاد يسوع وطفولته.
حين تحدّث متى (أو سابقه) عن مقتل أطفال بيت لحم، استلهم خبر موسى. فالملك هيرودس حلّ محلّ فرعون الذي قرّر أن يهلك كل ذكر لدى العبرانيين. وكما احتالت القابلتان على فرعون، هكذا بدّل المجوس طريقهم فعزم هيرودس في غضبه بأن يقتل كلّ طفل في بيت لحم وجوارها. نجا موسى من الموت، ونجا يسوع مثله.
واستقى لوقا عناصر من خبر صموئيل ليؤلّف خبر الطفولة. فعقم أليصابات، أمّ يوحنا المعمدان، يذكّرنا بعقم حنّة أمّ صموئيل. ثم ان الإطار العبادي بين البشارة بصموئيل والبشارة بيوحنا المعمدان يجمع خبر لوقا بخبر صموئيل. فمعبد شيلو يقابل هيكل أورشليم حيث يبدأ الانجيل وحيث ينتهي (لو 24: 53). في الهيكل بُشرّ زكريا بولادة يوحنا المعمدان، وفي شيلو تأكّدت حنّة أنه سيكون لها ابن (1 صم 1: 17). سنجد يسوع مرتين في الهيكل: مرة حين تقدمة البواكير (نعيّده في 2 شباط)، ومرة حين سيحجّ مع والديه إلى أورشليم وهو ابن إثني عشر عاماً. فهذا الحج يذكّرنا بحج القانة (والد صموئيل) كل سنة مع أسرته إلى معبد شيلو. وكما كبر صموئيل وحاز على رضى الربّ والناس (1 صم 2: 26)، هكذا كان يسوع يكبر. فقد استقى لوقا عبارتين ترتبطان بالعهد القديم لتعبرّا عن واقع يسوع: "وكان يسوع ينمو ويتقوى ويمتلىء بالحكمة، وكانت نعمة الله عليه" (لو 2: 40). "وكان يسوع ينمو في القامة والحكمة والنعمة عند الله والناس" (لو 2: 52). ثم إن نشيد التعظيم الذي أطلقته مريم (تعظّم نفسي الربّ) يعود إلى نشيد حنّة ليعبرّ عن تبدّل الوضع الجذريّ بفضل تدخّل الله.
هكذا يدلّ لوقا بعودته إلى العهد القديم، على تواصل حقيقي بين جديد الإنجيل وعمل الله وسط شعب التوراة. أما متى فأبرز تتمّة النبوءات (كان هذا ليتمّ) في حياة تعلن منذ بدايتها المأساة المقبلة. لا يجهل لوقا ما سوف يصيب الطفل (لو 2: 35)، ولكنه يدلّ بتلميحات خفيفة أن الله هيّأ كل شيء بنظام وتناسق: أحاط بالطفل مؤمنون من شعبه، فعمل بالشريعة وفرحت به نخبة شعبه وتعجّب به العلماء.

خاتمة
من خلال طفولة موسى وصموئيل اكتشفنا شخصيتهما. فحين يكلّم الله صموئيل لم يعد قطّ ذلك الصبي الذي يفتح الأبواب ويلاحظ سراج الله. فمنذ ذلك الوقت رأى فيه بنو اسرائيل "نبيّ الربّ" وحامل كلمته. وسنرى في حماية الله البعيدة أن موسى سيكون قائد شعبه إلى الحريّة.
وهذا ما نقوله عن يسوع الذي عاش طفولته وصباه، شأنه شأن كل أولاد عصره، فعرف الخضوع لوالديه (لو 2: 51). كم نحن بعيدون عن الأناجيل المنحولة التي أرادت أن تُخرج يسوع من عالمه وتجعله يجترح المعجزات منذ طفولته! ولكن سنرى كيف تتوجّه حياة يسوع منذ عمر مبكر. ترك والديه وقال لهما: "أما تعلمان أنه يجب أن أكون في بيت أبي" (أو لما هو لأبي)؟ إذن، خرج من المنزل العائلي واتّخذ له منزلاً آخر. وخضع لسلطة أخرى ستحدّد حياته وأعماله. وهذه السلطة هي سلطة الآب التي سيخضع لها. إن خبر طفولة المسيح هو نتاج تفكير لاهوتي طويل. فعبره نكتشف يسوع المسيح وسّره، نكتشف حياته وموته وقيامته.


Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM