صعود إبراهيم

صعود إبراهيم
إبراهيم والملاك
15 (1) وحصل أنه حين غابت الشمس، ظهر دخان بدا صاعدًا من أتون. ومن على الاتون المرخّن، ارتفعت ملائكة تحمل الأضاحي المقطوعة. (2) فأخذني الملاك بيدي وأقعدني على جناح الحمامة الأيمن، وقعد هو على جناح اليمامة الأيسر. فهاتان ماذُبحت ولا قُطعت. (3) ونقلني إلى حدود لهيب النار. (4) فارتفعنا كما لو أن رياحً عديدة اسندتنا، إلى السماء المثبت على المساحات. فرأيت في الهواء على المستوى الذي ارتفعنا إليه نورًا قويًا لا يمكن وصفُه. (5) وفي هذا النور كانت نار متّقدة لمجموعة ومجموعة كبيرة أشياه بشره (6) كلّهم تحوّلوا وجهًا وشكلاً، ركضوا وتبدّلوا، سجدوا وهتفوا بصوت لم أعرف كلماته.
16 (1) فقلت للملاك: "كيف نقلتني الآن إلى هنا؟ فما عدتُ أستطيع أن أرى لأني ضعفتُ وتراكتني روحي". (2) فقال: "أنتَ معي ولا تخف. فذلك الذي تراه آتيًا إلينا بشكل مباشر في صوت عظيم من القداسة، هو الأزليّ الذي أحبّك. أما هو فلا تراه. (4) لا يضعف روحُك، فأنا معك وأقوْيك".
17 (1) وإذ كان يكلّمني بعد، تقدمّت نار باتجاهنا وأحاطت بنا. (2) وكان في النار صوت شبيه بصوت مياه كثيرة، شبيه بصوت البحر في هيجانه. (3) فانحنى الملاك معي وسجد. (4) أردت أن ارتمي بوجهي إلى الأرض، ولكن المكان المرتفع الذي كنا عليه، كانت تارة فوق وطورًا ينزل إلى تحت. (5) فقال لي: "انحنِ فقط، يا إبراهيم، واتلُ المديح الذي علّمك". فما كان هناك أرض اسقط عليها. (6) فانحنيت فقط وقلت المديح الذي تعلّمته (7) فقال: "أتلُ ولا تتوقّف". فتلوت، وتلا هو أيضًا المديح.
إبراهيم ينشد مديحًا مع ياوئيل
(8) "أيها الأزلي، القدير، القدّوس، إيل، الإله الملك. وُلدت من ذاتك، غير قابل للفساد وبلا عيب. غير مولود، لا تعرف الدنس ولا الموت.(9) يا كاملاً في ذلك. ومضيئًا بذاتك. لا أم لك ولا أب، يا لا مخلوق أيها العلي، يا من أنت من نار. (10) يا صديق البشر، أيها الكريم والرحيم، يا من أنت لي مليء بالاندفاع وطويل الأناة والكثير الحنان. إيلي، أي يا إلهي. (11) أيها الأزلي والقدير والقدّوس والصباؤوت والمجيد جدًا، إيل، ايل، ايل، ايل، ياوئيل. (12) أنت ذاك الذي أحبّته نفسي، أيها المحامي والأزليّ والمنير كالنار، الذي صوته يُشبه الرعد، ونظره البرق، أنت يا من لك عيون كثيرة. (13) أنت الذي يتقبّل صلوات الذين يكرمونك، وتميل عن صلوات الذين يحاصرونك باحتجاجاتهم. (14) أنت الذي تحرّر اؤلئك الذين اتجوا بالانجاس والأشرار في جيل العالم الفاسد، وتجدّد دهر الأبرار. ( 15) أنت أيها النور تشرف قبل نوح الصياح على خليقتك بحيث يأتي النهار على الأرض من وجهك. (16) و في مساكنك السماوية، لا حاجة إلى نور آخر سواه الضياء البهيّ الآتي من أنوا ر وجهك. (17) فاقبل صلاتي والذبيحة التي فيها قدّمت ذاتك بواسطة من يبحث عنك. (18) إقبلني بحنان وأرني ما وعدتني به، وعلّمتني، وعرّف به عبدك.
رؤية العرش
18 (1) وإذ كنت أتلو المديح، ارتفعت إلى أعلى شفاه النار التي كانت على المدى الواسع .وسمعت صوتًا شبيهًا بصوت عاصفة البحر، فما أوقفه وفرة النار. (2) وإذ صعدتْ النارُ فارتفعت إلى العلى، رأيت تحتها عرش نار. وحول العرش كائنات لها عيون كثيرة تتلو مديحًا. (3) وكان تحت النار أربع خلائق من نار تنشد. كان لها المنظر الواحد، وكان لكل منها أربعة وجوه. (4) وإليك كيف كان مشهد وجوهها: مشهد أسد وإنسان وثور ونسر. (5) وكان هناك أيضًا أربعة رؤوس كان لكل خليقة ستة أجنحة تنطلق من كتفيها، من جنبيها وحقويها. (6) فبالأجنحة التي انطلقت من كتفيها غطّت وجوهها. وبالأجنحة التي انطلقت من حقويها غطت رجليها. أما أجنحة الوسط، فمدّتها لتطير أمام وجهها. (7) وحين انتهت من النشيد نظر البعض إلى البعض، وهدّد الواحد الآخر. (8) وحصل أن الملاك الذي كان معي رآها تهدّد بعضها. فتركني وجرى مسرعًا إليها. مال بوجه كل خليقة عن وجه التي كانت أمامها، لئلا ترى الواحدة وجه الآخر الذي يهدّدها (9) وعلّمها نشيد السلام الذي فيه. (10) ولما صرتُ وحدي، نظرت فرأيت وراء الخلائق مركبة ذات دواليب من نار. وعلى محيط كل دولاب (أو: عجلة) كان العرشُ الذي رأيته، فكان مغطّى بالنار والنار تحيط به. وإذا بنور بهيّ يحيط النيران الكثيرة وسمعتُ صوت قداستهم الشّبيه بصوت إنسان واحد.
السماوات المختلفة
19 (1) وجاءني من وسط النار صوت يقول: "إبراهيم، إبراهيم"؟ فقلت: "هاءنذا": (2) فقال لي: "تطلع في المساحات الموجودة تحت المكان الذي تقف فيه، فترى أنه ليس على أيّة مساحة سوى ذاك الذي بحثت عنه فأحبّك". (3) وإذ كان يتكلّم بعد، انفتحت السماوات الممتدّة تحتي. (4) فرأيت على الفلك السابع حيث كنت، نارًا ممتدّة، ونورًا وندى وعددًا كبيرًا من الملائكة وقدرة مجد لا منظور للخلائق التي رأيتها فوق. ما رأيت هناك أحدًا آخر. (5) نظرتُ من العلى الذي كنت فيه. إلى المساحة السادسة. (6) فرأيت هناك عددًا من الملائكة اللاجسدّيين المصنوعين أرواحًا، الذين ينفّذون أوامر ملوك النار الموجودين على الفلك الثامن الذي كنت واقفًا على علاه. (7) نظرت فما رأيت أبدًا على هذه المساحة قوّة أخرى سوى ملائكة الروح والقوّة التي رأيتها على الفلك السابع. (8) وأمر الصوت بأن تزال المساحة السادسة. (9) فرأيت هناك على المساحة الخامسة قواّت النجوم والأوامر التي أعطي لها أن تنفّذها، وعناصر الأرض التي تطيعها.
وعد مُعطى لإبراهيم.
10 (1) فقال القدير الذي قبل الدهر (أو: الدهور): "إبراهيم": فقلت، "هاءنذا"! (2) فقال "تطلّع من فوق إلى النجوم التي تحتك. أحصها وقل عددها". (3) قلت: "ومتى أستطيع ذلك؟ فأنا إنسان". (4) فقال لي: "مثل عدد وقوّة النجوم ، سأجعل من زرعك أمّة وشعبًا خصّصته لي في تسميتي مع عزازيل" (15) قلت: "أيها الأزليّ القدير، (اسمح) لعبدك أن يتكلّم أمامك ولا ينصبّ غضبك على فختارك! ها إن عزازيل وقف في وجهي حتّى قبل أن ترفعني. فكيف تفاهمت معه مع أنّه ليس أمامك الآن"؟
إبراهيم يتأمّل في الكون
21 (1) فقال لي: "انظر الآن المساحة التي تحت قدميك وافهم في الوقت الحاضر الخليقة التي صدَّرت منذ زمن بعيد. (2) فعلى هذا المدى تجد الخليقة وما فيها الدهر المهيَّأ لها". (3) نظرتُ تحت المدى الذي كان عند قدميّ، فرأيت صورة السماء وما كان فيها: (4) رأيت هناك الأرض وثمارها، وما يتحرّك عليها، وما فيه نفس عليها، وقوّة بشرها، وشرور نفوسهم، وتبريراتهم وأصل أعمالهم. (5) رأيت الغمر وعذاباته، مناطقه السفلى والدمار التي فيها. (6) ورأيت هناك البحر وجز ره، حيواناته وأسماكه، لاويتان وسلطته، سريره ومغاوره العالم الموضوع عليه حركاته ودمار العالم بسببه. (7) ورأيت هناك الأنهار وقبضاناتها وتعرّجاتها. (8) ورأيت هناك جنّة عدن وثمارها، النبع والنهر الذي يخرج منه، أشجاره وأوراقها، والذين يمارسون البّر. ورأيت هناك طعامهم وأماكن واحتهم. (9) ورأيت هناك عددًا كبيرًا من الرجال والنساء والأولاد: نصفهم كان من جهة اللوح اليمنى والنصف الآخر من جهة الصورة اليسرى.
مصير شعوب الأرض
22 (1) فقلت: "أيها الأزلي القدير، ما هذه الصورة للخليقة"؟ (2) فقال: "هذا هو رضاي في ما يتعلّق بالعالم وما يرضي وجهي. (3) فبعد أن أمرت بكلمتي، وُجدت هذه الأشياء، وما دعوته إلى الوجود كان قد رُسم مسبقًا على هذا اللوح. ظهر (كل شيء) أمامي قبل أن يُخلق كما رأيت". (4) فقلت: "أيها الربّ القدير والأزليّ، من هم الكثيرون من هذه الجهة وتلك في هذه الصورة". (5) فقال لي: "الذين عن اليسار هم جماعة الشعوب الذين وُجدوا قبلك. بعدك، يوجّه البعض إلى الدينونة والقيام من جديد، الآخرون إلى الانتقام والدّمار، حتّى نهاية الدّهر. (6) والذين عن يمين اللوح هم الشعب الذي فُصل لأجلي من الشعوب الذين مع عزازيل هم أولئك الذين هيّأتهم ليُولدوا منك ويُسمّوا شعبي.
ورأى إبراهيم آدم وحواء والحيّة وأشكال الشرّ المختلفة.
23 (1) (وقال الأزلي): "انظر أيضًا في اللوح، من هو الذي أطغى حواء وما هو ثمر الشجرة، فتعرف ما حصل لزرعك بين البشر في نهاية أيام الدهر، وكيف حصل. (2) ما لا تستطيع أن تفهمه، سأشرحه لك لأن هذا يُرضي وجهي، وأقول لك ما حُفظ في قلبي". (3) نظرت في اللوح فتوجّه نظري نحو جنّة عدن. فرأيت هناك رجلاً طويل القامة جدًا. وكان عرضه مخيفًا ووجهه لا يوصف. وكان يعانق امرأة شبيهة به وجهًا وقامة. وقفا تحت شجرة من عدن. (4) كان ثمر هذه الشجرة أشبه يعنقود عنب. (5) وكان وراء الشجرة ما يشبه حيّة. له يدان ورجلان تشبه ما للإنسان. وكانت له أجنحة في كتفيه، ستّة عن اليمين وستّة عن اليسار. وأمسك بيده عنقودًا من الشجرة. (6) وجرّب الاثنين اللذين رأيتهما متعانقين. فقلت: "من هما هذان المتعانقان، ومن هو الذي يقف بينهما، وما هي الثمرة التي يأكلان، أيها القدير الأزلي"؟ (8) فقال لي: "هذا هو ميل البشر: هو آدم. هذه هي شهوتهم على الأرض: هي حواء. وما بينهما هو كفر مشروعها نحو الهلاك، هو عزازيل نفسه". (9) فقلت: "أيها الأزلي القدير، لماذا إذن أعطيت هذا مثل هذا السلطان ليضلّ الجنس البشريّ في أعماله على الأرض"؟ (10) فقال لي: "اسمع يا إبراهيم: لأنهم يريدون الشرّ. وكما ابغضت (الشرّ) عند الذين يصنعونه، أعطيته مرة عزازيل سلطانًا عليهم وسمحتُ أن يكون محبوبًا لديهم". (11) فأجبتُ وقلت: "أيها الأزليّ القدير، لماذا أردت الشرّ محبوبًا في قلب البشر؟ فأنت تغضب على ما أردته أنت في مشورتك، (تغضب) على من يفعل الشرّ".
24 (1) فقال لي: "أنا مغتاظ هكذا بسبب الأمم القريبة منك، وسأكون بعدك بسبب الشعب الذي أُفرز وجاء من نسلك. فسترى في اللوح ما يُثقل عليهم. (2) سأقول لك ما يكون وكيف يكون في الأيام الأخيرة. أنظر الآن إلى هذا اللوح". (3) نظرتُ فرأيت ما كان قبلي في الخليقة: (4) رأيت صورة آدم، وحواء التي كانت معه، ومعها العدوّ الشرير. (5) ورأيت هناك الزنى والذين يرغبون فيه، والدنس وحسدهم، ونار فسادهم في مناطق الأرض السفلى. (6) ورأيت هناك السرقة والتي يجرون إليها وثبات مجازاتهم. (7) ورأيت هناك رجالاً عراة، يتواجهون في عارهم مع الدّمار الذي يسبّبونه لأصدقائهم، ومجازاتهم. (8) ورأيت هناك الشهوة، وفي يدها رأس كل شرّ.
صنم الغيرة
25 (1) ورأيت هناك صنم الغيرة الشبيه بصورة الخشب التي كان أبي يصنعها، وكان جسمه من نحاس لمّاع. أمامه وُجد إنسان يعبده (2) وكان أمامه مذبح موضوع أمامه، وعلى المذبح فتيان يذبحون تجاه الصنم. (3) فقلت له: "ما هذا الصنم، وما هذا المذبح، ومن هم الذين يُذبحون، ومن الذي يذبحهم؟ أو: ما هو الهيكل الجميل الذي أرى، وفن وجمال مجدك الذي هو تحت عرشك"؟ (4) فقال لي: "اسمع يا إبراهيم. الهيكل هو المذبح. والجمال الذي رأيتَ هو فكرتي عن كهنوت اسم مجدي. (5) في الهيكل تقف كل صلاة البشر، ومجيء الملوك والأنبياء، وكل ذبيحة آمرك بأن تقدّمها شعبي الآتي من نسلك. (6) أما الصنم الذي رأيت، فهو غضبي الذي يثيره الشعب الذي يجيء منك. (7) والإنسان الذي رأيته يذبح هو الذي يغيظني. (8) والذبيحة هي قتل الذين هم شهودي في دينونة النهاية، منذ الخلق".
مشورة الله هي في ذاته
26 (1) فقلت: "أيها الأزليّ القدير، لماذا إذن أقمت (الأمور) لتكون هكذا؟ فأعطنا أيضًا شرحه"! (2) فقال لي: "اسمع يا إبراهيم، وافهم ما سأقول لك، وأجب على ما اسألك: لماذا لم يسمع أبوك تارح صوتك، فلم يتخلَّ عن عبادة الأصنام الشيطانية، إلى أن هلك مع كل بيته"؟ قلت: "أيها الأزلي القدير، هذا كله لأنه لم يرد أن يسمع لي. وأنا أيضًا لم أتبعه في أعماله". فقال: "إسمع يا إبراهيم بما أن مشورة أبيك هي فيه، ومشورتك فيك، كذلك أيضًا مشورة إرادتي هي فيّ. وهي مستعدّة للأيام الآتية قبل أن تعرفها (وقبل أن تعرف) ما سيكون في (تلك الأيّام). (5) سترى بعينيك ما سيكون من زرعك. أنظر إلى اللوح"!
المداخل الأربعة
27 (1) نظرت فرأيت. رأيت أن اللوح تحايل، وانقطع من جهة الشمال مجموعة الوثنيين، فسلبوا الذين كانوا عن اليمين، من رجال ونساء وأولاد. قتلوا البعض، واحتفظوا بالآخرين لديهم. (2) نظرت فرأيتهم يركضون نحو أولئك بأربعة مداخل. أشعلوا النار في الهيكل وسلبوا الأواني المقدّسة التي كانت فيه. فقلت: "أيها الأزليّ القدير، ها إن جموع الوثنيين يسلبون الشعب الذي قبلته منّي: يقتلون البعض، ويحتفظون بالآخرين كغرباء. أشعلوا النار في الهيكل، وسلبوا ودمّروا الأشياء الجميلة التي فيه. (4) أيها الأزليّ القدير. إن كان الأمر هكذا، فلماذا أحزنت الآن قلبي، ولماذا يكون هذا هكذا"؟ (5) فقال لي: "اسمع يا إبراهيم، ما رأيت حول زرعك سيحصل، لأنهم أغضبوني بالصنم الذي رأيته، وبالقتل الذي تمَّ في اللوح، في هيكل الغيرة، كل ما رأيته يكون هكذا". فقلت: "أيها الأزليّ القدير، لتمرّ الآن الأعمال الشرّيرة التي تمّت في الكفر، وليبقَ بالأحرى الأبرار الذين أتمّوا الوصايا. فأنت تستطيع أن تفعل ذلك". (7) فقال لي: "بل هو زمن البّر الذي يظهر لهم أولاً في وجه ملوك وقضاة يدينونهم بكل حقّ. فقد خلقتهم في البداية، فخرجوا منهم لكي يمارسوا السلطة فيهم. ومن أولئك يخرج رجال يعتنون بهم كما قلتُ لك وكما رأيتَ.
أحداث الساعة الثانية عشرة
28 (1) أجبت وقلت: "أيها القدير والمقدّس بقدرتك، إرحم صلاتي لهذا عرفني وأرني هذا لأنك رفعتني إلى علوّك. لهذا عرفنّي أنا صديقك ما أطلب منك: ما رأيت وهل يحدث لهم في أزمنة عديدة:؟ (2) فأراني كثرة الشعب وقال لي: "لهذا هو يثير غضبي عبر المداخل الأربعة التي رأيت، وفي هذه (المداخل) يأتي جزائي لأعمالهم. (3) في المدخل الرابع هناك مئة سنة وساعة دهر هي أيضًا مئة سنة. ستجري في الشرّ بين الأمم"
29 (1) فقلت: "أيها الأزلي القدير، كم تدوم سنة الدهر"؟ فقال: أقررت أن اثنتي عشرة ساعة من هذا الدهر تملك على الوثنيين وعلى زرعك. وحتّى نهاية الأزمنة يجري ما رأيت. عُدَّ تعلّم، وانظر في اللوح". (3) نظرت فرأيت رجلاً يخرج من الجهة اليسرى، والوثنيون. جاء رجال ونساء وأولاد من جهة الوثنيين في جموع كثيرة. وعبدوه. (4) وإذ كنت أنظر بعد، جاء الذين من الجهة اليمنى: بعضهم هزئ بهذا الرجل، وآخرون ضربوه، وآخرون غيرهم سجدوا له. (5) رأيتُ أن أولئك يسجدون له فركض عزازيل وسجد له. وإذ قبّله قبلة على وجهه، استدار ووقف وراءه. (6) فقلت: "أيها الأزليّ القدير، من هو هذا الإنسان الذي يهزأ به الوثنيون ويضربونه ويسجدون له مع عزازيل"؟ (7) فأجاب وقال: "اسمع يا إبراهيم. هذا الرجل الذي رأيته يُهزأ به ويضرب ويُعبد، هو ذاك الذي يريح من الوثنيين الشعب الذي يأتي منك، في الأيام الأخيرة، في هذه الساعة الثانية عشرة من الدهر الشرير. (8) في الساعة الثانية عشرة من دهري النهائيّ، أقيم هذا الرجل الآتي من زرعك، الذي رأيته خارجًا من شعبي. فالجميع يتبعونه، وأضف أولئك الذين بدّلوا مشورتهم لأني دعوتهم. (9) فالذين رأيتهم آتين من عن يمين اللوح وهم يعبدونه، هم عدد كبير من الوثنيين الذين وضعوا رجاءهم فيه. (10) والذين رأيتهم خارجين من زرعك وآتين من جهة اليمين، فالكثيرون منهم سوف يُستعبدون، ومنهم من هزء منه، ومنهم من ضربه، ومنهم من عبده. (11) وهو يمتحن أولئك الذين من زرعك وقد عبدوه في نهاية الساعة الثانية عشرة هذه ليضع حدًا للدهر الكافر. (12) وقبل أن يبدأ دهر البرّ ينمو، تأتي دينونتي على الوثنيين الأشرار بواسطة شعب وُلد من زرعك ففرزته لي. (13) في تلك الأيام، آتي بعشر ضربات، بالشقاء والمرض ونحيب مرارة نفوسهم عل كل خليقة أرضيّة. (14) هذا ما آتي به على أجيال البشر الذين يوجدون هناك، بسبب غضب خليقتهم وفسادها اللذين بها يغضبانني. (15) عندئذ يبقى الناس الأبرار الذين من زرعك والذين حُفظ عددهم سرًا فيّ سيرعون في مجد اسمي إلى الموضع الذي أعدّ لهم منذ زمان طويل، والذي رأيته قفرًا في اللوح. (16) والذين يكونون أحياء يتقدّون بالذبائح وعطايا البرّ والحقّ، خلال دهر البرّ. (17) فيّ يبتهجون على الدوام. ويدمِّرون الذين دمّروهم، ويشتمون الذين شتموهم وعيّروهم. فالذين يبصقون في وجوههم أحكم أنا عليهم (18) في ذلك الوقت يراني في البهجة من يبتهج مع شعبي ويستقبلون أولئك الذي ارتدوا إليّ في الندامة (19). أنظر يا إبراهيم، ما رأيت، واسمع ما سمعت، واعرف ما عرفت. إمضِ إلى ميراثك وها أنا معك إلى الأبد".
30 (1) وإذ كان يتكلّم بعد، وجدتُ نفسي على الأرض، فقلت: "أيها الأزليّ القدير، ما عُدتُ في المجد الذي وُجدت فيه في العلاء، وكل ما رغبت نفسي أن تفهمه في قلبي، مازلت لم أفهمه". (2) فقال لي: "سأقول لك رغبات قلبك: طلبت أن ترى الشرور (الضربات) العشرة التي هيّأتُها مسبقًا للوثنيين بعد الاثنتي عشرة ساعة. (3) اسمع ما سأقول لك: "الشرّ الأول يأتي من عوز كبير. والثاني من حرق المدن. والثالث يكون فقدان الحيوانات بالوباء. والرابع جوع في الأرض كلها لجميع شعوبهم. (4) والخامس دمار العظماء بالزلزال والسيف. والضربة السادسة تكون نحو البرَد والثلج، والسابعة، تكون فيها الحيوانات البريّة قبورهم. وفي الثامنة. يتناوب الجوع والوباء لهلاكهم. والتاسعة تكون عقابًا بالسيف وحربًا في الضيق. وفي العاشرة الصاعقة وأحداث الرعد والزلازل لدمارهم".
31 (1) "عندئذ أنفخ بالبوق من أعلى الأهوية، وأرسل مختاري الذي يكون فيه قدر من كل قدرتي. فيدعو شعبي الذي أساء إليه الوثنيّون. (2) وأحرق بالنار أولئك الذين أساؤوا إليهم والذين ملكوا عليهم في الدهر. أسلم جميع الذين غطونى بالشتائم، إلى عقاب الدهر الآتي. لأني أعددتهم كي يكونوا طعام نار جهنّم، وأن يطيرون بلا انقطاع في أهوية مناطق الأرض السفلى".

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM