الصلاة الرابعة: قدرة الله وحنانه

الصلاة الرابعة
قدرة الله وحنانه
35 (1) عظيمٌ أنت، أيها الربّ القدير،
وعظيمةٌ قدرتُك، ولا قياس لفهمك (مز 147: 5).
أيها الخالق والمخلّص، والغنيّ بالحنان،
والطويل الأناة وقائد الرحمة.
أنت يا من لا تحرم خلائقك من الخلاص.
أنت، في طبعك، صالح، فتغفر للخطأة،
وتدعوهم إلى التوبة، لأنك تؤدّب بالرحمة.
فكيف نثبتُ إن دعوتَنا فجأة إلى الدينونة،
ساعة ننهض بصعوبة من ضعفنا، مع أننا ننعم بطول أناتك؟
(2) قدرتُك أعلنتها السماء
(وأعلنتها) الأرض التي تزعزعت في أسُسها دون أن تكون معلّقة بشيء.
والبحرُ مع أمواجه الهائجة،
الذي يقيم فيه عددٌ كبير من قطعان الحيوان،
يتوقّف عند حاجز من الرمل، ويرتجف أمام مشيئتك،
بحيث يُفرَض على جميع البشر أن يهتفوا:
"ما أعجب أعمالك يا ربّ!
صنعتها كلها بحكمة، فامتلأت الأرضُ من خليقتك" (مز 104: 24)
(3) يخرج جيشُ الملائكة،
والأرواحُ العاقلة تهتف: "قدوس واحد لفيلمون".
والسرافون القديسون والكروبون، بأجنحتهم الستّة،
يُنشدون نشيدَ الظفر، ويهتفون بحيث لا تسكت أصواتُهم أبداً:
"قدوس، قدوس، قدوس الربّ الصباؤوت،
السماء والارض مملوءتان من مجدك" (إش 6: 3).
وجوقُ الفرق الأخرى من ملائكة ورؤساء ملائكة،
وعروش وسيادات ورئاسات (كو 1: 6) وسلطات وقوّات،
تصرخ بملء صوتها قائلة: "مبارك مجدُ الربّ، في مسكنه" (حز 3: 12).
(4) واسرائيل، كنيستُك الأرضيّة، التي خرجت من الأمم،
تتبارى مع القوّات السماويّة، ليلاً نهاراً،
فتُنشد بكل قلبها حرارةَ نفسها (2 مك 1: 3):
"مركبة الله: ربوات وربوات، آلاف السعداء.
الربّ هو فيهم، في سيناء، في معبده" (مز 68: 18).
(5) عرفتِ السماءُ ذاك الذي بسط قبّتها (اش 40: 22)،
دون سند، مثل حجر مكعّب،
فضمّ الأرضَ إلى المياه، ونفخ الهواء لغذاء الأحياء،
وضمّ اليها النهارَ ليُدفئهم ويُبعد الظلمة.
نُذهَلُ عجباً أمام الكواكب
التي تكشف ذاك الذي عدّها،
وتُعرّفنا بذاك الذي حدّد لها أسماء (مز 147: 4).
هذا ما يفعله الأحياء لمن منحهم الحياة، والأشجار للذي أنبتها.
خُلق الجميعُ بكلمتك، فدلّ على قوّة قدرتك.
(6) لهذا، ينبغي على كل انسان،
أن يُوجّه إليك بكل قلبه، بواسطة المسيح،
نشيداً عن الخليقة كلها،
لأنه بفضلك يتسلّط على الكون.
(7) فبإحسانك تدلّ على صلاحك،
وبرحمتك، على سخائك، أنت أيها القدير وحدك.
يكفي أن تشاء وسلطانك حاضر (حك 12: 18).
فقدرتُك الأزليّة تبرّد حتّى اللهيب (دا 3)،
وتكمّ أفواه الأسود (دا 6). وتُهدئ تنانين البحر (يون 2)،
وتقيم المرضى (2 مل 9)، وتزيل القوّات،
وتحطّ جيش الأعداء في كبريائه، والشعب الذي أحصي (2 صم 24).
(8) أنت في السماء، وعلى الأرض،
وفي البحر إلى أقصى حدوده،
دون أن يحدَّك شيء لأن "لا حدود لعظمتك" (مز 145: 3).
هذا ليس منّا، أيها السيّد،
بل هو القول النبويّ الذي أعلنه عبدُك:
"وتعرف في قلبك أن الربّ إلهك هو الاله
في السماء من فوق، وعلى الأرض من تحت، وليس سواه" (تث 4: 39).
(9) فلا إله آخر سواك أنت (اش 45: 5)،
ولا قدّوس آخر إلاّك، يا ربّ،
يا إله العارفين، يا إله القديسين،
يا قدوساً فوق جميع القديسين لأن "القديسين هم تحت يديك" (تث 33: 3).
أنت مجيد ورفيع جداً (دا 3: 52- 54)،
لا يُرى في طبعه، ولا تُسبَر أحكامُه (روم 11: 33).
أنت الحياة التي لا تحتاج، والمدى الذي لا يتبدّل ولا يضعف،
والعمل الذي لا يتعب،
والبهاء الذي لا يُوصف، والجمال الذي لا يذوي،
والمسكن الذي لا يُدنى (1 تم 6: 16)، والموطن الذي لا يتبدّل،
والمعرفة التي لا بداية لها،
والحقيقة التي لا تتحوّل،
والعمل الذي لا وسيط له، والقدرة التي لا جدال فيها،
والسلطان الذي لا خلَفَ له، والملكيّة التي لا نهاية لها،
والقوّة التي لا تقاوَم، والجيش الذي لا يُحصى.
(10) فأنت أبو الحكمة.
وبما أنك العلّة الأولى،
وصانعُ الخليقة التي تمّت بوساطتك، وقائدُ العناية،
تهب النواميس، وتُغدق على الفقراء،
وتعاقب الأشرار، وتجازي الأبرار خيراً (عب 11: 6).
أنت الله وأبو المسيح وربّ الذين يعبدونه،
هو الذي وعدُه لا كَذِبَ فيه، ودينونتُه بدون فساد،
وحُكمه لا يتبدّل، وتقواه مستمرة، وفعل شكره أبديّ.
فبه لك السجود اللائق المفروض على كل طبيعة عاقلة ومقدّسة.
الكتاب السابع
ص 75 - 81

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM