المواضيع اللاهوتية في رؤيا باروك السريانيّة

المواضيع اللاهوتية في رؤيا باروك السريانيّة

رؤيا باروك هي صرخة الأمل والرجاء. فالهدف الذي توخّاه الكاتب يستند بشكل طبيعيّ إلى لاهوت فريسيّ بجوهره ومسيحانيّ، لاهوت يختلف عن 4 عز بانفتاحه وتفاؤله. "عوقبوا لكي يقالوا الغفران" (13: 10). ذاك هو جواب الله كل المرثاة الكبرى في ف 10- 2 بما فيها من يأس وضياع أمل. وإن كانت المسيحانيّة محرّك هذا الرجاء الذي ينادي به الكاتب، فلا يبدو أنها النقطة الأساسيّة في تعليمه. فقد توخّى بالأحرى أن يكشف معنى الأحداث والكوارث التي حصلت فيعيد الثقة بشريعة يعودون إلى ممارستها بعد أن صارت الذبائح صعبة أو مستحيلة.
1- معنى الاسم والرجاء
إن أحداث سنة 70 ب.م. قد حرّكت لاهوت الألم. ونحن نستطيع أن نوجز هذا التعليم الذي يقدّمه 2 با في عبارتين اثنتين
الأولى، الألم يحتمل بالنظر إلى المستقبل، لأن الله يحتفظ لنفسه بأن يعزّي الأبرار في العالم الآتي (43: 1؛ 48: 48- 50؛ 83: 4- 5) والعربون هو كشف هذا المستقبل بفم الله (54: 4). مثل هذا التأكيد قريب من 4 عز حيث مفهوم "البار" محصور بعض الشيء. نقرأ في 7: 18: "مع ذلك، فالأبرار يستطيعون أن يحتملوا هذا الممرّ الضيّق ولا يرون الربّ". الثانية، إن للألم معنى. فهو يمتلك قيمة تكفبريّة (13: 9؛ 78: 5- 6). وهو بشكل خاص علامة عن حبّ الله واختياره لشعب من الشعوب(13: 10؛ 78: 3). نجد جذور هذا التعليم في الأدب البنويّ، ولكن أحداث سنة 70 ثبّتت هذا التعليم فاعتبر موجّهًا إلى أناس يعيشون في القرن الأول ب.م. إن لاهوت الألم الذي هو ظاهر في 2 با، لا يجد ما يقابله في 4 عز الذي يتأسّس على تشاؤم جدارين فيقدّم لاهوت الخوف الذي لا يخفّف أي أمل من قوّته. فنقرأ في 4: 24: "نزول من العالم كالجراد، فحياتنا نسمة، ولسنا أهلاً للرحمة". وفي 5: 28- 30: "والآن، يا رب، لماذا أسلمت الوحيد للكثرة؟ لماذا هيأت جذرًا واحدًا فوق سائر الجذور، وشتّت وحيدك وسط الكثرين؟ إن الذين يُنكرون مواعيدك يدوسون بأرجلهم أولئك المؤمنين بمواعيدك. إذا كنت تبغض حقًا شعبك، فيجب أن تعاقبك بيدك الخاصّة". نحن هنا أمام رفض لرؤية الأحداث في ضوء عناية الله. وعبث الكارثة لا يجد ما يبّرره: فالله ما أرادها، إذن ليست بعقاب. وإن جاءت من الله فهي تدلّ على أنه شجبها. وهكذا نصل إلى نتيجة يائسة لا يخفّف من قوّتها إعلانُ خلاص يتوجّه إلى عدد صغير من الأفراد.
أيكون 2 با جوابًا على هذا الموقف السلبيّ؟ الأمر ممكن. ففي وسط الضياع الذي عرفه القرن الأول المسيحي، دلّ 2 با و 4 عز على موقفين اثنين، واحد منغلق ومترفّع، وآخر منفتح ويحاول أن يجتذب الآخرين. وفي السفرين، تكون ممارسة الشريعة الأمر الرئيسّي (4عز 7: 45- 46). وتثبّت الأرثوذكسية اليهوديّة. ويبدو انتظار الأزمنة المسيحانيّة مركزيًا. ولكن وسط هذه المعطيات المشتركة، يتفرّد 2 با فيدلّ على الرجاء، ويحاول أن يعزّي قرّاءه. فالكارثة التي لم تتوقّف، بل تمادت، استطاعت أن تقود إلى هذا الوضع المؤلم الذي يقطع الطريق أمام كل أصل بشريّ.
2- الهيكل والشريعة
لم يكن الهيكل فقط عنصرًا من عناصر الحياة اليهوديّة بعد المنفى. بل كان أيضًا ينبوع خلافات عميقة. كلّنا يعرف موقف جماعة قمران من الهيكل، وموقف يسوع واسطفانس في هذه الظروف، سيكون دمار الهيكل أولاً وزواله بشكل نهائيّ، أمرًا رئيسيًا بالنسبة إلى الذين يعارضون مبدأ وجود الهيكل، أو يرفضون شرعيّة كهنوته، كلنداره، أو الذين ظلّوا متعلّقين به. وبين الذين ظلّوا متعلّقين كل التعلّق بالهيكل مع معرفة بالوضع الجديد الذي نتج عن زواله، نجد في الدرجة الأولى صاحب 2 با.
فالألم الذي سبّبه دمار أورشليم، نلاحظه في 2 با في 4 عز وإن بشكل مختلف. لا يتحدّث 4 عز إلاّ نادرًا عن الهيكل وشعائر العبادة، مع أن أورشليم المشخّصة بسمات امرأة فقدت ابنها الوحيد تحتلّ مكانة هامة (4 عز 38: 10- 57). اعتبر 2 با نهاية الهيكل كنقطة انطلاق من أجل براهينه. أما 4 عز فرأى فيها واقعًا يضع العصر المسيحانيّ له حدًا. إذا كان 2 با (الرسالة في النهاية توجز الرؤيا) يبدأ بوصف دمار أورشليم، فليس هذا من قبيل الصدف. فحين أبرز الكاتب عناية الله في هذا التاريخ الذي يقوده الله بواسطة ملائكته فقد أسّس آنية تعليمه الذي يدلّ قبل كل شيء على إحلال تدبير جديد يستند إلى الشريعة، محلّ تدبير قديم يرتكز على الهيكل والذبائح. ونجد صورة عن هذا الانتقال في مقطع من الرسالة يقول: "أما الآن، فقد مات الأبرار، ورقد الأنبياء، ونحن أيضًا تركنا أرضنا. أخذت صهيون منا، فلم يعد لنا سوى القدير وشريعته" (85: 3).
نلاحظ أن 4 عز يشير إلى دمار الشريعة بالنار (14: 21). أما باروك فدوّن رسالته ليوصّي بممارسة الشريعة وعهد الآباء (84: 4). حلّ عزرا بشكل خاص محلّ موسى، في عمله التشريعيّ (4 عز 14)، لأنه أعاد كتابة أسفار الشريعة الأربعة والعشرين والكتب السبعين الأخرى المحفوظة لحكماء الشعب، بمعاونة خمسة كتبة (عز 14: 44- 47).
شريعة واحدة لعالم واحد، وكلاهما خرجا من الاله الواحد. ذاك هو فعل إيمان 2با (48: 24؛ 85: 14). هذا ما يطابق ما نعرفه عن إعادة بناء الشعب اليهوديّ بعد سنة 70 ب.م. أما 4 عز فيذكر الشريعة ليذكّر بتجاوزات الشعب لها (4 عز 4: 23؛ 5: 27- 29؛ 7: 24، 26؛ 14: 30).
إن إحلال الشريعة محلّ الهيكل هو التحوّل المفتاح الذي يُشرف على تواصل العالم اليهوديّ بعد سنة 70. فيهود فلسطين نفوسهم صاروا "شتاتًا" بعد أن دُمِّر الهيكل وتوقّفت شعائر العبادة. غير أن المحنة لم تكن جديدة. ولكن المخيف فيها هو أنها شملت اليهود في العالم كله. تجاه هذا الوضع عرّف 2 با معنى الأحداث التي أرادها الله لكي يؤدّب شعبه. وفي الوقت عينه، أشار إلى "المسيح" القريب. وهكذا لم تعد الآلام باطلة، ولم يعد الرجاء بدون هدف.
3- أسماء الله
ما هو تعليم 2با حول الله؟ نلاحظ حكمته التي تلج الأعماق، وقدرته الخلاّقة، ورحمته ورأفته. أما الأسماء التي بها يُسمّي الكاتب الله فقد تنوّعت. هو الله (44: 12 في صيغة المنادي؛ 10: 1؛ 82: 9). هو الاله القدير (6 :8؛ 7: 8؛ 13: 2، 4)، هو السيّد، السيّد الربّ، السيّد العلّي (6: 6)، العلّي (17: 1؛ 25: 1: 54: 9، 17؛ 56: 1...)، القدير (21: 3؛ 25: 4؛ 32: 1...). ولقِّب الله بالديّان (5: 3)، والاسم (5: 1، 2؛ 21: 21؛ 63: 8، 10؛ 67: 3).
أما الاسم الأكثر استعمالاً فهو القدير، القويّ (ح ي ل ت ن ا) يرد وحده 43 مرة، ومع الله أربع مرات. ويأتي بعده العليّ (24 مرة ومنها مرّة واحدة مع الربّ).
4- الإنسان والانتروبولوجيا
تحتلّ الانتروبولوجيا مكانة هامة في لاهوت 2 با. هذا لا يعني أن الإنسان يريد أن يصير الله. بل أن آدوه لا يضاهيه دور، لأنه في قلب الخلق وتاريخ الخلاص خُلق الإنسان حرًا في عالم صُنع لأجله. غير أن الإنسان هو السبب الشخصيّ لدخول الخطيئة إلى العالم وحدها ممارسة أعمال تشير إليها الشريعة، تقدر أن تخلّصه وتقوده فوق الملائكة، وهكذا تدلّ على المجد الذي دعاه الله إليه منذ البدء. وما الذي يعوّض عن ضعف البشر؟ توسّل الأبرار الذين يستطيعون أن يصلّوا، وهم على الأرض، من أجل الخطأة.
يرى 2 با أن البشريّة هي السبب الذي لأجله خلق الله العالم (14: 18). فمن أجلهم دون تمييز في العرق خُلق العالم. أما العلامة الكبرى في كرامة الإنسان هذه، هي سموّه على الملائكة (51: 10- 12).
ويشدّد 2 با على حريّة الإنسان وعلى الخلاص بالأعمال، وهذا ما يعارض الحتميّة والقدر. "قد يحقّ للإنسان أن يجهل حكمي لو لم ينل شريعتي ولو لم أحرّضة على الفهم" (15: 5). "وهكذا، كل من وُلد من آدم هّيأ لنفسه العذاب أو اختار المجد المقبل" (54: 15).
بفضل هذه الحرّية وهذه الشريعة "والقائدة"، يستطيع الإنسان أن يعمل أعمالاً تمنحه الخلاص. "فالأبرار، ينتظرون النهاية بحق وبدون خوف، فيتركون هذه الحياة، لأنهم يمتلكون يقربك قوّة أعمالهم التي حُفظت كما في كنز" (14: 12؛ رج 51: 7). ولكن هذه الأعمال لا تقدر فقط أن تخلّص الذين يعملونها. فهي أيضًا سور وحماية سائر الشعب. وهذا ما يسمح للمؤمنين والأبرار أن يتشفعوا بالخطأة خلال حياتهم على الأرض (2: 2؛ 63: 3؛ رج 14: 7).
ويقابل التأكيد على حرّية الإنسان والخلاص بالأعمال، التعليم عن خطيئة آدم، الإنسان الأول. فكما أن الإنسان الذي خُلق الكون له، يستطيع بعد موته أن ينال كرامة لا شيء يضاهيها، فآدم، الإنسان الأول. هو في 2 با كما في 4 عز موضوع شجب. "ما نفع الزمن الطويل الذي عاشه آدم؛ لقد أدخل الموت، وقصّر سنوات الذين وُلدوا منه. فهل أصاب موسى ضرر لأنه عاش فقط مئة وعشرين سنة في الطاعة لخالقه" (17: 3- 4)؟
5- أيام المسيح والعالم الآتي
وهكذا نصل إلى الاسكاتولوجيا مع "أيام المسيح" وشخص المسيح، مع القيامة "والعالم الآتي"، مع أورشليم الجديدة التي يرتبط بناؤها بالوحي.
أـ المسيحانيّة والمسيح
يميّز التعليم الرابيني تمييزًا واضحًا حقبتين في مجيء الأزمنة الأخيرة: أيام المسيح التي تشكّل ملكًا متوسطًا للمسيح، يشارك منذ الآن وإن بشكل جزئي في الامتيازات العجيبة الخاصة بالعالم الآتي. ثمّ العالم الآتي بحصر المعنى. هذا التمييز نجده في 4 عز الذي يتميّز عن 2 با بصورة تستلهم العالم الآتي لا العالم الأرضيّ.
هناك ثلاث صور عن المسيحانيّة في 2 با نجدها في ف 54 الذي يندرج في رؤية المياه (ف 51 -52؛ 78- 86). لا يشكّل إعلان الأزمنة المسيحانية أمرًا أساسيًا في بنية 2 با، وإن احتلّ مكانة هامة . فوصف ملك المسيح هو أكثر من صورة وإن لم يكن أساس البراهين. من أجل هذا، يكفي أن نرى المكان الضئيل الذي تحتلّه "أيام المسيح" في الرسالة. هي معطية تقليديّة تدخل في صورة المستقبل الذي لا يشارك فيه الجميع. وهكذا تخسر هذه "الأيام" بعدها الشامل الذي يجعل القيامة الأخيرة والأيام الأخيرة، الخلاص الحقيقيّ الذي ينتظره الأبرار، والنهاية الرهيبة التي يخافها الأشرار. إن أيام المسيح لا تحمل الجواب على الأسئلة الكبرى التي يطرحها الرائي على الملاك. بل هي تشكّل علامة تسبق مجيء "العالم الآتي".
أما الملك المسيحاني فيصوَّر ثلاث مرات في صور تبدو كمقدّمة للأزمنة الأخيرة.
* ف 29- 30. بعد وصف آيات النهاية (ف 27- 28) تجيء لوحة عجيبة عن خصب فلسطين في زمن المسيح، وذلك في صور تقليديّة. غير أن لزمن المسيح نهاية. ويتبعه مجيء في المجد والقيامة العامة (30: 1). حينئذ تفرح كل أنفّس الأبرار، تلك التي شاهدت أيام المسيح، وتلك التي ماتت قبل أن تشاهدها (30: 2). عند ذاك تكون ساعة الدينونة (30: 4- 5). وحالاً بعد هذا الكشف، انطلق باروك إلى الشعب، ولم يحدّثه عن المعجزات المسيحانيّة، بل اكتفى بأن يغذّي فيه الرهان بإعلان بناء صهيون النهائي في المجد.
* ف 39- 42. تصور ف 36- 40 الاحتفال بانتصار المسيح على الإمبراطورية الرومانية. وحالاً بعد ذلك، يُوعد المؤمنون بالخيرات المسيحانيّة والخلاص (ف 41- 42). لا تصوّر هنا "أيام المسيح" ولا "العالم الآتي". بل هناك حديث عن أهمّ شيء في ملك المسيح، مع إشارة سريعة إلى الأزمنة الأخيرة. "ويدوم سلطانه إلى الأبد، لأن ينتهي عالم الفساد هذا وتتمّ الأزمنة التي قيلت سابقًا" (40: 3).
* ف 72- 74. صورة الأزمنة هي مقدّمة للعالم الآتي. "لأن هذا الزمن يدلّ على نهاية الفساد وبداية اللافساد" (74: 2). وفي خلفيّة الصور المسيحانيّة هذه، يبرز وجه المسيح بشكل خاص. هو قائد حربّي عليه أن يخضع الأمم (ف 40). أما حياته على الأرض فمحدّدة في الزمن. فبعد مُلك يصوَّر بالتفاصيل، يعود بالمجد في عالم سماويّ غير محدّد. هل نتحدّث، كما في 4 عز، عن موت المسيح وقيامته (7: 29) في إطار موت وقيامة عامّة؟ هي مجرّد فرضيّة.
ب- العالم الآتي والقيامة
لا يحتلّ وصف "العالم الآتي" مكانًا في 2با. كل ما يقال هو حالة الأبرار المجيدة (51: 7- 14)، وسعادتهم وجزاء أعمالهم. ولكن الكتاب يعطي القيامة دورًا حاسمًا في تدشين العالم الآتي. ويُبرز الطابع الشامل والمتزامن.
هنا نشير إلى أن التعليم عن القيامة لا يجد من يعارضه بعد سنة 70. فالمعارضة الصادوقيّة زالت بعد دمار أورشليم. ولكن بقيت أشكال القيامة عرضة للجدال. ففي المراجع، نرى القيامة ليست امتياز الأشرار. ولكن يبقى الطابع الشامل هو المسيطر: فلا بدّ من إراحة الأجيال الحاضرة، بل الأجيال السابقة التي ستموت أو ماتت قبل أن ترى أيام المسيح. فهم سيقومون ويشاركون في العالم الآتي. أكد 4 عز (7: 29- 31) الموت الشامل، ولكنه جدّد عدد الناس الذين يشهدون الأزمنة المسيحانيّة. أما 2 با فاكتفى أن يؤكّد المصير الواحد للجميع.
في العالم الجديد الذي تدشّنه القيامة العامة، تكون مكافأة الأبرار وعقاب الأشرار والعصر المسيحاني، مهما كان عجيبًا، لن يقوم بتمييز جزنيّ بين الأبرار والأشرار. بل يتحدّد موقعه على مستوى جماعي، مستوى انتصار إسرائيل، لا على مستوى شخصيّ وأخلاقيّ.
ج- أورشليم الجديدة
منذ المنفى وأقوال الأنبياء (اش 54: 10- 13؛ 60: 1- 62: 12)، صارت صورة أورشليم صورة مثاليّة. أعيد بناء المدينة، فصوّرت بفخامة بحيث صارت المدينة النموذج الحاضرة لدى الله منذ البدء(أش 49: 16). وسيأتي شفاء أورشليم الأرضيّة فيعطي لهذه التنظيرات بُعدًا مؤثّرًا. ويتمّ الانتقال من المدينة التاليّة التي استشفت في المستقبل إلى أورشليم السماويّة. هي مدينة سماويّة نزلت من السماء وأطلقت من الأرض.
إن موضوع أورشليم الجديد في 2 با يرتبط بالرجاء المسيحانيّ. فأورشليم التي أعيد بناؤها تكون الموضع المميَّز وقلب الملك المسيحاني. في 4: 1- 6 كشف الله لباروك أنه يحتفظ منذ بدء العالم، ببناء صهيون الحقيقيّ كما بالفردوس. فصهيون التي دمّرت سنة 70 لا يمكن أن تقابل بما يفعله الله. وفي 6: 7- 9 يُعلن بناء أورشليم. وستُحفظ الآنية المقدّسة من أجل شعائر العبادة، وهذا ما يقودنا إلى أورشليم مسيحانيّة ومثالية، ولكنها أرضيّة
وفي النهاية نقرأ ف 32: "أما أنتم، فإذا هيّأتم قلوبكم وزرعتم فيها ثمار الشريعة، يحفظكم القدير في زمن يزعزع فيه الخليقة كلها. فبعد زمن قصير، يتزعزع بناء صهيون ليعاد بناؤه فيما بعد. وهذا البناء يكون موقتًا أيضًا. فهو أيضًا سيُقتلع بعد زمن ويبقى قفرًا إلى الزمن المحدّد. بعد ذلك، يجب أن يجدّد في المجد فيكون كاملاً إلى الأبد. فلا يجب أن نحزن بسبب الشرّ الذي يحصل الآن، ولا بسبب ذاك الذي سيحصل. فأكثر من هذين الضيقين، يكون قتال عظيم حين يجدّد الله خلائقه" (آ 1- 6).
وهكذا يشير موضوع أورشليم السماويّة إلى الأزمنة المسيحانيّة وإلى "العالم الآتي". فارتباط "أيام المسيح" "بالعالم الآتي" هو السبب الذي جعل هذا موضوع أورشليم السماوية يمتدّ من الإطار المسيحانيّ إلى مقولات شاملة حول العالم الآتي والخليقة الجديدة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM