الأفكار الدينية في رؤيا ايليا

الأفكار الدينية في رؤيا ايليا

1- الله
هو الرب (1: 1؛ 1: 3؛ 1: 9...) والإله (1: 6؛ 1: 13؛ 1: 14...). لا فرق بين الاسمين، والكاتب يستعمل الواحد محلّ الآخر (1: 3؛ 1: 6). فالله هو "ربّ المجد" الذي خلق كل شيء (1: 3)، الذي خلق البشر (1: 1). وبعد العودة إلى عمل الله الخالق. يتذكّر الكاتب الخروج (1: 3، 6) الذي منه تنبع المواعيد المعطاة للمؤمنين (1: 8- 10) الذين كانوا أمناء للعهد (1: 14). أي حفظوا شريعة الله وتعاليمه (9: 1، 13). الله يريد أن يكون أبًا لإسرائيل (1: 8).
من هذه المقدمات نصدر سلسلة من الاستنتاجات: الله يغضب بسبب خطيئة البشر (1: 1)، ولكنه يبقى رحيمًا (1: 3) ويمنع إبليس من ابتلاع البشر (1: 5). هو إله عادل يدين ويعاقب الخطأة في دينونة عادلة (1: 11؛ 3: 90). وقد حبّأ المكافأة الحسنة للذين يطيعونه (1: 8- 10) وقد برهن عن اهتمام خاص بالقد يسيء والأبرار (3: 47- 48) وهو أخيرًا من يضع حدًا لتصرّفات ابن الإثم وحزبه (3: 82- 83). ونلاحظ أنه بعد الدينونة، سيحلّ المسيح محلّ الله.
2- المسيح أو الملك الممسوح
لا تتحدت رؤ إيليا عن المسيح قبل الدينونة والمرحلة الأخيرة. وهناك آية دانياليّة تُعطي تفاصيل ع مجيئه (3: 3- 4). كما يُشير النصّ إلى الآيات والمعجزات التي نتيح للمؤمنين أن يعرفوه.
ويسمّى المسيح أيضًا "الملك" (3: 97). نحن إذن أمام مسيحانية ملكية. ويُسمّى "ابن الله" (3: 85؛ رج 1: 6). وهناك مقطع يجعلنا نفكّر أنّنا أمام مسيح متألّم (3: 33). غير أن التعليم يبدو غامضًا في مواضع عديدة: فالمسيح يلعب (على ما يبدو) ذات الدور الذي يلعبه الله، في نهاية الكتاب (3: 97- 99). فهو الذي يخلق الأرض الجديدة والسماوات الجديدة، وهو ملك هذه الخليقة الجديدة. في ف ا، قيل أن الله هو خالق البشر (1: 1)، يقال في 3: 66 أن "المسيح هو الذي خلقنا". في البداية، الله هو الذي يشفق على إسرائيل ويأتي ليخلّصهم (1: 3). وفي 3: 56، المسيح يشفق على أخصّائه ويرسل ملائكته لكي يحرّرهم. وتجاه مدينة الرّب (1: 10- 11)، نجد ملكوت المسيح (3: 99؛ رج 1: 11؛ ق 3: 66).
كيف نفسّر هذه الظاهرة؟ الله يملك على الكون كلّه بدون منازع. أما المسيح فهو بشكل خاص ملك جماعة الأبرار الصغيرة: يشفق عليهم، يقيم معه ملكه المسيحاني في نهاية الأزمنة في نظر جماعة الأبرار هذه، لا خلاف بي النظرتين. فتارة يُرسم اسم الله على جبين الأبرار (1: 9) وطورًا اسم المسيح (3: 58). وهناك دينونتان. واحدة يمارسها الله 31: 90) وأخرى يمارسها الابن (3: 5 8).
3- الملائكة
المحيط الذي وُلدت فيه هذه الرؤيا عرف تعاليم ملائكيّة منظّمة. فهناك المراتب الانجيلية. في 1: 7 حديث عن طبقات الملائكة (الملائكة، رؤساء الملائكة، الرئاسات).
ثم تأتي طبقات أخرى (وص آدم 4؛ وص لاوي 3: 8) لا نجدها هنا. في 1: 10- 11 (رج 3: 26) حديث عن العروش الذين يشكّلون مرتبة أخرى. لا شكّ في أنّ الكاتب آمن بوجود سماوات مختلفة يقيم فيها الملائكة. وتظهر مرتبة ملائكيّة في 3: 56- 57: هم السراقون. وأخيرًا، نرى في 3: 60 جبرائيل واورئيل اللذين يمثّلان قمّة التراتبيّة الملائكيّة. فهذان الملاكان جزء من السباعيّة (1 أخن 20: 1- 8؛ 87: 2- 3؛ رؤ عز 6: 2) أو الرباعيّة (مخائيل، جبرائيل، رفائيل، اورئيل1، أخن 9: 1؛ 10: 1؛ 10: 4؛ 10: 9؛ 10: 11؛ رؤ موسى 40؛ وص سل 73-81؛ سيب 2: 15).
ووظائف الملائكة. هناك فئات من الملائكة يتدخّلون في رؤ إيليا وبلعيون دورًا محدّدًا. فهناك ملائكة يسهرون على الأبرار، في الأرض المقدّسة (3: 61). يعتبرهم ابن الإثم أعداءه (3: 87)، وهم يحاربونه بسيوف عديدة (3: 81). والعروش هم أيضًا أعداء ابن الإثم (3: 26). وظيفتهم محدّدة: يجعلون الأبرار يمرّون ويمنعون الخطأة.
وأهم وظائف للملائكة هي أن يكونوا وسطاء بين الله والبشر (1: 7). أن يكونوا حاشية الله (1: 11). وفي الحقبة الأخيرة، يعيشون في الملكوت مع الأبرار والمسيح (3: 98- 99). أما السرافيم فدورهم هو الذي نراه في التوراة (أش 6: 3؛ 2 أخن 19: 3؛ 21: 1). هم يمدحون الله ويمجّدونه (3: 57). وأخيرًا، يلعب السباعية الانجيلية الدور الذي لعبه الله في مسيرة الخروج من مصر.
4- ابن الإثم
هذا الشخص هو في قلب رؤيا إيليا. يُسمى "ابن الهلاك" (2: 33) والأثيم (2: 34) وابن الإثم (1: 10؛ 3: 1، 5، 11، 15، 19، 33، 39، 50، 53، 61، 64، 92) والوقح (3: 16، 19، 20، 23). يُستعمل هذان الاسمان الأخيران الواحد محلّ الآخر. هو العدوّ (3: 19، 26، 36) والغريب (3: 25، 27). وهناك إشارة تدلّ على أنّه ملك (3: 45). نحن هنا بلا شكّ أمام عنصر قديم: فابن الإثم يجد نموذجه في شخص تاريخيّ. انطلاقًا من هنا، اتخذ سمات سطريّة ورمزيّة. وهكذا يُسمّى هذا الشخص مرارًا ابليس، الشيطان (3: 30، 64؛ رج 1: 2، 4: 3: 98). وجهه وجه مسخ، وجه وحش: جناحاه من نار (3: 79) وهو يموت كما يموت التنين (3: 94). هو كائن سقط من السماء على مثال نجوم الصباح (3: 28؛ رج أش 14: 12). وقد خسر مجده 31: 29).
يكشف عن نفسه في هيكل أورشليم (3: 5). ويتمّ ذات الآيات والمعجزات التي يتمّها المسيح، ما عدا إقامة الموتى (3: 10، 52). وسيظلّ عددٌ من النّاس يتبعونه. أما الذين يرفضون أن يتبعوه، فيخضعون للعذاب والاضطهاد (3: 40- 55). هذا الشخص الشيطاني يمارس سلطانًا لا حدود له حتّى يوم الدينونة. عند ذاك يُلقى في الهاوية بعد أن يُعدم الحياة.
5- البشر
يقسم البشر مجموعتين: الخطأة والأبرار. نعدّ بين الخطأة (1: 11؛ 3: 64، 78، 83، 87، 88، 98) أولئك الذين لم يكن إيمانهم قويًا فخدعهم معلّمو الضلال (1: 12- 14). أولئك الذين تبعوا ابن الإثم وآمنوا به (3: 64- 97). أولئك الذين اضطهدوا الأبرار وأسلموهم إلى الموت (3: 87). سيُدانون ويُحكم عليهم (3: 87- 88) قبل أن يزدرون مع ابن الإثم (3: 95- 96).
من جهة ثانية، نجد الأبرار (3: 51، 54، 55، 68، 87، 88، 89) والقدّيسين (1: 18؛ 2: 9؛ 3: 19، 25، 41، 75؛ 79، 87، 97، 99). أولئك الذين أطاعوا الله (1: 8) وشريعته (1: 13) دُعوا أخصاءه (1: 9؛ 2: 1 أو أخصاء المسيح، 3: 56). هؤلاء الذين كانوا جزءًا من عهد الله (1: 14) ويرثون وعد المجد (1: 14). إنهم يستطيعون أن يعرفوا كذب ابن الإثم، بحيث لا يُخدعون بآياته. لهذا فهم معرّضون لاضطهادات قاتلة (3: 40- 55). بعض منهم هرب من الاضطهاد فلجأ إلى الصحراء (3: 45). وآخرون تحدّوا هذا الاضطهاد ولم يهربوا (3: 48-50). وآخرون أيضًا حماهم الملائكة وقادوهم إلى موضع فردوسي حيث يأكلون ثمر شجرة الحياة ويرتدون ثيابًا بيضاء (3: 56- 61)، وسيعودون في اليوم الذي تهتزّ فيه الأرض لكي يحملوا الخلاص والروح (3: 62 ب).
إن مصير هؤلاء الأبرار والقديسين لا يحدّده عليه. فالتاريخ يسيطر عليه عدوّهم اللدود، ابن الإثم، الذي هو سبب كل مصائبهم. فلا يبقى لهم سوى رجاء واحد: الدينونة. وفي قلب نظرتهم إلى؟ التاريخ، نجد الأمل بالتغيير في نهاية الأزمنة. فسيحضر هذه الدينونة العادلة الخطأة والأبرار. يحضر الأبرار بلحمهم وعظمهم (3: 46- 47). إذن، هم يقومون ويحقّ لهم أن يستمتعوا بمشهد الخطأة في عذابهم (3: 87) قبل أن يعيشوا مع المسيح والملائكة في الخليقة الجديدة (3: 97-99).
ماذا يكون دور الأبرار ودور القديسين؟ لهم مهمّة يقومون بها لخلاص الشعب. فحضور الأبرار على هذه الأرض له مدلول خاص. فإن كانت الأرض لم تفنَ فبسبب حضور بعض الأبرار على الأرض. وبسبب هذا الحضور تعطي الأرض ثمرًا، وتشرق الشمس، وينزل الندى (3: 76-77). لو لم يكن الأبرار على الأرض، لانصبّ غضب الله على الخطأة (3: 69)، وترك إبليس يفني العالم. وهناك دور خاص يقوم به بعض الأبرار، هو التّشفع (3: 68؛ رج 4 مك 6: 28) وهناك دور الاتهام الذي تقوم به طابيتة وأخنوخ وإيليا والستون بارًا. يهينون الأثيم، يشتمونه، يقتلونه (3: 18- 19، 25- 30، 33- 36، 52: 53؛ رج 3: 20- 21؛ 31- 32، 54).
وأخيرًا، نلاحظ الدور البدلي الذي يلعبه بعض الذين ذبحهم ابن الإثم: أخنوخ وإيليا (3: 25- 39)، ثم الستون بارًا الذين أحرقوا على المذبح. وأخيرًا طابيته التي سفك دمها فصار ينبوع خلاص للشعب. وهكذا ارتبطت طابيته مع الستين بارًا بالذبائح التكفيرية: ذُبح الأبرار على المذبح، وسُفك دم طابيته في الهيكل.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM