الفصل الرابع: ملكوت الله
 

الفصل الرابع
ملكوت الله

1- مقدّمة
حين قدَّم يسوع مثل التينة قال: "إعلموا انَّ ملكوت الله قريب" (لو 21: 31). إنَّ هذا القرب يشكّل إحدى الافكار الرئيسية في الكتاب المقدّس.
ففي نظر المسيح، تشكّل حقيقة "الملكوت" الدينيّة النواة المركزيّة في البشارة بالانجيل الذي سيُعلن في العالم كلّه شهادة ليسوع عند الأمم كلها (مت 24: 14). ويصوّرها يسوع بهذه الكلمات: "تمّ الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالانجيل" (مر 1: 15).
وواصل المرسلون الأوّلون كرازة المسيح، فأعلن فيلبُّس "انجيل ملكوت الله واسم يسوع المسيح" (أع 8: 12). وتتلخّص كلّ رسالة بولس في هذه العبارة اللافتة: "كان يشهد لملكوت الله ويحاول ان يقنعهم برسالة يسوع المسيح استناداً إلى شريعة موسى والأنبياء" (أع 18: 23).
موضوع الملكوت يرد في العهد القديم. نقرأ مثلاً، في نشيد موسى بعد الخروج: "الربّ يملك إلى الدهر والأبد" (خر 15: 18). وسيتواصل هذا الهتاف في كلّ الليتورجيّات اليهوديّة فيهتف المؤرّخ: "لتبتهج السماوات ولتتهلّل الارض وليقولوا في الأمم: الربّ ملك" (1 أخ 16: 31).
فعبارة "ملكوت الله" تصوّر عمل الله الخلاصي في العالم وكأنه ممارسة سلطانه الملوكي. فالتوراة تعلن في كل صفحاتها أنّ الله يتجلبب بالكرامة الملوكيّة: "تعترف لك يا ربّ كلّ صنائعك، وليباركك اصفياؤك. يحدّثون بمجد ملكك ويتكلّمون عن جبروتك كي يعرّفوا البشر ببهاء مجد ملكك. ملكوتك ملكوت للدهور وسلطانك إلى جيل فجيل" (مز 145: 10- 13).
نحن أمام ملكوت خلاصيّ يفعل دائماً في كلّ مخلوقاته، ويدعو أصدقاء الله إلى الاعجاب ورفع آيات الشكر. والملكوت قريب من وجهين: نحسّ بالله كملك قريب يحيط أحبّاءه بكلّ عناية وفي كلّ مكان. ويدلّنا طوراً يقين الايمان على ملك سيأتي وقد أطلّ علينا منذ الآن. عرف شعب الله في العهد القديم ربّ ملكوت الله وحياته اليومية كما عرف ملكاً مسكونياً ومتسامياً سيظهر بقوّة في نهاية الازمنة. ونظر العهد الجديد إلى تحقيق ملكوت الله في زمنين: هنا، في الحياة المسيحية اليومية، وفي الآخرة، وسط بهاء العالم الأزلي.

2- في العهد القديم
أ- وجهتان لملكوت الله
إذا تفحّصنا نصوص التوراة التي تتحدّث عن ملكوت الله نجد وجهتين أساسيّتين في هذه الكرامة الملوكية. من جهة، الله هو الملك في معنى مطلق ومتسام وكوني. إليه ترتفع أناشيد العبادة وله يحقّ السجود. ومن جهة ثانية، يبدو الله ملكاً في معنى نسبيّ واجتماعي. إنه ربّ العهد والميثاق، وهو يحمي أبناء شعبه ويتراءى لهم كالملك المخلّص.
نجد الوجهة الأولى خاصةً في رواية أشعيا التي تدشن رسالته في الهيكل. الربّ جالس على عرشه. الربّ الصباؤوت أو ربّ الاكوان، هو ملك يسجد له السرافيم ويهتف الواحد إلى الآخر قائلاً: "قدّوس، قدّوس، قدّوس، الربّ الصباؤوت" (أش 6: 1- 3). ونجدها أيضاً في المزامير. "إرتفعي أيّتها الابواب الأزلية ليدخل ملك المجد. مَن هو ملك المجد هذا؟ الربّ الصباؤوت هو ملك المجد" (مز 24: 9- 10). "أعظّمك يا الهي الملك، وأبارك اسمك مدى الدهر وإلى الأبد. أباركك في كلّ يوم، وأهلّل لاسمك مدى الدهر وإلى الأبد" (مز 145: 1- 2).
العهد واحد، والله واحد. وسلطانه يمتدّ على الأرض كلّها. لهذا يُدعى الوثنيّون أنفسهم لكي ينضمّوا إلى بني اسرائيل لينشدوا عظمة الله. "اجتمع أمراء الشعوب إلى شعر إله ابراهيم وأعلنوا: لله الأرض وهو متعالٍ جداً" (مز 47: 10). "تتذكّر الأرض كلّها الربّ وتعود إليه. كلّ عشائر الأمم تسجد أمامه وتقول: للرب المُلك، المُلك لسيّد الأمم" (مز 22: 28- 29). الله ملك فوق جميع الآلهة (مز 95: 3) وهو يملك على الدهور.
والوجهة النسبيّة لهذا الملكوت تبدو في تأثير الله الخلاصي، في علاقاته مع شعبه. فالله هو إله يعقوب (أش 41: 21) وإله اسرائيل (أش 44: 6). "فأنا الربّ قدّوسك وخالق اسرائيل ملكك" (أش 43: 15).
يتضمّن ملكوت الله السلام وملء كلّ الخيرات. والذين يبشرّون بالسلام يقولون: الهك يملك (أش 52: 7). فالمدلول الخلاصي واضح جداً. يكشف الربّ عن نفسه كمَلك على شعبه فيعطيه السلام والسعادة والخلاص. ولهذا ينشد الشعب: "أنشدوا للربّ نشيداً جديداً، تسبحته في جماعة أخصّائه. ليفرح اسرائيل بخالقه، وليبتهج بنو صهيون بملكهم. فالربّ يرضى عن الشعب، ويهيّىء الخلاص للمتواضعين" (مز 149: 1- 5).
يتأسّس ملكوت الله الحالّي على تدخّل الله في مسيرة تاريخ الخلاص. وهذا ما دفع النبيّ صفنيا (3: 14- 15) إلى أن يهتف: "اهتفي هتاف الفرح يا ابنة (مدينة، شعب) صهيون. إفرحي وتهلّلي بكلّ قلبك يا بنت أورشليم، فالربّ ملك اسرائيل هو في وسطك فلا تخافي السوء".

2- ملكوت الربّ والاسكاتولوجيا
يرتبط الملكوت مراراً بالأزمنة الاسكاتولوجيّة. إذا كان الربّ ملكاً، فسلطانه الملوكي يضمّ بالضرورة الماضي إلى الحاضر والمستقبل. وتذكّرُ كرم يَهوَه في الماضي (الخلق والتدخّل في تاريخ الخلاص)، يقود إلى ثقة لا حدود لها في ممارسة هذا السلطان الخلاصي في الزمن الاسكاتولوجي. إذن، هناك تواصل بين الحاضر ومُلك يَهوَه في نهاية الأزمنة. "في ذلك اليوم يملك الربّ عليهم، على المشتّتين الذين عادوا فاجتمعوا في صهيون. يملك في جبل صهيون من الآن وإلى الأبد" (مي 4: 6- 7). ويتصوّر زكريا (14: 6- 9) ملكوت الله بشكل كونيّ: "في ذلك اليوم لا يكون نور بل برد وجليد. سيكون يوماً عجيباً يعرفه الله، لا يتعاقب فيه الليل والنهار بل يكون في وقت المساء نور. في ذلك اليوم تخرج المياه الحيّة من أورشليم، نصفها إلى البحر الشرقي (البحر الميت) ونصفها إلى البحر الغربي (البحر المتوسط). وتبقى حيّة، صيفاً وشتاءً. ويكون يَهوَه مَلكاً على الأرض كلّها. في ذلك اليوم يكون ربّ واحد واسمه واحد". ويقول أشعيا (24: 23): "يحمّر القمر خجلاً وتستحي الشمس، لأنّ الله صار مَلكاً على جبل صهيون في أورشليم، فيشبه مجده أمام الشيوخ".
ويتلخّص كلّ التعليم عن ملكوت الله في العهد القديم، في مزامير الملك حيث نقرأ: إن "الربّ ملك" (مز 93: 1؛ 96: 10؛ 99: 1). وهذه العبارة تلقّت ثلاثة تفاسير. الأول، التفسير التاريخي: يرى في هذا الهتاف تعبيراً إيمانياً عن حماية الله الملوكيّة المتواصلة والتي يحسّ بها الشعب في مناسبة محدّدة. الثاني، التفسير الاسكاتولوجي: يرى في هذه العبارة موضوع ايمان لا يتحقّق تحقّقاً كلياً إلاّ في نهاية الأزمنة، وحين تتمّ أحكام الله (مز 97: 8). الثالث، التفسير العبادي: ترتبط مزامير الملك بتجديد سنويّ للعهد ولاءً لملك يهوه الذي يتحقّق في الليتورجيّا: في عيد تنصيب الله ملكاً، "اعزفوا لالهنا اعزفوا. اعزفوا لملكنا اعزفوا، انه ملك كلّ الأرض: اعزفوا لله بما يوافق المقام" (مز 47: 7- 8). "أشيدوا للربّ بالكنارة وأصوات الآلات. اهتفوا بصوت البوق أمام الربّ الملك" (مز 89: 5- 6).

3- الأناجيل الازائية
إن ملكوت الله يشكّل لدى متّى ومرقس ولوقا الفكرة المركزيّة في كرازة يوحنّا المعمدان ويسوع. فيُجمل متّى تعليم السابق بهذه الكلمات: "توبوا لأن ملكوت الله قريب. (3: 2). ويقدّم يسوع بدوره التعليم عينه: "توبوا، لأن ملكوت الله اقترب" (مت 4: 17). أما عبارة مرقس فموسّعة: إنّ الأنجيل الذي يكرز به يسوع يعلن أنّ الزمان قد تمّ وأنّ ملكوت الله قريب جداً (مر 1: 14- 15). وعلى التلاميذ أن يقولوا في مهمّتهم الرسوليّة: "ملكوت الله قريب منكم" (لو 10: 9- 11).
أ- المضمون الاسكاتولوجي
إن ملكوت الله يقابل "الحياة الأبديّة" في هذا الإطار الاسكاتولوجي المتعالي. ففي الدينونة الأخيرة، يكون المسيح في ملء سلطانه، فيجعل الخراف عن يمينه والجداء عن يساره. حينئذٍ يقول الملك للذين عن يمينه: "تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ إنشاء العالم" (مت 25: 33- 34). فيذهب هؤلاء إلى "الحياة الأبديّة" (آ 46) المعدّة للأبرار. وفي الخطبة عن الشكوك يورد مرقس كلمة يسوع. "إذا شكّكتك عينك (كانت سبب خطيئة لك، جعلتك تعثر) فاقلعها. "خير لك أن تدخل أعور إلى ملكوت الله من أن تُلقى في جهنّم مع عينيك الاثنتين". (مر 9: 47). وكان مرقس قد قال الشيء عينه عن اليد (آ 43) والرجل (آ 45): "خير لك أن تدخل الحياة ولك رجل واحدة من أن تكون لك رجلان وترمى في جهنّم". وسأل الشابّ الغنيّ يسوع: "أيهّا المعلّم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية"؟ وبعد ذهاب هذا الشاب، قال يسوع لتلاميذه: "كم يصعب الدخول إلى ملكوت الله" (مر 10: 17- 24).
ويصوّر هذا المُلك الاسكاتولوجي مراراً بشكل وليمة: "سيأتون من المشرق والمغرب ويتّكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السماوات" (مت 8: 11). وخلال العشاء السريّ، أعلن يسوع لرسله أنّ "الفصح سيتمّ في ملكوت الله" (لو 22: 16): "أنتم ثبتّم معي في محنتي. وأنا أعطيكم الملكوت كما أعطاني أبي، فتأكلون وتشربون على مائدتي في ملكوتي" (لو 22: 28- 30).
تذكّرنا صورةُ الوليمة بما قاله أشعيا (25: 6): "الربّ يهيّىء وليمة (رمز إلى سعادة السماء) لكلّ الشعوب". ونسمع صرخة ذاك الذي دعا يسوع: "طوبى لمن يتّكىء في ملكوت الله" (لو 14: 15). ونكتشف الطابع الجديد والمتسامي والمتحرّر من الظروف الأرضيّة لهذا الملكوت، نكتشفه في عبارة تأسيس الأفخارستيّا: "لا أشرب بعد الآن من عصير الكرمة حتّى يجيء يوم أشربه فيه جديداً في ملكوت الله" (مر 14: 25).
ويرتبط ملكوت الله بابن الانسان الذي تصوّره دانيال آتياً على سحاب السماء ليشرك قدّيسي العليّ في مُلكه وسلطانه (دا 7: 13- 14). فابن الانسان الممجّد سيمارس وظيفة الديّان في نهاية العالم فيكون ملكوته (مت 16: 28) ملكوت الله. "سيرسل ابن الانسان ملائكته فيجمعون من ملكوته كل المفسدين والأشرار ويرمونهم في أتون النار. وأمّا الأبرار فيشرقون كالشمس في ملكوت أبيهم" (مت 13: 41- 42).
ب- التفسير التاريخي
إذن يتحدّد موقع الدخول إلى ملكوت الله في المستقبل الاسكاتولوجي. فهذا الواقع المتعالي هو موضوع انتظار ورجاء. الله سيكون مَلكاً في السماء، بعد الدينونة. هذا هو التفسير الاسكاتولوجي. وهناك التفسير التاريخي: ملكوت الله هو حاضر، وهو منذ الآن فاعل في الكون.
دشّن يسوع حياته العامّة مُعلناً أن ملكوت الله قريب قرباً زمنياً (مر 1: 15). وكان الربّ قد قال في أشعيا (46: 13): "أجعل انتصاري قريباً، وخلاصي لن يتأخّر". "وحين يطرد يسوع الشياطين فهو يدلّ على أنّ ملكوت الله قد جاء: "إذا كنتُ بروح الله أطرد الشياطين، فهذا يعني أن ملكوت الله وصل إليكم" (مت 12: 28). وهو يقسم تاريخ الخلاص إلى حقبتين: واحدة قبل المعمدان، وأخرى "منذ أيام المعمدان إلى الآن" (مت 11: 12). "منذ ذلك الوقت، أعلن ملكوت الله وكلّهم يحاولون أن يدخلوه بقوّة" (لو 16: 16).
والدخول إلى الملكوت ليس امتيازاً خاصاً باليهود الذين دُعوا أولاً فسمّوا "أبناء الملكوت" (مت 8: 12). فقد يُرذلون. لقد هدّدهم يسوع لقلّة إيمانهم فقال لهم: "أبناء الملكوت يُطرحون خارجاً في الظلمة". والتعرّف إلى يسوع لا يكفي حتى وإن اجترحنا معجزات، لا يكفي ليؤمّن الدخول إلى الملكوت: "ليس مَنْ يقول لي: يا ربّ، يا ربّ، يدخل ملكوت السماوات، بل من يعمل إرادة أبي الذي في السماوات" (مت 7: 21).
نحن هنا أمام ملكوت حاضر لا بدّ من الدخول فيه: "الويل لكم أيها الكتبة والفرّيسيّون الذين تغلقون أمام البشر ملكوت السماء. أنتم ما دخلتم ومنعتم الآخرين من الدخول" (مت 23: 13). فهذا الدخول يتطلّب توبة وارتداداً، يتطلّب انقطاعاً عن الماضي: "مَنْ وضع يده على المحراث ونظر إلى الوراء ليس جديراً بملكوت الله" (لو 9: 62). يتطلّب بساطة تشبه بساطة الاطفال: "من لا يقبل ملكوت الله مثل طفل، لن يدخل إليه" (مر 10: 15).
وكلّ اهتمام بأمور الأرض تحلّ محلّه الثقة بالله واهتمام بأمور أسمى. "أطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه، وكل هذا يعطى لكم زيادة" (مت 6: 33). من أجل هذا الملكوت نضحّي بكلّ شيء، كذلك الرجل الذي وجد كنزاً أو دُرّة ثمينة فمضى وباع كلّ شيء ليشتريها (مت 13: 44- 45).
ويقابل الانجيليّ في مقارنة ملفتة وضع الأغنياء مع وضع الفقراء. "أسهل على الجمل أن يدخل في خرم الإبرة من أن يدخل الغني في ملكوت السماوات" (مت 19: 23- 24). "طوبى لكم أيها الفقراء لأنّ لكم ملكوت الله" (لو 6: 20). فإذا كان التجرّد والفقر بالروح (مت 5: 23) أو الاضطهاد تشكّل ظروفاً مؤاتية للدخول إلى الملكوت، فهذا الدخول يبقى عطيّة مجّانية وحرّة من قبل الله: "لا تخف أيهّا القطيع الصغير، فقد سُّر أبوكم أن يعطيكم الملكوت" (لو 12: 32).
ج- مرحلتان في الملكوت
من الواضح أنّ ملكوت الله يتضمّن مرحلتين: واحدة حاضرة وآنيّة وهي تتمّ في سّر التواضع. وأخرى مُقبلة تتمّ في المجد والنور. فحين سأل الفرّيسيّون: "متى يأتي ملكوت الله"؟ قدّم يسوع جواباً بجوابين. من جهة، لا نستطيع أن نحدّد الزمن. ومن جهة ثانية، "ملكوت الله هو فيكم وبينكم" (لو 17: 20- 21). ومثَل حبّة الخردل يُفهمنا أنّ بدايات الملكوت المتواضعة تهيّىء له نموّاً مجيداً (مت 13: 31- 32)، بل ظهوراً ساطعاً عند مجيء ابن الانسان.
هناك مرحلة تاريخية ومرحلة اسكاتولوجية، ونحن سنجدهما في الكنيسة التي أقام فيها ملكوت الله. فهنا على الأرض، وبقدر ما يكون الملكوت حاضراً في الزمن فهو يعيش متواضعاً وخفياً في الكنيسة. يمتلك رؤساؤه "مفاتيح ملكوت السماوات" (مت 16: 19) وسلطان ادخال الناس إليه. ولكن ملكوت الله يبدو أيضاً اسكاتولوجياً في جوهره: فالكنيسة تتوق إلى المجد النهائي. والوليمة التي دُعي إليها الوثنيّون ورفضها اليهود (لو 14: 24) ترمز إلى هذا الملكوت المقبل كما في مثل الضيف الذي لم يلبس حلّة العرس (مت 22: 13).
ملكوت تاريخي وملكوت اسكاتولوجي. نحن أمام جدليّة تجد أساسها في يسوع الذي هو إله وإنسان. فملكوت الله قد جاء منذ التجسّد في شخص يسوع وفي عمله (مت 12: 28). ولكن، كما أنّ حضور الكلمة المتجسّد يبقى خفيّاً وملتحفاً بالظلام، ولا يظهر في ملئه إلاّ حين يأتي ابن الأنسان مع ملكوته (مت 16: 28)، هكذا سرّ الملكوت يعرف مرحلة من الامحّاء النسبيّ، ولكنّ مجده سيظهر في النهاية، في الوحي الاسكاتولوجي.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM