تقديم

تقديم
يتضمّن هذا الكتاب ثلاثة أمور: مزامير سليمان، صلوات في المجامع، صلوات منسّى ويوسف ويعقوب.
ألّفت مزاميرُ سليمان الثمانية عشر في العبريّة، وحُفظت في ترجمة يونانيّة تعود إلى القرن الأول المسيحي، لارتباطها بسليمان الذي اعتبره التقليد مساوياً لداود حتّى في تأليف المزامير. وحُفظت هذه المزامير في ترجمة سريانية (انطلقت من اليونانية على ما يبدو)، فضُمَّت إلى موشحات سليمان التي هي كتاب مسيحيّ.
ماذا نجد في هذا الكتيّب؟ صورة عن انحطاط السلالة الحشمونية (80 - 40 ق م) التي هي امتداد لهؤلاء المكابيّين الذي حاولوا أن يخلّصوا الشعب من التسلّط السلوقيّ فسقطوا في تسلّط أقسى حين جاءت رومة، بقيادة بومبيوس، فاحتلّت أورشليم ونجّست هيكلها. على ما سبق لانطيوخس الرابع ابيفانيوس أن فعل. غير أن هذا الشاعر (أو هؤلاء الشعراء) سيفرح حين يعرف كيف مات القائد الروماني قتلاً وبقيت جثته على الشاطئ، وذلك سنة 48. هذا ما يُفهمنا أن مزامير سليمان دُوِّنت بعد ذلك الوقت. أما المواضيع التي نجدها فهي طلب للانتقام من هذه السلالة الفاسدة كما من بومبيوس وجيشه. وفي الوقت عينه، نجد موضوع الشكر لله من أجل اهتمامه بخلائقه. وعاد المؤلِّف إلى الانبياء، فرأى في سقوط أورشليم عقاباً للشعب الذي خطئ فضاهت خطاياه خطايا الوثنيين، وفي موت بومبيوس قضاء الله العادل بكل من يمسّ مدينته وهيكله.
والقسم الثاني من هذا الكتاب يتضمّن صلوات كانت تُتلى في المجامع. جمعتها يدٌ مسيحيّة وطبعتها بطابع الايمان الجديد. دون أن تحرّرها كل التحرّر من نظرة إلى مسيح أرضيّ يُصبح مخلوقاً، شأنه شأن البشر. صلوات تتحدّث عن الله القدير. وعن الانسان هدف الله الخلاّق، وعن الملائكة والحكمة والكلمة. إلى هذا الانسان أعطيت الشريعة الطبيعية منذ الخلق، ثم الشريعة الموسويّة بعد الخطيئة. أما الكلام عن الحياة الابديّة فيجعل هذه الصلوات في إطار الفكر الفريسيّ الذي يؤمن بالقيامة فيختلف عن الفكر الصادوقيّ، الذي جعل اهتمامه، بشكل خاص، بأمور الأرض.
وردت هذه الصلوات في كتاب «القوانين الرسوليّة» الذي هو مؤلّف كبير يضمّ العناصر القانونيّة والليتورجيّة ويعود إلى نهاية القرن الرابع المسيحيّ، وقد استقى معلوماته من كتب عديدة سبقته، مثل الديداكيه أو تعليم الرسل. واستقى في ما استقى عناصر من «كتاب» صلوات تُتلى في المجامع اليهوديّة، فجعل منها صلوات مسيحيّة. أو هو انطلق من كتاب مسيحيّ أخذ بصلوات يهوديّة سبقته فجعلها من أجل مختلف ظروف الحياة في الكنيسة.
وأخيراً، تضمّن هذا الكتابُ ثلاث صلوات. واحدة نُسبت إلى منسّى الملك الذي عُرف بخطيئته حين قاد شعبه خمسين سنة ونيّف في عبادة الأوثان. ولكن حين وقع في الأسر تاب، فكانت لنا منه هذه الصلاة التي وصلت في نسختين. وصلاة ثانية نُسبت إلى يوسف فتحدّثت بالاحرى عن يعقوب، أبي يوسف، الذي صار تجسيداً للملاك يسرائيل بعد أن جعله العهد القديم يتماهى مع اسرائيل. والصلاة الثالثة نُسبت إلى يعقوب. قرأناها في برديّة مصريّة تعود إلى القرن الرابع المسيحي.
وهكذا نكون أساساً في كتاب يضمّ الصلوات التي اعتاد العالم اليهوديّ أن يتلوها على عتبة المسيحيّة، وفي القرن الأول المسيحيّ، ولا سيّما في المجامع، أو في حلقات الاتقياء. حُفظت مزامير سليمان مع موشـّحات سليمان، في العالم المسيحيّ، فسلُمت من الضياع. وكذا نقول عن سائر الصلوات التي نقرأها اليوم في كتب مسيحيّة، ناهيك عن نصوص عديدة أخرى.
قدّمنا هنا مزامير سليمان. وسيكون لنا أن نقدّم في كتاب آخر موشّحات سليمان مع متقاطع عديدة من العالم اليهوديّ حملها إلينا العالم اليوناني بعد أن سيطرت لغتُه كلغة ثقافة على الشرق والغ

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM