القسم الثالث نشيد حمد وتوسل

القسم الثالث نشيد حمد وتوسل

21 (1) فمضيتُ من هناك وقعدت في وادي قدرون، في مغارة أرضيّة. هناك قدّست نفسي: ما أكلتُ خبزًا فما جعتُ. ما شربتُ ماء فما عطشتُ. ولبثتُ هناك إلى اليوم السابع كما أمرني (الرب). (2) ثم عدتُ إلى المكان الذي كلّمني فيه (3) وعند غروب الشمس بدأت نفسي تفكيرًا كبيرًا. فأخذت أتكلّم في حضرة العليّ، فقلت:
صلاة باروك
(4) "يا من صنعت الأرض، إسمع لي!
يا من ثبتَّ الفلك بكلمتك
وقويّت ارتفاع السماء بالروح
يا من دعوتَ منذ أصل العالم ما لم يكن موجودًا فأطاعك،
(5) يا من أمرت الهواء بإشارة (من يدك)
وترى الأشياء المقبلة كالماضية
(6) يا من تعرس القوى الحاضرة أمامك في حساب عظيم
كما الأحياء القديسين الذين لا يحصون:
صنعتهم من لهيب ونار منذ الأبد
فيقفون حول عرشك في الاشتعال.
(7) لك وحدك أعطي أن تصنع مباشرة ما تريد!
(8) أنت تمطر على الأرض قطرات المطر بحسب عددها
أنت وحدك تعرف نهاية الأزمنة قبل أن تأتي
فأصغِ إلى صلاتي!
(9) وحدك تُسند كل موجود.
الذين وُجدوا والذين سيوجدون
الذين خطئوا وتركوا البّر.
فأنت حيّ وغير مدرك
(10) أنت وحدك حيّّ، خالد، لا مُدرك،
تعرف ما هو عدد البشر
(11) وإن كان الكثيرون خطئوا في زمن
فكثيرون آخرون كانوا أيضًا أبرارًا.
(12) أنت تعرف الموضع التي تحتفظ به لنهاية أولئك الذين خطئوا
وأجل الذين كانوا أبرارً.
(13) فلم يكن سوى هذه الحياة التي يمتلكها كل واحد هنا
فلا يكون شيء أمرّ من ذلك.
(14) فما نفع قوّة تتبدّل إلى ضعف
ووفر من الطعام يتحوّل إلى جوع
وجمال يصبح فيما بعد موضوع اشمئزاز؟
(15) فطبيعة البشر تتحوّل دائمًا
(16) في الحقيقة لم نعُد كما كنا في البداية،
ولن نبقى في المستقبل كما نحن الآن
(17) فإن لن تعرف مسبقًا أن لكل شيء نهاية.
فمن الباطل أن يكون لها بداية.
(18) ولكن أرني كلَّ ما يأتي منك
وأنرني حول كل ما اسألك.
(19) إلى متى يبقى ما هو فاسد؟
إلى متى يكون زمن الموتى ناجحًا؟
إلى أين زمن يتدنّس بشرّ عظيم
أولئك الذين يحروّن في العالم؟
(20) فمر اذن برحمتك!
وأتمّ كل ما قلت إنّك تأتي به،
كي تُعرف قوّتُك
لدى الذين يظنّون أن حبرك ضعف،
(21) وبيّن للذين يجهلونك، وإن رأوه،
أن كل ما حصل لنا ولمدينتنا حتى الآن
حصل حسب حبر قوّتك
لأنك دعوتنا شعبًا محبوبًا من أجل اسمك
(22) الآن، كل كائن في الطبيعة الحاضرة هو ميت.
(23) إذن، وبِّخ ملاك الموت!
وليكن مجدك ظاهرًا!
ولتعرف عظمة بهائك!
وليُختم الجحيم وليرفض الموتى منذ الآن!
ولتردّ كنوز النفوس، النفوس التي سُجنت فيها!
(24) عديدة السنوات التي مضت
منذ أيام إبراهيم واسحاق ويعقوب
وجميع الذين يشبهونهم ويرتدون في الأرض
الذين لأجلهم قلتَ . إنك خلقت العالم.
(25) والآن أظهر مجدك في الحال
ولا يتأخّر ما وعدتَ به"!
(26) وأنهيت هكذا كلمات هذه الصلاة، وبديت منهكًا كل الإنهاك.
الأزمنة الأخيرة
22 (1) بعد هذا، انفتحت السماوات فرأيت. وأعطيت لي قوّة، وسُمع صوت من العلاء يقول لي: (2) "باروك، باروك. لماذا تضطرب آذاك الذي بدأ سفرة لا يكملها؟ (3) وذاك الذي يمخر في البحر، هل يرضى إن لم يصل إلى المرفأ؟ (4) وذاك الذي يعد شخصًا بأن يعطيه عطاء، أما يغشّه إن لم يعفه إيّاه؟ (5) وذاك الذي يزرع الأرض. فإن لم يحصد ثمرها في زمانه، أما يكون خسر كل شيء؟ (6) وذاك الذي يغرس شجرة. فإن لم تنمُ حتى الزمن المناسب، هل يقدر الفارس أن ينتظر نوال الثمار؟ (7) والمرأة التي حبلت، إن ولدت قبل الوقت، أما تقتل ولدها بكل تأكيد؟ (8) والذي يبني بيتًا، أيمكن أن يُسمّى بيتًا إن لم يغطِّه بسقف وتهيه؟ قل لي هذا أولاً".
23 (1) فأجيتُ وقلت: "لا، أيها الربّ ربي"! (2) فأجابني وقال لي: "فلماذا تضطرب ممّا لا تعرف؟ لماذا تهتمّ بأمور تفلت منك؟ (3) فكما أنني لا أنسى البشر الذين (يعيشون) اليوم أو الذين (عاشوا) في الماضي، كذلك أتذكّر أولئك الذين سيأتون. (4) فحين خطئ آدم. واتخذ قرار الموت ضدّ الذين يُولدون، عندئذ حُسبت كثرة الذين يولدون، وهيِّئ لهذا العدد مكان حيث يقيم الأحياء ويُحفظ الموتى. (5) إذن، قبل أن يتمّ العدد الذي قلت، لا تحيا الخليقة، لأن روحي يخلق الحياة والجحيم يجمع الموتى. (6) والآن أعطي لك أن تسمع ما سيحدث بعد هذه الأزمنة. (7) ففي الحقيقة، خلاصي قريب جدا، وما عاد بعيدًا كما في الماضي.
24 (1) "فها قد جاءت أيام فيها تُفتح الكتب، فيها تدوَّن خطايا الذين خطئوا والكنوز التي يُسمع فيها برُّ الذين كانوا أبرارًا في الخليقة. (2) ويحصل في تلك الأزمنة أنك ترى أنت والعديدون الذين منك، أن صبر العلي يمتدّ إلى جميع الأجيال، هو الذي كان صبورًا تجاه جميع البشر، خطأة وأبرارًا". (3) فأجبت وقلت: "ولكن يا رب، ما من أحد يعرف عدد الأمور الماضية ولا عدد الأمور الآتية. (4) وهكذا أنا نفسي أعرف ما حصل ولكني لا أعرف ما سيحصل لأعدائنا، وحين تأتي لتفتقد أعمال (يديك)".
25 (1) فأجابني وقال لي: "وأنت أيضًا ستحفظ إلى هذا الزمن، كعلامة لما يصنع العلّي لسكان الأرض في نهاية الأيام. (2) وإليك العلامة: (3) حين تمسك الرعدة سكان الأرض فيسقطون في مضايق كبيرة، يسقطون في عذابات فظيعة (4) وحين يقولون بسبب هذا الضيق العظيم، في عقولهم: "ما عاد القدير يتذكّر الأرض". وحين ييأسون، حينئذ يستيقظ الزمن".
26 (1) فأجبتُ وقلتُ: "هل الضيق الذي سيأتي، يمتدّ زمنًا طويلاً؛ وهل تطول الشدّة سنوات عديدة"؟
27 (1) فأجابني وقال لي:
"يُقسم ذلك الزمن اثني عشر جزءًا
وكل جزء منه يُحفظ لم حدّد له.
(2) في الجزء الأول، تكون بداية القلاقل.
(3) في الثاني، قتل العظماء.
(4) في الثالث، سقوط الكثيرين في المدن.
(5) في الرابع، إرسال السيف.
(6) في الخامس، المجاعة وانحباس المطر.
(7) في السادس، الزلازل والحفر .
(8) (...........) "لم يقل الكاتب شيئاً عن "السابع" فقد يُخفي الحدث الأهم. لهذا، أفرد له سطراً بقي بياضاً.
(9) في الثامن، أشباح كثيرون وظهور الشياطين.
(10) في التاسع، سقوط النار
(11) في العاشر، السلب والعنف الكثير.
(12) في الحادي عشر، الاثم والفجور.
(13) في الثاني عشر، الفوضى المتأتيّة عن كل ما قيل
(14) غير أن كل أجزاء هذا الزمن تُحفظ، ثم تمزج بعضها مع بعض، ويعين بعضها بعضًا.
(15) بعض هذه الأجزاء تترك جزءًا من ذاتها، وتأخذ في الوقت عينه من ذاتها ومن الآخرين. والبعض الآخر تتمّ دورها ودور الآخرين، بحيث إن الذين يكونون على الأرض في تلك الأيام لا يفهمون أن نهاية الأزمنة قد حلّت.
28 (1) "ومع ذلك، فكل من تنبّه استطاع أن يكون حكيمًا. (2) ففي كيل وحساب هذا الزمن، يكون جزءان: أسابيع من سبعة أسابيع". (3) فأجبتُ وقلت: "حسن لإنسان أن يصل إلى هناك وأن يرى، وأحسن له أن لا يصل إلى هناك لكيلا يسقط! (4) بل أقول هذا أيضًا (5) ايحتقر اللافاسد الكائنات الفاسدة وما يحصل للكائنات الفاسدة. (وهكذا) لا يعتبر سوى اللافاسدة؟ (6) ولكن يا رب، إن حصل حقًا أمور لم يُنبأ بها، وإن وجدتُ حظوة في عينيك. فأرني أيضًا هذا: (7) أيحصل كل هذا في مكان واحد أو في أحد أجزاء الأرض، أو أن الأرض، كلّها سوف تشهده"؟
مُلك المسيح
29 (1) فأجابني وقال لي: "سيحصل هذا للأرض كلّها. (2) لهذا سيعرفه جميع الأحياء. ولكن في ذلك الزمن، أحمي فقط أولئك الذين يُوجدون على هذه الأرض، في تلك الأيام. (3) عندئذ حين يتمّ ما يجب أن يحصل في هذه الأجزاء، يبدأ المسيح فيكشف عن نفسه. (4) ويكشف بالموت عن نفسه في موضعه، ويصعد لاويتان من الأرض. وكلاهما وحشان هائلان خلقتهما في اليوم الخامس من خلقي، واحتفظت بها لهذا الزمن، فيكونا طعامًا للذين سيبقون. (5) والأرض أيضًا تعطي ثمارها، كل واحد بعشرة آلاف. وعلى جفنة واحدة يكون عشرة آلاف غصن، ويعطي كل غصن ألف عنقود عنب، وكل عنقود يعطي ألف حبّة. والحبّة تعطي من النبيذ. (6) والذين جاعوا سيكونون في الفرح، بل يرون كل يوم معجزات (7) لأن رياحًا ستخرج من عندي، فتحمل كلّ صباح رائحة الثمار العطرة، وفي نهاية النهار، تقطر الغيوم ندى الشفاء.
(8) في ذلك الزمن ينزل أيضًا كنز المن، فيأكلون منه خلال تلك السنوات لأنّهم يكونون قد وصلوا إلى نهاية الأزمنة.
30 (1) "وبعد هذا، وحين يتمّ زمنُ مجيء المسيح فيعود لمجد، يقوم جميع الذين رقدوا في رجائه. (2) ويحصل في ذلك الزمن أن تفتح الكنوز التي احتفظت بعدد نفوس الأبرار. فتخرج وتظهر النفوس العديدة معًا في جماعة واحدة، وفي روح واحد، فتفرح الأولى ولا تحزن الأخيرة لأنّها تعلم أن قد جاء الزمن الذي قيل فيه أنه نهاية الأزمنة. (4) أما نفوس الأشرار، فحين ترى كل هذا، تحترق أكثر بعد (5) لأنها تعلم أن عذابها قد جاء وهلاكها وصل".
مهمّة لدى الشعب
31 (1) ومضيت بعد ذلك إلى الشعب وقلت لهم: "اجمعوا كل شيوخكم فأقول لكم أشياء كثيرة". (2) فاجتمعوا كلهم في وادي قدرون. (3) فأجبت وقلت لهم:
"اسمع، يا إسرائيل، فأكلمك!
وأنت يا نسل يعقوب، أضع فاعلّمك!
(4) لا تنسوا صهيون نسيانًا،
بل تذكّروا شقاء أورشليم
(5) فها تأتي أيام
فيها يُسلم كل موجود إلى الفساد،
ويكون كأنه ما وُجد
32 (1) "أما أنتم، فإذا هيأتم قلوبكم تُزرع فيها ثمارُ الشريعة، فهي تحميكم (=الشريعة) في ذلك الزمن حين يأتي القدير فيهزّ الخليقة كها. فخلال وقت قصير، يُزعزع بناء صهيون ويُبنى من جديد. (2) ومع ذلك، فذاك البناء لا يبقى، بل يُقتلع أيضًا بعد زمن ويبقى قفرًا إلى الزمن المحدّد.
(4) ثم يجب أن يجدّد في المجد فيكون كاملاً إلى الأبد. (5) فلا يجب أن تحزن بسبب الشر الذي يحصل الآن، ولا بسبب ذاك الذي سيحصل. (6) فأكثر من هذين الضيقين، يكون قتال عظيم في اليوم الذي يجدّد فيه القديرُ خليقته. (7) أنا الآن فلا تقتربوا مني خلال بضعة أيام. لا تأتوا لتزوروني إلى أن آتي إليكم"! (8) ولما قلت لهم كل هذه الكلمات، حصل أني أنا باروك، مضيتُ في طريقي. فلما رآني الشعب ذاهبًا، رفعوا الصوت وبكوا قائلين: "إلى أين تمضي بعيدًا عنا، يا باروك، ولماذا تتركنا مثل أب يترك أولاده يتامى ويمضي بعيدًا عنهم".
33 (1) "هل هذه الأوامر هي التي أعطاك رفيقك إرميا النبي، (2) هو الذي قال لك: "إسهر على هذا الشعب، فأنا ماضٍ لأسند في بابل بقيّة الإخوة الذين صدر فيهم حكم بأن يُقتادوا إلى السبي". (3) أما الآن، فإن تركتنا أنت أيضًا، يكون أفضل أن نموت كلنا قبل أن تبتعد عنا".
34 (1) فأجبتُ الشعب وقلتُ له: "حاشا لي أن أترككم وأبتعد عنكم.فأنا ماضٍ فقط إلى قدس الاقداس لأصلّي إلى القدير لأجلكم ولأجل صهيون، لكي أحصل أيضًا على نور أكثر. ثم أعود إليكم".

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM