القسم الثاني دينونة الأمم

القسم الثاني دينونة الأمم

13 (1) وجعل بعد ذلك، أني أنا باروك، وقفتُ على جبل صهيون فإذا بصوت جاء من العلاء وقال لي: (2) "قم واقفًا يا باروك، واسمع كلام الله القدير! (3) بما أنك ذُهلت مّما حصل لصهيون، تأكّد أنك ستُحفظ إلى نهاية الأزمنة كي تودّي شهادة. فإن حصل وسألتك هذه المدن المرتاحة لماذا جلب الله علينا هذا العقاب. (4) تقول لهم أنت وشبهاؤك، أنتم الذين رأيتم هذا الشرّ وهذه العقابات تحلّ بكم وبشعبكم في زمانه: "(هذا حصل) لكي تعاقب الأممُ عقابًا تامًا (6) وبعد ذلك تكون (هي) في (فترة) انتظار. (7) وإن قالت لك في ذلك الوقت: "متى يكون هذا"؟ (8) تقول لهم:
"أنتم الذين شربتم خمرة مصفاّة،
ستشربون الغالة أيضًا.
فقضاء العليّ لا يحابي الوجوه.
(9) لهذا ما وفّر أبناءه في البدء
بل عذّبهم كأعدائه لأنهم خطئوا
(10) عوقبوا حينذاك ليطهّروا
(11) والآن، يا شعوب وأمم، أنتم خاطئون
لأنّكم دُستم الأرض طوال هذا الزمن،
وأسأتم إلى الخليقة إساءة جائرة
12 في كل زمن أحسنت إليكم،
فرفضتم الإحسان في كل زمن".
تأمّلات باروك
14 (1) فأجبتُ وقلت: "ها قد أريتني تدبير الأزمنةوما سيحصل بعد ذاك، وقلت لي إنه يأتي على الأمم عقاب حدّثتني عنه فيما مضى. (2) ولكني أعلم أن كثيرين هم الذين خطئوا، وعاشوا في الراحة، وتركوا هذا العالم. وقليلون جدًا هم الشعوب الذين يظلّون على قيد الحياة في الأزمنة التي تتمّ فيها الكلمات التي قلتَها. (3) فأي نفع في كل هذا؛ بعد هذا الذي رأيناه يحصل، هل ننتظر أن نرى شيئًا أسوأ. (4) ولكني أقول أكثر من هذا أمامك: (5) أي نفع للذين كانت لهم المعرفة أمامك. الذين لم يسلكوا في الباطل مثل سائر الشعوب. الذين ما قالوا للموتى: "أعطونا الحياة"، بل خافوك دومًا ما تركوا طرقك (6) امتلأوا غيرة، ومع ذلك ما رحمت صهيون بسببهم! (7) لو فعل آخرون الشرّ، وجب لصهيون أن تنال الغفران بسبب أعمال الذين صنعوا الخير، لا أن تُبتلع بسبب أعمال الذين صنعوا الشرّ.
(8) "ولكن، من يستطيع أن يتبع حكمك، يا رب، يا ربّي؟
من يستطيع أن يلج عمق طرقك؟
من يستطيع أن يقدّر قيمة سبيلك؟
(9) من يستطيع أن يفهم قرارك الذي لا يُفهم؟
من بين البشر وجد بداية حكمتك أو نهايتها؟
(10) فكلنا نشبه النسمة. تصعد النسمة دون أن تشاء، ثم تعود وتمضي. هكذا هي طبيعة البشر الذين لا يسلكون حسب إرادتهم ولا يعرفون ما سوف يحدث لهم في النهاية.
(12) "أما الأبرار فينتظرون النهاية بقلب طيب، ويخرجون بدون خوف من هذا المسكن، لأن لهم بقربك قوّة أعمال حُفظت في كنوز(13) لهذا، فهم يتركون أيضًا هذا العالم بدون خوف، في فرح، وهم واثقون أنهم ينالون العالم الذي وُعدوا به. (14) ولكن الويل لنا، نحن الموجودين الآن في المحن الذين لا ننتظر سوى الشرور لهذا الزمن. (15) ومع ذلك، فأنت تعرف معرفة ما صنعت بعبيدك. فنحن لا نستطيع أن نفهم شيئًا، ولا أن نفهمك أنت يا خالقنا. (16) ولكني، يا رب، يا ربّي، أقول أكثر من هذا في حضرتك:(17) في البدء، ساعة لم يكن العالم موجودًا مع سكانه، فكّرتَ وقلتَ كلمة.وفي الحال وقفت أعمال الخليقة أمامك. (18) وقرّرت أن تصنع من أجل عالمك الإنسان كمديِّر لأعمالك لكي يعرف أنه لم يُخلق للعالم، بل العالم له. (19) ومع ذلك، أرى أن العالم المصنوع لنا هو باقٍ. أما نحن الذين صنع لهم فعابرون.
جواب الرب
15 (1) فأجابني الرب وقال لي: "بحقّ ذُهلتَ لأن البشر عابرون، ولكنك لم تحكم بحقّ على الشرور التي تحصل للذين خطئوا، (2) حين قلت: "أخذ الأبرار ونجح الأشرار". (3) وحين قلت: "لا يعرف الإنسان حكمك". (4) لهذا اسمع فأنا أكلّمك. أصغِ وأنا أسمعك كلماتي. قد يحقّ للإنسان أن لا يعرف حكمي، لو لم ينل شريعتي، ولو لم أنبهه في فهمه. (6) أما الآن وقد عصى بمعرفة، فبمعرفة أيضًا يعذّب. (7) أما الأبرار الذين قلت عنهم إلى العالم جاء بسببهم، فبسببهم أيضًا يأتي (العالم) المقبل. فهذا العالم هو لهم صراع وتعب مع كثير من المشاغل، أما العالم الآتي فهو إكليل مع مجد كثير".
وحي حول نظام الأزمنة.
16 (1) فأجبتُ وقلت: "أيها الرب ربّي، ها إن سنوات هذا الزمن قصيرة ورديئة. فمن يقدر أن يربح ما لا يقدَّر في هذه الفترة القصيرة"؟
17 (1) فأجابني الرب وقال لي: "لدى العليّ لا يُحسب زمن طويل ولا سنوات قصيرة. (2) فبماذا انتفع آدم حين عاش تسعمئة وثلاثين سنة، ثمّ عصى ما أمر به؟ الله ما انتفع لشيء بسبب طول الزمن الذي عاشه، بل جلب الموت، وقصّر سنوات الذين وُلدوا منه.
(4) أما موسى الذي عاش فقط مئة وعشرين سنة، فهل كان له ضرر؟ بما أنه خضع لخالقه، وحمل الشريعة إلى نسل يعقوب فقد أشعل الشعلة لبيت إسرائيل".
18 (1) فأجبتُ وقلتُ: "ذلك الذي أشعل النور أخذه، ولكن ما أندر الذين اقتدوا به.
(2) بل عديون هم بين الذين أضاءهم من أخذ من ظلمة آدم وما ابتهجوا بنور المشعل".
19 (1) فأجابني الرب وقال لي: "لهذا أقام لهم في هذا الزمن عهدًا
وقال: ها أنا أضع أمامكم الحياة والموت"
واستشهد عليهم السماء والأرض
(2) عرف أن زمنه قصير
أما السماء والأرض فتدومان على الدوام.
(3) ولكنهم خطئوا بعد موته (=آدم) وعصوا.
مع أنهم علموا أن لهم شريعة تؤنّبهم،
والنور الذي لا يمكن لشيء أن يغشّه،
والدوائر التي تؤدّي الشهادة
(4) وأنا الذي يدين كل موجود
أما أنت فلا تتأمل بنفسك في هذا،
ولا تكتئب لما حصل
(5) الآن يجب أن تنظر إلى نهاية الزمن، لا إلى بدايته، سواء (رأيت) الأعمال أو النجاح أو العار. (6) فالإنسان الذي نجح في بداياته اكتأب عارًا في شيخوخته، ونسيَ كل النجاح الذي ناله.
(7) وكذلك الإنسان الذي اكتأب عارًا في بداياته، ولكنه نجح في نهايته، لا يتذكّر بعد عاره. (8) واسمع أيضًا: خلال كل ذلك الزمن، منذ اليوم الذي فيه قُرِّر الموت على جميع الذين يعصون في ذلك الزمن، فلو نجح كل واحد لكي يدمَّر في النهاية، فباطلاً يكونُ وجود كل شيء.
20 (1) "بسبب هذا، تأتي أيام
حيث الأزمنة (الآتية) تسرع أكثر من الأولى،
حيث تجري الفصول أسرع من التي سبقتها،
حيث تمرّ السنون أسرع من (السنين) الحاضرة،
(2) لهذا أزلتُ في الحال صهيون.
لآتي بسرعة إلى العالم وافتقده في زمنه.
(3) والآن، فاحفظ في قلبك كل ما آمرك
احتفظ به في أحشاء روحك.
(4) حينئذ أريك دينونة قدرتي وطرقي التي لا تُعرَف.
(5) فامضِ وتقدّس خلال سبعة أيام.
لا تأكل خبزًا، ولا تشرب ماء ولا تكلّم أحدًا.
ثم تعالَ إلى هذا الموضع وأنا أتراءى لك.
(6) أقول لك الحقيقة وأعطيك الفرائض حول نظام الأزمنة:
فقد جاءت ولن تتأخر بعد".

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM