القسم الأول: سفر الخروج النجاة من مصر جسر النهر

القسم الأول
سفر الخروج
النجاة من مصر جسر النهر
1: 1- 15: 21

يحدّثنا سفر الخروج عن الخروج من مصر والمسيرة إلى سيناء. وبعد العهد في سيناء، نتعرّف إلى ترتيبات طقوسيّة حول بناء المعبد وأثاثه. أما نحن فقسمنا هذا السفر قسمين: النجاة من مصر (1: 1- 15: 21)، ثمّ المسيرة في البريّة والعهد في سيناء (15: 22- 40: 38).
يتضمّن هذا القسم الأول ولادة موسى ودعوته، وانطلاقته الأولى ثم الثانية إلى فرعون. عندئذ نذكر ضربات مصر العشر. ومع الضربة العاشرة وطقوس الفصح يكون الخروج من مصر بالمعنى الحصريّ للكلمة.

عبوديّة بني اسرائيل
1 (1) هذه أسماء بني اسرائيل الذين دخلوا إلى مصر مع يعقوب. دخل كل واحد مع رجال بيته: (2) رأوبين، شمعون، لاوي، ويهوذا، (3) يساكر، زبولون، وبنيامين، (4) دان ونفتالي، جاد وأشير. (5) وكانت كل النفوس الخارجين من صلب يعقوب سبعين نفساً مع يوسف الذي كان في مصر. (6) ومات يوسف، ثم كلّ إخوته وكلّ هذا الجيل (7) وبنو اسرائيل تقوّوا وولدوا أولاداً وكثروا.
(8) ثم قام على مصر ملك جديد لا يعرف يوسف، وما سار حسب شرائعه. (9) فقال لشعبه: "ها شعب بني اسرائيل أكثر وأعظم منا. (10) تعالوا نأخذ عليهم إجراءات سيّئة. نصدر شرائع بها نخدم قبل أن يتكاثروا فيحصل، إذا حدث حرب، أن ينضمّوا هم أيضاً إلى أعدائنا ويحاربون ضدّنا، ويجعلون ملكاً على رأسهم ويصعدوا من الأرض. (11) إذن، جعلوا عليهم رؤساء سخرة. وهكذا بنوا المدن الحصينة لفرعون، طفيس وفيلوسينيس. (12) ولكن إذ كانوا يُذلّونهم كثروا شيئاً فشيئاً وتقوّوا شيئاً فشيئاً، فاضطرب المصريون بسبب شعب بني اسرائيل. (13) فاستعبد المصريون بني اسرائيل بقساوة، (14) وجعلوا حياتهم مرّة في عمل قاسٍ، في الطين واللبن وكل الأعمال في الحقل، وهي أعمال خضعوا لها بقساوة.
(15) وقال ملك مصر لقابلتي العبرانيين، انظرن المقاعد. إن كان ابناً ذكراً تقتلانه. وإن كان دبنة تحيا". (17) ولكن القابلتين خانتا الله وما فعلتا كما قال لهما ملك مصر بل استبقيتا الصبيان. (18) فدعا ملك مصر القابلتين وقال لهما: «لماذا فعلتما هذا الأمر واستبقيتما الصبيان:؟ (19) فقالت القابلتان لفرعون: "ليست نساء العبرانيّين مثل النساء المصريات. فهن قويّات. فقبل أن تصل القابلة إليهنّ، يتوسّلن إلى أبيهن الذي في السماوات فيجيبهنّ فيلون". (20) وأحسن الربّ إلى القابلتين. وتكاثر الشعبُ وتقوّى جداً، (21) ولأن القابلتين خافتا الربّ، اقتنيتا اسماً في بيت اسرائيل، وصنع (الرب) لهما بيتين، بيت الملك وبيت الكهنوت السامي. أخذت مريم تاج الملك، وأخذت يوكابو إكليل الكهنوت السامي. (22) وأمر فرعون شعبه كلَّه قائلاً: "كل ولد ذكر يولد لليهود ترحونه في النهر. وتستبقون كل ولد أنثى.

موسى: من قصر فرعون إلى أرض مديان
2 (1) ومضى رجلٌ من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي. (2) فحبلت المرأة وولدت ابناً. ولما رأت أنه حسن، خبّأته ثلاثة أشهر. (3) ولما لم يمكن أن تخبئه بعدُ، أخذت سلّة من البرديّ وطلتها بالحمر والزفت، ووضعت الولد فيها، ووضعتها بين الحلفاء على جانب النهر. (4) ووقفت أختُه من بعيد لتعرف ماذا يُفعل به.
(5) فنزلت ابنةُ فرعون لتتبرّد في النهر، ومشت جارياتها على جانب النهر. فرأت السلّة وسط الحلفاء، فأرسلت أمتها فأخذته. (6) وفتحت ورأت الولد وإذا هو صبيّ يبكي. فرقّت له وقالت: "هذا لن أولاد للعبرانيّين". (7) فقالت أخته لابنة فرعون: "هل أمضي وأدعو لك امرأة مرضعة من العبرانيّات فتُرضع لك الولد"؟ (8) فقالت لها بنتُ فرعون: "إمضي". فمضت الفتاة ودعت أمَّ الولد. (9) فقالت له بنت فرعون: "خذي هذا الولد وأرضعيه لي، وأنا أعطيك أجرتك". فأخذت المرأة الولد وأرضعته. (10) وكبُر الولد فأتت به إلى ابنة فرعون. فكان لها ابناً ودعته باسم موسى وقالت: "لأني من المياه خلّصتُه".
(11) وكان في تلك الأيام أن موسى كبُرَ وخرج إلى إخوته فرأى أثقالهم. ورأى أيضاً رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرياً من إخوته. (12) نظر هنا وهناك فرأى أن ليس هناك أحد. فقتل المصريّ وطمره في الرمل (13) ثم خرج في اليوم الثاني وإذا رجلان عبريّان يتخاصمان. فقال للمذنب: "لماذا تضربُ صاحبك"؟ (14) فقال: "من جعلك رئيساً ومسلّطاً علينا؟ هل عزمت أن تقتلني كما قتلت المصري"؟ فخاف موسى وقال: "ها قد عُرف الآن الأمر". (15) وسمع فرعون هذا الأمر فطلب أن يقتل موسى. فهرب موسى من أمام الفرعون وسكن في إرض مديان. وجلس على البئر.
(16) وكان لسيّد مديان سبع بنات. فاتين يستقين، وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهنّ. (17) فأتى الرعاة وطردوهنّ. فقام موسى ونجّاهن وسقى غنمهنّ. (18) فأتين إلى رعوئيل أبيهنّ. فقال: "لماذا أتيتنّ اليوم في عجل"؟ (19) فقلن: "رجل مصريّ أنقذنا من أيدي الرعاة. واستقى لنا وسقى غنمنا". (20) فقال لبناته: "أين هو؟ ولماذا تركتنّ الرجل. أدعونه ليأكل طعاماً". (21) فأقام موسى لدى الرجل. وأعطى موسى صفورة ابنته له زوجة. (22) فولدت ابناً ودعا اسمه جرشوم، لأنه قال: "أنا ساكن ومقيم في أرض غريبة".
(23) وحدث في تلك الأيام الكثيرة أن ملك مصر مات. وتنهّد بنو اسرائيل أمام الرب من العبوديّة. صرخوا فصعد صراخهم أمام الربّ من العبوديّة، (24) سُمع صراخُهم أمام الربّ والربّ في رحمته الطيّبة نذكر العهد الذي قطعه مع ابراهيم واسحق ويعقوب. (25) وتجلّى أمام الربّ عبوديّة بني اسرائيل فقال في كلمة بأنه سيحرّرهم.

العلّيقة الملتهبة
3 (1) وموسى كان يرعى غنم يتروصحيّه وسيّد مديان. فساق الغنم إلى وراء البرية، وجاء إلى الجبل الذي تجلّى مجد شكينة الربّ، حوريب. (2) فتجلّى له ملاك الربّ في لهيب نار من وسط العلّيقة. نظر وإذا العلّيقة تتوقّد بالنار والعلّيقة لا تحترق، (3) فقال موسى: "أميل لأرى هذا المنظر العظيم: لماذا العلّيقة لا تحترق"؟ (4) فتجلّى أمام الربّ أن موسى مال ليرى. فدعاه كلام الربّ من وسط العلّيقة وقال له: "موسى، موسى"! فأجاب موسى في لغة المعبد وقال: "ها أنا". (5) قال: "لا تقترب من هنا. إخلع نعليك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت قائم فيه موضع مقدّس هو".
(6) وقال: "أنا إله أبيك، إله ابراهيم، إله إسحق، وإله يعقوب". فغطّى موسى وجهه وخاف أن ينظر إلى مجد شكينة الربّ. (7) فقال الربّ: "رأيت حقاً مذلّة شعبي الذي في مصر، وسمعتُ صراخه أمام مضايقيه لأن عبوديّته تجلّت أمامي. (8) فتجلّيت بكلامي لأخلّصهم من أيدي المصريين ولأصعدهم من هذه الأرض إلى أرض جميلة وواسعة، أرض تصنع ثماراً طيّبة، نقيّة مثل الحليب (اللبن) وحلوة مثل العسل، في أرض الكنعانيّين والحثّيين والأموريّين والفرزيّين والحويّين واليبوسيّين. (9) وها قد صعد الآن قواني صراخ بني اسرائيل، وتجلّت أمامي الضيقات التي بها يضايقهم المصريّون. (10) والآن، هلمّ فأرسلك إلى فرعون فتخرج، من مصر، شعبي، بني اسرائيل فتحرّرهم.
(11) فقال موسى أمام الربّ: "من أنا لأمضي إلى فرعون وأخرج من مصر بني اسرائيل وأحرّرهم"؟ (12) قال: بكلامي أكون معك، وهذا يكون لك علامة أن كلامي أرسلك؛ حين تخرج الشعب من مصر، تقدّمون عبادة أمام الله على هذا الجبل". (13) فقال موسى أمام الربّ: "ها أنا أمضي إلى بني اسرائيل وأقول لهم: إله آبائكم ارسلني إليكم. فإن قالوا له: ما اسمه؟ ماذا اقول لهم"؟ (14) فقال الرب لموسى: "أنا هو الذي هو". ثم قال: "هذا ما تقوله لبني اسرائيل: ذاك الذي قال فكان العالم، منذ البدء، وذاك الذي سيقول له: كن، فيكون، هو الذي أرسلني إليكم.
(15) وقال الربّ أيضاً لموسى: "هذا ما تقول لبني اسرائيل: الربّ، إله آبائكم، إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم. هذا هو اسمي إلى الأبد، وهذا هو ذكري من جيل إلى جيل. (16) امضِ وأجمع حكماء اسرائيل وقل لهم: الربّ إله آبائكم تجلّى لي، إله ابراهيم واسحق ويعقوب، وقال لي: ذكركم الربّ (وذكر) ما فعل لكم المصريون. (17) قلتُ بكلامي أني سأصعدكم من عبوديّة المصريّين إلى أرض الكنعانيّين والحثّيين والأموريّين والفرزيّين والحويّين واليبوسيّين، إلى أرض تصنع ثماراً نقيّة مثل الحليب، وحلوة مثل العسل. (18) يسمعون صوتك فتمضي أنت وحكماء اسرائيل غلى ملك مصر، وتقولون له: الربّ إله العبرانيّين تجلّى لنا. والآن، نمضي في طريق نمشي فيها ثلاثة أيام، في البريّة، فنذبح قوّام الربّ إلهنا. (19) أعرف أنا أن ملك مصر لن يطلقكم، بيدي التي هي قويّة. (20) فأرسل ضربة العقابات وأقتل المصريين بجميع المعجزات التي أجريها بينهم. عندئذ يُطلقكم. (21) وأعطي هذا الشعب خطوة في نظر المصريّين، فيكون أنكم حين تنطلقون لا تمضون فارغين. (22) فالمرأة تطلب من مضيقتها وجارتها التي تقيم في بيتها أغراضاً من فضة وأغراضاً من ذهب وألبسة، فتجعلونها على بنيكم وبناتكم، فتسلبون المصريين".

عودة موسى إلى مصر واللقاء بهرون
4 (1) فأجاب موسى وقال: "إن لم يصدّقوني ولم يسمعوا صوتي، بل يقولون: ما تجلّى لك الربّ"! (2) فقال له الربّ: "ماذا في يدك"؟ قال: "عصا". (3) قال: "إرموا على الأرض". فرماها على الأرض فصارت حيّة. فهرب موسى من أمامها. (4) وقال الربّ لموسى: "مدّ يدك وامسكها بذنبها. فمدّ يدها وامسكها بقبضة يده فعادت عصا. "هكذا يصدّقون أن الربّ تجلّى لك، إله ابراهيم، إله اسحق وإله يعقوب". (6) وقال له ايضاً: "أدخل يدك في عبِّك"! فأدخل يده في عبِّه ثم أخرجها. وها يده برصاء مثل الثلج (7) قال: "أعد يدك إلى عبّك"! فأعاد يده إلى عبِّه ثم أخرجها فإذا هي عادت مثل لحمه. (8) "فإن لم يصدّقوا ويسمعوا صوت المعجزات الأولى، يصدّقون صوت المعجزة الأخيرة". (9) وإن لم يصدّقوا هاتين المعجزتين ولم يسمعوا صوتك، نأخذ ماء من النهر وتصبّه على اليابسة فيصبح الماء الذي أخذته من النهر دماً على اليابسة".
(10) وقال موسى أمام الربّ: "أتوسّل بالحب الذي أمامك، أيها الربّ! ما أنا رجل ماهر في الكلام، منذ البارحة ولا من قبل، بل منذ وقت تكلّمت مععبدك، لأن فمي محجّر وفمي محجَّر". (11) فقال الربّ لموسى: "من أعطى الفم لابن انسان؟ أو من صنع الخُرسَ أو الصمَّ، الناظرين أو العميان، إلاّ أنا الرب؟ (12) والآن فامضِ، وأنا بكلامي أكون مع قول فمك فأعلّمك ما عليك أن تقول". (13) فقال: "أتوسّل بالحبّ الذي أمامك، يا ربّ! أرسل (بلاغك) بيد من يحقّ له أن يُرسَل". (14) فاتقد غضبُ الربّ على موسى وقال: "أما هارون اللاوي أخوك؟ أعلم أنه يعرف أن يتكلّم. وها هو آتٍ غلى لقائك؟ يراك ويبتهج في قلبه! (15) تكلّمه وتضع الكلمات في فمه. وأنا بكلامي أكون مع قول فمك ومع قول فمه وأعلّمكما ما يجب أن تفعلا. (16) هو يتكلّم عنك إلى الشعب ويكون مترجماً لك وأنت تكون له ذاك الذي يطلب التعليم من قدّام الربّ. (17) تأخذ في يدك هذه العصا التي بها تُجري آيات عجيبة".
(18) فمضى موسى وعاد إلى بتروصحيّه وقال له: "أنا أمضِ وأرجع إلى اخوتي الذين في مصر، لأري إن كانوا بعدُ أحياء". فقال بترو لموسى: "امضِ بسلام". (19) وقال الربّ لموسى في مديان: "امضِ، إرجع إلى مصر فق مات جميع الرجال الذين طلبوا نفسك". (20) فأخذ موسى امرأته وبنيه وأركبهما على الحمار وعاد إلى أرض مصر، وأخذ موسى في يده العصا التي بها تمّت المعجزات قدّام الربّ. (21) وقال الربّ لموسى: "حين تمضي وترجع إلى مصر، أنظر إلى جميع الآيات التي جعلتُ في يدك. تصنعها قدّام فرعون، وأنا أقسّي قلبه فلا يُطلق الشعب. (22) فتقول لفرعون: هذا ما يقول الربّ: اسرائيل ابني البكر، (23) وقلتُ لك: أطلق ابني ليؤدّي العبادة أمامي. ولكنّك رفضتَ أن تطلقه. فها أنا أقتل ابنك وبكرك".
(24) وحدث في الطريق، في البيت، أن ملاكاً من قدّام الربّ التقاه وطلب أن يقتله. (25) فأخذت صفورة صوّانة وقطعت غرلة ابنها وقرّبتها من رجل المهلك وقالت: "طلب زوجي أن يختنه لكنّ حماه لم يتركه. والآن دمُ هذا الختان كفّر عن ذنوب هذا الزوج الذي هو هنا"! (26) فتركه الملاك. فسبّحت صفورة الله وقالت: "ما أحبّ دم هذا الختان الذي خلّص زوجي هذا من يد ملاك الموت".
(27) وقال الربّ لهرون: "إذهب إلى البريّة للقاء موسى". فذهب ولاقاه على جبل هيكل الربّ وقبّله. (28) وأخبر موسى هارون بجميع كلام الربّ الذي أرسله، وبجميع الآيات التي أمره أن يصنعها. (29) وذهب موسى وهرون وجمعا كلَّ حكماء بني اسرائيل. (30) وقال هرون كل الكلمات التي قالها الربُّ لموسى وصنع الآيات على عيون الشعب. (31) وآمن الشعب باسم كلام الربّ وسمعوا أن الربّ، في رحمته الطيّبة ذكر بني اسرائيل وتجلّى عذابهم أمامه. فسحروا (لله) ويحدّوه وسبّحوه.

المقابلة الأولى مع فرعون
5 (1) وبعد ذلك، دخل موسى وهرون وقالا لفرعون: "هذا ما يقول الربّ، إله اسرائيل: أطلق شعبي ليحجّوا أمامي في البريّة". (2) فقال فرعون: «من هو الربّ لاسمع قوله وأطلق اسرائيل؟ لا يعرف فرعون من هو الربّ، واسرائيل لا أطلقه". (3) فقالاً: «إله العبرانيّين تجلّى لنا لكي نمضي ونمشي مسيرة ثلاثة أيام في البريّة لنقرّب أمام الربّ إلهنا لئلاّ يصيبنا بالوباء أو بالسيف". (4) فقال لهما ملك مصر: "فلماذا، يا موسى وهرون، تعطّلان الشعب عن أعمالهم؟ أمضيا إلى اشغالكما"! (5) وقال فرعون: "ها قد كثُر شعب الأرض، وأنتما تعطّلانهم عن أثقالهم"؟
(6) فأمر فرعون في ذلك اليوم مسخّري الشعب ومدبّريه قائلاً: (7) "لا تعودوا فتعطوا الشعبَ تبناً ليصنع اللبن كأمس وكما من قبل. فليحظوا وهم ويجمعوا التبن لهم. (8) ومقدار اللبن الذي كان يصنعونه أمس ومن قبل، تجعلونه عليهم. لا تنقّصوا منه، فإنهم بطّالون. لهذا يصرخون قائلين. نمضي ونقرّب أمام إلهنا! (9) نثقّل العمل على الرجال فيصنعونه ولا يلتقتون إلى كلام الكذب". (10) فخرج مسخّروا الشعب ومدبِّروه وكلّموا الشعب قائلين: "هذا ما قال فرعون: أنا لا أهب لكم تبناً. (11) إذهبوا أنتم وخذوا لكم التبن من حيث تجدون لأننا لا ننقّص من عملكم شيئاً".
(12) فتفرّق الشعب في كل أرض مصر ليجمعوا القشّ للتبن. (13) وكان المسخّرون يعجّلونهم قائلين: "كمّلوا عملكم، الكمّية اليوميّة، كما حين كنّا نعطيكم التبن". (14) ومدبّرو بني اسرائيل الذين سلّطهم على بني اسرائيل مسخّرو فرعون، ضربوا، وقالوا لهم: "لماذا لم تكملوا كمّية اللبن التي يجب أن تصنعوها أمس واليوم، كما أمس وما قبل". (15) فأتى مدبّرو بني اسرائيل وصرخوا قدّام فرعون قائلين: "لماذا تفعل هكذا بعبيدك؟ (16) التبنُ لا يُعطى لعبيدك وأنت تقول لنا، نحن عبيدك: اصنعوا اللبن، ضُرب عبيدك والذنب ذنب فرعون والشعب" (17) فقال: "بطّالون أنتم، بطّالون! لهذا تقولون: نمضي ونقرّب قدّام الربّ! (18) والآن امضوا إلى العمل وتبن لا تعطون ومقدار اللبن تقدّمون".
(19) فرأى مدبّرو بني اسرائيل أنهم في بليّة حين قالوا لهم: "لا تنقصون كمّية اللبن اليوميّة". (20) فالتقوا موسى وهرون اللذين قاما أمامهم حين خرجوا من قدّام فرعون. (21) فقالوا لهما: "ليت الربّ يتجلّى عليكما ويدِينكما! أعطيتمانا اسماً سيّئاً في نظر فرعون وفي نظر المسلّطين بحيث جعلتما سيفاً في أيديهم لكي يقتلونا". (22) فرجع موسى قدّام الربّ وقال: "أطلب بالرحمة التي أمامك، يا ربّ! لماذا أسأت إلى هذا الشعب ولماذا أرسلتني؟ (23) فمنذ أتيتُ إلى فرعون باسم كلامك، أساء إلى هذا الشعب وأنت ما حرّرت شعبك"!

ارسال موسى ونسب العبرانيّين
6 (1) وقال الربّ لموسى: "الآن ترى ما سأفعل بفرعون. فبيد قويّة يطلقهم، وبيد قويّة بطردهم من الأرض" (2) وتكلّم الربّ مع موسى وقال له: "أنا هو الربّ!" (3) تجلّيت بكلامي لابراهيم واسحق ويعقوب كإله السماء. أما اسمي القدير، يهوه، فما عرَّفتُ به. (4) ثم أقمت معهم عهدي (ق ي م ي) لأعطيهم أرض كنعان، أرض غربتهم التي تغرّبوا فيها. (5) وأنا أيضاً سمعت صراخ بني اسرائيل الذين يستعبدهم المصريون وتذكّرتُ برحمة عهدي. (6) بقسم تقول لبني اسرائيل: أنا الربّ، سأخرجكم محرَّرين من تحت نير عبوديّة المصريّين، وأخلّصكم من تسخيرهم وأحرّركم بيد قويّة وبأحكام عظيمة. (7) وأفرزكم من أجل اسمي لتكونوا شعب قدّيسين. كلامي يكون لكم إلهاً مخلّصاً فتعرفون أني أنا الربّ وقد أجرجتكم من تحت يد عبوديّة المصريّين. (8) ثم أدخلكم إلى الأرض التي أقسمتُ، رافعاً يدي، أن أعطيها لابراهيم واسحق ويعقوب وأعطيها مُلكاً وميراثاً، أنا الربّ". (9) فتكلّم موسى هكذا مع بني اسرائيل، ولكنهم ما سمعوا أقوال موسى بسبب تعب الفكر والعبوديّة القاسية.
(10) فتكلّم الربّ مع موسى قائلاً: (11) "ادخلْ، كلّمْ فرعون ملك مصر، وليطلق بني اسرائيل من أرضه". (12) وتكلّم موسى قدّام الربّ قائلاً: "ها بنو اسرائيل لم يسمعوا كلماتي. فكيف يسمع فرعون لي وأنا ذو كلام محجَّر"؟ (13) فتكلّم الربّ مع موسى ومع هرون وأعطاهما أوامر عن بني اسرائيل وعن فرعون ملك مصر، لإخراج بني اسرائيل من الأرض.
(14) هؤلاء رؤساء بيوت آبائهم: بنو رأوبين بكر اسرائيل: حنوك، فلّو، حصرون، وكرمي. هذه عشائر بني رأوبين. (15) بنو شمعون: يموئيل، يامين، أوهد، ياكين، صوحر، وشاول ابن الكنعانيّة. هذه عشائر بني شمعون (16) وهذه أسماء بني لاوي بحسب مواليدهم: جرشوم، قهات ومراري. وسنوات حياة لاوي كانت سبعاً وثلاثين سنة. (17) ابنا جرشوم: لبني وشمعي بحسب عشائرهما. (18) بنو قهات: عمرام، يصهار، حبرون وعزيئيل. وكانت سنوات حياة قهات مئة وثلاثاً وثلاثين سنة. (19) وابنا مراري: محلي وموشي. هذه عشائر بني لاوي بحسب مواليدهم.
(20) وأخذ عمرام زوجة يوكابد بنت أخي ابيه، فولدت له هرون وموسى. وكانت سنوات حياة عمرام مئة وسبعاً وثلاثين سنة. (21) وبنو يصهار: قورح، نافج وزكري (22) وبنو عزيئيل: ميشائيل، ألصافان وستري. (23) وأخذ هارون زوجة له اليصابات، بنت عميناداب، أخت نحشون. فولدت له ناداب، ابيهو، العازار وايتامار. (24) وبنو قورح: أسير، ألقانة وابيأساف. هذه عشائر بني قورح. (25) والعازار ابن هرون، أخذ زوجة من بنات فوليئيل فولدت له فنحاس. هؤلاء هم رؤساء آباء اللاويين بحسب عشائرهم.
(26) هذان هما هرون وموسى اللذان قال الربّ لهما: "أخرجا بني اسرائيل من أرض مصر بحسب جيوشهم"! (27) هما اللذان تكلّما مع فرعون، ملك مصر، لإخراج بني اسرائيل من مصر، هم وموسى وهرون. (28) وكان يوم تكلّم الربّ مع موسى في ارض مصر، (29) أن الربّ تكلّم مع موسى قائلاً: "أنا الربّ. قل لفرعون، ملك مصر، كلّ ما أنا أقول لك". (30) وقال موسى أمام الربّ: "أنا محجّر الكلام فكيف يقبل ميني فرعون"؟

مهمة ثانية لدى فرعون
7 (1) وقال الربّ لموسى: "أنظر. أنا جعلتك رباً ومسلّطاً على فرعون، وهرون أخوك يكون مترجماً لك. (2) أنت تقول كلَّ ما آمرك. وهرون أخوك يتكلّم مع فرعون، فيُطلق بني اسرائيل من أرضه. (3) وأنا أقسّي قلب فرعون وأكثر آياتي ومعجزاتي في أرض مصر. (4) لا يقبل (= يسمع) منك فرعون فأجعل على مصر ضربات انتقامي وأخرج جيوشي، شعبي، بني اسرائيل، من أرض مصر، بأحكام عظيمة. (5) فيعرف المصريون أني أنا الربّ حين أجعل على مصر ضربات انتقامي وأخرج بني اسرائيل محدّدين من بينهم". (6) وهذا ما صنعه موسى وهرون. كما أمرهما الربّ هكذا فعلاً. (7) وكان موسى ابن ثمانين سنة وهرون ابن ثلاث وثمانين سنة حين تكلّما مع فرعون.
(8) وكلّم الربّ موسى وهرون قائلاً: (9) "حين يتكلّم معكما فرعون قائلاً: أعطيا علامة لكما، تقول لهرون: خذ عصاك وارمها أمام فرعون فتصير حيّة". (10) فدخل موسى وهرون إلى فرعون وصنعا كما أمرهما الربّ. رمى هرون عصاه أمام فرعون وأمام عبيده فصارت حيّة. (11) فدعا فرعون أيضاً الحكماء والسحرة، فصنع السحرة أيضاً مثله بسحرهم. (12) رمى كلُّ واحد عصاه فصارت حيّة. ولكن عصا هرون ابتلعت عصيَّهم. (13) فتقسّى قلبُ فرعون وما سمع لهما، كما قال الربّ.

تحوّل دعاء إلى دم
(14) فقال الربّ لموسى: "تقسّى قلب فرعون ورفض أن يُطلق الشعب. (15) فامضِ إلى فرعون، في الصباح: ها هو يخرج ليتبرّد في الهيكل. تنتصب قدّامه على حافة النهر وتأخذ بيدك العصا التي تحوّلت إلى حيّة. (16) وتقول له: الربّ إله العبرانيّين أرسلني إليك قائلاً: أطلق شعبي ليتعبّدوا قدّامي في البرّية، ولكن حتّى الآن لم تسمع. (17) فهذا ما يقول الربّ: بهذا تعرف أني أنا الربّ! ها أنا أضرب بالعصا التي في يدي على الماء الذي في النهر فيتحوّل إلى دم. (18) ويموت السمك الذي في النهر. وينتن النهرُ فيعاف المصريّون أن يشربوا من ماء النهر".
(19) وقال الربّ لموسى: "قل لهرون: خذ عصاك ومُدّ يدك على ماء المصريين، على أنهارهم وعلى ينابيعهم، على مستنقعاتهم وكل مخازن مياههم، فتصبح دماً، ويكون دم في كل أرض مصر، في (أوعية) الخشب والحجر. (20) هذا ما صنعه موسى وهرون، كما أمرهما الربّ، رفع عصاه وخرب ماء النهر قدّام فرعون وقدّام المسلّطين، فتحوّلت كلّ مياه النهر إلى دم. (21) فمات السمك الذي في النهر. وأنتن النهر فما عاد المصريون يقدرون أن يشربوا من ماء النهر، وكان دمٌ في كل أرض مصر. (22) وفعل سحرة مصر كذلك بسحرهم فتقسّى قلب فرعون، وما سمع لهما كما قال الربّ.
(23) فرجع فرعون ودخل غلى بيته، وما وجّه قلبه إلى هذه الضربة. (24) وحفر كلُّ المصريّين في جوانب النهر لماء يشربونه، لأنهم لم يقدروا أن يشربوا من مياه النهر.

الضفادع
(25) وكملتْ سبعةُ أيام بعد أن ضرب الربّ مياه النهر. ثم أصلحها. (26) وقال الربّ لموسى: "أدخل إلى فرعون وقل له: أطلق شعبي ليتعبّدوا أمامي. (27) فإن رفضت أن تطلقهم أعدم كل تخومك بالضفادع، (28) فيفيض النهرُ ضفادع. تصعد وتدخل بيتك ومخادعك وسريرك وبيت المسلّطين عندك، وعند شعبك وجميع المسلّطين، وفي تنورك وفي معجنك. (29) تصعد الضفادع عليك وعلى كل شعبك وعلى كل المسلّطين عندك".
8 (1) وقال الربّ لموسى: "قل لهرون: مدَّ يدك مع عصاك على الأنهر وعلى السواقي على الآجام وأصعد الضفادع على أرض مصر. (2) فمدّ هرون يده على مياه المصريّين، فصعدت الضفادع وغطّت أرض مصر. (3) وصنع كذلك سحرة مصر بسحرهم، فأصعدوا الضفادع على أرض مصر. (4) فدعا فرعون موسى وهرون وقال: "صلّيا أمام الربّ، فتبتعد الضفادع عنّي وعن شعبي. فاطلق الشعب ليقرّبوا قدّام الربّ". (5) فقال موسى لفرعون: أعطني علامة وثق بي إلى الوقت الذي فيه أصلّي لأجلك ولأجل المسلّطين عندك ولأجل شعبك فأبعد الضفادع من عندك ومن عند أناس بيتك، من عند مسلّطيك ومن عند شعبك. ولا تبقى إلاّ التي في النهر". (6) فقال: "غدا"! فقال: "حسب كلامك فتعرف أن ليس مثل الربّ إلهنا. (7) تبتعد الضفادع عنك عن أناس بيتك، عن مسلّطيك وعن شعبك، ولا تبقى إلاّ التي في النهر".
(8) فخرج موسى وهرون من عند فرعون، وصلّى موسى قدّام الربّ في شأن الضفادع التي جعلها على فرعون. (9) ففعل الربّ كقول موسى وماتت الضفادع في البيوت، والدور والحقول. (10) فجمعوها كوماً كوماً حتّى أنتنت الأرض. (11) ورأى فرعون ساعة تنفّسٍ، فتقسّى قلبه وما سمع لهما كما قال الربّ.

البعوض
(12) وقال الربّ لموسى: "قل لهرون: مدَّ عصاك واضرب تراب الأرض فيتحوّل إلى بعوض في كل أرض مصر". (13) هكذا صنعا. مدّ هرون يده مع العصا وضرب تراب الأرض فكان بعوض على أبناء الناس وعلى البهائم، كل تراب الأرض تحوّل إلى بعوض في كل أرض مصر. (14) وصنع كذلك السحرة. بسحرهم ليخرجوا البعوض فما استطاعوا. وكان البعوض على البشر وعلى البهائم. (15) فقال السحرة لفرعون: "هذه إصبع القدرة قدّام الله»! ولكن قلب فرعون تقسّى، فما سمع لهم كما قال الربّ.

الذباب
(16) وقال الربّ لموسى: "انهض في الصباح الباكر وانتصب قدّام فرعون الذي يخرج ليتبرّد في النهر، وقل له: هذا ما قال الربّ: أطلق شعبي لكي يتعبّد قدّامي. (17) فإن كنتَ لا تطلق شعبي فها أنا أطلق الذباب عليك وعلى مسلّطيك وعلى شعبك وعلى أناس بيتك فتمتلئ بيوت المصريين من الذباب، والأرض التي فيها يقيمون. (18) وفي ذلك اليوم، اصنع معجزات وأعاجيب لأرض جاسان حيث يُقيم شعبي، بحيث لا يكون هناك ذباب، فتعرف أني أنا الربّ الذي يبقى كلامه وسط الأرض. (19) وأجعل فرقاً بين شعبي وشعبك. وهذه المعجزة تكون غداً". (20) هكذا فعل الربّ. أتى عدد كبير من الذباب إلى قصر فرعون، في بيوت مسلّطيه وفي كل أرض مصر. فخربت الأرض بالذباب.
(21) فدعا فرعون موسى وهرون وقال: "امضوا، قرّبوا قدّام الربّ إلهكم، في أرض مصر"! (22) فقال موسى: "لا يليق أن نصنع هكذا لأن أصنام المصريّين رجس فيجب أن لا نأخذ منها لنقرّب أمام الربّ إلهنا. فإن قرّبنا أصنام المصريين قدّامهم، لا بدّ أن يرجمونا. (23) نمشي ونسير ثلاثة أيام في البرية ونقرّب أمام الربّ إلهنا كما قال لنا". (24) فقال فرعون: "ها أنا أطلقكم فتقرّبون قدّام الربّ إلهكم في البريّة. ولكن لا تبتعدوا. وصلّوا أيضاً لأجلي"! (25) فقال موسى: "ها أنا خارج من عندك. نصلّي قدّام الربّ، وغداً يُبعد الذباب عن فرعون، عن مسلّطيه وشعبه. ولكن لا يغشّنا بعد فرعون بحيث لا يطلق الشعب ليقرّبوا قدّام الربّ"! (26) فخرج موسى من عند فرعون وصلّى أمام الربّ. (27) ففعل الربّ كقول موسى وأبعد الذباب عن فرعون وعن مسلّطيه وشعبه. وما بقيت واحدة. (28) وهذه المرّة أيضاً، قسّى فرعون قلبه وما أطلق الشعب.

الوباء على المواشي والدمامل
9 (1) وقال الربّ لموسى: "ادخل إلى فرعون وقل له: هذا ما يقول الربّ، إله اليهود: أطلق شعبي لكي يتعبّدوا أمامي. (2) فإن رفضت أن تطلقهم فأمسكتهم بعدُ، (3) ها ضربات انتقامي سيكون على ماشيتك التي في الحقول، على الخيل والحمير، على الجمال والبقر والغنم وباء ثقيل جداً. (4) ويميّز الربّ بين مواشي المصريّين ومواشي اسرائيل، فلا يموت من كل (حيوان) من كل ما يخصّ بني اسرائيل". (5) وعيّن الربّ وقتاً، قائلاً: "غداً يصنع الربُّ هذا الأمر في الأرض". (6) وصنع الربّ هذا الأمر في اليوم التالي: ماتتْ كلّ مواشي المصريين، ومن مواشي بني اسرائيل لم يمت (حيوان) واحد. (7) فأرسل فرعون (من يرى) فإذا لم يمت (حيوان) واحد من مواشي اسرائيل. ولكن قلب فرعون تقسّى فما أطلق الشعب.
(8) فقال الربّ لموسى وهرون: "خذا ملء أيديكما من رماد الأتون، وليذرّه موسى نحو السماء قدّام فرعون (9) فيصير غباراً مع كل أرض مصر، على أولاد الناس وعلى المواشي، ودمامل تنتج البثور في كل أرض مصر". (10) فأخذا رماد الأتون ووقفا قدّام فرعون ثمّ ذرّه موسى نحو السماء، فصار دمامل ينتج بثوراً طالعة في أبناء الناس وفي المواشي. (11) وما استطاع السحرة أن يقفوا قدّام موسى بسبب الدمامل لأن البثور كانت على السحرة كما على جميع المصريّين. (12) وقسّ الربّ قلب فرعون فما سمع لهما كما قال الربّ لموسى.

البَرَد
(13) وقال الربّ لموسى: "انهض في الصباح الباكر وانتصب أمام فرعون وقل له: هذا ما يقول الربّ إله اليهود: أطلق شعبي لكي يتعبّدوا قدامي. (14) فإني هذه المرّة أرسل كل ضرباتي على قلبك (= عليك) وعلى مسلّطيك وعلى شعبك لتعليم أن ليس مثلي في كل الأرض. (15) فلو كنتُ الآن أرسلتُ ضربات انتقامي لكنت تُباد بالوباء، أنت وشعبك، وتزول عن الأرض، يا فرعون! (16) ولكن ما تركتك حتّى الآن لكي تطيب (لك الحياة)، ولكن لهذا أبقيتك حتى الآن: لأريك قدرة قوّتي فتعرِّف اسمي القدوس في كل الأرض. (17) ها أنت حتّى الآن تتكلّم كسيّد على شعبي فلا تطلقه (18) ففي هذه الساعة من غد، أنزل برداً شديداً جداً لم يكن مثله في مصر منذ تأسيسها حتّى الآن (19) فالآن ارسل واجمع مواشيك، كلّ ما لك في الحقل. فجميع الناس وجميع البهائم الذين في الحقل والذين لا يُجمعون داخل البيوت، ينزل البرَد عليهم فيموتون. (20) فالذي خاف الربّ من مسلّطي فرعون، هرب عبيده ومواشيه إلى داخل البيت. (21) وأما الذي لم يوجّه قلبه إلى كلمات الربّ، فترك في الحقل عبيده ومواشيه.
(22) وقال الربّ لموسى: "مدّ يدك نحو السماء فيكون برد في كل أرض مصر، على أولاد الناس وعلى البهائم وعلى كل عشب الحقل، في أرض مصر". (23) فمدّ موسى عصاه نحو السماء فأعطى الربّ رعوداً وبرداً، ومشت النار على الأرض وأنزل الربّ البرَد على كل أرض مصر. (24) كان برَد شديد وكانت النار تقفز في وسط البرَد. وكانت شديدة بحيث لم يكن مثلها في كل أرض مصر منذ صارت أمة ومملكة. (25) فضرب البرد، في كل أرض مصر، كلَّ ما كان في الحقل، من بني الناس إلى المواشي وأباد البرد أيضاً كل عشب الحقل وكسَّر كل شجر الحقل. (26) وفي أرض جاسان وهدما، حيث أقام بنو اسرائيل، لم يكن برَد.
(27) فأرسل فرعون ودعا موسى وهرون، وقال لهما: "هذه المرّة أخطأتُ. الربّ عادل، وفرعون وعبيده مذنبون. (28) صلّيا قدّام الربّ فيمنع أن تكون رعود وبرد من قدّام الربّ. أطلقكم ولن تقفوا بعدُ هنا". (29) قال له موسى: "عند خروجي من المدينة أمدُّ نفسي يديّ قدّام الربّ، فتنقطع الرعود ولن يكون بردٌ بعد فتعرف أن الأرض هي الله. (30) أما أنت ومسلّطوك فاعرف أنكم لم تمتلئوا بعد من المخافة التي قدّام الربّ إلهنا". (31) فالكتّان والشعير ضُربا، لأن الشعير كان سنبلاً والكتّان كان مفتوحاً ولبث في الزهر. (32) أما الحنطة والقطانيّ فلم تُضرب لأنها متأخّرة.
(33) فخرج فرعون من عند فرعون ومن المدينة. مدّ كفّ يديه قدّام الربّ، فانقطعت الرعود والبرد، والمطر لم يعد ينزل على الأرض. (34) فرأى فرعون أن الرعود والمطر والبرّ انقطعت فعاد يخطأ وتقسّى قلبه وقلب مسلّطيه. (35) وتقسّى قلب فرعون وما أطلق بني اسرائيل كما قال الربّ لموسى.

الجراد والظلمة
10 (1) وقال الربّ لموسى: "أدخل إلى فرعون، فأنا قسّيت قلبه وقلب مسلّطيه لكي أصنع هذه المعجزات في وسطهم، (2) فتخبروا في آذان بنيكم وبني بنيكم الخزيَ الذي أحللته بالمصريّين، والأعاجيب التي صنعتها فتعرفون أني أنا الربّ". (3) فدخل موسى وهرون إلى فرعون وقالا له: "هذا ما يقول الربّ إله العبريّين. إلى متى تأبى أن تخضع أمام الربّ؟ أطلق شعبي فيتعبّدوا قدّامي. (4) فإن أبيتَ أن تطلق شعبي، فها أنا آتٍ، منذ غدٍ، بجراد على تخومك (5) فيغطّي رؤية الأرض فلا تقدر بعدُ أن ترى الأرض. فيأكل الفصلة السالمة الباقية لكم من البرَد، ويأكل كلّ الأشجار التي تنبت لكم في البريّة. (6) وتمتلئ بيوتُك وبيوتُ جميع مسلّطيك وبيوت كلّ المصريّين، وهذا ما لم يره آباؤك ولا آباء آبائك منذ يوم وُجدوا في الأرض إلى هذا اليوم". وعجَّل فخرج من قدّام فرعون.
(7) وعبيد فرعون قالوا له: "إلى متى يكون لنا هذا ثقلاً؟ أطلق الشعب فيتعبّدوا قدّام الربّ إلههم قبل أن تعرف أن مصر بادتْ". (8) فرُدّ موسى وهرون إلى فرعون فقال لهما: "امضوا وتعبّدوا قدّام الربّ إلهكم. ولكن من هم الذين يمضون". (9) فقال موسى: "تمضي مع شبّاننا وشيوخنا، نمضي مع بنينا وبناتنا، مع غنمنا وبقرنا لأننا نحجّ قدّام الربّ". (10) فقال لهما: "ليكن كلام الربّ معكم حين أطلقكم أنتم وأطفالكم! انظروا فتروا الشرّ في وجهكم! (11) هذا لا يكون. فامضوا أنتم الرجال وتعبّدوا قدّام الربّ لأن هذا ما تطلبون". وطردوهما من وجه فرعون.
(12) فقال الربّ لموسى: "مدّ يدك على أرض مصر بالجراد (ليأتي الجراد كما قال ترأون): ليصعد على أرض مصر ويأكل كلّ عشب الأرض. كل ما تركه البرد"، (13) فمدَّ موسى عصاه على أرض مصر، فجلب الربّ على الأرض ريحاً شرقيّة، كلَّ ذلك النهار وكل الليل. ولما كان الصباح جلبت الريحُ الشرقيّة الجراد. (14) فصعد الجراد على كل أرض مصر وحلّ في كل تخوم المصريّين، شيء ثقيل جداً لم يكن قبله جراد هكذا مثله ولا يكون بعد كذلك. (15) فغطّى كل رؤية كل الأرض حتى أظلمت الأرض. فأكل كلَّ عشب الأرض وكل ثمار الأشجار التي تركها البرَد، فلم يبق شيء أخضر في الشجر وفي عشب الحقل، في كل أرض المصريّين. (16) فعجّل فرعون ودعا موسى وهرون وقال: "خطئت قدّام الربّ إلهكما وقدّامكما. (17) والآن أطلب منك: اصفح عن خطاياي هذه المرّة فقط. وصلّيا قدّام الربّ إلهكما فيُبعد عني فقط هذا الوباء. (18) فخرج من قدّام فرعون وصلّى قدّام الربّ. (19) فردّ الربّ ريحاً بحريّة قويّة جداً فحملت الجراد وطرحته في بحر القصب. وما بقيت جرادة واحدة في كل تخوم المصريّين. (20) وقسّ الربّ قلبَ فرعون فما أطلق بني اسرائيل.
(21) فقال الربّ لموسى: "مدّ يدك إلى السماء ولتكن الظلمة على أرض مصر فيتلمّسوا في الظلمة"! (22) فمدّ موسى يده إلى السماء، فكانت ظلمة كثيفة في كل أرض مصر، ثلاثة أيام. (23) لم يرَ الرجل أخاه، ولا قام رجل من مكانه، ثلاثة أيام. ولكن لكل بني اسرائيل كان نورٌ في مساكنهم. (24) فدعا فرعون موسى وهرون وقال: "امضوا وتعبّدوا قدّام الرب! وليبقَ هنا فقط البقر والغنم! ليمضِ أيضاً معكم أطفالكم"! (25) فقال موسى: "أنت تعطي أيضاً في أيدينا ذبائح ومحرقات فنقرّبها قدّام الربّ إلهنا، (26) مواشينا أيضاً تمضي معنا. ولا يبقى ظلف قدم! فمنها نأخذ لنقرّب قدّام الربّ إلهنا، (26) ونحن لا نعرف أي نوع من العبادة نؤدّيه قدّام الربّ قبل أن نصل إلى هناك". (27) وقسّى الربّ قلبه (= فرعون) فلم يشأ أن يطلقهم. (28) وقال له فرعون: "اذهب من عندي، ولا تقل بعدُ أمامي واحدة من هذه الأقوال الهائلة. فأنا أفضِّل أن أموت على أن أسمع أقوالك. احترز لئلاّ يشتعل غضبي عليك فأسلّمك إلى أيدي أناس يطلبون حياتك فيقتلوك". (29) فقال له موسى: "حسناً تكلّمت وبحقّ. عرفتُ من قبل وأن أعيش في مديان، قائلاً: مات جميع الرجال الذين طلبوا نفسك، وليس فقط منذ تضرّعت لأجلك قدّام الربّ وبعد أن ابتعدت الضربة عنك. ولكن هذه الضربة ستكون العاشرة لفرعون، وهي تبدأ ببكر فرعون". وقال موسى لفرعون: "بالحقّ تكلّمتَ، لن أرى بعدُ قسمات وجهك"!

موت الأبكار وخاتمة الضربات
11 (1) وقال الربّ لموسى: "ضربة واحدة آتي بها على فرعون وعلى المصريّين. بعد ذلك يُطلقكم من هنا. وحين يطلقكم يطردكم طرداً من هنا بعجلة. (2) فتكلّم في ما مع الشعب فيسأل الرجل من رفيقه والمرأة من رفيقتها أغراض فضّة وأغراض ذهب". (3) وجعل الربّ الشعب يجد حناناً في نظر المصريّين. وكان موسى رجلاً قوياً جداً في أرض مصير، في نظر مسلّطي فرعون وفي نظر الشعب.
(4) وقال موسى: "هذا ما يقول الربّ: في منتصف الليل يتجلّى كلامي في وسط مصر، (5) فيُنقل كل الأبكار في أرض مصر، منذ بكر فرعون الذي كان سيجلس على العرش الملكيّ، إلى البكر العبد الذي يضمن خلف الرحى، وكل أبكار الماشية. (6) ويكون في كل ارض مصر صراخ عظيم لم يكن مثله ولن يُرى ايضاً مثله. (7) ولكن على كل بني اسرائيل، من البشر إلى المواشي، لا ينبح كلب بلسانه لتعرفوا أن الربّ جعل فرقاً بين المصريّين واسرائيل. (8) وكل العبيد الذين هنا ينزلون إليّ ويسألوني السلام قائلين: أخرج أنت وكل الشعب الذي معك. وبعد ذلك أخرجُ". ثم خرج من قدّام فرعون في شدّة الغضب. وقال الربّ لموسى: "لا يقبل منكما فرعون لكي تكثر آبائي العجيبة في أرض مصر". (10) وصنع موسى وهرون كل هذه المعجزات قدّام فرعون. ولكن الربّ قسّى قلب فرعون فما أطلق بني اسرائيل من أرضه.

طقوس الفصح
12 (1) وكلّم الربّ موسى وهرون في أرض مصر قائلاً: (2) "شهرُ نيزان هذا يكون لكم بداية الشهور، يكون الأول لكم ولكل بدايات أشهر السنة. (3) تكلّموا مع كل جماعة بني اسرائيل: في اليوم العاشر من هذا الشهر، يأخذ كلّ واحد حملاً بحسب البيت الأبويّ، حملاً لكل بيت. (4) وإن كان أهل البيت قليلين ليصلوا إلى العدد (المطلوب) لحمل الفصح، يأخذ (حملاً) هو وقريبه الأقرب إلى بيته حسب عدد النفس. كل رجل حسب أكله تحسبون حمل الفصح. (5) يكون لكم حمل كامل، لا عيب فيه، ذكر، ابن سنة. تأخذونه لكم من الغنم ومن الجداء، صغار الماعز. (6) ويكون عندكم محفوظاً إلى اليوم الرابع عشر من هذا الشهر، وكل جمهور جماعة بني اسرائيل يذبحونه في العشيّة. (7) ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين وعتبة البيوت، حيث يأكلون الفصح. (8) يأكلون اللحم في ليل الفصح. يأكلونه مشوياً في النار مع خبز فطير وأعشاب مرّة. (9) لا تأكلون منه نبئاً ولا مطبوخاً، مغلياً في الماء، بل فقط مشوياً في النار، الرأس مع الأرجل والجوف. (10) لا تُبقوا منه شيئاً إلى الصباح، والباقي منه في الصباح تحرقونه في النار. (11) وتأكلونه بحسب هذا الطقس: أحقاؤكم مشدودة، ونعالكم في أرجلكم، وعصيّكم في أيديكم. تأكلونه على عجل، هو ذبيحة الفصح قدّام الربّ. (12) أعبُرُ بكلامي في أرض مصر، في تلك الليلة، وأقتل جميع الأبكار في أرض مصر، منذ أولاد البشر حتّى المواشي. وأصنع أحكاماً مختلفة في كل أوثان المصريين: الربّ تكلّم. (13) ويكون الدم لكم علامة على البيوت التي تسكنون. أرى الدم فأعبر، وبكلامي أحميكم، فلا يكون لكم موتٌ مهلك، ساعة أقتل كلَّ الأبكار في أرض مصر. (14) ويكون لكم هذا اليوم تذكاراً صالحاً. تحجّون فيه حجاً قدّام الربّ. على مدى أجيالكم تحجّون كفريضة أبديّة.
(15) "سبعة أيام تأكلون فطيراً. وفي اليوم الأول تُزيلون الخميرَ من بيوتكم. فكل من أكل خميراً من اليوم الأول حتّى اليوم السابع، هذا الإنسان يُقطع من اسرائيل. (16) اليوم الأول يكون لكم يوم عيد ومحفلاً مقدّساً، وفي اليوم السابع يوم عيد ومحفل مقدّس. لا يُعمل فيهما عملٌ.
(17) تحفظون الفطير، ففي ذلك اليوم أخرجتُ جيوشكم محرّرة من أرض مصر. تحفظون هذا اليوم كفريضة أبديّة، على مرّ أجيالكم. (18) في الشهر الأول، في اليوم الرابع عشر من الشهر، مساءً، تأكلون الفطير، إلى اليوم الحادي والعشرين من الشهر، مساء. (19) سبعةَ أيام لا يوجدُ خمير في بيوتكم وكل من أكل خبزاً مختمراً، الغريب مع مولود الأرض، هذا الانسان يُقطع من جماعة اسرائيل (20) أنتم لا تأكلون شيئاً مختمراً. في كل الأماكن التي تسكنون، تأكلون خبزاً فطيراً".
(21) فدعا موسى كل حكماء اسرائيل وقال لهم: "عيّنوا (المشاركين) وخذوا لكم غنماً في الاسرة واذبحوا الفصح. (22) وخذوا باقة زوفى واغمسوها في الدم الذي في الوعاء، وضعوا من دم الوعاء على العتبة وعلى القائمتين، ولا يخرج رجل من باب بيته إلى الصباح. (23) مجد شكينة الربّ يعبر ليدمّر المصريّين. يرى الدم على العتبة والقائمتين فيعبر، وكلام الربّ يحمي باب آباء بني اسرائيل ولا يسمح للمهلك أن يدخل إلى داخل بيوتكم ليُهلك. (24) تحفظون هذا القول كفريضة لكم ولأولادكم إلى الأبد. (25) وحين تدخلون إلى الأرض التي أعطاكم الربّ، كما قال، تحفظون هذه الخدمة. (26) وحين يقول لكم أبناؤكم: ماذا تعني لكم هذه الخدمة؟ (27) تقولون: هي ذبيحة الفصح قدّام الربّ، الذي عبر وحمى بيوت بني اسرائيل، في مصر، حين كان يَقتل المصريّين، ويخلّص بيوتنا". فسجد الشعب ومجّدوا ومدحوا. (28) ومضى بنو اسرائيل وفعلوا هذا. كما أمر الربّ موسى وهرون، هكذا فعلوا.
(29) وحدث في نصف الليل، أن الربّ قتل جميع الأبكار، في ارض مصر، من بكر الفرعون الذي كان سيجلس على العرش الملكيّ إلى بكر الأسير الذي في السجن، وأبكار المواشي. (30) فقام فرعون ليلاً، هو وكلّ مسلّطيه، مع جميع المصريّين، وكان صراخ عظيم في مصر، لأنه لم يوجد بيت لم يكن فيه موتى. (31) فدعا في الليل موسى وهرون وقال: "قوموا واخرجوا من وسط شعبي، أنتما وبنو اسرائيل، وامضوا وتعبّدوا قدّام الربّ كما قلتم. (32) خذوا أيضاً غنمكم وبقركم، كما قلتم، وامضوا وصلّوا أيضاً لأجلي"! (33) وألحّ المصريّون على الشعب ليُطلقوهم عاجلاً لأنهم قالوا، "إن تأخّر بنو اسرائيل هنا بعدُ ساعة واحدة، ها جميع المصريّين يموتون"!
(34) فحمل الشعب عجينهم قبل أن يختمر ومعاجنهم مصرورة في ثيابهم على أكتافهم. (35) وصنع بنو اسرائيل بحسب كلمات موسى وطلبوا من المصريّين أغراض فضّة، وأغراض ذهب، وملابس. (36) وجعل الربّ الشعبَ ينال حناناً في عيون المصريّين فأقرضوهم. وهناك سلب بنو اسرائيل المصريّين من خيراتهم. (37) فمضى بنو اسرائيل من فيلوسين إلى سكوت، ستين ربوة من الرجال الراجلين، ما عدا الأولاد. (38) وصعد معهم أيضاً لفيفٌ من الغرباء، والبقر والغنم والمواشي الوافرة جداً. (39) وخبزوا عجينهم الذي حملوه من مصر. كعكات من فطير، قبل أن يختمر، لأنهم طُردوا من مصر وما استطاعوا أن يستعدّوا ولم يصنعوا لأنفسهم زاداً. (40) وإقامة بني اسرائيل الذين سكنوا في مصر كانت أربعمئة وثلاثين سنة، (41) وفي انقضاء الأربعمئة وثلاثين سنة، في ذلك اليوم عينه، خرجت كل جيوش الربّ، محرّرين، من أرض المصريّين.
(42) هي ليلة سهر معدَّة للتحرير باسم الربّ، ساعة أخرج بني اسرائيل وحرّرهم من أرض مصر. هناك أربع ليالٍ تسجّلت في كتاب التذكارات. الليلة الأولى حين تجلّى الربّ على العالم ليخلقه. كان العالم تائهاً مشوّشاً وانتشرت الظلمة على وجه القمر. وكان كلام الربّ النور الذي يضيء ودعاها الليلة الأولى. والليلة الثانية حين تجلّى الربّ لابراهيم وهو ابن مئة، وسارة امرأته وهي ابنة تسعين سنة، لكي يُتمّ ما قال الكتاب: هل يلد ابراهيم وهو ابن مئة سنة، وهل تلد سارة وهي بنت تسعين سنة؟ وكان اسحق ابن سبع وثلاثين سنة حين قُرِّب على المذبح. انحدرت السماوات ونزلت ورأى اسحق كمالاتها وأظلمت عيناه بسبب كمالاتها. ودعاها الليلة الثانية. والليلة الثالثة، حين تجلّى الله للمصريّين في وسط الليل: كانت يده تقتل أبكار المصريّين ويمينه تحمي أبكار اسرائيل لكي يتمّ ما قال الكتاب. ابني البكر هو اسرائيل. ودعاها الليلة الثالثة. والليلة الرابعة، حين يصل العالم إلى نهايته لكي ينحلّ. أنيار الحديد تتحطّم، والأجيال الفاسدة تزول، ويصعد موسى من وسط البريّة، والملك المسيحُ يأتي من العلاء. واحد يمشي في رأس القطيع والآخر يمشي في رأس القطيع، وكلامه (= الربّ) يمشي بين الاثنين وأنا وهم يمشون معاً. تلك هي ليلة الفصح لاسم الربّ، وهي ليلة محفوظة ومحدّدة لتحرير كلِّ اسرائيل على مدى أجيالهم.
(43) وقال الربّ لموسى وهرون: "هذه هي فريضة شريعة الفصح: لا يأكل منها أمميّ. (44) وكل عبد اشتُري بفضّة تختنونه. بعد ذلك يستطيع أن يأكل منه. (45) شعبي، بنو اسرائيل: المقيم الأممي الأجير لا يقدر أن يأكل منه. (46) يأكلونه مجموعات مجموعات. لا تخرجون لحماً إلى الخارج، من بيت إلى آخر، ومن مجموعة إلى مجموعة، ولن تكسروا له عظماً. (47) كل جماعة اسرائيل تحتفل بالفصح. (48) إن أراد غريب يقيم معكم أن يصنع الفصح قدّام الربّ، فبعد أن يختن جميع الذكور يقدر أن يصنعه ويعتبر من أهل البلاد. ولكن لا يأكل أمميّ منه". (49) فريضة الشريعة تكون واحدة للغرباء وللمهاجرين الذين يقيمون في وسطكم". (50) وصنع كلُّ بني اسرائيل هكذا. كما أمر الربّ موسى وهرون هكذا صنعوا. (51) في ذلك اليوم عينه، أخرج الربّ بني اسرائيل وحرّرهم من أرض مصر، بحسب جيوشهم.

عيد الفطير وذبيحة الأبكار
13 (1) ويكلّم الربّ مع موسى قائلاً: (2) "قدّس لاسمي كل الأبكار. فكل من يفتح الرحم بين بني اسرائيل، بين بني البشر وبين الحيوان، يكون لاسمي". (3) فقال موسى للشعب: "اذكروا هذا اليوم الذي فيه خرجتم وتحرّرتم من مصر، من بيت العبوديّة. فبيد قويّة أخرجكم الربّ من هناك وحرّركم. لا تأكلوا خبزاً مختمراً. (4) هذا اليوم الذي فيه تخرجون محرّرين، هو زمن شهر أبيب. (5) وحين يُدخلك الربّ أرضَ الكنعانيين والحثيّين والأموريّين والحويّين واليبوسيّين، التي وعد الربّ لأبائكم بأن يعطيكم، وهي أرض تصنع ثماراً طيّبة، نقيّة مثل الحليب وحلوة مثل العسل، تحفظون هناك تلك الخدمة، في هذا الشهر: (6) خلال سبعة أيام، تأكلون الفطير، وفي اليوم السابع تحجّون قدّام الربّ. (7) خلال سبعة أيام تأكلون الفطير فلا يُرى عندكم خُبز مختمَر في جميع تخومكم.
(8) وفي ذلك اليوم تخبر أبناءك قائلاً: بسبب فريضة الفطير، جعلنا الربّ ننتصر في حربنا، حين خرجنا، محرَّرين، من مصر. (9) هذا يكون لك مثل علامات على ذراعيك، ومثل ذكرانة صالحة على وجوهكم لكي تكون شريعةُ الربّ ودماً في أفواهكم، لأن الله أخرجكم بيد قويّة من مصر وحرّركم. (10) وتحفظون أحكام هذه الشريعة، في وقتها، من حقبة إلى حقبة. (11) حين يدخلك الربّ إلى أرض الكنعانيّين كما أقسم لك ولآبائك، ويُعطيك إياها، (12) تفرزون من أجل اسم الربّ كل الأبكار التي تفتح الرحم. جميع التي تفتح رحم الحيوان، جميع الذكور التي لكم، تكون لاسم الربّ، (13) غير أن كلّ ما يفتح الرحم لدى الحمير، تفتديه بحمل. فإن كنتم لا تفدونه تقتلونه. وتفتدون كل أبكار بني البشر من أبنائكم.
(14) "ويكون متى سألك أبناؤك غداً قائلين: ما هذا؟ تقول لهم: بيد قويّة أخرجنا الربّ وحرّرنا من بيت العبوديّة. (15) وكان لما تقسّى فرعون عن إطلاقنا أن الربّ قتل كل الأبكار في ارض مصر، منذ أبكار بني البشر إلى أبكار البهائم بهذا تقدّم قدّام الربّ كل بكر فاتح رحم ونفتدي أبكار بنينا. (16) هذا يكون علامة على أذرعكم، ذكرانة صالحة على وجوهكم لأن الربّ أخرجنا وحرّرنا من مصر بيد قويّة.
(17) وكان لما أطلق فرعون الشعب أن الربّ ما قادهم بطريق أرض الفلسطيين مع أنها قريبة، لأن الرب قال: "لئلاّ يتحطّم قلبُ الشعب حين يرون صفوف القتال فيعودوا إلى مصر". (18) فأدار الربّ الشعب بطريق البريّة إلى بحر القصب، وصعد بنو اسرائيل، وقد تحرّروا، من أرض مصر، مسلّحين بالأعمال الصالحة. (19) وأخذ موسى معه عظام يوسف الذي سبق له واستحلف بني اسرائيل قائلاً: "سيذكركم الربّ ذكراً في رحمته الطيّبة فتُصعدون من هنا عظامي معكم". (20) فانطلقوا من سكوت ونزلوا في إيتام على حدود البرية. (21) وكان كلام الربّ يسير أمامهم في النهار بعمود من سحاب ليقودهم في الطريق. وفي الليل في عمود من نار لينيرهم بحيث يمشون ليلاً ونهاراً. (22) فعمود السحاب في النهار وعمود النار في الليل، لبث واقفَين أمام الشعب فيقودانه وينيرانه.

عبور البحر
14 (1) وتكلّم الربّ مع موسى قائلاً: (2) "تكلّم مع بني اسرائيل: ليعودوا ويخيّموا قدّام فندق الحرية بين مجدل والبحر قدام صنم صفوف. تخيّمون قرب البحر مقابلة (3) فيقول فرعون عن شعب بني اسرائيل: ضلّوا الطريق. بعل صفون، صنمي أغلق عليهم طرق البريّة. (4) أقسّي قلب فرعون فيسعى وراءهم وأتمجّد بفرعون وجميع جيوشه، ويعرف المصريون أني أنا الربّ". ففعلوا هكذا. (5) وأخبر ملك مصر أن الشهب هرب فتغيّر قلب فرعون ومسلّطيه، على الشعب. فقالوا: "ماذا فعلنا حتى أطلقنا اسرائيل من خدمتنا"؟ (6) فشدّ مركباته وأخذ معه الشعب. الرجالَ المحاربين. (7) وأخذ ستمئة مركبة، وكلَّ مركبات المصريّين وجُعل عليها كلها قوّاد. (8) وقسّى الربّ قلب فرعون ملك مصر، فسعى وراء بني اسرائيل، حين خرج بنو اسرائيل محرّرين ورأسهم مكشوف. (9) فسعى المصريون وراءهم، كلُّ خيل ومركبات فرعون، فرسانه وجنوده، ووصلوا إليهم وهم نازلون قرب البحر بجانب فندق الحريّة.
(10) واقترب فرعون. فرفع بنو اسرائيل عيونهم فإذا المصريّون يسعون وراءهم. خاف بنو اسرائيل خوفاً عظيماً وأخذوا يصلّون قدّام الربّ.
(11) فقالوا لموسى: "هل لأن لا قبور في مصر جئتَ بنا لتميتنا في البريّة؟ ماذا صنعتَ بنا حين أخرجتنا من مصر؟ (12) أما هذا هو الكلام الذي تكلّمنا به معك في مصر قائلين: أتركنا نخدم أمام المصريّين لا أن نموت في البريّة!". (13) وترتّب بنو اسرائيل في أربع فئات وهم يقفون على شاطئ بحر القصب. قال الواحد: "نطرح نفوسنا في البحر"! قال الآخر: "نرجع إلى مصر"! قال واحد: "نصطفّ عليهم في صفوف للقتال"! وقال آخر: "نصرخ فيهم لكي نضع البلبلة في وسطهم"! فقال لهم موسى: "لا تخافوا شيئاً بل استعدّوا لتروا فداء الربّ الذي يُتمّه اليوم من أجلكم. فإلى الفئة التي قامت: "نعود إلى مصر"، قال لهم موسى: "لا تخافوا شيئاً، فإنه كما رأيتم المصريّين اليوم، لا تعودون ترونهم، في العبوديّة، إلى الأبد". (14) وإلى الفئة التي قالت: "نصطفّ عليهم في صفوف للقتال"، قال لهم موسى: "لا تخافوا شيئاً لأن الربّ يجعل قتالكم انتصاراً". وإلى الفئة التي قالت: "نصرخ فيهم لكي نضع البلبلة في صفوفهم"، قال لهم موسى: "لا تخافوا شيئاً، انهضوا واهتموا، وارفعوا المجد والمديح والتكريم لإلهنا وعظّموه".
(15) وقال الربّ لموسى: إلى متى تقف هنا في الصلاة قدّامي. ها قد سُمعت صلاتك قدّامي. وصلاة بني اسرائيل سبقت صلاتك. فتكلّم مع بني اسرائيل لينطلقوا. (16) وأنت فارفع عصاك ومدّ يدك على البحر واشكره فيدخل بنو اسرائيل وسط البحر إلى اليابسة. (17) وأنا أقسّي قلب المصريّين فيدخلون وراءهم، وأتمجّد في فرعون وفي كل جيوشه، في مركباته وفي فرسانه. (18) ويعرف المصريون أني أنا الربّ حين أتمجّد في فرعون ومركباته وفرسانه". (19) فانتقل من قدّامهم ملاك الربّ الذي استعدّ لأن يمشي قدّام مخيّم اسرائيل، ووقف وراءهم. وانتقل أيضاً عمود السحاب من قدّامهم ووقف وراءهم، (20) ودخل بين مخيّم المصريين ومخيّم اسرائيل وكان بعض السحاب ظلمة وبعضه نوراً: ظلمة تعتّم على المصريّين، ونور، طوال الليل، لاسرائيل. وما اقترب الواحد من الآخر طوال الليل للبدء في القتال.
(21) ومدّ موسى يده على البحر، فأرجع الربّ البحر بريح شرقيّة شديدة طوال الليل فحوّل البحر إلى يابسة وانشطرت المياه. (22) فدخل بنو اسرائيل في وسط البحر غلى اليابسة. والماء كان لهم سورَ ماءٍ عن يمينهم وعن شمالهم. (23) فتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم في وسط البشر، كل خيل فرعون ومركباته وفرسانه. (24) وحصل في وقت الصباح أن الربّ نظر بغضب إلى مخيّم المصريين ورماهم بالنفط والنار والبرَد الكبير، فرمى البلبلة في مخيّم المصريّين. (25) خلّع عجلات المركبات فاقتادوها وهم يجرّونها وراءهم. اعتادت البغال أن تجرّ العجلات والمحاور. ولكن هذه أخذت تجرّ (المصريين) مثل البغال فرمت المصريّين في البحر. حين رأى المصريون هذا الشيء المدهش. قالوا بعضهم لبعض: "لنهرب أمام شعب بني اسرائيل لأنه الربّ الذي جعلهم ينتصرون في قتالهم يعطي حين كانوا في مصر هو الذي يهب النصر لقتالهم أيضاً في بحر القصب". (26) وقال الرب لموسى: "مدّ يدك على البحر ولترجع المياه على المصريّين، على مركباتهم وعلى فرسانهم"! (27) فمدّ موسى يده على البحر فعاد إلى مستواه، في وقت الصباح. فهرب المصريّون للقائه وترك الربّ المصريّين في وسط البحر. (28) فرجعت المياه وغطّت المركبات والفرسان وكلَّ جيش فرعون الذين دخلوا وراءهم في البحر. فما بقي منهم أحد. (29) ومشى بنو اسرائيل على اليابسة في وسط البحر، وكان الماء لهم سوراً ماء عن يمينهم وعن شمالهم.
(30) في ذلك اليوم حرّر كلام الربّ وخلّص اسرائيل من أيدي المصريين، ورأى الاسرائيليون المصريين موتى ومرميّين على شاطئ البحر. (31) ورأى بنو اسرائيل اليد القوية التي بها فعل الربّ ضدّ مصر. وامتلأ الشعب مخافة من قدّام الربّ، فآمنوا باسم كلام الربّ وبنبوءة موسى عبده.

نشيد موسى
15 (1) فأنشد موسى وبنو اسرائيل نشيد التسبيح قدّام الربّ، وتكلّموا هكذا: "لنمدح ونسبّح قدّام الربّ لأنه انتقم بكلامه من جميع الذين تكبّروا قدّامه. الخيل والفرسان، لأنهم تكبّروا ولاحقوا شعب بني اسرائيل، فرماهم في بحر القصب فابتلعهم. (2) قوّتنا وعظمة تسبيحنا، الذي تخافه الدهور كلّها، عزم بكلامه فصار مخلّصنا. وقال بنو اسرائيل: "هو إلهنا، لنمدحْه. هو إله آبائنا، لنعظّمه"! (3) الربُّ رجل حرب، يهوه اسمه. قدرته مثل اسمه. ليكن اسمه مباركاً إلى دهر الدهور. (4) أرسل على مركبات فرعون وعلى جيوشه، سهامَ نار في البحر، ورمى زهرة رجاله، محاربي فرعون، ففرقوا في بحر القصب. (5) الغمر غطّاهم، فنزلوا وغرقوا في عمق المياه، وصاروا مثل الحجارة. (6) يمينك، يا ربّ، مجيدة في القوّة! يمينك، يا ربّ، حطّمتْ فرعون العدوَّ والخصمَ. (7) بعظمة بهائك تدمِّر أعداء شعبك. ترسل عليهم غضبك الشديد فتحرقهم كما تحرق النارُ القشّ. (8) بالكلام الذي قدّامك، يا ربّ، تحوّلت المياه تلالاً تلالاً، وانتصبت كوماً مثل زقاق مياه جارية. تجمّدت الغمار في وسط البحر العظيم. (9) قال فرعون الشرير، العدو، الخصم: "أسعى وراء شعب بني اسرائيل وألحق بهم حين يخيّمون على شاطئ البحر. فأأسر عدداً كبيراً منهم وأخذ منه سلباً كبيراً. أوزّع ما آخذه على رجالي، على رجال حربي، إلى أن تشبع نفسي. بعد هذا، استلّ سيفي فتفنيهم يميني".
(10) "نفختَ بريح من عندك، يا ربّ غطّتهم مياه البحر فغرقوا وابتُلعوا مثل الرصاص في المياه القويّة. (11) من مثلك مثل آلهة العلاء، يا ربّ؟ من مثلك بهيّ في القداسة، مخوف في التسبيح لجميع الدهور، تجري العجائب والمعجزات لشعبك، بيت اسرائيل؟". (12) تجادل البحر والأرض معاً وقالا... قال البحر للأرض: "تقبّلي بنيك"! فقالت الأرض للبحر: "تقبّل ضحاياك"! ما أراد البحر أن يستقبلهم، ولا أرادت الأرض أن تبتلعهم. خافت الأرض من دينونة اليوم العظيم، أن يطالبها بهم العالم الآتي. وفي الحال، مددتَ يمينك، يا ربّ على الأرض، واقسمت أنك لن تطالبَها بهم في العالم الآتي. ففتحت الأرض فمها وابتلعتهم.
(13) "بنعمتك قُدتَ هذا الشعب الذي افتديتَه. قُدرتَهم بقدرتك إلى المسكن الذي تقيم فيه شكينتك (حضورك) المقدّسة. (14) سمعت الأمم وغضبت. والرعدة أمسكت أرض فلسطية. (15) اضطرب عظماء الأدوميّين، وأمسك الرعدة أقوياء الموآبيين. كل سكّان أرض كنعان انهلع قلبهم فيهم. (16) سقط عليهم الخوف والرعدة اللذان أنزلتهما بهم. أمام قدرة ذراعك القويّة، صمتوا مثل الحجارة إلى أن عبر شعبك، يا ربّ، سيل ارنون، إلى أن عبر هذا الشعب الذي افتديته مخافة الأردن. (17) تدخلهم إلى جبل ميراثك وتملّكهم إياه، والموضع المجدّد لإقامة الشكينة الذي هيّأته لك، يا ربّ، وهيكلك، يا رب، يداك كمّلتا". (18) فقال بنو اسرائيل: "كَمْ يليق بك، يا ربّ، إكليل الملك. حين رأى بنوك الآيات العجيبة على البحر وقدرتك وسط الأمواج، في ذلك الوقت فتحوا فمهم معاً وقالوا: الربّ الملك من الأزل إلى دهر الدهور!".
(19) حين دخل في البحر قبل فرعون مع مركباته وفرسانه، وأرجع الربّ عليهم مياه البحر، سار بنو اسرائيل على اليابسة في وسط البحر. (20) فأخذت مريم النبيّة، أخت هرون، بيدها الدفّ وخرجت كل النساء وراءها وهنّ يرقصن على صوت الدفّ (21) فأجابتهم مريم: "لنمدَح ونسبّح قدّام الربّ الذي هو معظَّم فوق المتكبّرين والذي يرتفع فوق الذين يرتفعون. الخيل وفرسانهم لأنهم تكبّروا ولاحقوا شعب بني اسرائيل، رماهم في بحر القصب فابتُلعوا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM